اتفاق لبنان وتفسيرات متباينة حول الغالب والمغلوب

شبكة النبأ: نجح اتفاق بوساطة قطرية لنزع فتيل الازمة اللبنانية في تجنب حرب أهلية كما سيهديء التوتر الى أن يحين موعد اجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، لكنه يترك الانقسامات العميقة بالبلاد دون حل.

ويلبي الاتفاق الذي وقعه الزعماء اللبنانيون بعد ستة أيام من المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة طلب المعارضة التي يقودها حزب الله بالحصول على حق النقض في مجلس الوزراء، ويحل خلافا بشأن قانون الانتخابات، كما يمكّن البرلمان من انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للبلاد يوم الاحد.

وقال سامي بارودي المتخصص في العلوم السياسية بالجامعة الامريكية اللبنانية " كانت هناك مجازفة كبيرة بأن تشتعل البلاد وقد تم تجنب هذا."وأضاف "هذا يحقق استقرار الامور ويعطي الجميع استراحة لاعادة النظر في مواقفهم والانخراط في الحوار."

الازمة اللبنانية المستمرة منذ 18 شهرا تحولت الى العنف هذا الشهر حين قام حزب الله وحلفاؤه الذين أغضبهم قراران اتخذتهما الحكومة بعمليات عسكرية مفاجئة داخل وحول بيروت دحرت السنة والدروز الشريكين في الحكومة.

وأجبرت الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب والتي لحقت بها الاهانة على الاذعان لاصرار المعارضة على حصة كبيرة بما يكفي من مقاعد مجلس الوزراء لتملك حق النقض (الفيتو) على القرارات التي لا تعجبها.

وقالت امل سعد غريب الخبيرة في شؤون حزب الله "ليس حلا لائقا بأي حال من الاحوال ولا يعالج الاسباب الجذرية او الشكاوى التي قادت الى هذه الازمة في المقام الاول."وأضافت "الاتفاق هو نتاج الاشتباكات المسلحة والتي أمالت كفة التوازن السياسي لصالح المعارضة."بحسب رويترز.

ويستطيع لبنان الان تنفس الصعداء لان الاتفاق ينهي الجمود الذي تركه دون رئيس منذ نوفمبر تشرين الثاني ودون برلمان عامل وبلا حكومة تعترف جميع الاطراف بشرعيتها.

وقال المعلق رامي خوري الذي يتخذ من بيروت مقرا له "هذا يسمح بتفعيل اليات الحكم مجددا وهو أمر بالغ الاهمية للاقتصاد ولسلامة الناس ومشاعرهم النفسية... لكنهم كانوا يستطيعون فعل هذا قبل عام."

وتكهن بأن يسود الهدوء النسبي لعام او عامين لكنه حذر من أن القضايا المتفجرة ما زالت قائمة مثل سلاح حزب الله وحاجة لبنان الى الخروج من الخصومات التي تضع ايران وسوريا في مواجهة الولايات المتحدة والسعودية.

وبموجب اتفاق قطر يدعو الرئيس الجديد الى حوار بشأن ترسانة حزب الله ووضع الحزب القوي المثير للجدل داخل الدولة اللبنانية لكن غريب تقول انها تشك في أن ينجح هذا حيث فشلت المحادثات السابقة.

اللبنانيون يتنفسون الصعداء

وتنفس اللبنانيون الصعداء واستقبلت شوارع بيروت بترحيب كبير الانباء التي وردت من الدوحة عن توصل الاكثرية والمعارضة الى اتفاق يضع حدا لازمة سياسية غير مسبوقة شهدها لبنان منذ اكثر من ثمانية عشر شهرا.

في احياء العاصمة اللبنانية، كانت انظار اصحاب المقاهي والمتاجر شاخصة الى التلفزيونات لمتابعة وقائع الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار اللبناني في الدوحة والتي اعلن خلالها الاتفاق بين الافرقاء المتنازعين. اما السائقون في سياراتهم فكانوا يستمعون الى كلمات المسؤولين اللبنانيين التي نقلت مباشرة من العاصمة القطرية.

واخذ المارة يتبادلون كلمة مبروك احتفاء بالاتفاق الذي اعاد رسم الابتسامة على وجوه اللبنانيين.

وقال ابو فادي الذي يبيع اوراق اللوتو في شارع الحمراء لوكالة فرانس برس، منذ اعلان الاتفاق ازدادت المبيعات، علما ان احدا لم يشتر ورقة واحدة خلال اليومين الاخيرين. اليوم، يعتقد الناس ان الاتفاق سيجلب لهم الحظ. بحسب فرانس برس.

في متجرها لبيع ملابس البحر، لم تخف جوزيان نكد فرحتها وعلقت، انا متفائلة جدا لاننا سنتمكن اخيرا من متابعة حياتنا في شكل طبيعي. بالكاد بعت بعض الاشياء هذا الموسم لان الناس كانوا محتارين، هل سيمضون الصيف على البحر ام تحت القنابل؟. واضافت آمل ان يكون ما حصل في الدوحة اتفاقا دائما وليس مجرد هدنة.

وامام محل لبيع المأكولات السريعة كان الزبائن يتزاحمون على شراء العصير والسندويشات.

وقال محمد مرزوق رافعا كوبه من العصير، في صحة السلام ولبنان. ثم بادر الى دعوة مجموعة من العابرين الى تناول فنجان قهوة. وعلق مالك المحل هذه المشروبات على حسابنا، لن نتفق كل يوم.

لكن بعض اللبنانيين لا يزال حذرا وفضل عدم الافراط في التفاؤل. وقال ايلي (85 عاما)، لقد شهدت امورا كثيرة. الوضع يهدأ لفترة ثم تتجدد النزاعات. ربما اكون محظوظا واموت في زمن السلام.

وفي وسط بيروت حيث بدأ مناصرو المعارضة رفع اعتصامهم الذي بدأ في ديسمبر 2006 للمطالبة باسقاط الحكومة، تسمر العديد من المواطنين على جسر قريب او على شرفاتهم لمشاهدة الحدث المنتظر. وقالت لبنانية تقطن في بلجيكا وطلبت عدم ذكر اسمها، جئنا لمشاهدة بلدنا. يبدو انه يعود الى الحياة.

من جهتهم، انهمك موظفو المطاعم التي كانت مغلقة في تنظيف زجاج ابوابها ونوافذها. وقال احدهم، اغلق المطعم منذ 18 شهرا وسنعاود فتحه هذا المساء. وعلق الياس راشد الخمسيني، اخيرا جاء الامل. يبدو ان قادتنا فتحوا اعينهم وشعروا بالمسؤولية حيال شعبهم.

في «عيد المقاومة» تفسيران متباينان

وفي الذكرى الثامنة لانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان، اعتبرت الاكثرية ان اتفاق الدوحة فتح الباب امام بحث قضية سلاح حزب الله تمهيدا لمعالجتها نهائيا، في حين اكدت المعارضة ان الاتفاق حظر اللجوء الى هذا السلاح في الداخل فقط وشرع استخدامه ضد اسرائيل. بحسب فرانس برس.

ويحتفل لبنان بـ عيد المقاومة والتحرير، اي الذكرى الثامنة لانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في 25 مايو 2000 ويلقي الامين العام لحزب الله حسن نصرالله كلمة في هذه المناسبة.

وقال النائب السابق فارس سعيد لوكالة فرانس برس، من المؤسف ان يكون الانجاز الذي تحقق بجهود المقاومين في مايو 2000 قد ذهب سدى بعد اعوام حين وجه حزب الله سلاحه الى الداخل.

واعتبر سعيد الذي ينتمي الى الغالبية المناهضة لسوريا ان قيادة حزب الله فرطت بهذا الانجاز، وما نتذكره اليوم ليس انجازها في قرى الجنوب بل ما قامت به في شوارع بيروت.

وانسحب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في 25 مايو 2000 تحت وطأة العمليات العسكرية الكثيفة التي نفذها مقاتلو التنظيم الشيعي.

من جهته، ميز النائب المعارض فريد الخازن بين عنوانين: استخدام سلاح حزب الله في الداخل ووجوب عدم تكرار ذلك، والاستراتيجية الدفاعية للبنان في مواجهة اسرائيل.

واوضح الخازن العضو في كتلة الزعيم المسيحي ميشال عون لفرانس برس ان المواجهات التي وقعت اخيرا هي حدث ظرفي استثنائي. واتفاق الدوحة طرح موضوع السلاح انطلاقا مما حصل ووضع له اطارا حواريا، اما موضوع الاستراتيجية الدفاعية فينبغي ان يناقش في اطار اشمل وفي ظروف مؤاتية غير متوافرة الان.

واضاف الخازن السؤال هو: كيف ينزع سلاح حزب الله وفي اي ظروف؟ اعتقد ان هذه الظروف لم تنضج بعد، ولا يمكن تاليا معالجة ملف السلاح بمجرد قرار من الحكومة.

لكن العميد المتقاعد وهبة قاطيشا اكد لفرانس برس ان اتفاق الدوحة ينص بوضوح على بحث موضوع سلاح حزب الله، والتطور الطبيعي للامور سيوصل الى مرحلة يطرح فيها موضوع الاستراتيجية الدفاعية للبنان، اذ لا يمكن الفصل بين القضيتين.

واضاف قاطيشا القريب من الغالبية، لا اشك ان حزب الله سيرفض هذا الامر، لكن الاتفاق واضح، كما ان امكان حصول تمايز بين الموقفين الايراني والسوري بعد اعلان بدء المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل ابيب من شأنه ان يضعف موقف الحزب.

وتابع، موضوع السلاح لن يحل طبعا بين ليلة وضحاها، بل سيستغرق وقتا ويواكب التطورات الاقليمية، لكنه سينتهي الى حل جذري شئنا ام ابينا وخصوصا ان اتفاق الدوحة يحظى بمباركة عربية ودولية.

في المقابل، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية امين حطيط انه بعد كل التطورات في لبنان والمنطقة، فان مقاربة موضوع سلاح حزب الله دخلت مرحلة جديدة، عنوانها ان وظيفة هذا السلاح في مواجهة اسرائيل باتت مشروعة من منظار عربي ودولي، مع ضرورة عدم استخدامه في الداخل مهما كانت الظروف.

واضاف حطيط لفرانس برس، في ضوء ذلك، يمكن القول ان سلاح حزب الله في مواجهة اسرائيل اصبح في منأى من اي نقاش. واعتقد ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان في جو تام لجهة الاقرار بحاجة لبنان الى سلاح المقاومة».

في السياق نفسه، اكد المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله الجمعة في ذكرى الانسحاب الاسرائيلي اهمية حفظ المقاومة وحمايتها في اي حركة سياسية او حوارية (...) لان هذه المقاومة اثبتت انها عنصر القوة الحقيقي للبنان.

وفي عيد المقاومة والتحرير، أقام حزب الله مهرجانا شعبيا وسياسيا في بلدة النطبية الجنوبية، على ان يتحدث الامين العام للحزب في احتفال مركزي عصر الاثنين المقبل في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وهذا الظهور هو الاول لنصرالله بعد توقيع اتفاق الدوحة الذي نص ايضا على تأليف حكومة وحدة وطنية وتبني قانون جديد للانتخاب.

أهم بنود الاتفاق

أولا: اتفق الاطراف على أن يدعو رئيس مجلس النواب (نبيه بري) البرلمان اللبناني للانعقاد طبقا للقواعد المتبعة خلال أربع وعشرين ساعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية علما بأن هذا هو الأسلوب الأمثل من الناحية الدستورية لانتخاب الرئيس في هذه الظروف الاستثنائية.

ثانيا: تشكيل حكومة وحدة وطنية من ثلاثين وزيرا توزع على أساس 16 وزيرا للاغلبية، و11 للمعارضة، و3 للرئيس وتتعهد كافة الاطراف بمقتضى هذا الاتفاق بعدم الاستقالة واعاقة عمل الحكومة.

ثالثا: اعتماد القضاء لبنان دائرة انتخابية طبقا لقانون 1960 بحيث يبقى قضائي مرجعيون ـ حاصبيا دائرة انتخابية واحدة وكذلك بعلبكـالهرمل والبقاع الغربى ـراشيه وفيما يتعلق ببيروت يتم تقسيمها على الوجه التالى:أولا: الدائرة الاولى: الاشرفية ـ الرميلة الصيفى، الدائرة الثانية: الباشورة المدور المرفأ، الدائرة الثالثة: ميناء الحسن ـ عين المريسة ـالمزرعة ـ المسيبة ـرأس بيروت ـ زقاق البراد. الموافقة على احالة بنود الاصلاحات الواردة فى اقتراح هذا القانون المحال الى المجلس النيابي والذي أعدته اللجنة الوطنية لاعداد قانون الانتخابات برئاسة الوزير فؤاد بطرس لمناقشته وفقا للاصول المتبعة.

رابعا: وتنفيذا لنص اتفاق بيروت المشار اليه وبصفة خاصة ماجاء فى الفقرتين 4 5، واللتين نصتا على:

1 - تعهد الاطراف بالامتناع عن أو العودة الى استخدام السلاح أو العنف بهدف تحقيق مكاسب سياسية.

2- اطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وعلاقتها مع مختلف التنظيمات على الساحة اللبنانية بما يضمن أمن الدولة والمواطنين، وبذلك تم اطلاق الحوار في الدوحة حول تعزيز سلطات الدولة طبقا للفقرة الخامسة من اتفاق بيروت وتم الاتفاق على ما يلي:

حظر اللجوء الى استخدام السلاح أو العنف أو الاحتكام اليها فيما يطرأ من خلافات أيا كانت هذه الخلافات وتحت أي ظرف كان بما يضمن عدم الخروج على عقد الشراكة الوطنية القائم على تصميم اللبنانيين على العيش معا في اطار نظام ديموقراطي، وحصر السلطة الامنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكل ضمان استمرار صياغة العيش المشترك والسلم الاهلي للبنانيين كافة وتتعهد الاطراف بذلك.

تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كافة المناطق اللبنانية بحيث لا تكون هناك مناطق يلوذ اليها الفارون من وجه العدالة احتراما لسيادة القانون وتقديم كل من يرتكب جرائم أو مخالفات للقضاء اللبناني ويتم استئناف هذا الحوار برئاسة رئيس الجمهورية فور انتخابه وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وبمشاركة الجامعة العربية وبما يعزز الثقة بين اللبنانيين اعادة تأكيد التزام القيادات السياسية اللبنانية بوقف استخدام لغة التخوين او التحريض السياسى او المذهبى على الفور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  26 أيار/2008 - 19/جماد الاول/1429