اسرائيل: أحلام تهويد القدس تمر بالحصار والتدمير الشامل

شبكة النبأ: ترك هجوم شنّه فلسطيني من سكان القدس اسرائيل في ورطة بشأن كيفية المحافظة على الامن في المدينة التي تريد تل ابيب الاحتفاظ بها غير مقسمة. والتي تعتبر قلب الصراع العربي الاسرائيلي منذ ما يقرب من نصف قرن.

فقد استولت اسرائيل على القدس الشرقية العربية في حرب عام 1967 وضمتها مع قرى قريبة في اجراء غير معترف به دوليا ومنحت السكان الفلسطينيين بطاقات هوية اسرائيلية اعطتهم حرية الحركة على نطاق واسع.

وباصدار نفس الوثائق التي يستخدمها اليهود كانت اسرائيل ترسل اشارة بان القدس الشرقية التي يطالب الفلسطينيون بأن تكون عاصمة دولتهم في المستقبل في الضفة الغربية وقطاع غزة هي جزء "العاصمة غير المقسمة" للدولة اليهودية.

لكن الهجوم الذي وقع مؤخرا في شارع يافا وهو احد اكثر شوارع القدس الغربية ازدحاما وأسفر عن مقتل ثلاثة اسرائيليين وحادث اطلاق رصاص في القدس الغربية ايضا قتل فيه ثمانية اسرائيليين في مدرسة دينية في مارس اذار اجتمعا معا ليثيرا قلقا خاصا.

ونفذ الهجومين فلسطينيان من مناطق تعتبرها اسرائيل جزءا من القدس الشرقية. وعلى عكس فلسطينيي الضفة الغربية التي اقامت فيها اسرائيل جدارا عازلا مثيرا للجدل فان الاثنين كان بامكانهما العمل والتنقل في انحاء القدس بشطريها. بحسب رويترز.

وقال مستشارون بالحكومة ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت اقترح بعد حادث يوم الاربعاء هدم منازل سكان القدس الشرقية الذين يشنون هجمات ضد اسرائيليين.

ونقل مسؤول عن اولمرت قوله "يجب ان نستخدم عقابا رادعا. يجب ان نتحرك بيد صارمة وان نبطل الحقوق الاجتماعية ونهدم على الفور منزل كل ارهابي من القدس."

وقال امام مؤتمر اقتصادي في مدينة ايلات الجنوبية "اعتقد اننا نحتاج لان نكون اكثر صرامة في بعض الوسائل التي نستخدمها ضد مرتكبي الارهاب. اذا تعين علينا هدم منازل.. فيجب عندئذ ان نفعل. اذا تعين علينا وقف مزايا اجتماعية .. فيجب عندئذ ان نفعل."واضاف "لا يمكن ان يكون الحال انهم يحصلون على كل المزايا التي توفر لمجتمعنا في الوقت الذي يذبحوننا فيه."

لكن اشعارات الهدم سيستأنفها على الارجح فلسطينيو القدس الشرقية امام المحاكم الاسرائيلية وستثير احتجاجات دولية بأن تدمير منزل مهاجم يقيم معه افراد اسرته هو عقاب جماعي.

وقال عماد مونا (44 عاما) وهو أحد سكان القدس الشرقية متحدثا باللغة العبرية "هدم المنزل ليس هو الحل. هذا عقاب للاسرة التي لا علاقة لها بهذا" مشيرا الى أن سائق الجرافة قتل بالرصاص في الهجوم.

وقال حاييم رامون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان تغيير مسار جدار الضفة الغربية ليشمل قرى فلسطينية تعتبرها اسرائيل جزءا من القدس الشرقية قد يكون حلا. وينتمي المهاجمان لهذه المناطق.

وقال رامون لراديو الجيش الاسرائيلي فيما يعكس تصريحات أدلى بها أولمرت قبل عدة أشهر "هذه قرى فلسطينية لم تكن أبدا جزءا من القدس. تم ضمها اليها في عام 1967."

غير ان تغيير مسار الجدار سيثير انتقادات من جانب اليمين الاسرائيلي ويستلزم اجراء تغيير في سياسة الحكومة في وقت تمثل فيه الحدود قضية رئيسية في محادثات السلام.

وقد يكون تشديد الامن في القدس الشرقية والمناطق المحيطة مسألة صعبة ويعطي الانطباع بوجود انقسام بين شطري المدينة المقدسة وهو ما سعت اسرائيل طويلا لتجنبه.

اغلاق اسرائيل للمعابر يبدد آمال أهل غزة

وردّت اسرائيل على الهجوم الاخير  بغلق معبرها الحدودي مع غزة مجددا مما يبدد آمال أهالي القطاع في أن وقفا لاطلاق النار بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والدولة اليهودية قد يخفف حصارا تقوده اسرائيل.

وتدعو هدنة أبرمت بوساطة مصرية ودخلت حيز التنفيذ في 19 يونيو حزيران النشطاء في غزة الى وقف اطلاق الصواريخ في مقابل رفع تدريجي للحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع الذي تسيطر عليه حماس.

لكن قتل الجيش الاسرائيلي لقائد فلسطيني كبير في الضفة الغربية المحتلة والهجمات الصاروخية من ان لآخر والاغلاقات الاسرائيلية المتكررة لمعابر غزة يوتر الهدنة.

وعلى غرار الآلاف من سكان غزة الذين كان يحدوهم الامل في أن يوفر وقف اطلاق النار متنفسا من الحصار الخانق تشعر كفاية أبو عوده (60 عاما) بالغضب من نشطاء غزة الذين ينتهكون الهدنة مما يدفع اسرائيل الى اغلاق المعابر الحدودية. بحسب رويترز.

وقالت في سوق للماشية شمال قطاع غزة حيث كانت تسعى لبيع غنمتين "انهم (النشطاء) لا يريدون التهدئة ولا اسرائيل تريدها."وأبدت تشككها في ان وقف اطلاق النار سيصمد.

ونادرا ما ينتقد الفلسطينيون اطلاق الصواريخ على اسرائيل اذ يرون في هذه الهجمات ردا مشروعا على الحصار الاقتصادي الاسرائيلي المفروض على غزة والعمليات العسكرية ضد الجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

وتقول اسرائيل ان الحصار يأتي ردا على الهجمات الصاروخية التي تستهدف مواطنيها المدنيين وان حملتها على النشطاء في الضفة الغربية ضرورية لوقف الهجمات على الاسرائيليين.

وقالت كفاية "أريد بيع الغنم والحصول على بعض المال لكي أعيش. لا أستطيع حتى توفير الغذاء لاغنامي" مضيفة أن 60 فردا من عائلتها يتقاسمون بناية صغيرة في القطاع الساحلي الذي يقطنه 1.5 مليون فلسطيني يعتمدون على المساعدات.

وشكا اخرون في السوق من أن وقف اطلاق النار الذي دخل للتو أسبوعه الثالث لم يحقق الكثير لتعزيز اقتصاد غزة المتداعي.

اسرائيل تأمر بهدم منازل مهاجمين فلسطينيين

وسعى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الى هدم منزلي فلسطينيين شنا هجومين أوديا بحياة عدد من الاسرائيليين بعدما قال المدعى العام ان الخطوة جائزة قانونا.

وتريد اسرائيل هدم منازل فلسطيني قتل ثلاثة اسرائيليين في هجوم بجرافة في القدس يوم الاربعاء وآخر قتل بالرصاص ثمانية طلاب في مدرسة دينية بالمدينة في مارس اذار الماضي. وكلاهما من سكان القدس الشرقية العربية.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع طلب عدم نشر اسمه "باراك أمر الجيش ببدء عملية للحصول على تصاريح الهدم لمنازل الارهابيين."بحسب رويترز.

وكان المدعي العام الاٍسرائيلي مناحيم مازوز قدم رأيه القانوني بعدما اقترح رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت يوم الخميس بأن تهدم اسرائيل منازل "كل ارهابي من القدس" بعد هجوم شنه فلسطيني وهو يقود جرافة وقتل فيه ثلاثة اسرائيليين.وأضاف مسؤول وزارة الدفاع "يأتي القرار في أعقاب رأي المدعي العام الذي قال انه لا توجد عقبة قانونية تحول دون هدم منازل الارهابيين."

وجاء في مقتطفات من رد مازوز نشرتها وزارة العدل "على ضوء الاحكام التي أصدرتها المحكمة العليا على مدى سنوات لا يمكن القول ان هناك اعتراضا قانونيا على استخدام حق هدم منازل داخل القدس لكن الخطوة قد تثير مصاعب قانونية كبيرة."

وتقول السلطات الاسرائيلية ان هجوم الاربعاء وأيضا الهجوم الذي قتل فيه ثمانية طلاب بالرصاص في مارس هما من تنفيذ فلسطينيين يحملان بطاقات هوية اسرائيلية تعطيهم حرية حركة على نطاق واسع.

لكن المدعي العام الاسرائيلي حذر من امكانية الطعن في قرارات الهدم أمام المحاكم الاسرائيلية وقال ايضا ان تسليط الضوء على عمليات الهدم قد يلقى إدانة دولية.

وقال في مذكرته القانونية "الفحص التفصيلي للظروف المحيطة بكل حالة يجب ان يقوم به الشين بيت (جهاز الامن الداخلي) والجيش بالتنسيق مع وزارة العدل."

القدس مدينة في قلب الصراع

ويكمن قلب الصراع في الشرق الاوسط في مدينة القدس التي قتل فيها فلسطيني ثلاثة اسرائيليين بجرافة يوم الاربعاء. وفيما يلي حقائق رئيسية عن المدينة، بحسب رويترز:

التاريخ

في منطقة صخرية ناتئة تزودها ينابيع بالمياه وفوق تلال يبلغ ارتفاعها 670 مترا فوق سطح البحر بين البحر الميت والبحر المتوسط نشأت مدينة القدس منذ خمسة الاف عام. وشغلت المدينة مكانة مهمة في الديانة اليهودية. ودمر هيكل سليمان في ظل الحكم الروماني عام 70 ميلادية واجبر اليهود على الخروج فيما بعد من المدينة.

واستولى المسلمون الذين يقدسون المدينة لانها المكان الذي عرج منه النبي محمد الى السماء في قصة الاسراء والمعراج على القدس في القرن السابع الميلاى وظلت تحت سيطرتهم حتى احتلها الصليبيون القادمون من اوروبا الذين كانوا يرون فيها المدينة التي شهدت صلب المسيح وقيامه في الفترة من القرن الحادي عشر الى الثالث عشر.

ويوجد في البلدة القديمة التي يحيطها سور قبة الصخرة والمسجد الاقصى وحائط المبكى (البراق) وكثير من الكنائس المسيحية.

وانتزعت بريطانيا القدس من سيطرة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى وحكمت فلسطين في العقود الثلاثة التالية.

الوضع

بموجب خطة للتقسيم الى دولتين فلسطينية ويهودية اقرتها الامم المتحدة عام 1947 أصبحت القدس ومنطقتها كيانا منفصلا يخضع لحكم الامم المتحدة وتحيطها الاراضي الفلسطينية.

وفي حرب 1948 ضمت القوات الاسرائيلية الضواحي الغربية للقدس والاراضي المرتبطة بها الى الدولة الاسرائيلية. وقبلت قوى كبرى التقسيم القائم فعلا على امتداد خط اخضر محصن بين القدس الغربية اليهودية والقدس الشرقية التي يحكمها الاردن والتي تتضمن البلدة القديمة.

وفي ذاك الوقت كما هو الحال الان لم تكن هناك سيادة رسمية على القدس معترف بها من الامم المتحدة والقوى الدولية.

وعندما اشتبكت اسرائيل مرة اخرى مع الدول العربية في حرب عام 1967 انتزعت اسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية من السيادة الاردنية. وضمت اسرائيل فيما بعد القدس الشرقية وقرى الضفة الغربية المحيطة الى بلدية للقدس اعلنتها عاصمة موحدة وابدية لاسرائيل. ولم تعترف القوى العالمية بهذه الخطوة.

السكان

تتباين الاحصاءات لكن 750 الف نسمة تقريبا يسكنون ما تطلق عليه اسرائيل بلدية القدس التي تغطي مساحة تبلغ 128 كليومترا مربعا. وثلث السكان تقريبا من العرب معظمهم مسلمون وبعضهم مسيحيون وهناك نصف مليون يهودي. ويعيش نحو نصف اليهود وكل العرب تقريبا في المناطق التي كان يحكمها الاردن حتى عام 1967.

ولا يحمل معظم الفلسطينيين من سكان القدس الجنسية الاسرائيلية لكنهم يحملون وثائق تمنحهم حرية السفر داخل اسرائيل. ويستطيع هؤلاء السكان السفر الى الخارج بوثائق اسرائيلية. وهم يدفعون ضرائب لاسرائيل ويستطيعون الحصول على الخدمات العامة ويستطيعون التصويت في الانتخابات المحلية لكنهم نادرا ما يفعلون. ولا يستطيعون التصويت في الانتخابات العامة. واليهود في القدس عادة اكثر تدينا من الاسرائيليين الاخرين ويتزايد عدد السكان المتمسكين بالديانة سريعا.

الصراعات

تريد اسرائيل ان تكون القدس عاصمتها الموحدة. لكن منذ اتفاقات اوسلو للسلام عام 1993 تجري مفاوضات مع القيادة الفلسطينية التي تريد ان تقيم عاصمة لدولتها في نهاية المطاف في القدس. ومن بين النتائج المحتملة اقامة عاصمة فلسطينية في المنطقة الشرقية من القدس مع التوصل الى صيغة ما لسيطرة مشتركة او دولية على الاماكن المقدسة.

ويشكو الفلسطينيون من ان اسرائيل تقوض امكانية ان تكون القدس عاصمة لهم من خلال عدة سبل وبخاصة من خلال بناء مستوطنات يهودية تفصل القدس الشرقية بالفعل عن الضفة الغربية ومن خلال التفرقة في المعاملة التي تدفع الفلسطينيين الى الرحيل عن المدينة. ويقول العرب انهم يواجهون كثيرا من العقبات للحصول على حق الاقامة في القدس وبخاصة اذا عاشوا خارجها لاي فترة من الزمن وانهم لا يحصلون عادة على تراخيص لبناء منازل جديدة كما ان خدمات البلدية ضعيفة في مناطقهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- االثلاثاء  8/تموز/2008 - 4/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م