كربلاء المقدسة تحيي الذكرى 29 لاستشهاد آية الله السيد حسن الشيرازي

تقرير وتصوير: عبد الأمير رويح 

شبكة النبأ: تخليداً لذكرى رجالات الإسلام الذين مزجوا حبر المعرفة بدم الشهادة وعرق الجبين ليقدموا للعالم والانسانية أنموذج الرسالة الحقة للإسلام كمخلّص للخلق ونوراً للمعرفة، اقامت مؤسسة الرسول الأعظم (ص) بالاشتراك مع مؤسسة الشهداء (مديرية شهداء كربلاء). الحفل التأبيني السنوي بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لاستشهاد المفكر الاسلامي الكبير آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي(قدس سره). وذلك يوم السبت الموافق 28/6/2008 على ساحة ما بين الحرمين الشريفين في كربلاء المقدسة.

وقد ابتدأ الحفل بآية من الذكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة على ارواح شهداء الاسلام وألقيت خلال المهرجان مجموعة من الكلمات والقصائد التي تحدثت عن دور الشهيد الراحل وانجازاته العظيمة.

حبث ألقيت كلمة أسرة الشهيد من قبل آية الله السيد جعفر الحسيني الشيرازي الذي تحدث عن شخصية السيد الشهيد ودوره الفاعل في المجتمع، كما استعرض بعض الإنجازات من مسيرته الجهادية والعلمية والعظيمة. وآثاره الأدبية الخالدة التي حارب من خلالها افكار الإلحاد والكفر والطغيان.

وتعرض السيد جعفر الشيرازي في حديثه الى فاجعة سامراء وقضية بناء المرقدين الشريفين وحمل المسؤولين من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والبرلمان وصولاً الى جميع طبقات المجتمع واجب المساهمة الفاعلة في بناء هذا الصرح الذي يمثل واحدا من ضروريات الدين وأن هذا الصرح يشكل واجهة من أوجه الإسلام الصحيح.

واضاف: يجب تطبيق الإسلام الحقيقي الذي جاء به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وطبقه أمير المؤمنين عليه السلام، الإسلام الذي ينادي ويطبق الحريات الفردية والعدالة الاجتماعية ويكون الحاكم فيه جائع والشعب شبعان. والإسلام يساوي بالعطاء بين الصغير والكبير ولا يوجد فرق بين طبقات المجتمع الإسلام الحرية جاء الرسول ليضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم، الإسلام الذي لا يعرف الفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

الشهيد كان يصدح بهذا الكلام ويعلم انه لا يروق للكثيرين رغم ذلك كان يقول:

واسحق جباه الظالمين مردداً                  لا السجن يرهبني ولا الاعدام

فكان مصيره السجن ومن ثم الشهادة وما بينهما فترة قصيرة أحد عشر عاماً أعطى فيه الكثير، ذهب مهاجراً إلى لبنان فأسس مدرسة الإمام المهدي الدينية وهي أول مدرسة استقبلت طلبة من افريقيا السوداء درسوا فيها ثم عادوا إلى بلادهم مبلغين وداعين للإسلام الصحيح وفي كثير من تلك المناطق استطاع بذر بذور الولاء لأهل البيت عليهم السلام.

وبعد هجرة طلبة العلوم الدينية من العراق جاؤوا إلى سوريا اجتمع معهم وأسس الحوزة العلمية الزينبية في سوريا وكان لها من الآثار الجليلة ما قد شاهدها الكثيرون، رغم ذلك لم يترك التأليف فألف موسوعة الكلمة فضلاً عن كتبه الأخرى، فلم يكن يهدر دقيقة من حياته وكان دائم التفكير في المسلمين قاطبة فجاهد وحاور الوهابيين من أجل اعادة بناء البقيع وكادت إحدى المحاولات أن تثمر لولا العوائق.

وختم الشيرازي كلامه بالتحدث عن الاتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية واصفاً هذه الاتفاقية بأنها إذا كانت تمثل تولية على المسلمين من قبل القوات المحتلة فإن هذه الاتفاقية غير شرعية.

كما وألقى الشيخ فاضل الفراتي كلمة استذكر فيها نهج الشهيد الراحل مطالباً في الوقت ذاته جميع السياسيين والمسؤولين الاستفادة من نهج وطروحات السيد الشهيد لخدمة ابناء العراق والاسلام. وطالب المتحدثين بضرورة الاسراع بانجاز وإكمال بناء مرقدي الامامين العسكريين (ع) في سامراء.

واضاف: نحن في هذه الأيام نعيش أزمة حقيقة، أزمة عدم الاستقامة فإن الشخص قبل المنصب شيء وبعده شيء آخر، ومن جهة أخرى نعيش مسألة التحزب في الشهداء، فالواجب علينا أن نعيش أريحية الشهداء وإنهم للأمة جمعاء، انهم مضوا من أجل هذا البلد، عراق أهل البيت عليهم السلام. وعلى المسؤولين أن يعيشوا هموم الأمة وأن يتنزّهوا عن التعصب فإننا نريد بناء دولة لا حركة أو حزب.

وختم كلمته بقوله: علينا أن نحرك الحياة وفق تعليمات مرجعية واعية فاهمة للواقع.

من جهته القى الاستاذ الدكتور عبود جودي الحلي كلمة تحت عنوان: «الطائفية في شعر الشهيد الشيرازي» حيث أكّد ان السيد الشهيد قد عاش لوعة وألم الأمة فكان يحمل همومها جميعاً لا فرق لديه بين دول الإسلام، كان يحزن ويتألم لمشاكل الأمة وانه قد ورث ذلك من أسلافه العظام. هذا وقد استشهد بمقطوعات من شعر السيد الشهيد قدس سره في نبذ الطائفية والتحذير منها.

هذا وقد عرض خلال المهرجان فيلم وثائقي جسد مسيرة وحياة الشهيد الراحل (قدس) وهو من انتاج قناة الزهراء الفضائية.

وحضر الحفل شخصيات دينية وادبية وسياسية مثلت مختلف اطياف المجتمع العراقي بالاضافة الى جمع غفير من كلية العلوم الدينية واهالي وزوار المحافظة.

واستذكاراً لشخصية الشهيد الراحل ومنجزاته العظيمة كان لـ (شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع مجموعة من الحاضرين وبدأنا بالمشرفين على المهرجان حيث تحدث السيد علي الطالقاني مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة الرسول الاعظم (ص) قائلا، ايماناً منا بالدور القيادي لهذه الشخصية العلمية والدينية والادبية التي قل نظيرها في المجتمع؛ بادرت المؤسسة لإقامة هذا المهرجان التأبيني للشهيد الراحل السيد حسن الشيرازي وذلك استذكارا لهذا الشخصية الخالدة المتواجدة دائما في الضمائر والقلوب. واذا ما اردنا الاختصار والتكلم عن هذه الشخصية العملاقة فنقول ان الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس) قد انجز مشاريع عظيمة وكبيرة ومن هذه المنجزات تأسيس الحوزات العلمية ومنها الحوزة الزينبية في سوريا والتي كان لها دور فاعل في اعداد طلبة كلية العلوم الدينية من كافة انحاء العالم.

واضاف الطالقاني، اما على المستوى الفكري فقد كان لسيدنا الراحل افكار ونظريات عظيمة منها نظرية شورى الفقهاء. وهي نظرية تؤمن بتعدد وشورى المراجع في ادارة البلاد، وعلى المستوى الاجتماعي كان له الدور الكبير حيث تصدى لكثير من الافكار المنحرفة وخصوصا افكار حزب البعث البائد وقد وقف بقوة في وجه هذا المد الإلحادي وقاومه من خلال خطبه وكتبه وحملاته الفكرية.

أما على مستوى التأليف فقد امتاز بكثرة مؤلفاته وخصوصا (موسوعة الكلمة) وتشمل (كلمة الله) و(كلمة الرسول) و(كلمة أهل البيت) وكذلك (كلمة الاصحاب)..

ويختم الطالقاني بالقول، عذرا فالكلام عن مثل هكذا شخصيات عملاقة لا تجمعها ورقة او أسطر قليلة فهو يحتاج إلى مؤلفات كثيرة. رحم الله شهيدنا الراحل السيد حسن الشيرازي ذلك المنار الخالد...

اما المهندس يحيى حسن مدير مديرية شهداء كربلاء المقدسة فقد قال: بهذه المناسبة الأليمة شاركت مؤسسة الشهداء مديرية الشهداء في كربلاء بهذا المهرجان التأبيني الكبير ايمانا منها بالدور العظيم لهذه الشخصية العظيمة المجاهدة على كل الاصعدة وتقديسا وتقييما منّا لبطولات وانجازات الشهداء ولا سيما الشهداء العلماء الذين جمعوا بين فضيلة العلم والشهادة.

واضاف المهندس يحيى، الحقيقة ان السيد حسن الشيرازي رحمه الله اعظم من ان تكون هذه الاحتفالات هي المجسدة لمسيرته النضالية والحضارية. حيث كان من بواكير عمله الاسلامي محاربة البعث الكافر وقد اعتُقل من قبل أزلام النظام السابق وعذب عذابا شديداً الى ان خرج وقد لاحقته رصاصات الغدر خارج العراق لترديه شهيدا مكللاً بدماء الشهادة.

وأضاف قائلا، ان مسألة الشهادة وتقديس الشهداء هي من اهم ضروريات الدولة العراقية اذا ارادت ان تستأصل الفكر الهدام وتستأصل الغاء وتهميش الغير فيجب علينا تقديس مثل هكذا شهداء فهم من حاربوا تلك الاساليب الظالمة التي كانت تمارس في حكم النظام البائد. ومثل هكذا مهرجانات ستسهم في فضح جرائمهم التي ارتكبوها بحق ابناء الشعب. فكل تلك الجرائم كانت سرية وبتعتيم اعلامي كبير وقد حان الوقت لفضح هذه الجرائم.

ونشكر مؤسسة الرسول الاعظم التي اسهمت بإقامة هذا المهرجان وتحملت جُل العمل وكانت تعتز بمشاركة مؤسسة الشهداء وهذا عمل نبارك له ونشكره.وويجب ان تتكرر مثل هكذا مهرجانات وقد اسهمت مؤسسة الشهداء باقامة مهرجان شهداء العراق الاول والذي مثل الشهادة بما هي شهادة بغض النظر عن الشخصيات. وان شاء الله سنقوم كمؤسسة للشهداء في كربلاء بإقامة مهرجانات ومؤتمرات واحتفالات لإستذكار هؤلاء العظماء من شهدائنا الابطال.

وعن شخصية الشهيد المجاهد السيد حسن الشيرازي تحدث الشيخ ناصر الاسدي من مكتب المرجع آية الله السيد صادق الشيرازي في كربلاء المقدسة، حيث قال لـ شبكة النبأ، كان السيد رمزا متألقا وكبيرا وكانت الآمال تعقد به لحل قضايا عديدة من قضايا الامة الاسلامية وكان من عظماء العراق والامة الاسلامية، كان شخصية جامعة بين العلوم الحديثة، وأديبا كبيرا وألّف كتابين اساسيين استراتيجيين في الأدب هما (الأدب الموجه والعمل الأدبي) وفي نفس الوقت كان جامعاً للعلوم الحوزوية.

واضاف الشيخ الاسدي، كان مدرساً لبحث الخارج مربياً للفقهاء والمجتهدين وشخصية قيادية وكان هناك تيار كبير من الشباب والعلماء والخطباء والمثقفين يتبعونه ويستنيرون بفكره.

لقد كان الشهيد شخصية تأسيسية حيث أسس مؤسسات مهمة منها الحوزة العلمية الزينبية في بلاد الشام التي كانت قد نُشرت فيها تأريخيا ثقافة متشددة وهي ثقافة بني أمية. السيد الشهيد بتأسيسه لهذه الحوزة حقق فتح كبير وصرح عالمي عظيم لتدريس علوم الشريعة والقرآن والحديث والادب والخطابة ومعارف وفقه اهل البيت (ع).

وكان شخصية متألقة وكبيرة في معارضة الظلم خصوصا الحكومات الفاسدة التي حكمت العراق.

وقد انشد قصائد عديدة وكان دائما يعارض حزب البعث والبعثيين. وحينما استشهد آية الله محمد باقر الصدر (قدس) قال الشهيد الشيرازي، بعد السيد الصدر سيقتلني البعثيون، وفعلا تحققت نبوءة هذا الرجل العظيم. فبعد اسبوع من استشهاد السيد الصدر استُشهد السيد حسن الشيرازي رضوان الله عليه.

فكان شخصية بارعة في التدريس والتأسيس وفي الخطابة وفي التنظير والتفسير وفي ابعاد متعددة... ارجوا من الله تعالى ان يرضى عنه..

اما الخطيب الحسيني السيد عز الدين الفائزي ممثل دار التبليغ الاسلامي في السيدة زينب فقد تحدث عن هذه الشخصية قائلا لـ شبكة النبأ: الشهداء هم منارات في طريق الهداية والرشاد. وهذه هي مدرسة أهل البيت (ع). حيث علّموا اصحابهم وافرادهم هذا المنهج ... منهج الشهادة في سبيل الله. فكان سيد الانبياء شهيدا وهكذا الامام أمير المؤمنين عليه السلام ولنا أسوة بسيد الشهداء الحسين (ع) وهكذا كان الائمة (ع) والذين ورد الخبر عنهم. ما منّا إلا مسموم او مقتول.

وهكذا هذه المدرسة تنتمي الى أهل البيت والتي تخرج منها الشهيد الراحل آية الله السيد حسن الشيرازي الذي امضى حياته كلها في طريق الجهاد.

فقد دافع عن حياض الاسلام بواسطة الكلمة والموقف الرسالي النبيل الذي شاهدناه في وقته ولمسنا ذلك في اشعاره ومقالاته وكتبه.

وكان للشهيد مواقف مشهودة في مقاومة الأنظمة الفاسدة التي مرت على العراق بدءاً من المد الاحمر الى حكومة البعث الطغاة.

وله قصائده التي ألقاها في كربلاء وأيقض فيها الوعي والشعور لدى الامة وسجلت مواقفه الخالدة في الدفاع عن الاسلام والمبادئ وعن القيم والحوزات العلمية.

ومن ابياته التي تمثل لنا شموخه وصموده امام الحكومة الظالمة والتي قال فيها (وأسحق جباه الملحدين مردداً لا سجن يرهبني ولا إعدام) هذا بيت من قصيدة  القاها الشهيد بمناسبة مولد الامام أمير المؤمنين (ع) وكان الشهيد رائد حركة علمية وتوعوية ونهضوية وبدأ بحركة الفقهاء والمراجع وقد اغتالته يد الكفر برصاصات الغدر في منطقة (الرملة) في لبنان وذهب إلى ربه شهيدا منسياً صابراً. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً...

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  30/حزيران/2008 - 26/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م