من يبني الروضة العسكرية؟!

محمد علي جواد

كان من شبه المستحيل وصول زائر إلى الروضة العسكرية في سامراء للوقوف أمام الضريح المهدم للإمامين المظلومين الهادي والعسكري ـ عليهما السلام ـ وأداء واجب التحية والسلام وتجديد البيعة والولاء لهما.. وقد وصل الزائرون مخترقين جدار الصمت والخوف الوهمي والمختلف، لكن قد ظهر سؤال جديد هذه المرة هو من يبني الروضة العسكرية؟.. الحكومة أم الاوقاف أم المرجعية الدينية أم جهات اجنبية مثل اليونسكو أم شركات بناء عالمية أم....؟ أم جميعهم؟!

انها اسئلة تذكرنا بإسئلة الامتحانات التي توضع بين يدي تلاميذ المدرسة ليضع علامة (صحّ) على الخيارات الصائبة.. نحن أمام استحقاق تاريخي وحضاري ذي ابعاد واسعة، فالروضة التي يجري الكلام حول بنائها هي بالحقيقة أرض مملوكة للإمام الهادي ـ عليه السلام ـ، اشتراها قبل استشهاده لتكون سكناً له ثم كان فيه مثواه الاخير وجاوره ابنه الحسن العسكري بعد استشهاده ـ عليه السلام ـ..

هذه الدار في حياة الامامين كانت محط رحال المؤمنين من شيعة آل محمد ومعينهم في العلم والاخلاق والدين رغم كل الضغوط ومحاولات الحصار والتحجيم التي سعى لها الحكام العباسيون آنذاك لإبعاد الإمامين عن الشيعة.

ويبدو ان الروضة العسكرية المطهرة تتميز عن بقية المراقد المطهرة في العالم الاسلامي، إذ ان جميعها كانت في بدايته في حدود القبر الطاهر، ماعدا قبر الرسول الاكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ والذي كان منذ البداية ضمن حدود المسجد النبوي الشريف.. فكيف ياترى بُنيت تلك المراقد وشُيدت عليها القباب وأُفردت لها الاراضي لتتشكل بذلك الروضات الروحانية التي نشهدها اليوم في العراق وايران وسوريا وأيضاً في قبور البقيع. 

كانت الأيدي المخلصة والنوايا السليمة والإيمان المحض بالله وبولاية أهل ـ البيت عليهم السلام ـ ونبذ كل الولاءات الاخرى، وإذا قيل ان معظم المراقد المقدسة شُيدت بتمويل واشراف من حكام البلاد الاسلامية، فإنهم بالحقيقة انما كانوا يتقربون إلى الناس من خلال بناء هذه المراقد، للعلاقة الوطيدة التي كانوا يراقبونها بكثير من الخشية والحذر والقائمة بين المؤمنين الشيعة وأئمتهم، وهي العلاقة التي لم يحظ بها احد من الحكام آنذاك رغم ميولهم وتعاطفهم مع الشيعة..

فإذا اردنا مصداقية للمقولة الشائعة منذ عامين بأن هدم الروضة العسكرية جرح المشاعر الدينية للشيعة والمسلمين في العالم، لابد ان ندعو المصابين في العالم بأن يدلو كل بدلوه سواءٌ بيده او بماله أو بلسانه.. آنئذٍ يعاد للروضة العسكرية بهاؤها وحيويتها كما هي بقية المراقد المطهرة وأكثر، لن يكون باستطاعة شخص أو جهة التحكم فيه ووضعه في أطر سياسية او اقتصادية او.... غيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21 أيار/2008 - 14/جماد الاول/1429