سكّان الاهوار.. مكابدة مستمرة من اجل الماء والغذاء

شبكة النبأ: رغم انهم احسّوا بشعور التغيير بعد عام 2003 إلا ان سكان الأهوار في جنوب العراق مازالوا يعيشون حياة شاقة بسبب الترحال وقلة الدخل. حيث أن مصدر رزقهم الوحيد هو تربية الجاموس والقليل من الابقار والطيور والأسماك. وساهم تطور معامل الألبان بالتقليل من إقبال الناس على منتجاتهم من الحليب ومشتقاته.

وتتطلب تربية الجاموس العيش قرب الأنهار والمستنقعات المائية الأمر ألذي يجبرهم دائماً على التنقل من أجل الماء والغذاء.

يقول كاظم علي، 54 سنة، "نعيش حيثما توفرت أسباب الحياة لحيواناتنا، وهكذا نتنقل بإستمرار بشكل دائم أو مؤقت، إلا من يجد مكاناً مناسباً على جانب دجلة أوالفرات عندها لن يكون بحاجة إلى الرحيل".

غير أن السكن على ضفاف النهرين ليس بالامر السهل. يقول كاظم علي "مثل هذه المناطق تكون زراعية في الغالب والفلاحون يعتبرون وجود حيواناتنا مضراً بمزروعاتهم فيمنعوننا من السكن".

ويضيف "حتى الدوائر الحكومية تمنعنا أحيانا لأن دخول حيواناتنا وخروجها، من وإلى النهر، يؤدي إلى هدم أكتافه فتزداد خطورة النهر في مواسم الفيضان".

ولأن سكان الأهوار في حالة تنقل دائم فان مساكنهم بسيطة وسهلة النقل وتبنى، في الغالب، من القصب ألذي يمكن الحصول عليه بسهولة و بلا ثمن. بحسب تقرير نيوزماتيك.

يقول عابر صيهود، 48 سنة، "نبني مساكننا بانفسنا بالإستفادة من القصب الموجود في الأهوار والمستنقعات وهي مهمة قد تبدو صعبة لغيرنا لكنها سهلة بالنسبة لنا".

ويضيف أن "قطع القصب له فائدة اخرى، فالقصبة بعد قطعها تنمو من جديد، والبراعم الجديدة علف ممتاز للجاموس بدل أن نشتريه من الأسواق".

وأحيانا يلجأ السكان إلى إحراق القصب اليابس من أجل نمو البراعم الجديدة. كما أن منازلهم شبه خالية من الأثاث باستثناء بعض الملابس البسيطة والأفرشة سهلة الحمل والأواني اللازمة لطهي الطعام . وأغلب وجباتهم الغذائية تتكون من الخبز والرز ومشتقات الحليب والألبان. وقد نشأت رابطة حب مميزة بين السكان وجواميسهم لدرجة انهم يحزنون كثيراً لهلاكها، والبعض قد يلبس السواد لعدة أيام حداداً على جاموسة أو بقرة نافقة. أما ودخول الجاموسة إلى البيت فهو أمر هين حتى لو كان في البيت أطفال صغار.

يقول صيهود لـ نيوزماتيك "لانخاف على صغارنا من الحيوان فهو أليف و لا يمكن أن يسحق الطفل حتى لو كان نائماً". وهذا الإعتقاد يبدو راسخاً لدى الجميع.

يقول جبار ثجيل، 64 سنة، "كثيراً ما تصاب حيواناتنا بأمراض مهلكة والكثير منا يفضل تركها حتى تموت ثم يدفنها"، مضيفا "لا نقوى على ذبحها والإستفادة من لحومها. إن دفنها ميته أهون علينا من أكل لحومها".

ويعيش سكان الاهوار على بيع ما تنتجه حيواناتهم من حليب يباع مباشرة إلى معامل الألبان أو إلى المواطنين في الأسواق القريبة. يقول صيهود "بالرغم من فارق الأسعار لكننا نفضل بيع الحليب إلى معامل الألبان ففي السابق كنا نصنعه في بيوتنا، أما الآن فالحال تغير".

ويعترف صيهود أن "كثرة منتجات الألبان في الأسواق من معامل حديثة قللت من إقبال الناس على منتجاتنا عكس ما كان عليه الحال في السابق".

ولأنهم يعيشون داخل الأهوار أو على أطراف المدن، فغالبا ما تكون مناطقهم بلا كهرباء أو ماء الشرب، لذا يعتمدون على مياه النهر.

أغلب الأعمال، ماعدا الشاقة منها، تنجزها المرأة في هذا المجتمع الصعب والقاسي. حتى بيع الحليب ومنتجاته في الاسواق من مسؤولياتها. كما إنها تعامل هناك بخشونة.

أبرز مميزات مجتمع الأهوار زواج "كصة بكصة"، أي يزوج أحدهم أخته أو ابنته للآخر مقابل الزواج من إخته أو إبنته. ونادراً ما يتم الزواج لديهم بالمهر المتعارف عليه. وأي مشكلة في إحدى العائلتين تنعكس، مباشرة، على العائلة المقابلة. وطلاق إحدى الزوجتين يعني طلاق الأخرى بالتأكيد.

وسكان الاهوار في الغالب بعيدين عن قوانين الدولة ولهم قوانينهم الخاصة وغالباً ماتكون علاقتهم مع الدولة وقوانينها كالخدمة الالزامية في الجيش غير ودية.

يقول جبار ثجيل "عملنا شاق ويحتاج إلى الرجال لذلك لا نفضل إرسال أبنائنا إلى الجيش".

ولطالما كانت الأهوار ملجأ للمعارضين والهاربين من الخدمة العسكرية او الأجهزة الامنية. وقد كلف ايواء المعارضين سكان الأهوار الكثير، إذ قام الرئيس السابق صدام حسين بتجفيف مياه الأهوار للقضاء على المقاومة المسلحة فيها وألتي إزدادت إتساعا بعد الإنتفاضة الشعبية في شعبان عام 1991 عقب حرب تحرير الكويت ما تسبب في هجرة جماعية لهم داخل وخارج البلاد، وأدى ذلك إلى تشريدهم وهلاك العدد الأكبر من حيواناتهم إلى جانب الطيور والأسماك.

سكان الأهوار مقاتلون أشداء، يجيدون إستخدام السلاح بمهارة. وغالباً ما يكون السلاح هو الحكم بينهم، حتى لو كانت المشكلة صغيرة بنظر الآخرين.

ينتسب سكان الأهوار إلى العشائر العراقية لكنهم لا يجيدون العيش على اليابسة كبقية أبناء العشيرة وهم يسمون عادة "المعدان" تمييزاً لهم عن بقية العشيرة ألتي تستوطن اليابسة ويسمون "الحضر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  25 أيار/2008 - 18/جماد الاول/1429