كلية الاداب في جامعة البصرة: عراقيل وطموحات

تحقيق: علي كاظم الخفاجي

شبكة النبأ: لم تكن مفاجأة ان اجد التيار الكهربائي مقطوع، فقد اعتدنا على انقطاع الكهرباء وبرمجتها، لكنه امر مستغرب فعلاً ان يحدث ذلك في جامعة البصرة، وعلى كل حال فهي فرصة مناسبة للبدء بحديث السلسلة الذهبية التي لاتنتهي من مشاكل الجامعة وهمومها الخدمية والثقافية بجعل الكهرباء اول الحديث.

سلمت على السيدة "سلامة حميد" الموظفة العاملة في مكتب عميد كلية الاداب الدكتور الاستاذ "باسم طعمة حطاب"، استفسرت منها حول امكانية مقابلة العميد. اخبرتني انه موجود: لكنك قد لا تستطيع مقابلته في هكذا اجواء حارة، انتظر قليلا حتى يتم تشغيل المولدة.

بعد قليل خرج العميد وهو يعتذر بوجه بشوش عن امكان المقابلة لانشغاله بامور ادارية واجتماعات مع بعض رؤساء الاقسام في الكلية.  

بالنسبة للسيدة سلامة لم يكن الامر بحاجة الى اثارة اكثر كشأن كل العراقيين عندما يتم الحديث حول الكهرباء والخدمات فاسترسلت بالكلام قائلة: المفروض ان للجامعة خطاً حرجاً فلا ينبغي ان تنقطع الكهرباء داخل الجامعة ابداً، لما يسببه ذلك من ارباك، سيما ان الكثير من المعاملات تتوقف على استعمال الاجهزة الكهربائية - سالتها عن دور المولدة "السيدة المصونة". فهمست بخجل وحياء وقالت: المولدة حالياً تشتغل ساعتين صباحاً، وساعتين عصراً، بسبب غلاء المحروقات بعد ان كانت سابقاً تشتغل الصباح كله، خلال الامتحانات النهائية سنحاول تشغيلها طوال الفترة الصباحية. هنا سكتت السيدة سلامة مع ابتسامة خفيفة. تركتها مودعاً ومتمنياً لها فرجاً كهربائياً عاجلاً.

بعد خروجي من العمادة توجهت الى قسم اللغة العربية، حيث التقيت بالاستاذ المساعد "......" وافهمته برغبتي في الحديث حول مشاكل كلية الاداب وهمومها وطموحاتها، هنا قاطعني قائلاً: ليس هنالك ايما طموح حقيقي، فطموح الاساتذة ينحصر في معرفة اخر اخبار سلم الرواتب الجديد وموعد تنفيذه، اما الطلاب فطموحاتهم تتمثل في كيفية الحصول على الشهادة ولو على حساب القيمة العلمية لها، الا ان هذا الوضع العام لاينسحب على الجميع بكل تاكيد، فهنالك قلة ممن لديهم الهم المعرفي ولكنهم مهمشون على كل حال. عندها اطلق زفرة عميقة ولم يقبل ان يكمل معي الحوارلما فيه من شجون.

توجهت الى الاستاذ "ماجد الكعبي" رئيس قسم اللغة العربية ، كي احاوره في هذا الشأن فوجدته متهيئاً لاجتماع اساتذة القسم، مع هذا فلم يمتنع عن الحديث حول قضايا الجامعة عموماً وكلية الاداب خصوصاً، متناولاً فيه المحاور التالية:

بناية كلية الاداب اقسام داخلية

ان من كبرى المشاكل لدينا هي بناية كلية الادآب فمنذ خمس سنوات ولحد الان نطالب بتجديد البناية والتي كانت في الاصل اقسام داخلية للطلاب ولا من مجيب فكل سنة يقال لنا انها قد أُدرجت ضمن المشاريع الا اننا لا نجد اثراً لهذا الادراج.

سألته: على من تقع هذه المسؤولية؟ فقال: مسؤولية ذلك تقع على عاتق جهتين: لجنة اعمار المحافظة والشعبة الهندسية في جامعة البصرة، اما ما نشاهده من بناء فهو بناء الحاق خاص بكليات اخرى مقامة ومكتملة، فقط كلية الاداب ليس لها ايما اعمار لا في اصل البناية ولا في الملحقات، اما قسم الترجمة وهو قسم جديد في كلية الاداب في جامعة البصرة فقد تم بناؤه بمساعدة احدى منظمات المجتمع المدني وبجهود شخصية من بعض اساتذة الكلية. ومشكلة البناية تتفرع منها كثير من المشاكل الفرعية والتي تؤثر على السير العلمي للجامعة، كعدم وجود غرف خاصة بالاساتذة، بل ان بعضهم يتناوبون على الغرف القيلة المتوفرة، وفي بعضها قد يصل العدد الى سبعة تدريسيين، اضافة الى تقابل قاعات الدراسة وازدحام الطلبة في الممرات بشكل يؤدي الى حدوث ضجة وارباك.

تحديث المناهج طموح غائب

واستطرد "الكعبي" مؤكداً ان الحديث كثير جدا حول المناهج وتغييرها وتجديدها الا انه ما زال عائماً ونظرياً بدون ان نلمس خطوات فعلية نحو التطوير الجدي لها فالطالب لايدرك جيدا بايهما يلتزم ، بمحاظرات الاستاذ ام بالكتب المنهجية "الكتب المساعدة" مما يدفع الطالب نحو الاستنساخ مع ما فيه من عبء مالي مرهق، واذا ما حاول الاستاذ ان يؤلف كتاباً منهجياً في سبيل حلحلة هذا الازمة فانه يصطدم عندئذ بعدم وجود من يدعمه مادياً في مشروعة ذاك، فلا وجود للمخصصات المالية التي ترفد تاليفات الاساتذة ومشاريعهم البحثية. كذلك الدواوين والكتب المعتبرة ذات الطبعات المحققة فلا وجود لها في مكتبة الكلية مما يدفع الطالب في دراسته الجامعية على المصادر ذات الطبعات التجارية وهي طبعات غير علمية فلا يعتمد عليها ، هذا بالاضافة الى قلة خبرة الطالب في دراسته الجامعية الاولية والتي لاتؤهله كي يجد ضالته من الكتب والمصادر اللازمة، مع عدم توفر الوقت الكافي لذلك.

هنا قاطعت الاستاذ "الكعبي" منبهاً الى دور الانترنت في البحث والدراسة. فاجاب: اما بخصوص الانترنت فان اغلب استعمالات الطلبة له استعمالات سلبية لسرقة البحوث فالطالب لا يكلف نفسه عناء البحث والتحقيق، وقد اكتشفنا بعض سرقات لبحوث التخرج من الانترنيت، والامر راجع بالاساس لانتشار ثقافة الاستهلاك والتكرار وعدم الاهتمام بالعلمية، والاخذ بالطبعات التجارية، والتي هي من سمات ثقافة ما بعد الحداثة، ففي الخطاب المعاصر لايجدي نفعاً البحث عن الاصالة، فالتزييف الثقافي مقصود، فعلينا ازاء هذا الخطاب تفعيل الوعي الحضاري والانفتاح الايجابي على وسائل الاتصال الحديثة سيما الانترنت لننقذ جيلنا الطلابي من الاندثار والذوبان في الذات الاخرى.

الاساتذة والهم المعرفي

وفي اطار هذا الهم تحدث الدكتور "ماجد الكعبي" عن اهم ما تعانيه كلية الاداب في هذا الجانب هو تدني بعض مستويات الهيئة التدريسية معرفياً، وما يملكونه من علمية لاتؤهلهم ليكونوا تدريسيين ناجحين بل عبئاً على الجامعة، وهذه المشكلة ذات شقين:

الاول: الاساتذة القدامى في زمن النظام البعثي حيث كانت المحسوبية والحزبية انذاك منتشرة كثيراً في الوسط الجامعي، وبالتالي نشأ جيل من الاساتذة همهم هو التفكير المادي مع خوائهم العلمي الا ان تراكم الخبرة يمكن ان يسد ذلك النقص الحاصل.

الثاني: اما الاساتذة الجدد فيفتقدون لهذه الخبرة، فالاستاذ بمجرد ان ينهي حصوله على الدكتوراه حتى يباشر التدريس في الكلية بدون ايما خبرة سابقة، والمفروض كحل لهذا الاشكال ان يتعين الاستاذ اول امره في "معهد" حتى يكتسب تلك خبره المطلوبة، سابقاً كان مساعد الباحث يبقى ثلاث سنوات يتدرب ومن ثم يحق له التقديم الى الدراسات العليا ليكون بعدها مؤهلاً للتدريس في الكلية.

والكلية اصلاً لاتحتاج الى كل هذا العدد من الاساتذة بل يكفي اثنين كل سنة او سنتين فالكلية تخرّج كوادر يكون مصيرها البطالة الحقيقية والمقنعة معا، ولا تراعي في ذلك الحاجة الفعلية للمجتمع، فنحن الان نحتاج الى كوادر الاعمار والبناء ولا نحتاج الى خريجي التاريخ والجغرافية بهذه الكثرة ويكون مصيرهم التعيين في المرور مثلاً، او يكملون دراستهم العليا ويكونون عبئاً على الكلية لعدم قدرتها على استيعاب الاعداد التي تتخرج منها كل سنة، فالفائض من اساتذة الاداب اما يدرسّون في كليات غير كلياتهم المختصة او يستمرون في دراسة الدكتوراه، فنصفهم فقط هو الذي يدرّس داخل الكلية، ومن جانب اخر لايوجد توازن في قبول الاناث والذكور، فالنسب عشوائية ولاتخضع لتخطيط مبرمج ، فالمجتمع فرض على الاناث نوع من الوظائف كالتدريس والعمل في الدوائر الحكومية مما يحملنا عبء استقبال الكثير من الاناث ثم انهن في التدريس يحصلن على بعض الحقوق التي كفلها لهن القانون كاجازات الامومة فتصبح لدينا حينذاك بطالة مقنعة مرتين.

هموم طلابية

وفي هذا الجانب تطرق الدكتور "ماجد الكعبي" الى ما يجب ان يتحلى به الطالب من صفات تميزه عن غيره من افراد المجتمع، الا انه مع شديد الاسف لا يشعر بموقعه الجامعي، فاصبح لديه غياب وعي عن دوره المتميز، فسلوكيات بعض الطلبة لاتتناسب مع مكانتهم العلمية بدءاً من عدم الشعور بالمسؤلية ومروراً بالغياب وعدم الانضباط وانتهاءاً بعدم احترام الهيئة التدريسية.

فالطالب قد فهم ان الحرية هي الانفلات ومقاومة سلطة العلم واسقاط لهيبة الاستاذ فاصبح لدينا نوع من الفوضوية، فما يدور بالمجتمع من ازمات نجده ينعكس على الجامعة سلبياً، فالتحول من الرقابة الى الحرية التامة ادى الى نشوء ظواهر سلبية كثيرة. اما بخصوص وضع قوانين رادعة لامثال هذه التجاوزات وغيرها فمازلنا عاجزين عن ذلك لان السلطة التشريعية وصلاحية فرض القوانين من اختصاص و هيمنة الوزارة.

عند هذه الاشكاليات توقف الاستاذ "الكعبي" عن الكلام وقرر الذهاب لحضور الاجتماع معلناً عن استعداده لاجراء حوارات اخرى في وقت اخر.

وكي تكتمل محاور الحديث لابد من ان نلتقي ببعض الطلبة في الكلية، ذهبت الى حديقة، فاخترت بصورة عشوائية، لأثنين من الطلبة الجالسين وهم ساهمين بعوالمهما الخاصة فاخترت ان اقطع تلك العوالم بالحديث حول ما يعانونه كطلبة في احدى ارقى الجامعات في العراق، فاجأتهم بالسلام معرفاً بنفسي فرحبا بي كثيراً واعلنا عن موافقتهما للحديث، غير اني وجدتهما متحفظان نوعاً ما في التصريح بما في انفسهما بشكل مباشر.

وعلى العموم فقد كانت المعاناة الرئيسة لـ"مصطفى حمد تقي" وهو طالب في قسم التاريخ كلية الاداب هو ما يتعرض له طلاب الجامعة بشكل عام من ضغوطات على الحريات الشخصية من قبل بعض الاحزاب التي لها موطأ قدم داخل الجامعة حيث يحاولون منع بعض السلوكيات التي يعتبرها "مصطفى" حق مكفول للطالب باعتبارها مظهر من مظاهر الحريات الفردية والتي ليس لاحد منعها او التقليل منها كمنع الفتيات من لبس البنطلون ولزوم الحجاب وعدم الجلوس مع الطلاب الذكور والمنع من سماع الاغاني في الهواتف النقالة بل الامر تجاوز اكثر من ذلك فقد منعوا طلبة الفنون الجميلة من اظهار آلاتهم الموسيقية واقامة الحفلات، واذكر انه في احدى حفلات التعارف عندما اصبح فيها بعض الصخب تدخلوا "جماعة الامنية " والغوا الحفلة، معرباً عن ارتياحه البالغ الان لانتهاء هذه الضغوطات بعد خطة فرض القانون التي طبقت في البصرة، كون اغلب موظفي الاحزاب الذين كان لهم يد في ذلك قد اختفوا عن الانظار هذه الايام. مع العلم انها تصرفات شخصية منهم بدون الرجوع فيها الى العمادة.

واضاف "مصطفى" من الجدير بالملاحظة ان بعد "صولة الفرسان" اصبح للاستاذ وللقسم وللكلية هيبة مضاعفة واختفت بعض مظاهر التجاوزات التي تحصل من قبل بعض الطلبة ضد اساتذتهم.

اما زميله الطالب "حيدر جاسم" كلية الاداب قسم التاريخ فقد نفى ان يكون هنالك ضغوطات بالشكل الذي يوحي به كلام زميله "مصطفى" وان لم ينفي اصل الضغوطات سائلاً زميله عما اذا واجه ضغوطات او منع من "جماعة الامنية" عندما يستعمل موبايله الخاص، فما كان من "مصطفى" الا ان وافقه بادب جم.

وفي جانب اخر تطرق الى بعض سلبيات الوضع الامني وتكرر غياب الطلبة بسبب ذلك الوضع مما ادى الى خلل في المسيرة العلمية الجامعية، وقد اشاد بالدور الايجابي الذي يقوم به الاساتذة ودورهم المتميز في ايصال المادة العلمية الى الطلبة بدون اي توانٍ او كسل، فهم يبذلون جهداً في مساعدتنا في الحصول على الكتب و المصادر اللازمة للبحوث.

وفي نهاية الحديث طلب مني غلق جهاز التسجيل كي نتحدث بامور اخرى فيها بعض الحساسية الدينية، سرنا لبعض الوقت وتحدثنا بمواضيع شتى الى ان حان موعد دخولهما للمحاضرة فودعتهما متمنياً لهما سنوات دراسية مريحة اكثر.

اما محطتنا الاخيرة فكانت مع الدكتور "خليل خلف بشير" وقد حدثنا بشفافية ووضوح عن الكثير من الهموم والطموحات والافكار التي من المفترض تطبيقها في الحرم الجامعي للابقاء على المسيرة المعرفية والاخلاقية للجامعة في اطرها الصحيحة ، فكانت لنا وقفة مع المواضيع التالية:

كلية الدراسات اللغوية حاجة ماسة

في قسم التاريخ اجتمع مجموعة من الاساتذة، في زمن الطاغية، واتفقوا على استحداث كلية جديدة - كما هو معمول في بعض الدول العربية من وجود كليات للدراسات التاريخية - سموها كلية صدام للدراسات التاريخية، وخاطبوا فيها الوزارة وتم لهم ذلك، بعد السقوط رفعوا اسم صدام منها، ولها الان نفس امتيازات كلية الاداب مع انها كلية فتية.

اريد هنا ان اناقش الامر من جانبين، الجانب الاول: اذا كان قسم التاريخ له صلاحية تحويله الى كلية مستقلة مع وجود قسم للتاريخ في الاداب، فلماذا لايملك قسم اللغة العربية مثلاً صلاحية تحويلة الى كلية للدراسات اللغوية؟ مع ان اللغة اوسع من التاريخ واعمق، ومع وجود كادر تدريسي مؤهل لخوض هذا التجربة حيث يوجد لدينا ما يربو على السبعين تدريسي، علما ان بعض الاساتذة كالدكتور عبد الحسين مبارك طالب بكلية من هذا القبيل.

الجانب الثاني: ينبغي استحداث قسم للدراسات القرانية في كلية الاداب لان اغلب اطروحات الماجستير والدكتوراه في القران الكريم، مع وجود اساتذة مختصون بالدراسات القرانية وان دعت الحاجة يمكن الاستعانة ببعض الكليات الاخرى ككلية التربية.

الاقسام الداخلية اموال ضائعة

وبخصوص الاقسام الداخلية فهنالك مبالغ مالية كبيرة تصرف على استأجار فنادق لاسكان الطلبة مع عدم توفر خدمات بالمستوى المطلوب مقارنة بما يصرف عليها من اموال هذا رغم ان للجامعة اقسامها الداخلية الخاصة بها في منطقة العباسية في الجزائر، والتي تم الاستيلاء عليها من قبل بعض العوائل وقد سمعنا انه تم اخلائها بعد القرار الحكومي باخلاء المباني الحكومية من قبل المتجاوزين عليها، حيث ننتظر تسليمها الى الجامعة.

قطاعات طلابية معوزة مادياً

وفي محور الهموم الطلابية اعتبر الاستاذ "خليل" ان من الاسف وجود قطاعات طلابية معوزة مادياً، ولايوجد ايما مساعدة لهم بمقدار يتناسب وحاجتهم الفعلية، مع وجود مخصصات مالية للمتعففين منهم، ولكنها تخضع في توزيعها لاعتبارات اخرى، ويتم في بعض الاحيان تقديمها باسلوب مخجل، مما يجعل الطالب المتعفف يفضل الابتعاد عنها.

اهمال قد يكون مقصوداً

ومن المشاكل الاخرى التي تعاني منها كلية الاداب هو اهمال قسم المكتبات والفلسفة وهما قسمان مهمان في بقية الجامعات والسبب في ذلك هو عزوف الطلبة عن الالتحاق بهما لصعوبة الحصول على تعيين بعد التخرج منهما فعلى المسؤلين فتح ابواب التعيين لهم اسوة بغيرهم من زملائهم في باقي الاقسام.

كما ان الدراسات العليا في قسم المكتبات معطلة وحجتهم في ذلك عدم وجود كادر تدريسي مؤهل للاشراف على تلك الدراسات. الا انهم لديهم ثلاث اساتذة مؤهلون للتدريس، مع امكانية الاستعانة ببعض اساتذة قسم اللغة العربية سيما ان رئيس قسم المكتبات كانت الدكتورة "عواطف" وهي احد اساتذة قسم اللغة العربية حيث كانت الاستاذة المذكورة تطالب بهذه القضية، فالمماطلة والتسويف سمة بارزة عند بعض المسؤلين فمثلاً والشيء بالشيء يذكر كان المفروض ان توزع علينا قطع اراضي وفيها كتاب رسمي من الوزارة، الا ان هذا الكتاب ضاع بين تسويف الرئاسة وومماطلة البلدية .

الغزو الثقافي

ومن اخطر ما تواجهه الجامعة ومنها كلية الاداب كما يذكر الاستاذ "خليل" الهجمة الشرسة من قبل امريكا وحلفاءها وما ذاك الغزو العسكري الا تمهيداً لهذا الغزو الثقافي، فهو لم يات لاجل النفط والثروات فحسب بل جاء لمسخ الهوية الاسلامية للمجتمع العراقي والعربي والاسلامي، فهم قد قرأوا التاريخ ومحصوا فيه فوجدوا ان مهدياً اخر الزمان يخرج من هذه الارض، وان دولته ستقضي على دولتهم فجأوا ليقضوا على قاعدته الشعبية فهم يريدون ان يبعدونا عن القران ونهج البلاغة والصحيفة السجادية ويشغلونا باشياء تافهة فارغة.

واضاف الاستاذ خليل، لاشك ان طلاب الجامعة هم محط انظار هذا الغزو الثقافي، فعلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ان تحافظ على المسار الاخلاقي والثقافي للطلبة بوضع قوانين صارمة وواضحة بهذا الشان ومن الجدير بالذكر ان كتاباً من الوزارة ياتينا كل سنة يذكرنا بوجوب مراعاة الحشمة والوقار والابتعاد عن الابتذال، ولكنها تبقى مجرد قوانين نظرية مهملة بين اللامبالاة والتعود على الوضع القائم، فيجب على عمادة الكليات ورؤساء الاقسام تفعيل هذه القوانين بما يخدم المسيرة العلمية والاخلاقية لطلبتنا الاعزاء، وعلى الاساتذة ان يؤدوا رسالتهم في توجيه وتعميق الوعي الثقافي لدى الطلبة، وليكونوا في مستوى المسؤلية ويطرحون مايطرحونه لهذا الجيل الذي تربى على افكار ومفاهيم خاطئة.

كما اقترح ان تُستحدث وظيفة ارشادية توعوية هدفها القاء المحاضرات الاخلاقية كحصة دراسية مقررة رسمياً من قبل الوزارة لنتخلص من الاشكالات والضجة التي تفتعل حول بعض الاساتذة بسبب القاء بعض المحاضرات الاخلاقية، كما حدث مع اكثر من استاذ كانت له تجربة في هذا المجال، ولابد من تنوع اساليب الارشاد والموعظة بما يتناسب مع وعي وعاطفة ومشاعر المجتمع الطلابي، والابتعاد عن العنف في فرض الثقافة الاسلامية على المجتمع لانها ثقافة اصيلة لاتحتاج الى فرض خارجي فهي تملك مقومات نجاحها وانتشارها.

التدخلات الحزبية

ولاننفي وجود تدخل حزبي في الجامعة، لكنها تبقى تدخلات قليلة نسبياً بسبب حرص رئاسة الجامعة وعمداء الكليات على ابعاد الحرم الجامعي عن التسييس، وتمثل التدخل بامرين:

الاول: التعيين حيث حرص كل حزب على تعيين كوادره واعضاءه داخل الجامعة وفي اماكن متعددة.

والثاني: تمثل في بعض القيود والضغوطات على بعض مظاهر التحرر الاخلاقي.

وبعد هذه الجولة المكوكية في ارجاء كلية الاداب بهمومها وطموحاتها ومشاغلها وهي كثيرة جدا تتجاوز ماذكرناه حيث اقتصرنا على بعضها فحسب، نتسائل اين هي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من كلية الاداب في جامعة البصرة الا تستحق منها التفاتة ولو بسيطة، هذا مانرغب ان تجيب عليه الوزارة الموقرة، ولكن باجابة عملية رجاءاً.       

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء  27 أيار/2008 - 20/جماد الاول/1429