حياة الأسرى الفلسطينيين المرضى في مهب الريح

1300 أسير مريض يصارعون الموت في ظل إهمال طبي متعمد

شبكة النبأ: إذا كنت احد الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي وتعاني من أنفلونزا خفيفة فالعلاج هو (حبة الاكامول) وإذا كنت تعانى من مرض السرطان فالعلاج هو ايضاً(حبة الاكامول) سيان فالأنفلونزا والسرطان علاجهما واحد في كيان قائم على الظلم والإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان حتى لو كان أسيراً، في ظل مجتمع دولي يدعى الحضارة ولا يحرك ساكناً لمرأى أكثر من 11700 أسير لا تتوفر لهم ابسط سبل الحياة وعلى رأسها العلاج.

وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين وإداركاً منها لخطورة الأوضاع داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي والتي يبلغ عددها 28 سجناً ومركز توقيف وتحقيق وجهت نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي لعله يفيق من سكرته ويتدخل لإنقاذ حياة (1300 أسير) من الأسرى المرضى في السجون حتى لو كان التدخل خطابياً فهو اقل درجات رفع الظلم.

يقول د. احمد شويدح وزير شئون الأسرى بان إدارة السجون الاسرائيلية تمارس سياسة الموت البطئ بحق الأسرى عبر الاستهتار التام بحياتهم من خلال الاستمرار في الإهمال الطبي المتعمد للحالات المرضية الموجودة داخل السجون، حيث  أعداد الأسرى المرضى في ارتفاع مستمر  نتيجة هذه السياسة الظالمة التي تترك المرضى فريسة للأمراض الفتاكة التي تنهش أجسادهم دون رحمه، حتى وصل الأمر إلى انتشار جرثومة (مجهولة المصدر ) تصيب الأسرى بمرض لم يعرف له علاج حتى الآن، ولم تتخذ إدارة السجون الإجراءات اللازمة لمتابعة هذه القضية، وصد هذا الخطر الجديد الذي يتعرض له الأسرى العزل الذين لا يملكون سوى كرامتهم وعزة أنفسهم.

وواضح د. شويدح بان العشرات من الأسرى المرضى يعانون من أمراض خطيرة جداً كأمراض القلب والسرطان والكلى وضغط الدم، وعلى الرغم من ذلك لا تجد اهتماماً من قبل إدارة السجون،التي تتعمد عدم إخراج الأسرى للفحص الطبي، والتصوير الاشعاعى، وإجراء التحاليل حتى تستفحل الأمراض في أجسادهم ولا يجدي بعدها العلاج نفعاً، وكذلك فهي تماطل في إخراجهم إلى المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية اللازمة بالرغم من توصية الأطباء بذلك، مما يؤدى إلى تدهور اكبر في صحة الأسير ويعرض حياته للموت في اى لحظة، حيث كان قد استشهد (48) أسيراً داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي.

وأشار د.شويدح إلى أن سلطات الاحتلال في الوقت الذي لا تقدم العلاج اللازم للأسرى المرضى، فهي ترفض بشكل قاطع السماح لوفود طبية أو أطباء بشكل فردى بالوصول إلى السجون ومعاينة هؤلاء المرضى، وتقديم العلاج اللازم لهم، وهذا يؤكد بان الأمر متعمد ومقصود من قبل إدارة السجون لزيادة معاناة الأسرى، و النيل من إرادتهم.

حالات مرضية صعبة

من جهته أكد رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة بان من بين الأسرى المرضى هناك العديد من الحالات  المرضية التي لا تنتظر المماطلات والمراوغات الإسرائيلية كحالة الأسير (محمد كامل أبو الحيات) من نابلس والقابع في سجن مجدو والذي يعانى من تسمم في الدم سببه فيروس مجهول، وحالته خطيرة جداً، وعلى الرغم من ذلك قامت إدارة السجن بعزله في سجن مستشفى الرملة بعيداً عن الأسرى بدعوى أن مرضه معدي ولم تقدم له اى علاج مناسب لحالته الصحية سوى الاكامول، وكذلك حالة الأسير (منصور محمد عزيز موقده) من جنين والذي يلقب (الشهيد الحي) نظراً لخطورة حالته الصحية، حيث كان قد أصيب بثلاثة رصاصات في البطن والحوض والظهر أثناء اعتقاله، أدت إلى إصابته بشلل نصفى وتهتك شديد في المعدة والأمعاء، له الأمر الذي اضطر الأطباء لتركيب أجزاء اصطناعية في المعدة والأمعاء لكي تستمر في العمل بشكل جزئي، ويحتاج الأسير إلى أكياس لقضاء الحاجة، ويتحرك على كرسي، في الوقت الذي لا تقدم له إدارة سجن مستشفى الرملة سوى الأدوية المسكنة فقط.، ولا يوجد أدنى اهتمام بعلاجه على الرغم من حاجته لإجراء فحوصات دورية باستمرار،كما يحتاج الأسير إلى إجراء عملية جراحية عاجلة، وعلى الرغم من وعود الإدارة بإجراء هذه العلمية إلا أنها تقوم بالتأجيل في كل مرة بدون إبداء الأسباب، مما يشكل خطر حقيقي على حياته.

  وايضاً هناك الأسير(سالم محمد الشاعر) من قطاع غزة، ويعانى من وجود ورم سرطاني في الرئتين، استدعى استئصال الرئة اليسر له، وهناك خطورة من إمكانية انتشار المرض إلى الرئة اليمنى وباقي الجسم، وهذا حدث بسبب الإهمال الطبي حيث كان الأسير يعانى من ألام شديدة منذ اعتقاله في عام 2003، ورغم المناشدات الكثيرة من قبل الاسرى لعرضه على طبيب خاص، وإجراء الفحوصات وصور الأشعة اللازمة له إلا أن إدارة السجون كانت تماطل في الأمر، وبعد 4 سنوات من الاعتقال اى في عام 2007، حين تدهورت حالته الصحية إلى حد الخطورة، اضطرت إدارة السجن لإجراء فحوصات للأسير وتبين انه يعانى من ورم سرطاني مستفحل في الرئة، و أن اكتشافه كان متأخراً.

وتعانى الأسيرة (أمل جمعة) من نزيف داخلي منذ أكثر من شهر جعلها تشعر بعدم القدرة على  الحركة،وتقوم الأسيرات بمساعدتها بالإضافة إلى مشاكل في الكلى وانتفاخ في البطن،موضحة أنه تم نقلها إلى مستشفى الرملة أكثر من مره ولكن دون جدوى.وحالتها في تدهور مستمر، حيث تحتاج الى فحوصات خاصة وصور أشعة وترفض سلطات الاحتلال إجراءها لها، كما ويعانى الأسير(زهير لبادة ) 54 عاما داخل مستشفى سجن الرملة من فشل كلوي حاد و يعاني من التهاب بالكبد جعله في وضع صحي صعب للغاية حيث تم وضعه في المستشفى بعد استجوابه مباشرة نظراً لسوء حالته الصحية ولا يأخذ أي علاج له سوى بعض المسكنات، كذلك يعانى الأسير (أيوب مازن شحادة) من رام الله، من تضخم بالكلية اليسرى وضعف عام في الكلى، وعلى الرغم من ذلك يقبع في العزل الانفرادي منذ شهرين دون سبب.

وقد تدهورت صحة الأسير(محمد بشير موسى) من بيت جالا جنوب الضفة الغربية، حيث أصيب بتسمم فى الدم  بالإضافة إلى نقص في إحدى قدميه وتشوهات في الساق من خلال فتحات كبيرة، وذلك جراء إصابته  بالرصاص في قديمه أثناء الاعتقال، وتم إهمال علاجه، وترفض إدارة سجن عوفر إخراجه إلى المستشفى للعلاج.

كذلك تدهورت صحة الأسير(إبراهيم عبد الله ابو مصطفى) من غزة في سجن إيشل حيث يعانى من  قرحة بالمعدة منذ سنتين ويعاني من ورم بالطحال ومرض بالكلى منذ ست سنوات، كان قد أصيب بها نتيجة الضرب الذي تعرض له أثناء مرحلة الاعتقال، بينما يعانى الأسير (جهاد إبراهيم العجوة) من مخيم عسكر من ضعف عضلة القلب وضيق وأزمة تنفس وشقيقة في الرأس، ووضعه الصحي صعب.. وقائمة المرضى تطول وترتفع يومياً بفعل الإهمال الطبي.

مسلخ الرملة

وأشار الأشقر إلى الأوضاع المأساوية التي يعانيها الأسرى الموجودين في سجن مستشفى الرملة أو كما يطلق عليه الأسرى (مسلخ الرملة) من هول الانتهاكات التي يلاقيها المرضى في تلك المستشفى، حيث يقبع فيه ما يزيد عن (40) أسير دائمين هم أصحاب اخطر الإصابات والأمراض من الأسرى، وعلى الرغم من ذلك يعيشون ظروف سيئة وغير صحية ويمرون برحلة عذاب مريرة بين الصبر على الألم ومقاومة المرض والأمل بالعلاج وتحسن أوضاعهم الصحية، وتتعامل معهم إدارة المستشفى بكل استهتار ولا مبالاة.، ولا تجرى لهم الفحوصات الطبية اللازمة،والمتابعة المطلوبة،وتنتشر الفيروسات المعدية فى المستشفى دون أن تتخذ الإدارة اى إجراءات حماية او عزل للمصابين لعدم انتشار العدوى، كما ان بعضهم لا يجد سريراً للنوم، ويضطر إلى النوم على الأرض، ولا تقدم لهم اى نظام غذائي يتناسب مع أوضاعهم الصحية، مما يضطرهم للاعتماد على شراء المعلبات الغذائية من الكانتين وبأسعار باهظة، وهذه الممارسات تعرض حياة الأسرى للخطر الشديد ويزيد من احتمالات وفاتهم في أي لحظة، وتقوم إدارة السجن بنقل بعض الأسرى المرضى إلى سجون أخرى نظراً لضيق القسم والازدحام الشديد فيه، على الرغم من أن حالاتهم الصحية لا تسمح بذلك.

وأوضح الأشقر بان ممثل الأسرى المرضى في المستشفى الأسير ( عصام أبو جندل ) بحاجة إلى عملية جراحيه في عينيه وتماطل إدارة المستشفى في إجرائها له، كذلك الأسير (ناهض الأقرع) الذي يعاني من بتر في رجله اليمنى وإصابة في رجله اليسري سببت له عجز بنسبة 90%، لا توفر له الإدارة اى رعاية صحية مناسبة، وكذلك الأسير (جمعه إسماعيل) وهو من الأسرى المرضى القدامى في مستشفى الرملة ويعاني من أزمة حادة وضغط وسكري ومشاكل في الكلى والكبد ولم تتحسن حالته الصحية منذ ان دخل المستشفى منذ عدة سنين، بل على العكس تدهورت صحته أكثر من ذى قبل.

احتياجات خاصة

وبيّن الأشقر بان إدارة السجون وفى إطار سياسة الإهمال لم تسعى لتوفير أطباء اختصاصين لمعاينة المرضى واكتشاف ما يعانونه من أمراض مبكراً، وكذلك فهي لا زالت ترفض إحضار طبيبة نساء للأسيرات متخصصة في الأمراض النسائية، وتكتفي بإحضار طبيب وغير متخصص يشرف بدوره على الوضع الصحي للأسيرات، كذلك لا توفر إدارة السجون طبيب أسنان مختص لمعالجة الآم الأسنان التي يعانى منها عدد كبير من الأسرى،وتكتفي بطبيب عام، لا يعرف سوى الخلع علاجأ وحيداً للأسنان.

كما ان السجون تفتقر إلى العيادات المناسبة والمجهزة للعلاج، وان ما يوجد في السجون هو غرف عادية يطلق عليها عيادات لا يوجد بها أدوية أو أجهزة طبية أو مخبرية، وهى خالية أيضاً من الأجهزة اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة كاكراسى المتحركة والأطراف الصناعية، والنظارات الطبية.

إحصائيات مقلقة

وكشف الأشقر بأن من بين الأسرى المرضى هناك أكثر من (500) أسير يحتاجون إلى عمليات وعلاج عاجل، ومنهم (150) أسير مريض يعانون من أمراض خطيرة وصعبة، كذلك يوجد هناك (18) أسير يستخدمون الكرسي المتحرك والعكاكيز في حركتهم وتنقلهم، وذلك نتيجة إصابتهم بالإعاقة اثر تدهور أوضاعهم الصحية داخل السجون وعدم تلقيهم العلاج المناسب لحالاتهم المرضية، وأن هناك (3) أسرى يعانون من فقد البصر بالكامل، وعشرات آخرين مهددين بفقد البصر إن لم يقدم لهم العلاج اللازم ومنهم الأسير (علاء معروف) من نابلس ويقضي حكما بالسجن لمدة 10 سنوات ويعاني من مشاكل بالعين جراء إصابته بالرصاص، وهو بحاجة إلى زراعة للقرنية لأنه فقد النظر في عينه اليسري أما اليمين فأصابها الضعف وتحتاج إلى عملية وإلا فقد البصر بالكامل ولكن الإدارة ترفض إجراء العملية له، وهناك أكثر من (45) أسير مصابين بالرصاص والشظايا أثناء الاعتقال وقبله، و هناك أكثر من (100) أسير بحاجة إلى عمليات جراحية في الجيوب الأنفية، لم تجر منها إلا عملية واحدة فقط، وان هناك (40) أسير هم نزلاء دائمين في مستشفى سجن الرملة، ومنهم من امضي عدة سنوات داخل المستشفى دون أن يطرأ اى تحسن على حالته الصحية بل على العكس هناك تدهور كبير في الحالات المرضية داخل المستشفى.

مناشدة

ووجهت وزارة الأسرى الفلسطينين نداء استغاثة باسم الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الاسرائيلي وذويهم إلى كافة المؤسسات والهيئات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية، بضرورة إرسال لجان طبية بشكل عاجل لزيارة السجون وعلى وجه الخصوص سجن مستشفى الرملة،لوقف القتل اليومي بحق الأسرى المرضى قبل أن يخرجوا من السجون محمولين على الأكتاف شهداء.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  6/تموز/2008 - 2/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م