من قتل الخليفة الثالث ولماذا قتل؟!.

د. أحمد راسم النفيس

إنه أشهر وأوضح (سر) في التاريخ الإنساني كله!!.

أما ما يحتاج بالفعل إلى بيان وتببين فهو أن الثوار لم يكونوا يخططون لقتل عثمان بن عفان منذ البدء, ولو كانوا يرغبون في ذلك فلماذا صبروا عليه تسعة وأربعين يوما كان بإمكانهم خلالها قتله من دون أن يدافع عنه أحد من المسلمين؟؟!!.

الهدف الذي كان الثوار المسلمون يسعون لتحقيقه من خلال تحركهم طيلة هذه الفترة التي استمرت منذ بدء حصاره تسعة وأربعين يوما هو أن يخلع عثمان بن عفان نفسه من موقع الخلافة التي نالها باختيار بشري في حين انه كان يزعم ويدعي ويصر على أنه حصل على موقعه هذا باختيار إلهي يوم أن ارتدى قميصه المقدس آنف الذكر.

الأمر كله لم يحدث بين عشية وضحاها بل استغرق عدة سنين قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة حاول خلالها رموز الأمة وعلى رأسهم بكل تأكيد علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة الذين وردت أسماؤهم أثناء هذا السرد والذين كان من بينهم نيار بن عياض أن يعيدوا الخليفة (الراشد) إلى رشده وان يعيدوا للأمة وديعتها التي استلمها عثمان بن عفان بل ووصل الأمر إلى إبرام اتفاقات ضمنها أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار ولكنها جميعا مزقت وانتهكت قبل أن يجف مدادها عن طريق اللوبي الأموي الذي أحاط بالخليفة الثالث إحاطة السوار بالمعصم والذي استولى على قرار الأمة الإسلامية وصادره لصالحه من يومها إلى يومنا هذا.

الأزمة الكبرى التي واجهها وما زال يواجهها العالم الإسلامي المتخبط في رؤاه التاريخية والفكرية أن هؤلاء الثوار قد تحولوا بعد هذا إلى مجرد مجرمين فارين من وجه (العدالة الأموية) هذا إذا جاز القول بوجود عدالة تقدمها المؤسسة الإجرامية الأموية وأصبحت إدانة هؤلاء الثوار جزءا من (المعلوم بالدين بالضرورة) فلا يجرؤ كاتب أو مفكر على أن يضع الأمور في نصابها أو يعيد الحق إلى أهله!!.

كيف هذا والشرعية الأموية المعاصرة التي تمثل النقيض المباشر لشرعية أهل البيت قامت من يومها على تلك الأكذوبة التاريخية القائلة بأن عثمان قتل مظلوما كما أن معاوية بن أبي سفيان قائد الانقلاب المضاد للإصلاح في الإسلام والمعادي للإصلاحيين الحقيقيين من شيعة أهل البيت عليهم السلام قد أقام دعواه المزيفة على (الطلب بدم عثمان الخليفة المقتول المظلوم) ومن ثم فلا أحد يجرؤ على وضع الأمور في نصابها وحتى لحظة كتابة هذه السطور.

الإسلاميون المعاصرون (أهل السنة) أسسوا لشرعية وجودهم على أساس حق الأمة في اختيار الخليفة أو الإمام وحقها في خلعه إذا انحرف عن المسار الصحيح بينما هم ينظرون لهؤلاء الثوار والمصلحين باعتبارهم جماعة من الخوارج المجرمين تمردت على خليفة راشد ما زالت في أعناقهم له بيعة يرونها ركنا ركينا من أركان دينهم واعتقادهم الذي سيقودهم لجنة عرضها السماوات والأرض فضلا عن إعادة فردوسهم الأرضي المفقود أو ما يسمى بالخلافة الراشدة من دون أن يجيبوا على هذا السؤال.

إذا كان عثمان قتل مظلوما لأنه خليفة راشد ولأنه من الصحابة فلماذا لا يطالبون بثأر نيار بن عياض وهو أيضا من الصحابة الذي أشعل قتله من قبل الحرس العثماني الشرارة المباشرة التي ألهبت الحريق الذي أكل الأخضر واليابس وأدى إلى قتل عثمان حيث يروي ابن جرير الطبري (فقام رجل من أصحاب النبي يقال له نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى يا عثمان فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره لما اعتزلهم فبينا هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي فقالوا لعثمان عند ذلك ادفع إلينا قاتل نيار بن عياض فلنقتله به فقال لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه).

إن كنتم حقا صادقون في القول بحق الأمة في الاختيار ومن ثم حقها في محاسبة الخليفة إذا مال أو انحرف عن جادة الصراط, كان من الضروري أن تذكروا حقيقة ما جرى كما هو لا كما يصوره الإعلام الأموي الظهير الطبيعي للانقلاب المعادي لكل أنواع الإصلاح السياسي والاجتماعي في عالمنا الإسلامي والذي ما زال يمسك بزمام الأمور من يومها إلى يومنا هذا, إذ لا يمكنكم أن تكونوا مع الإصلاح والتغيير وحق الأمة في المراقبة والدعوة إلى إقالة حاكم أو خليفة ثبت فشله وإخفاقه بما لا يدع مجالا للشك رغم دعوات ومطالبات الإصلاح السلمي المتكررة والأهم هذا أن هذا الحاكم هو من أطلق الرصاصة الأولى في مواجهة دعاة التغيير الذين لم يكونوا قد سفكوا نقطة دم واحدة حتى تلك اللحظة وأن حصارهم لمقر النظام الأموي كان بهدف إجبار الرجل على تقديم استقالته لا أكثر ولا أقل وأنه هو من قام بتأسيس حرس رئاسي عثماني يهدف إلى قمع دعاة الإصلاح السلمي الذين تفاوضوا معه مرارا وتكرارا بصورة مباشرة وغير مباشرة وفي كل مرة كان الرجل يفشل في الوفاء بوعوده ويصر على مواقفه بدعوى الحق الإلهي وارتدائه القميص الرباني.

جيش الفتنة

قال ابن أبي الحديد ( أجمع كل من صنف في الأخبار والسير أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وآله فنصبته في منزلها وكانت تقول للداخلين إليها هذا ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبلى وقد أبلى عثمان سنته وكان أول من سمى عثمان نعثلا عائشة والنعثل الكثير شعر اللحية والجسد وكانت تقول اقتلوا نعثلا قتله الله) شرح النهج ج1 ص 77.

كما روى عن المدائني في كتاب الجمل قال (لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة وبلغها مقتله فلم تشك أن طلحة هو صاحب الأمر (؟!) وقالت بعدا لنعثل وسحقا إيه ذا الأصبع إيه أبا شبل إيه يا ابن عم لكأني أنظر إلى أصبعه وهو يبايع له حثو الإبل دعدعوها) كما روى عن أبي مخنف في كتابه (أن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة أقبلت مسرعة وهي تقول إيه ذا الأصبع لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفوا ثم جاءها الخبر ببيعة علي عليه السلام فقالت لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا .... ثم ولولت فقيل لها ما شأنك يا أم المؤمنين والله ما أعرف بين لابتيها أحدا هو أولى بها منه ولا أحق ولا أرى له نظيرا فماذا تكرهين من ولايته؟؟).

وروى أيضا عن قيس بن أبي حازم نفس الرواية وزاد فيها أنه لما بلغها الخبر ببيعة علي عليه السلام رجعت إلى مكة ورأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها كأنها تخاطب أحدا.. قتل عثمان مظلوما!!!.

فقلت لها يا أم المؤمنين ألم أسمعك آنفا تقولين أبعده الله وقد رأيتك قبل ذلك أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا؟؟!!

فقالت لقد كان ذلك ولكني نظرت إليهم فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه وروي أيضا أنها قالت لما بلغها قتله أبعده الله قتله ذنبه وأقاده الله بعمله يا معشر قريش إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الأصبع فلما جاءت الأخبار ببيعة علي عليه السلام قالت تعسوا... تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا !!!!!!!!!.

أما ابن جرير الطبري فيروي في تاريخه ج4 ص458 : كتب إلي علي بن أحمد بن الحسن العجلي أن الحسين بن نصر العطار قال حدثنا أبي نصر بن مزاحم العطار قال حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن نويرة وطلحة بن الأعلم الحنفي قال وحدثنا عمر بن سعد عن أسد بن عبد الله عمن أدرك من أهل العلم أن عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له مهيم؟؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه فمكثوا ثمانيا قالت ثم صنعوا ماذا؟؟ قال أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز, اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت: والله ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك ردوني ردوني فانصرفت إل مكة وهي تقول قتل والله عثمان مظلوما والله لأطلبن بدمه, فقال لها ابن ام كلاب ولم؟؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت, ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول, فقال لها ابن ام كلاب (وقد رواه ابن الأثير أيضا في الكامل):

فمنك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا إنه قد كفر

فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أَمَر

ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم تنكسف شمسنا والقمر

وقد بايع الناس ذا تدرإ * يزيل الشبا ويقيم الصعر

ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر

فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس فقالت يا أيها الناس إن عثمان قتل مظلوما ووالله لأطلبن بدمه!!!.

يزعم القوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال (خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء!!) فهل يقصدون ما تبقى من إسلامنا وديننا بعد كل الذي جرى؟؟

وماذا تبقى منه بعد كل هذا البلاء؟؟.

الجمل والتحرك نحو البصرة:

كان قميص عثمان بن عفان ولا زال هو أشهر قميص عرفه التاريخ وقد دخل معه التاريخ من نفس البوابة ذلك الجمل المسمى (عسكر) إنها بوابة الكوارث والمصائب التي سميت بعد ذلك (البوابة الشرقية للأمة العربية) ولا زال العرب والمسلمون يتنافسون في إقامة بوابات المصائب وسرادقات الأحزان حينما يصرون على خداع الذات وتزييف وعي الجماهير وها نحن نكتب هذه السطور بينما تتوالى فصول المصائب و الأحزان في أفغانستان الحزينة المسلمة التي ينهال عليها القصف الأمريكي الأممي وقبل ذلك القصف الروسي وقبل ذلك وأثناء ذلك وبعد ذلك القصف المتبادل بين تلك الفصائل التي انتمت وتاجرت بالإسلام والإسلام منهم براء.

والحمد لله أنه عاش جملا ومات جملا وإلا لسبق اسمه الطاهر (سيدنا عسكر) وللحق به رضي الله عنه (فالرجل آسف أعني الجمل) كان يؤدي مهمة مقدسة هي الصد عن سبيل الله ومحاربة إمام الحق من آل محمد وهي مهمة تستدعي إسباغ القداسة عليه ووصفه بأفضل الصفات و لولا أنه جمل لقيلت الروايات في فضله على سائر الجمال و أنه أول من يدخل الجنة الخ الخ.

لم تكن أم المؤمنين عائشة جاهلة بالمصير الذي تسعى إليه بل وتسوق الأمة سوقا نحوه وقد حذرها رسول الله صلى الله عليه وآله من كل هذه الأخطاء إجمالا و تفصيلا بل وسمى لها ذلك الجمل الذي ستقود الفتنة من على ظهره و كان هذا من أعلام نبوته وقد أجمع أصحاب السير كلهم على نقل ذلك التحذير من رسول الله صلى الله عليه و آله لها من ركوب الجمل أو بمعنى أدق قيادة مسيرة الفتنة و الضلال و لكن هيهات هيهات و قد ذكرنا وجها من وجوه ذلك الخبر في الحوار الذي دار بين عائشة و أم سلمة وقد روى أبو مخنف تحقق تلك النبوءة وذلك الإخبار فقال (بعدما ركبت الجمل وسارت به ومعها طلحة والزبير من مكة إلى البصرة طرقت ماء الحوأب وهو ماء لبني عامر بن صعصعة فنبحتهم الكلاب فنفرت بهم صعاب إبلهم فقال قائل منهم لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها فلما سمعت عائشة ذكر الحوأب قالت أهذا ماء الحوأب؟؟ قالوا: نعم, فقالت ردوني ردوني فسألوها ما شأنها ما بدا لها فقالت لهم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب قد نبحت بعض نسائي ثم قال لي إياك يا حميراء أن تكونيها فقال لها الزبير مهلا يرحمك الله فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة فقالت أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب فلفق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابيا جعلا لها جعلا فحلفوا لها وشهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام فسارت عائشة لوجهها.

 كما روى أبو مخنف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوما لنسائه و هن عنده جميعا (ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثير كلهم في النار) شرح النهج ج2 ص 497.

وقد روى ابن جرير الطبري نحوا من هذه الرواية بإسناد مختلف.

وقد ذكر ابن أبي الحديد أن (يعلي بن أمية جاءها ببعيره المسمى عسكرا وكان عظيم الخلق شديدا فلما رأته أعجبها وأنشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته ويقول في أثناء كلامه عسكر فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت ردوه لا حاجة لي فيه وذكرت حيث سئلت أن رسول الله ص ذكر لها هذا الاسم ونهاها عن ركوبه وأمرت أن يطلب لها غيره لم يوجد لها ما يشبهه فغير لها بجلال غير جلاله وقيل لها قد أصبنا لك أعظم منه خلقا وأشد قوة وأتيت به فرضيت).

أم المؤمنين عائشة و نهاية رحلة (الإصلاح) , العودة إلى نقطة الصفر:

(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون) سورة البقرة11،12.

انتهت رحلة الإصلاح المزعوم التي قامت بها أم المؤمنين عائشة إلى البصرة صحبة (الإمامين) طلحة و الزبير بعدة آلاف من القتلى والجرحى في معسكر الفتنة والتمرد معسكر الناكثين وبضع آلاف مثلهم في معسكر الحق, والواقع يقول أن هذا النوع من الحروب يجري الخصم فيه دائما من الرصيد العام للأمة ولنا أن نتخيل ومن حقنا أن نتخيل أن طلحة والزبير وهذه الجموع التي احتشدت في مواجهة الإمام وقفت معه في مواجهة الفساد الأموي فكان أن توحدت الأمة ووأدت الفتنة في مهدها وتوجهت الأمة إلى البناء والتقدم وصناعة الحضارة وأعطت النموذج للعالم عن حضارة الإسلام وعن النعمة التي ترفل فيها المجتمعات المسلمة الطاهرة المتطهرة وقدرة الإسلام على إقامة العدل والمساواة بين البشر ناهيك عن إقامة نظام سياسي يقوم على  الشورى الحقيقية واحترام حقوق الإنسان ويستبعد القمع والقهر و الاعتقالات كوسيلة لإدامة السلطان وحفظ النظام أضف إلى ذلك ما كانت ستنعم به الأمة المسلمة من الرخاء و الخيرات و و ...و و ....

و لكن شيئا من هذا لم يحدث

1- فقد أدى هذا التمرد الغوغائي الذي قادته أم المؤمنين عائشة (خير من ركب الإبل أو كما قال أبو هريرة) إلى تفكك النظام الإسلامي بصورة تدريجية و قيام الدولة الأموية الاستبدادية التسلطية القمعية التي ما زالت ترفرف بأغصانها على كافة أنحاء العالم الإسلامي إلى يومنا هذا.

2- وقد نتج عن هذا أن المعارضة و الرفض لهذه النظم التسلطية أصبحت جزءا أصيلا من التركيبة السياسية و الفكرية و الاجتماعية لعالمنا الإسلامي تلك المعارضة التي أخذت أحيانا أشكالا بالغة الخطورة و الشذوذ على هذه المجتمعات و خاصة عندما تمثل هذا في الفكر الخوارجي التكفيري القديم و المعاصر و هو الذي قاد مجتمعاتنا بل و العالم كله للأزمة التي صنعتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

هذا هو التسلسل الطبيعي و المنطقي للأحداث فالتحليل العقلي لأي حدث لا بد له أن يبدأ من نقطة الفعل لا من نقطة رد الفعل فالغوغائيون على شاكلة قزم التلفاز المذكور آنفا يبدءون من فرضية ثابتة هي إدانة خصوم السلطة ... خصوم الأقوى بصورة مطلقة فهم مع السلطة في مصر وغيرها ضد خصومها في الداخل وهم مع أمريكا ضد خصومها وضد من تدينهم ولو كان هذا  ضد النظام المصري الذي تهافتوا سابقا على إدانة كل أعدائه ووصفهم بالإرهابيين الذين يقتلون لمجرد القتل!!.

إنهم دائما مع الأقوى وضد الأضعف ولو كان على الحق وهذه هي الغوغائية بعينها.

بعض الكوارث الصغيرة على هامش أم الكوارث:

ذكر ابن جرير الطبري في تاريخه عن أبي رجاء قال رأيت رجلا قد اصطلمت أذنه قلت أخلقة أم شيء أصابك قال أحدثك.... بينا أنا أمشي بين القتلى يوم الجمل فإذا رجل يفحص برجله و هو يقول:

لقد أوردتنا حومة الموت أمنا    فلم ننصرف إلا و نحن رواء

أطعنا قريشا ضلة من حلومنا     و نصرتنا أهل الحجاز عناء

لقد كان عن نصر ابن ضبة أمه     و شيعتها مندوحة و غناء

أطعنا بني تيم بن مرة شقوة      وهل تيم إلا أعبد و إماء

قلت له يا عبد الله قل لا إله إلا الله قال ادن مني و لقني (من التلقين) فإن في أذني وقرا فدنوت منه فقال لي ممن أنت قلت رجل من  الكوفة فوثب علي فاصطلم أذني كما ترى ثم قال إذا لقيت أمك فأخبرها أن عمير بن الأهلب الضبي قد فعل بك هذا.

موت و خراب ديار و جنون .... يالك من أم.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت  28/حزيران/2008 - 24/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م