ايران والغرب: قعقعة السيوف وطبول الحرب قد تسكت نداءات السلام

شبكة النبأ: مع صدور تقرير الاستخبارات الوطنية الامريكية، الذي أفاد قبل بضعة اشهر ان ايران علقت العمل ببرنامج اسلحتها النووية، تراجعَ احتمال حدوث مواجهة عسكرية بين طهران وادارة الرئيس بوش. لكن من الواضح الان ان الخطر لا يزال ماثلا لأن ايران لم تبدي استعدادها للتخلي عن طموحاتها النووية التي يتهمها الغرب بأنها طموحات عسكرية ليس إلا. بالاضافة الى الدفع الذي تسير به اسرائيل لزيادة الضغط على الجمهورية الاسلامية غير مستثنية حتى مشاركتها او قيامها بضربة جوية ضد اهداف عسكرية ونووية ايرانية.

ما يرتب على كل الاطراف الاقليمية والدولية المعنية بهذه المسألة العمل لإيجاد الصيغة الملائمة لحل هذه المشكلة قبل ان تتحول الى صراع شامل بين الولايات المتحدة وايران قد تمتد تداعياته لتطال المنطقة بأسرها..

الكاتب في صحيفة كريستشن ساينس مونيتور، جون كولي، بحث في سبل ايقاف قرع طبول الحرب بين ايران والغرب قائلا: اثارت المؤشرات المتزايدة عن احتمال قيام اما اسرائيل او الولايات المتحدة بالهجوم على ايران قبل انتهاء فترة رئاسة بوش في البيت الابيض الكثير من القلق في اوروبا والشرق الاوسط وبقية انحاء العالم.

لكن، سواء كانت التهديدات في هذا المجال حقيقية ام مجرد اشاعات مبالغ فيها، من الواضح ان الوقت قد حان لعكس الزخم الذي يمكن ان يطلق شرارة حرب كارثية في الشرق الاوسط يموت فيها آلاف الناس، وتدفع اسعار النفط ربما لاكثر من 200 دولار للبرميل، وتؤكد الركود الاقتصادي السائد في العالم اليوم اكثر.

رئيس الحكومة البريطانية جورج براون لم يذكر الحرب صراحة بعد محادثاته مع بوش خلال جولة هذا الاخير في اوروبا، لكنه قال ان الدول الاوروبية سوف توافق على فرض عقوبات مالية جديدة على طهران في حين لاحظ بوش ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وان الكرة الان في ملعب طهران التي يبدو انها مستمرة في تجاهل تهديدات العقوبات.

ويضيف الكاتب جون كولي، لكن لو تجاوزنا مثل هذه التصريحات الرسمية، لتبين لنا ان الاتجاه نحو الحرب يتوازى مع العقوبات المقترحة على ايران، فبعد وقت قصير من زيارته لواشنطن في وقت سابق من هذا الشهر وصف وزير الحكومة الاسرائيلية شاؤول موفاز علنا قيام اسرائيل بشن هجوم على ايران انه امر لا يمكن تجنبه ما لم يتم كبح نشاطاتها النووية.

ويقال ان اعضاء من وفد بوش اكدوا سرا لمسؤولين اسرائيليين في اواسط مايو الماضي ان خطط الهجوم الامريكي على ايران اكتملت، وزعمت صحيفة اسيا تايمز الشهر الماضي ان كلا من السيناتور الديموقراطي ديان فينشتاين والسيناتور الجمهوري ريتشارد لوغر حصلا على معلومات سرية مختصرة حول ضربة امريكية لا تستهدف مواقع ايران النووية بل مقر فيالق حرسها الثوري وذلك لتوجيه رسالة تحذيرية اليها تفيد ان عليها وقف دعمها للميليشيات المناهضة لامريكا في العراق. غير ان مكتبي فينشتاين ولوغر انكرا بقوة هذه المعلومات.

لذا، ولتجنب المزيد من التصعيد في هذه المسألة، على الغرب وضع حد لسباق ايران نحو امتلاك الاسلحة النووية لكن ليس بالقوة بل من خلال دبلوماسية جريئة، شفافة ومبدعة.

ويتعين ان يتضمن هذا النهج اجراء محادثات امريكية ـ ايرانية شاملة تتناول المسائل الاساسية التي ابتليت بها علاقات واشنطن بطهران منذ ان اطاحت الثورة الاسلامية بالشاه عام 1979 وما استتبع ذلك من توتر بين البلدين بسبب أزمة رهائن السفارة الامريكية في طهران.

ويضيف الكاتب جون كولي، بيد ان الخطوة الفورية التي يتعين على ادارة بوش القيام بها لن تفعل ذلك على الارجح، هي العمل لتوضيح نواياها على نحو نهائي بشأن وجودها الطويل في العراق. اذ ان بغداد القلقة حول سيادة العراق وطهران القلقة من التهديدات العسكرية تشعران بتوتر كبير حيال احتمال وجود قواعد عسكرية امريكية بشكل دائم في العراق. صحيح ان واشنطن انكرت بقوة هذا الاحتمال إلا ان هناك حاجة للمزيد من التطمينات في هذه المسألة.

والامر الاكثر واقعية هنا هو ان تنضم الدول المتقدمة تكنولوجيا مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا واليابان وروسيا والصين الى الجهود التي تعرض على ايران المزيد من التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية وغيرها من المجالات الاخرى بحيث تحفز طهران للتخلي عن انتاج اليورانيوم والبلوتونيوم المخصب وعن أية برامج اخرى لانتاج الاسلحة.

صحيح ان مثل هذه العروض يجري طرحها على الطاولة بين فترة واخرى منذ سنوات الا ان بالامكان تفعيلها اذا ما تم طرحها من جديد وتقديم المزيد من التفاصيل عنها.

وفي هذا السياق يتعين الاشارة الى ان طهران كانت قد تقدمت بعرض رسمي الى سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون في مايو الماضي تضمن القيام بمجموعة من المفاوضات الشاملة حول كل شيء بدءا من القضية النووية الى نزع السلاح والمساعدة من اجل التوصل لتسوية فلسطينية ـاسرائيلية، ولو ان الغرب نظر الى ذلك العرض نظرة جادة وعمل بمقتضاه لامكن عندئذ التوصل لحلول معقولة لمشاكله العالقة مع ايران.

ويضيف الكاتب جون كولي، لذا، ولتخفيف حدة التوتر، ينبغي على مرشحي الرئاسة الامريكية الافصاح عن معارضتهما لوجود قواعد عسكرية امريكية دائمة في العراق، اذ ان من شأن مثل هذه القواعد ـكما يقول المؤرخ الامريكي وليام بفافـ جعل هذا البلد دولة تابعة لامريكا مما سيدفع طهران والدول المجاورة له لاعتباره تهديدا خطيرا، وهذا ما سيحفز ايران للاسراع في نشاطها النووي.

من هنا، يكمن الحل الامثل في اعادة فتح البعثة الدبلوماسية الامريكية في طهران واسقاط العقوبات باستثناء تلك المرتبطة بالتكنولوجيا العسكرية، وتحسين نوعية العروض المقدمة. ان من شأن كل هذا بالطبع ان يساعد في تجنب المزيد من التوتر أو الانزلاق الى حرب فعلية.

ويختم الكاتب مقاله، كما ان العمل على تشجيع الاستثمارات الغربية في صناعات ايران من نفط وغاز طبيعي والدخول بحوار مباشر على أعلى مستوى مع الزعماء الايرانيين هو أفضل طريق للسلام. ان علينا ألا نحشر انفسنا في زاوية لا يستطيع الغرب وايران الخروج منها دون قتال.

قعقعة السيوف ليست استراتيجية ملائمة

اما صحيفة نيويورك تايمز فرأت في افتتاحيتها ان ما تصدره حرب التصريحات من تصعيد للموقف بين ايران والغرب وصولاً لحافة الهاوية لا يخدم ابداً مشروع مكافحة البرنامج النووي الايراني، واضافت الصحيفة، أمضى زعماء إسرائيل الاسبوع الماضي وهم يتحدثون عن إيران بعبارات قاسية، وهددوا ايضاً بالقيام بعمل عسكري ما ضدها.

ولاشك ان الولايات المتحدة، وغيرها في القوى الاخرى الرئيسية في العالم بحاجة لمعالجة طموحات طهران النووية لكن ليست بالمزيد من التهديدات والتخطيط للحرب بل بالمزيد من الجهود الدبلوماسية الحازمة والحاسمة بما في ذلك اللجوء لممارسة ضغوط مالية اكبر عليها.

وتضيف الصحيفة، لكن من الملاحظ ان الشخص الذي قاد الهجوم على إيران في الاسبوع المنصرم لم يكن سوى رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود أولمرت المبتلي بفضيحة فساد يمكن ان تطيح به في نهاية الأمر، فقبل يوم واحد من اجتماعه بالرئيس بوش في البيت الابيض بواشنطن قال: يتعين وقف التهديد الإيراني بكل السُبل الممكنة.

بعد ذلك جاء دور وزير النقل الاسرائيلي شاؤل موفاز الذي يهرول الآن لخلافة أولمرت في رئاسة حزب كاديما الحاكم إذا ما اضطر هذا الاخير لتقديم استقالته، فقد أعلن موفاز: لا يمكن تجنب القيام بهجوم اسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية على مايبدو.

وتضيف الصحيفة، نحن لا نعلم بالطبع ماذا دار بين الرجلين وراء الأبواب المغلقة في واشنطن او ماذا سمع أولمرت من بوش لكن قعقعة السيوف ليست استراتيجية ملائمة لان اي هجوم تقوم به احدى الدولتين ـ اسرائيل أو امريكا على إيران سوف ينوي على كارثة بالتأكيد.

وتضيف الصحيفة، فالعملية في إيران لن تكون كما حدث في عام 1981 عندما تمكنت إسرائيل من تدمير مفاعل العراق النووي »أوزيراك« بضربة واحدة وانتهى الامر. ذلك ان القيام بعملية مماثلة في إيران سوف يتطلب هجوماً على اكثر من هدف واحد مما يمكن ان يؤدي لمقتل الكثيرين من المدنيين في مثل هذه الحملة التي ربما لا تحقق هدفها في شل برنامج إيران النووي في النهاية، كما ان لإيران وسائل عدة للإنتقام بل وحتى الدول العربية تخشى حتى من فكرة، ان تقوم أمريكا، وإسرائيل بقصف بلد مسلم آخر، وما يمكن ان يستتبع ذلك من ارتدادات وردود فعل سلبية.

وتضيف الصحيفة، لكن اذا كان اولمرت قد حاول بتلك التهديدات تحويل الاهتمام عن مشاكله السياسية، الا ان هذا لا يمنع القول ان ثمة احساس متزايد ومفهوم بالقلق في اسرائيل التي كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد هدد بإزالتها من الوجود. ومن المؤكد ايضاً ان تقرير مفتشي الامم المتحدة الاخير حول تقدم النشاط النووي في إيران وارتباطه المثير للقلق بالبرامج العسكرية زاد المخاوف الإسرائيلية.

وتضيف الصحيفة، والآن من المتوقع ان يضغط الرئيس بوش اكثر على الاوروبيين لتقليص عملية منح إيران اعتمادات تصدير، ولتخفيض مستوى علاقاتهم بمؤسسات إيران المالية، لكن عليه ايضا ان يوضح استعداد امريكا للقيام بدورها في مجال الحوافز. وليس بوسعنا سوى ان نأمل ان يتحلى بالإرادة والمهارة ليتمكن من عرض صفقة كبرى تنقلها وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الى طهران.

وتختم الصحيفة بالقول، فما من شك بأن الاصوات التي تدعو للقيام بعمل عسكري سوف تصبح أقوى وأعلى اذا ما فشلت الحوافز والعقوبات. لكن يبقى الهجوم على إيران مع ذلك كارثة كبيرة بصرف النظر عما تبادله بوش وأولمرت من افكار خلال اجتماع واشنطن.

لماذا وصلت الدبلوماسية الغربية إلى طريق مسدود؟

ومع صدور تقرير الاستخبارات الوطنية الامريكية، الذي افاد قبل بضعة اشهر ان ايران علقت العمل ببرنامج اسلحتها النووية، تراجع احتمال حدوث مواجهة عسكرية بين طهران وادارة الرئيس بوش.

لكن من الواضح الان ان الخطر لا يزال ماثلا لان ايران لم تتخل على ما يبدو عن سعيها لانتاج اسلحة نووية من خلال استخدام اليورانيوم المخصب كوقود.

لذا يتعين على كل الاطراف المعنية بهذه المسألة العمل لايجاد الصيغة الملائمة لحل هذه المشكلة قبل ان تتحول الى صراع شامل بين الولايات المتحدة وايران. بحسب موقع بروجيكت سيندبكيت.

هنا نلاحظ ان الدبلوماسية الغربية التي كانت قد ركزت خلال السنوات الاخيرة على الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد باعتباره الشخصية الرئيسية التي يمكن ان تساعد في حل الازمة تسير الان في طريق مسدود ربما يكون من المفيد اذن ان تتذكر مصير سابقي الرئيس احمدي نجاد.

فعندما حاول الرئيس محمد خاتمي (2005ـ1997) القيام بعملية اصلاح سياسي دراماتيكي انتهت محاولته تلك بالفشل ولم يكن الرئيس الايراني الاخر اكبر هاشمي رافسنجاني (1997ـ1989) افضل حظا فقد وصل هو ايضا الى نفس النتيجة عندما حاول فتح الاقتصاد الايراني امام الغرب.

لماذا؟ لان الرؤساء في ايران لا يحكمون الدولة وهذا يعني بكلمات اخرى ان حل المأزق النووي مع ايران او حتى حل اية مشكلة اخرى في علاقات ايران الخارجية هو في ايدي قائدها الاعلى آية الله على خامنئي الذي يتولى المسؤوليات التالية: يعمل كقائد اعلى للقوات المسلحة، يسيطر على اجهزة الاستخبارات ويعين مديري دوائر الاعلام ويسيطر هؤلاء على نحو فعال على معظم وزارات ومدن ايران الرئيسية.

على المستوى الدبلوماسي يميل خامنئي للعمل بطريقة فريدة وذكية فهو يبعث عددا من الدبلوماسيين الى المفاوضات ويزودهم بتعليمات متباينة وبالطبع، يزعم كل منهم انه يعمل بتفويض كامل من القائد الاعلى لكنهم لا يستطيعون بالنهاية تقديم اي التزام لعدم امتلاكهم فكرة وافية حول ما يريده خامنئي.

وبعد فترة من الوقت يتم اعفاء هؤلاء الدبلوماسيين من مهامهم ويجري تشكيل مجموعة جديدة من ممثلي خامنئي لمتابعة التفاوض.

ولكي يهيمن على عملية اتخاذ القرار يفضل خامنئي عادة رؤساء غير اقوياء، ولا يختلف احمدي نجاد في هذا المجال عن غيره. فقد تقلصت قاعدته السياسية بسبب الازمة الاقتصادية المستحكمة التي اصبحت اكثر شدة بسبب الصراع مع الغرب حول المسألة النووية. ويبدو انه لن يحظى بتأييد يُذكر خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة مما يسعد المراقبين الغربيين بلاشك. لكن حتى نتائج مثل هذه الانتخابات لن تكون مهمة لان البرلمان لا يمتلك في الواقع تأثيرا يُذكر على سياسة ايران الخارجية.

لكن بالرغم من معرفة بعض الدبلوماسيين الغربيين لدور القائد الاعلى الا ان الدبلوماسية الغربية تتجاهل عمليا عادة خامنئي الذي يقوض دائما أي جهد يستهدف الالتفاف عليه كحكم فصل في السياسة الايرانية.

وربما يفسر هذا جزئيا لماذا كان خامنئي متشككا على الدوام في المفاوضات مع الغرب.ويبدو ان الغربيين لا يدركون تماما من هو المسؤول النهائي، بل ويقول بعض المحللين ان الجهود التي بذلها الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون لتحقيق انفراج مع ايران فشلت لانها استهدفت الرؤساء الايرانيين فقط.

لذا، على الغرب ان يتعلم من مثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي لم يتوجه لايران الا بعد ان حصل على موافقة للاجتماع بشكل مباشر مع خامنئي حيث يُقال ان بوتن تقدم خلاله باقتراح لانهاء المأزق النووي مع ايران.

لكن اذا كان خامنئي لا يميل للاجتماع مع زعماء اجانب غير مسلمين، الا ان هذا يتعين الا يمنع الغرب من محاولة الوصول اليه مباشرة او الضغط عليه كي يعين علنا ممثلي ايران في المفاوضات مع الغرب.

ولاشك ان خامنئي سوف يجد نفسه في موقف محرج اذا ما تلقى دعوة مباشرة من واشنطن للتفاوض حول المسائل الحيوية لايران فهو لا يريد الدخول بمواجهة عسكرية مع الغرب يمكن ان تزعزع استقرار ايران او تؤدي الى سقوط النظام، ولذا لن يجد امامه عندئذ سوى خيار تلبية الدعوة.

لذا، اذا اراد الغرب حل القضايا البارزة مع ايران عليه عندئذ التعامل مع شخصية قوية بما يكفي للتوصل الى الحلول والتنازلات المطلوبة. هذه الشخصية ليست احمدي نجاد بالطبع انها خامنئي.

كيف سيأتي الانتقام الإيراني؟

وفي معرض تكهنه بطريقة الانتقام الايراني في حال ضرب مواقعها النووية كتب سكوت بيترس مقالا بصحيفة كريستشن ساينس مونيتور جاء فيه، من الواضح ان الضغوط التي تواجهها ايران تتزايد، فبعد ان وافق الاوروبيون على فرض عقوبات جديدة عليها، ألمح الرئيس بوش الى شيء اكثر خطورة ـ ربما القيام بضربات عسكرية ـ اذا لم تمتثل الجمهورية الاسلامية لإرادة المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. غير ان عددا كبيرا من المحللين العسكريين سارعوا للتحذير من العواقب الخطيرة جدا التي يمكن ان تحدث اذا ما بدأت امريكا حربا مع ايران.

فبالرغم من ان القوات الايرانية لا تضارع نظيراتها الامريكية تكنولوجيا في ساحة المعركة، اظهرت ايران ان بمقدورها الرد بوسائل غير تقليدية.

اذ يمكن للشبكات الايرانية في العراق وافغانستان ان تهدد مصالح الولايات المتحدة في هذين البلدين، ويمكن ان تُصبح القوات الامريكية في منطقة الخليج هدفا لوابل من الصواريخ والقذائف القاتلة، وهذا بخلاف احتشاد شركاء ايران مثل حزب الله في لبنان للدخول بحرب مفتوحة ضد امريكا ايضا.

كما يمكن ان يكون رد ايران عالميا برأي المحللين، لكن مدى هذا الرد سوف يعتمد على مدى الهجوم الامريكي، يقول ماغنوس رانستورب من مركز دراسات التهديدات اللامتماثلة بكلية الدفاع الوطني في استوكهولم بالسويد: ثمة مسألة مهمة جدا من منظور الاستخبارات الامريكية فهي ترى ان التنبؤ برد الفعل الايراني اكثر صعوبة من التنبؤ بخطر ما من جانب القاعدة.

وبعد ان يلاحظ ان الهجمات الايرانية الانتقامية في السابق كان بالامكان انكارها وانها وقعت في مناطق بعيدة عن ايران في العالم، يقول رانستورب: اشك جدا في مقدرتنا على مواجهة بعض العواقب فاذا ما هاجمنا هذه الدولة سنُطلق عندئذ رد فعل ناري عاصف يعزز القوى الثورية داخليا وقوى التطرف في المنطقة. ومن المؤكد ان مثل هذا السيناريو كابوس لأي خبير استراتيجي لاننا سندخل عندئذ فترة غامضة من الزمن.

لكن على الرغم من اتهام واشنطن لقوة القدس التي تعتبرها ايران وحدة النخبة في حرسها الثوري الاسلامي، بتزويد الميلشيات المناوئة لامريكا في العراق بقنابل ومتفجرات قاتلة ازهقت ارواح الالاف المدنيين والعسكريين، يقلل القادة الامريكيون من اهمية قدرات ايران العسكرية.

بل وحتى الادميرال وليام فولن الذي كان قد عارض علنا توجه اية ضربة لايران قبل استقالته في ابريل الماضي سخر مما يصفه البعض بـ التهديد العسكري الايراني بالقول خلال لقاء صحفي لنكن جادين، انهم (يقصد الايرانيين) مجرد نمل يمكن سحقهم عندما يحين الوقت المناسب.

وفي مايو رد العميد الايراني غلام علي راشد على فولن قائلا تستطيع ايران ان توجه ضربات مميتة للمعتدين الامريكيين من خلال تحركات تكتيكية فعالة ولا يمكن التنبؤ بها فليس هناك مجال لان نركع امام عدو يستهدف جذور وجودنا.

كل ضربة بضربتين

بدوره حذر الزعيم الديني الايراني علي خامنئي من انتقام لا يعرف احد مداه وقال على الامريكيين ان يعلموا ان مصالحهم في كل مكان من العالم سوف تتعرض للضرر اذا ما هاجموا ايران فالامة الايرانية سترد على اي ضربة بضربتين.

وفي هذا السياق يقول المحللون ان ايران تمتلك عددا من الوسائل لجعل تهديداتها هذه مثيرة للقلق لا سيما انها تفتخر بمواجهة عدو اكثر قوة منها، وحول هذا يقول اليكس فاتانكا محلل شؤون امن الشرق الاوسط بمجموعة معلومات جين في واشنطن يعترف الايرانيون انهم لا يستطيعون كسب حرب تقليدية مع امريكا لكنهم يمتلكون وسائل اخرى في جعبتهم وعلينا ان نتذكر هنا انهم عندما عينوا قائدا جديدا لفيالق الحرس الثوري جرى تسويقه باعتباره ضليعا باستراتيجية الحروب بين قوات غير متكافئة.

ويضيف فاتانكا قائلا: من الملاحظ ان اكثر ما يقلق الايرانيين هو الهجمات الجوية الشاملة التي يتم فيها ضرب آلاف الاهداف داخل ايران وهم يقرؤون النوايا الامريكية في مثل هذا السيناريو على انها من شقين يستهدف الاول انزال اكبر قدر من الضرر بالبرنامج النووي، ويتمثل الثاني بمحاولة اضعاف النظام (الاسلامي).

من ناحية اخرى ثمة احتمال كبير لان يدفع اي صراع امريكي ـ ايراني اسعار النفط للاعلى ويمكن ان تلجأ طهران الى تعطيل خطوط الملائمة في الخليج بالرغم من ان اقتصادها الضعيف يعتمد على عائدات النفط غير ان القوات الامريكية المجاورة لها في العراق، افغانستان والخليج توفر لايران مجموعة من الاهداف الملامة فقد زعمت طهران في اكتوبر ان بمقدورها اطلاق وابل من الصواريخ بعدد (11000) على العدو خلال دقيقة واحدة من الهجوم والاستمرار بهذا المعدل.

كما تقع اسرائيل ضمن مدى صواريخ شهابـ 3، ويقول حزب الله الذي عزز قوته منذ انتهاء حرب 2006 بحوالي 30.000 صاروخ من ايران انه قادر هو الآخر على ضرب اي مكان داخل الدولة العبرية بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي، ومن الواضح ان طهران تعتمد على تكتيك معين تقترب فيه الزوارق الصغيرة المسلحة الخفيفة والسريعة الحركة من السفن المعادية الكبيرة من جهات مختلفة في وقت واحد.

فهل ستكون قعقعة السيوف أعلى صوتا من نداءات السلام؟

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  29/حزيران/2008 - 25/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م