الأسواق تهدد الديمقراطية

صادق درباش الخميس

بعد الغزو الامريكي لبلدنا تغيرت الكثير من المفاهيم والمعتقدات واصبحت هناك امورا كنا نتداولها بل ويعرفها القاصي والداني رموزا ضد ما يسمى بالديمقراطية او الحرية الجديدة.

فالمقاومة أي مقاومة المحتل لأي بلد اصبحت في العراق ارهابا وبات يطلق على كل من يقاوم قوات الاحتلال خارجا عن القانون في دستور الديمقراطية والحرية الجديدة التي اتى بها المحتلون لأرضنا وبالقلم العريض على كل مواطن عراقي ان يعتبر الغزو هو تحريرا على غرار الاستعمار القديم الذي اكتسح الاراضي بأسم التحرير.

ومن يرفض سياسات التقسيم ويطالب بالحفاظ على وحدة البلد فهذا يعد انتهاكا سافرا لحقوق الانسان ومنهج الديمقراطية.. اما اذا لم تقبل بنهب ثروات الشعب فستصبح الارهابي المطارد من الجميع وتطلق عليك سيل من الاتهامات.

وآخر الرموز الجاهلية والتعسف والاضطهاد البشري ومن الاسلحة المدمرة للتقدم والرقي بنظر الديمقراطية هي الاسواق.. فنزل الحكم ببدء جدولة انسحاب الاسواق من العراق او تدميرها.

فالاسواق وحسب المنهج الديمقراطي وقانون الحرية الجديدة تعتبر اماكن تبذيرا للاموال وانهاكا للاقتصاد المحلي وتفريغا للجيوب واماكن خطرة يباع فيها المواد الغذائية والعالم يشهد موجة جفاف ونقص في الغذاء العالمي.!

من هذا المنطلق الانساني ومن اجل نشر الديمقراطية واسس تقدم الشعوب جاءت حملة حرائق الاسواق في العراق وبالخصوص في العاصمة بغداد وبالتحديد الاسواق ذو الثقل الكبير.

فبعد حريق الشورجة (عمارة القادسية) وتلاه حريق آخر لم يعرف اسبابه الى الان رغم تشكيل لجان تحقيقية في ذلك جاء الدور على حرائق سوق جميلة التجاري لتأتي النيران على اكثر من 60 % من هذا السوق ذو الثقل الاقتصادي العراقي الكبير اعقبتها حرائق سوق بغداد الجديدة وغيرها وكان آخرها حرائق سوق البياع الكبير وبطبيعة الحال شكلت لجان تحقيقية في هذا الغرض (يعني بالمشمش).

وبغض النظر عن الخسائر المالية التي لا تقدر وعن الحالة النفسية المؤلمة لأصحاب المحال التجارية وحتى (الجنابر والبسطيات) فأن الانذار موجه الى باقي التجار في الاسواق التي تنتظر دورها لتصريف بضائعهم وبيع محلاتهم قبل فوات الاوان فالتجار واصحاب المحال والبقالين والبزازين ورجال القصابة وغيرهم ارهابيون وخارجون عن القانون في المفهوم الديمقراطي في العراق لأخذهم اموال الناس وبيعهم مواد غذائية دون مراعاة ازمة الغذاء العالمي وقلة الامطار والجفاف.

الا ان هناك اسئلة تطرح نفسها :

 من اين ستتبضع العوائل العراقية اذا التهمت النيران كل الاسواق (والفاعل مجهول بطبيعة الحال)..؟

كيف يكون حال العراق بدون اسواق تجارية نهاية هذا العام على ابعد الاحتمالات..؟

ما هو مصير التجار واصحاب المحلات واصحاب المحاصيل الزراعية..؟

هذا آخر مبتكرات الغزو ان الاسواق تهدد الديمقراطية.!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  28 أيار/2008 - 21/جماد الاول/1429