الجمل

دكتور أحمد راسم النفيس

الواقعة والكتاب تلك (الواقعة الكارثة).

إنه نفس الوصف الذي استخدمناه في كتابنا عن التحكيم وربما نستخدمه لو كتبنا عن صفين والنهروان وكربلاء وأحداث الحادي عشر من سبتمبر وكل هذا التراث من المآسي الذي حفل به تاريخ الأمة الإسلامية القديم وربما المعاصر الذي يصر خطباء المنبر من أشباه أبي موسى الأشعري على أنه كان أحلى من السكر و أشهى من العسل فإذا كان الأمر كذلك فمن هو قائد مسيرة الكوارث و النكبات إذا؟؟.

ومن الذي أوصلنا إلى  هذه الحالة البائسة التي نعيشها الآن والتي لا يجمع الناس على شيء إجماعهم على وصفها؟؟.

هل هو الخائن أتاتورك؟؟ أم أنهم التغريبيون و العلمانيون من خريجي المدارس الأجنبية الذي زرعهم الاستعمار الأجنبي بين أظهرنا؟؟.

من الذي أوصلنا إلي ما نحن فيه من تخلف و انحطاط و أين هي أخلاق الإسلام في دنيا المسلمين أما السؤال الثاني فما هو المخرج؟؟  إنهما سؤالين مرتبطين أشد الارتباط...

ترك الناس محاولة الإجابة على السؤال الأول أو أجابوا عليه بأول ما تبادر إلى أذهانهم وتدافعوا للجواب على السؤال الثاني وكأنه السؤال الأخير في مسابقة من سيربح المليون أو بمعنى أدق من سيربح السلطة؟؟!!.

وهكذا زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لهم أن من يجيب على السؤال الثاني سيربح ما هو أكثر من المليون وسيصبح هو الخليفة والإمام أما الأتباع وحملة الطبول والبيارق فسيصبحون هم الوزراء والمحافظون تماما مثلما فعل طلحة والزبير عندما ذهبا إلى البصرة وسألهم مبعوثوا الإمام ماذا تريدون؟! قالوا نريد مثلما أراد!!.

وهم أي المعاصرون يريدون مثلما أرادوا ولو استطاعوا لأطاحوا بما تبقى من قوانا في جمل أخرى أو صفين ثانية.

وهكذا اندفع الجميع لانتهاز الفرصة و محاولة ملأ الفراغ والإجابة على السؤال ما بين قائل ننشئ أمة لا إله إلا الله من جديد وقائل علينا أن نقاتل الأمة القديمة وحكامها باعتبارهم الطائفة الممتنعة لأنهم يستحقون السيف ولا شيء إلا السيف وقائل فلنهاجر إلى جبال اليمن ونرعى الغنم ثم نعود منها فاتحين منصورين وقائل لا!! لقد ابتعد الناس عن الله ولا بد من إعادتهم للصلاة في المساجد وندعوهم للتأسي بالمبشرين بالجنة خاصة طلحة و الزبير وندعو نساءنا للتأسي بأم المؤمنين عائشة سيدة نساء العالمين وقائل يقول بل نخرج في سبيل الله ندعو الناس إلى الدين و الأخلاق و نأخذهم للصلاة في المساجد.

(و تقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون). الأنبياء 93

فات هؤلاء أن الإجابة على السؤال الأول إجبارية و أن من يفشل في الإجابة عليه لن يحصل على شيء لا ألف و لا مليون و لن يحصل إلا على قبض الريح و هذا ما ينطق به الواقع وتجارب التاريخ البعيد و القريب.

قبل أن نتحدث عن الواقعة و كل واقعة خافضة رافعة ترفع أقواما و تضع آخرين و هذا هو منطق العقلاء أما منطق المعاتيه الذي جرى تعميمه و تحويله إلى معتقد ديني فيقول أن هؤلاء جميعا  مجتهدون مأجورون إما أجر واحد للمخطئ و إما أجران للمصيب و بموجب هذا المنطق علينا أن نحذف تماما من أذهاننا مدلول الآية التي تقول (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). سورة المائدة آية 33.

 ولهذا السبب فإن عبد الله بن الزبير سينال عددا من الحسنات بقدر عدد حراس بيت مال المسلمين  الذين ذبحهم بالبصرة ذبحا كما تذبح الشياه و خاصة أن هذا الذبح تم بتعليمات شفهية من أمهم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر!!.

أما المذبوحون فلا أجر لهم لأنهم لم يكونوا قد بلغوا بعد مرتبة الاجتهاد و ليس من حقهم التقرب إلى رب العباد بذبح بعض العباد وهناك قول آخر أن القاتل والمقتول في النار ولا أدري أي الحكمين ننفذ و أي القولين نأخذ؟؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الإثنين  16/حزيران/2008 - 12/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م