
شبكة النبأ: الحرب على أيران نتيجة حتمية، هذا ما راهنت عليه
العديد من الصحف الغربية وبعض المحللين السياسيين من خلال
التصريحات النارية التي يطلقها الجانبين الأمريكي والإيراني، وعلى
مايبدو أن أجواء الصراع أخذت تزداد حدتها مع تزايد الرهانات على
هذه الحرب التي مهدت لها أمريكا، حسب ما قاله الصحفي الأميركي
المشهور سيمور هيرش في مقاله الذي نشرته مجلة نيويوركر تحت عنوان "تهيئة
ساحة الحرب". إن واشنطن سعت بكل ما أوتيت من قوة لزعزعة الاستقرار
في إيران تمهيدا لشن الحرب عليها، عبر القيام بنشاطات سرّية ودعم
الأقليات المنشقة عن الحكومة في طهران.
وأضاف هيرش، في أواخر العام الماضي وافق الكونغرس على طلب
الرئيس الأميركي جورج بوش الرامي إلى تمويل تصعيد كبير لعمليات
سرية ضد إيران، وفقا لمصادر سابقة وحالية في أجهزة المخابرات
والكونغرس والجيش. وقد ورد ذكر هذه العمليات -التي طلب الرئيس
تمويلها بمئات الملايين من الدولارات- في تحقيق رئاسي وقعه بوش،
حيث صممت تلك العمليات لزعزعة استقرار القيادة الدينية في البلاد.
واشتملت النشاطات السرية على دعم الأقليات مثل الأهواز العرب
والجماعات البلوشية فضلا عن منظمات منشقة أخرى. كما تضمنت جمع
معلومات استخبارية حول برنامج إيران النووي المشتبه به.
وأضاف هيرش، العمليات السرية ضد إيران ليست بالأمر الجديد. فقد
كانت قوات العمليات الخاصة تقوم بعمليات على الحدود جنوب العراق
بتخويل رئاسي منذ العام الماضي.
وتمحورت تلك العمليات حول إلقاء القبض على أعضاء في الجناح
المسلح للحرس الثوري الإيراني المعروف بالقدس، ونقلهم إلى العراق
للتحقيق معهم، وملاحقة أهداف تعرف بأنها ذات قيمة عالية ضمن حرب
الرئيس على الإرهاب، بالقتل أو الاعتقال.
ولكن حجم وهدف العمليات في إيران التي شاركت فيها وكالة
المخابرات المركزية الأميركية وقيادة العمليات المشتركة (JSOC) قد
اتسع نطاقها في إيران، بحسب مسؤولين سابقين وحاليين. كما أن تفاصيل
تلك النشاطات لم تحدد طبيعتها في التحقيق الجديد، ما أثار تساؤلات
كبيرة حول طبيعتها لدى العديد من قادة الكونغرس.
وفقا للقانون الفدرالي فإن أي تحقيق رئاسي في غاية السرية، يجب
الإعلان عنه بمجرد البدء بعمليات المخابرات السرية، وخاصة أمام
القيادات الديمقراطية والجمهورية في مجلسي الشيوخ والنواب والأعضاء
الكبار في وكالات المخابرات الهامة المعروفة بـ"عصبة الثمانية" حيث
يتم بعدها إعادة برمجة تمويل هذه العملية من عمليات سابقة حسب
الحاجة، من قبل لجان الكونغرس ذات الشأن التي يجب هي الأخرى أن
تطلع على العمليات.
قال شخص مطلع على محتويات التحقيق وشارك في "العمل مع مجموعات
معارضة وتمرير الأموال" إن "التحقيق كان يتمحور حول تقويض الطموحات
النووية الإيرانية، والحكومية من خلال تغيير النظام". وأضاف "قدم
التحقيق نطاقا جديدا من النشاطات في جنوب إيران وفي المناطق، خاصة
الغربية منها، التي يقوى فيها عود المعارضة السياسية البلوشية.
رغم أن القلق بشأن طبيعة التحقيق انتاب بعض المشرعين، و"كان
هناك نقاش حاد على مستويات عالية" حسب مصادر مطلعة، فإن تمويل
التصعيد حظي بالموافقة.
وبعبارة أخرى، فإن بعض الأعضاء في القيادة الديمقراطية -التي
تسيطر على الكونغرس منذ انتخابات 2007- كانت على استعداد للتعاطي
سرا مع الإدارة في توسيع نطاق النشاطات السرية الموجهة ضد إيران،
رغم أن مرشح الحزب المفترض للرئاسة باراك أوباما قال إنه يفضل
المحادثات المباشرة والطرق الدبلوماسية مع إيران.
وكان طلب التمويل قد جاء في نفس الفترة التي حاولت فيها الإدارة
التعاطي مع تقييم المخابرات القومي (N.I.E) الذي صدر في ديسمبر/كانون
الأول والذي توصل إلى أن إيران أوقفت نشاطها النووي عام 2003.
الإدارة من جانبها قللت من أهمية ذلك التقييم، وقد استمرت -رغم
قولها إنها ملتزمة بالدبلوماسية- في التأكيد على أهمية العمل
العاجل لمواجهة التهديد النووي الإيراني.
الرئيس بوش شكك بنتائج التقييم، وسار على خطاه كل من وزير
الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، فضلا عن
المترشح الجمهوري للرئاسة جون ماكين.
في هذه الأثناء أحيت الإدارة الاتهامات القائلة إن القيادة
الإيرانية شاركت في قتل جنود أميركيين بالعراق: سواء بطريقة مباشرة
عبر إرسال وحدات مغاوير إلى داخل العراق، أو غير مباشرة من خلال
تقديم المواد المستخدمة في القنابل المزروعة على جوانب الطرق، وفي
وسائل أخرى مميتة. (هناك شكوك حول دقة تلك المزاعم، فكانت صحيفة
تايمز البريطانية من بين من أورد بأن غموضا كبيرا ما زال يحيط بمدى
التورط الإيراني).
القادة العسكريون والمدنيون في وزارة الدفاع (البنتاغون)
يشاطرون البيت الأبيض قلقه حول الطموحات النووية الإيرانية، بيد أن
هناك خلافا حول ما إذا كانت الضربة العسكرية هي الحل الأمثل.
بعض مسؤولي البنتاغون يعتقدون كما أبلغوا الكونغرس والإعلام، أن
قصف إيران ليس ردا عمليا لقضية الانتشار النووي، وأن المزيد من
الدبلوماسية ضروري.
عضو في مجس الشيوخ قال لي إنه في أواخر العام الماضي التقى
روبرت غيتس بالتجمع الديمقراطي في الكونغرس على غداء غير رسمي (تعقد
مثل تلك الاجتماعات بشكل دوري) وحذر من عواقب ضرب إيران قائلا -بحسب
العضو في الكونغرس- "سنخلق جيلا من الجهاديين، وسيضطر أحفادنا إلى
مقاتلة أعدائنا في ديارنا".
فكانت تعليقات غيتس صدمة للديمقراطيين على الغداء، وقد سأل عضو
في الكونغرس ما إذا كان غيتس يتحدث باسم بوش أو نائبه، ليجيب غيتس
"أنا أتحدث بالنيابة عن نفسي". المتحدث الرسمي باسم غيتس أكد أنه
ناقش عواقب قصف إيران في الاجتماع، ولكنه لم يفصح عما قاله دون أن
يطعن في وصف عضو مجلس الشيوخ.
هيئة الأركان المشتركة التي يترأسها الأميرال مايك مولين كانت "تدفع
بشدة بالأمور في الاتجاه المعاكس لضغط البيت الأبيض الرامي إلى
توجيه ضربة عسكرية ضد إيران" كما قال لي شخص مطلع على التحقيق.
وعلى غرار ذلك، قال مستشار في البنتاغون شارك في الحرب على الإرهاب
"ما لا يقل عن عشرة ضباط كبار بمن فيهم قادة قتال قادوا عمليات
عسكرية في العالم، أثروا كثيرا في هذه المسألة".
أكثر الضباط وضوحا كان الأميرال ويليام فالون الذي ترأس حتى وقت
قريب القيادة الأميركية الوسطى، وتحمل مسؤولية القوات الأميركية في
العراق وأفغانستان.
ففي مارس/آذار قدم فالون استقالته تحت الضغط بعد أن قام بسلسلة
من المقابلات التي توضح تحفظاته حول الهجوم العسكري على إيران.
فمثلا، قال أواخر العام الماضي لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية
إن "الهدف الحقيقي للسياسة الأميركية هو تغيير سلوك الإيرانيين،
وإن الهجوم عليهم كوسيلة لتحقيق ذلك الهدف لا يبدو من وجهة نظري هو
الخيار الأول".
الأميرال فالون أقر عندما تحدثت معه في يونيو/حزيران بأنه سمع
أن ثمة أناسا في البيت الأبيض كانوا مستائين من تصريحاته العلنية.
"العديد من الناس يعتقدون بأن أمامك خيارين فقط: إما مع أو ضد
الإيرانيين" كما قال لي. وأضاف "لنكن جديين ثمانون مليونا يعيشون
هناك، وكل واحد هو فرد قائم بذاته، والاعتقاد بأن هناك واحد فقط من
خيارين ضرب من الهراء".
وعند الحديث عن حرب العراق، قال فالون "هل تذمرت حول أي شيء تم
اقتراحه في ذلك الشأن؟ أتحدى. رغم أن بعضها كان في غاية الغباء".
موافقة القيادة الديمقراطية على الالتزام بضخ ملايين الدولارات
لصالح العمليات السرية في إيران كان أمرا لافتا في ظل المخاوف
العامة لدى المسؤولين أمثال غيتس وفالون وآخرين.
"وعملية المراقبة لم تجر بشكل سليم فقد كانت تحت إشراف الإدارة"
كما قال الشخص المطلع على التحقيق. "عملية المراقبة فاسدة، وهذا
الشيء الذي نجيزه أمر خطير".
عضو ديمقراطي كبير في الكونغرس قال لي إنه كانت لديهم مخاوف
بشأن الاحتمال بأن فهمهم لما تنطوي عليه العمليات الجديدة يختلف
تماما عن مفهوم البيت الأبيض. إحدى القضايا المتعلقة بذلك هي
الإشارة في التحقيق، -كما قال الشخص المطلع- إلى العمل الدفاعي
القاتل من قبل منفذي العمليات الأميركيين في إيران. (في مطلع مايو/أيار،
نشر الصحفي أندرو كوكبيرن عناصر التحقيق في مجلة كاونتربونتش).
مسؤول سابق في المخابرات قال إنه تم إدخال عنصر اللغة في
التحقيق بطلب من سي آي أيه. العمليات السرية التي أعدت في التحقيق
تسير بالتوازي جنبا إلى جنب مع تلك العمليات التي تقوم بها قوات
المهام العسكرية الآن في إيران، وهذا يتم تحت إشراف قيادة العمليات
المشتركة (JSOC).
ووفقا لتفسير إدارة بوش للقانون، فإن النشاطات العسكرية السرية،
خلافا لعمليات سي آي أيه السرية، لا ينبغي توضيحها في التحقيق، لأن
الرئيس يملك حقا دستوريا بقيادة القوات القتالية في الميدان دون
الرجوع إلى الكونغرس.
ولكن الحدود بين العمليات ليست دائما واضحة المعالم: في إيران،
عملاء سي آي أيه والقوى الإقليمية لديها مهارات لغوية ومعرفة
باللغة المحلية تؤهلها للاتصال مع منفذي العمليات التابعين لـJSOC،
ويعملون معهم لتمرير المنفذين والأموال والمواد إلى إيران القادمة
من قواعد غامضة غرب أفغانستان.
ونتيجة لذلك، قدم الكونغرس وجهة نظر جزئية حول كيفية استخدام
الأموال التي يصدق عليها. إحدى الأمور المنوطة بقوات المهام الخاصة
لـJSOC التي تقضي بملاحقة "أهداف ذات قيمة عالية" لم ينص عليها
التحقيق بشكل مباشر.
إن ثمة إدراكا متناميا في أوساط بعض المشرعين بأن إدارة بوش في
السنوات الأخيرة دمجت بين العمليات الاستخبارية والعسكرية كي تتجنب
تبليغ الكونغرس بكل ما تفعله.
"هذا أمر هام جدا" يقول المطلع على التحقيق. "إن سي آي أيه
احتاجت التحقيق للقيام بعملها التقليدي، ولكن التحقيق لا ينطبق على
JSOC". وكان الرئيس بوش قد وقع على أمر تنفيذي بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول
يمنح فيه البنتاغون رخصة للقيام بأعمال لم تستطع القيام بها دون
إخطار الكونغرس.
وينطوي الطلب على قيام الجيش "بتهيئة مساحة للمعركة" وباستخدام
ذلك المصطلح يستطيعون تحاشي مراقبة الكونغرس. "كل شيء كان مبررا في
ظل الحرب على الإرهاب".
ويضيف المطلع أن "الإدارة الأميركية تعمل على تضبيب الخطوط: كان
دائما هناك ظل رمادي –بين العمليات التي يطلع عليها القادة في
الكونغرس وبين ما لا يطلعون عليها- ولكن الآن الظل واه".
المسؤول السابق في المخابرات قال لي إن "الوكالة تقول إنها لن
تقدم على المساعدة في قتل الناس دون تحقيق". لقد كان يشير إلى
التهديد القاتل الذي يواجه بعض عملاء الوكالة لمشاركتهم في تسليم
المعتقلين والقيام بتعذيب المشتبه بهم في إطار الحرب على الإرهاب.
"هذا ما أثار سخط العسكريين" كما قال. وبقدر ما كانت سي أي أيه
قلقة، (قال المسؤول السابق في المخابرات إن التخويل الكامل يشتمل
على القتل، رغم أن ذلك لم يكن جزءا مما أعد لهم). فقد كان الأمر
يتعلق بجمع معلومات وتقديم الدعم. والتحقيق الذي أرسل إلى الكونغرس
كان تسوية توفر الغطاء القانوني لسي أي أيه في حين أنها تشير إلى
استخدام القوة القاتلة ضمن تعابير غامضة.
إن لغة الدفاع المميتة دفعت ببعض الديمقراطيين -حسب مصادر في
الكونغرس مطلعة على وجهات النظر هناك- إلى استدعاء مدير سي أي أيه
والقوات الجوية الجنرال مايكل هايدن إلى اجتماع خاص أكد فيه أمام
المشرعين أن اللغة لم تضف شيئا أكثر من توفير السلطة لمنفذي
العمليات في القوات الخاصة على الأرض في إيران، لإطلاق النار إذا
ما تعرضوا للاعتقال أو الأذى.
المشرعون من طرفهم لم يقتنعوا بذلك، فكتب أحد رجالات الكونغرس
رسالة شخصية إلى الرئيس بوش يصر فيها على أنه "لا عمل مميتا" قد
خول به داخل الحدود الإيرانية. ومنذ يونيو/حزيران لم يتلق أي جواب.
أعضاء الكونغرس أعربوا عن شكوكهم في الماضي إزاء المعلومات التي
قدمها البيت الأبيض. وفي 15 مارس/آذار 2005، أعلن ديفد أوبي الذي
كان عضوا ديمقراطيا بارزا في لجنة الاعتمادات التابعة للبرلمان
إبان سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، أنه تجاهل تعديلا كان ينوي أن
يقدمه ذلك اليوم، وأن ذلك من شأنه أن يقطع التمويل عن برامج
الاستخبارات القومية إذا لم يوافق الرئيس على إبقاء الكونغرس على
علم بالنشاطات العسكرية السرية التي تجري في إطار الحرب على
الإرهاب.
وقد غير رأيه، كما قال، لأن البيت الأبيض تعهد بالمزيد من
التعاون. "الفرع التنفيذي فهم أننا لا نحاول أن نملي ما يفعلوه"
قال ذلك في كلمة ألقاها في ذلك الوقت. "نحن نحاول بكل بساطة أن نرى
أن ما يفعلونه يتطابق مع القيم الأميركية ولن يدخل البلاد في مشاكل".
أوبي رفض أن يعلق على طبيعة العمليات في إيران، ولكنه أوحى لي
أن البيت الأبيض نكث عهده بشأن استشارة الكونغرس. وقال "أشك بأن
شيئا من هذا القبيل يجري، ولكن لا أعرف ما يمكن تصديقه".
تعرض القوات الأميركية للخطر المحدق
من جانب آخر حذر مسؤول عسكري أميركي كبير من أن أي ضربة جوية
إسرائيلية ضد إيران ستزعزع استقرار الشرق الأوسط بدرجة أكبر وتثقل
كاهل القوات الأميركية المنهكة في المنطقة.
وقالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إن ذلك التحذير على لسان رئيس
هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال البحري مايكل مولين جاء
بعد أيام من زيارته لإسرائيل، وفي غمرة قلق دولي متزايد من أن
الدولة العبرية تدرس جاهدة شن مثل هذا الهجوم على منشآت إيران
النووية.
وكان مولين يتحدث أمس الأربعاء في إيجاز صحفي بمقر وزارة الدفاع
الأميركية (البنتاغون) مباشرة بعد مؤتمر صحفي عقده الرئيس بوش
بحديقة البيت الأبيض تناول فيه الموضوع نفسه.
وتجنب بوش سؤالا حول ما إذا كان سينصح إسرائيل بالعدول عن توجيه
ضربة لإيران, لكنه أعرب عن اعتقاده بأن المفاوضات متعددة الأطراف
هي أفضل وسيلة للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني.
من جانبها نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مولين قوله في الإيجاز
الصحفي إن الأوضاع الحالية في أفغانستان تتطلب مزيدا من القوات
الأميركية لكبح جماح العنف المتزايد جراء التمرد هناك.
لكن المسؤول العسكري استدرك قائلا إن البنتاغون لا يملك قوات
كافية لإرسالها إلى هناك نظرا لانشغالها بالحرب في العراق.
ووصف حركة طالبان أو القوى المتطرفة في أفغانستان بأنها أضحت "مشكلة
شديدة التعقيد" لارتباطها بتجارة المخدرات الواسعة, واقتصاد متداع
وحدود مع باكستان سهلة الاختراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن العنف في أفغانستان زاد بصورة ملحوظة في
الأسابيع الأخيرة لدرجة أن يونيو/حزيران الماضي شهد أكبر معدل
للقتلى وسط القوات الأميركية منذ بدء الحرب في 2001.
فشل التجسس الأمريكي في إيران
واستقطب الشأن الإيراني اهتمام الصحف الأميركية، فتحدثت عن
عمليات التجسس الأميركية في إيران وما تخفيه من فشل، كما وصف خبراء
الحديث عن مكتب أميركي دائم في إيران بأنه ليس أكثر من خدعة، ولكن
بعض الصحف أبدت تفاؤلها حيال الحل الدبلوماسي للقضية النووية
الإيرانية.
فمن جانبه كتب "ديفد أغناشيوس" مقالا في صحيفة واشنطن بوست يقول
فيه إن لعبة التجسس الأميركية في إيران تبدو مقبولة على الورق،
ولكنها تخفي فشلا ذريعا.
ووصف الكاتب الجهود الأميركية القاضية بالقيام بعمليات سرية
داخل إيران كما كشف عنها الصحفي سيمور هيرش هذا الأسبوع، بأنها
تنطوي على خلل كبير في السياسة الأميركية نحو إيران لأنها مؤقتة
وتفتقر إلى التنسيق الجيد، كما أنها تقوض الدبلوماسية دون أن تحقق
ضغطا ملموسا على النظام في طهران.
مسؤول عربي مطلع على البرنامج السري الأميركي قال "أخبروني عن
ماهية سياستكم مع إيران" وتساءل "هل ستتحدثون معهم أو ستذهبون إلى
الحرب ضدهم؟".
ووصف المسؤول العمليات الأميركية بهذه العبارات: هناك محاولات
لزعزعة الاستقرار داخل إيران وملاحقة قوات القدس؟ بعضها قد تم
تنفيذها، ولكنها تفتقر إلى الجدية اللازمة".
واعتبر أغناشيوس البرنامج السري انعكاسا لأزمة أكبر تواجه إدارة
بوش ومن سيخلفها: ما عسانا أن نفعل حيال إيران التي تزداد عدوانية
وثقة بنفسها؟
وخلص الكاتب إلى أن القضية الإيرانية ستواجه الإدارة المقبلة
منذ اليوم الأول، والخيارات الأساسية المطروحة لن تختلف كثيرا عن
ما هي في الوقت الراهن: الحوار أو القتال، أو ما بينهما؟
المكتب خدعة
من جانبها تناولت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الحديث الذي
دار قبل أيام على لسان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس
بشأن احتمال فتح مكتب دائم لرعاية المصالح الأميركية في طهران،
ووصفت الصحيفة تلك الخطوة بأنها محاولة الرئيس جورج بوش لتلميع
إرثه الدبلوماسي على كافة الجبهات.
ومضت تقول إن فكرة تأسيس مكتب أميركي في الوقت الحالي بإيران
تعكس تحولات في الفترة الثانية لولاية بوش: من مواجهة وعزل الأعداء
إلى المشاركة والتعددية.
ولكن بحسب بعض الخبراء فإن الكشف عن برنامج أميركي سري يهدف إلى
زعزعة الاستقرار، يجعل من الوجود الأميركي في طهران خدعة أكثر منها
اقتراحا جادا.
جون ألترمان المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمركز الدراسات
الدولية والإستراتيجية بواشنطن، قال "إذا كان هناك من هدف لهذه
الفكرة الأميركية فهو وسيلة لإحراج الإيرانيين" وأضاف "إنها ليست
أمرا دبلوماسيا جادا بل مقدمة لعملية دبلوماسية عامة".
دق طبول الحرب
مجلة تايم من جانبها قالت إن دق طبول الحرب في وجه إيران ربما
يجذب اهتماما أكبر، ولكن ثمة مؤشرات تدلل على وجود تقدم في حل
دبلوماسي محتمل للأزمة النووية.
واستشهدت الصحيفة بما صرح به مستشار السياسة الخارجية لدى
القائد الأعلى آية الله على خامنئي بأن إيران قد ترد إيجابا على
العرض الأخير الذي قدمه المفاوضون الغربيون بشأن برنامجها النووي،
ولا سيما أنه وصفه بأنه مقبول من حيث المبدأ.
وفي مقابلة مطولة مع تايم ووسائل إعلام أخرى في مقر الأمم
المتحدة بنيويورك أبدى وزير الخارجية منوشهر متكي انتقادا شديدا
للولايات المتحدة، ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى إمكانية التوصل
إلى تسوية بشأن القضية النووية.
واعتبر متكي الاقتراح الغربي الأخير –تجميد إيران لتخصيب
اليورانيوم نظير تجميد الغرب للعقوبات المفروضة على طهران- بأنه
بناء ومتوازن.
وحول الحديث عن المكتب الأميركي الدائم في إيران، قال متكي إن
بلاده قد تسمح بفتحه، ربما يكون ذلك، بحسب تعليق المجلة، نظير
السماح بتبادل رحلات جوية بين نيويورك أو واشنطن وطهران.
وتوقع متكي في اللقاء الذي دام تسعين دقيقة أن ترد بلاده على
الحزمة الغربية الأخيرة خلال أسبوعين.
واختتمت المجلة بالقول إن إمكانية التقدم على المسار النووي
الإيراني تلوح في الأفق، ولكنه لا يبدو أن ذلك التقدم قد يهدئ من
روع الصقور المنتقدين لإيران في واشنطن، وإذا ما أبدى الإيرانيون
ميولا لتسويات مبدئية فإن الجدل سيزداد تعقيدا على الساحة
الأميركية.
.....................................................................................
المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة
النبأ للثقافة والإعلام:يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com |