
شبكة النبأ: يفصل طريق رئيسي التجمع السنّي الموالي للحريري عن
المنطقة الشيعية في بيروت. ويتولى الجيش الذي انتشر في مختلف انحاء
العاصمة اللبنانية، بعدما غادر مقاتلو حزب الله الشوارع، مهمة
الفصل بينهما. حيث وضع الصراع المسلح في لبنان بين الشيعة من جهة
والسنة والدروز من جهة أخرى وحدة الجيش اللبناني موضع اختبار مهددا
بانقسام مؤسسة ينظر اليها على انها حاجز يقي البلاد من السقوط في
أتون حرب أهلية جديدة.
ومن جهة اخرى فان استخدام السلاح خاصة المتوسط والثقيل بين
الأخوة في المواجهات الاخيرة قد نكأ جرحاً طائفيا كان في طريقه
للإندمال، كما انه فتح الباب امام تحليلات واحتمالات مثيرة ليس
أقلها التشكيك في قدرة اللبنانيين على صنع قاعدة تفاهمات وطنية
بعيدا عن التدخلات الخارجية، وإقامة حكومة وحدة وطنية تراعي حقوق
الاقليات والمعارضة وتستطيع بسط هيبتها وسلطتها في جميع انحاء
لبنان.. لا أن تكون حكومة حسب الطلب الخارجي او عاجزة عن اقالة
موظف عادي من وظيفته او رفع كاميرات مراقبة او كابل هاتفي..
بين فرضية السيطرة على لبنان وفتح جرح عميق مع السنّة
ورأى محللون ان العملية التي قام بها حزب الله اخيرا لا تمهد
لعمل اكبر هدفه السيطرة على لبنان لكنها فتحت جرحا عميقا مع
الطائفة السنية، محذرين من ظهور تيارات اصولية اذا لم يتم بلوغ
تسوية سياسية عاجلة.
وقال ابراهيم بيرم المحلل السياسي في صحيفة النهار القريبة من
الاكثرية ان ما قام به حزب الله في بيروت والمناطق كان ردا على
القرارين الحكوميين اللذين اعتبرهما محاصرة لسلاحه وملاحقة لقيادته
لجعله في موقع العاصي على القانون.
واضاف بيرم لوكالة فرانس برس انه اراد بذلك قطع الطريق على كل
المحاولات المقبلة لنزع هذا السلاح، بمعنى انه وجه رسالة وقائية
للفترة المقبلة.
وقال بيرم من المجحف القول ان هذه العملية تمهد لخطوة عسكرية
اكبر، موضحا ان حزب الله يعرف ان امساكه بالسلطة سيشغله عن همه
الاساسي اي مقاومة اسرائيل، من هنا مطالبته بالمشاركة في الحكم
لانه يعتبر انها ضمانته وحصانته. واكد ان قرار الحزب الثابت (هو)
ان يسالم ويصانع في السياسة وان ينتفض عندما يشعر بان سلاحه في خطر.
بدورها، رأت الباحثة امل سعد غريب ان الفرضيات حول نية الحزب
الاستيلاء على السلطة بعد ما قام به في بيروت تفتقر الى حد ادنى من
المنطق، موضحة انه لو اراد الحزب الاطاحة بالحكومة لفعلها حين
اعتصم في وسط بيروت وخصوصا ان بعض حلفائه طالبوا باقتحام السرايا
الحكومية.
واكدت غريب لفرانس برس ان الهدف الاساسي لما قام به الحزب هو
حماية السلاح ثم ترجمة هذا المكسب العسكري مشاركة في الحكم.
لكن رئيس تحرير صحيفة الانوار رفيق خوري اعتبر ان حزب الله
ارتكب خطيئة كبرى رغم ما عرف عنه من حسن الادراك والتخطيط والتحليل
ولم يكن على حق في استخدام السلاح، معتبرا ان الوصول الى الصدام
العسكري فتح جرحا عميقا وادخل الصراع المذهبي مع السنة في مرحلة
جديدة.
واضاف ان الطرف الاخر شعر بانه مهزوم واذا لم يتم التوصل الى
تسوية سياسية قريبة فستولد مكان القيادة السنية المعتدلة ميليشيات
عدة وسيخلو المسرح للاوساط الاصولية.
ورأى خوري ان ما حصل في بيروت لم يكن رد فعل اذ كان يمكن ان
يتخذ شكلا اخر وخصوصا ان الحزب يدرك ان الحكومة لن تستطيع تنفيذ
تلك القرارات فضلا على اعتباره انها غير شرعية منذ استقال منها ستة
وزراء يمثل خمسة منهم الطائفة الشيعية في نوفمبر 2006.
ولاحظت غريب ان حزب الله لا يمكن ان يقوم بعمل يؤدي الى فتنة
شيعية سنية ولا يستطيع حتى قطع علاقته بتيار المستقبل الذي يتزعمه
النائب السني سعد الحريري بدليل انه سارع الى تسليم الجيش المناطق
التي سيطر عليها. وقالت ان الحزب حرص على جعل عمليته محدودة في
الزمان والمكان لتفادي تداعياتها في الشارع السني.
الاقتتال ينكأ "جراحا جديدة" في جبل
لبنان
يقوم جنود يرتدون عتادهم القتالي بدوريات حراسة في القرى المطلة
على بيروت لكن استعراض القوة من جانب الدولة لا يقنع السكان
المنقسمين طائفيا بأن السلام في جبل لبنان سيستمر.
وقال وسيم تيماني وهو بقال في بلدة عاليه التي يقطنها اغلبية من
الدروز "لن ينسى الدروز ان حزب الله رفع سلاحه في وجوههم."
وقالت منيرة غاوي "يحسن بالسيد حسن نصر الله أن يتذكر أن الدروز
حاربوا أيضا الاسرائيليين. انه لا يحتكر المقاومة."
وصعدت غاوي مع زوجها الى الجبل قادمة من بيروت التي أصابتها
حواجز الطرق بشلل شبه كامل. وكانت منيرة ككثيرين غيرها تطمئن على
حال أقارب عرضة لخطر فتح جراح طائفية جديدة.
وتشق شوارع ضيقة طرقا عبر الغابات وعلى جوانبها بيوت قديمة
ومبان ايلة للسقوط تعرضت للقصف أثناء الحرب الاهلية بين 1975 و1990
التي شهدت اراقة دماء طائفية يخشى البعض من أنها قد تعود للبنان
بعد أسبوع من الاقتتال بين حزب الله ومسلحين مؤيدين للحكومة.
وأفسد ما حدث العلاقات بين الدروز وسكان قريتين شيعيتين في
الجبل ترجع اصولهم الى الجنوب. ومعظم سكان الحزام الاستراتيجي في
الجبل المطل على بيروت ومطارها من الدروز والمسيحيين.
وقال فضل الله أبو شقرا وهو مقاتل سابق من الدروز سجن في معسكر
اعتقال اسرائيلي أثناء احتلال الدولة اليهودية لجنوب لبنان في
الثمانينات "وفرنا الحماية للشيعة لعقود وبمجرد أن هاجمنا نصر الله
انحازوا له."
وقال ان نصر الله أعاد الدروز الذين خطفهم حزب الله وانسحب
مقاتلوه الى الساحل أسفل الجبل لكنه لم يكن متفائلا بأن الهدنة
التي يفرضها الجيش ستصمد. وأضاف "دوريات (الجيش) التي تراها
للاستعراض."
وعلقت في قرية كيفون القريبة ملصقات لنصر الله والامام موسى
الصدر وهو رجل دين شيعي يحظى بمكانة كبيرة اختفى اثناء زيارة
لليبيا في أواخر السبعينات فيما جلس رجال كبار في السن يدخنون
النرجيله ويتحدثون في السياسة.
الحريري: لا استسلام لحزب الله في لبنان
وتعهد الزعيم اللبناني السني سعد الحريري بألا يكون هناك
استسلام سياسي لما وصفه بمحاولة جماعة حزب الله ومؤيديها السوريين
والايرانيين لفرض ارادتهم على البلاد بالقوة.
وتغلب حزب الله الشيعي المدعوم من ايران وسوريا وحلفاؤه في
المعارضة على انصار التحالف الحاكم بقيادة السنة في العاصمة بيروت
والتلال شرقي العاصمة في اقتتال دفع البلاد الى شفا حرب اهلية
جديدة.
وقال الحريري في مؤتمر صحفي إن حزب الله يطلب ببساطة استسلام
الائتلاف الحكومي ويريد ان ترفع بيروت الرايات البيضاء. واضاف ان
هذا مستحيل. بحسب رويترز.
وتابع "لن يتمكنوا من الحصول على توقيع سعد الحريري او وليد
جنبلاط او أي من قيادات 14 اذار (مارس) على صك الاستسلام للنظام
السوري والايراني."
وقال سعد نجل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحرير الذي
اغتيل عام 2005 ان القرارين اللذين باتا غير ساريين لم يكونا
يمثلان تهديدا لحزب الله.
وقال ان هذا لم يكن هجوما على حزب الله مضيفا انه كان قرارا
اتخذته ايران وسوريا لمهاجمة لبنان وانه كان قرارا لوضع لبنان في
ايدي سوريا وايران.
وتساءل بمرارة عن وعد حزب الله بالا يوجه سلاحه سوى الى اسرائيل
قائلا انه عندما توجه نفس الاسلحة التي جاءت من سوريا وايران الى
اللبنانيين فان هذا يعني بداية لما قد يكون حربا اهلية.
واضاف انهم لا يريدون حربا اهلية لان الحرب الاهلية تحتاج الى
طرفين وانهم لن يقودوا اللبنانيين الى حرب اهلية.
السلفيون في طرابلس عازمون على مواجهة
العلويين
من جهة اخرى يؤكد سلفيون في مدينة طرابلس كبرى مدن شمال لبنان
حيث معقل الحركات الاصولية السنية عزمهم مواجهة العلويين المقربين
من سوريا ومن حزب الله الشيعي.
ويقول احدهم رافضا ذكر اسمه لوكالة فرانس برس "ايماننا هو
رايتنا ولا نخاف اسلحتهم". ويضيف الرجل معرفا عن نفسه كعسكري سابق
وخبير في المعارك "انه امر مصيري بيننا وبين (زعيم حزب الله) حسن
نصرالله (...) نحن على اتم الاستعداد لحز رقبة كل من يمس شعرة من
راس اي شخص سني".
ودارت في طرابلس ثاني مدن لبنان (400 الف نسمة) خلال الايام
المنصرمة مواجهات دامية بين سنة مقربين من الحكومة والعلويين
المؤيدين لحزب الله. بحسب فرانس برس.
واستخدمت في المعارك قذائف مضادة للدروع وهاونات واسلحة خفيفة
في الاحياء الشمالية من طرابلس وخصوصا بين باب التبانة معقل السنة
وبعل محسن حيث يسكن العلويون.
ويشكل شارع سوريا خط التماس بين الطرفين وكانت المنطقة قبل
الحرب الاهلية بين العامين 1975 و1990 القلب النابض للمدينة حيث
تعايش السكان من مختلف الملل.
ويقول طارق جودي السني البالغ 56 عاما ان الفرز بات تلقائيا.
فقد سكن العلويون الذين جاؤوا من سوريا قبل وقت مديد في تلة بعل
محسن بينما تجمع السنة في اسفل منحدر التل حيث باب التبانة.
وما تزال الاثار الناجمة عن الحرب الاهلية ماثلة للعيان على
جانبي شارع سوريا بحيث لم تتم اعادة اعمار الابنية المدمرة او تلك
التي اصيب باضرار جسيمة.كما تبدو مخلفات الاشتباكات الاخيرة ظاهرة
بشكل واضح ايضا.
ولم يعمد رائد عثمان (28 عاما) الى ازالة حطام الزجاج من امام
بقالته التي اخترقت الطلقات النارية واجهتها.
ويتعين على عثمان وهو سوري لكن من الطائفة السنية التعايش مع
هذه المعضلة المعقدة. ويقول "لا يثق بي العلويون لانني سني كما لا
يثق بي السنة لانني سوري".
ويرى طارق جودي ان نيران الثار السني ما تزال تحت الرماد بسبب
مجزرة نسبت الى الجيش السوري عام 1986 راح ضحيتها عشرات اشخاص بعد
اغتيال احد الزعماء المحليين السنة المعادي للسوريين هو خليل عكاوي
(ابو عربي).
وبدوره يقول محمد سعيد صاحب اللحية الطويلة والاب لعدة اطفال ان
"الجراح لم تندمل بعد والتوتر على اشده تكفي شرارة واحدة لتندلع
المواجهات مجددا".
ويكشف هذا الميكانيكي عن مخاوف حيال ان يرتكب العلويون اعتداءات
لان "هذا خطر ماثل" كونهم يحتلون تلة استراتيجية تسمح لهم باستهداف
من يريدون بكل سهولة.
الأزمة اللبنانية أدت إلى تهميش
المسيحيين
وفي أحد المحال الراقية للمجوهرات في حي الاشرفية في بيروت
يتسوق مسيحيون لبنانيون اثرياء لشراء الذهب والالماس بعد ان عزلتهم
أزمة همشت طائفتهم التي كانت لها الهيمنة في وقت من الاوقات.
والقتال الذي دار مؤخرا وقتل فيه 81 شخصا شمل حزب الله الشيعي
المعارض ضد الطائفتين السنية والدرزية اللتين تؤيدان الحكومة. لكن
لم تشارك أي طائفة مسيحية كبيرة في القتال أو تقوم بدور في انهاء
العنف.
وقال جورج عون البالغ من العمر 80 عاما ان الازمنة تغيرت وانهم
بعد ان كانت لهم الهيمنة العسكرية أصبحت الان لحزب الله. بحسب
رويترز.
وعلى عكس بقية العالم العربي كان المسيحيون تقليديا اللاعبين
الاساسيين في لبنان. ولانهم يمثلون ثلث تعداد السكان فانهم يفوقون
بكثير نسبة المسيحيين في أي بلد عربي اخر.
لكن المسيحيين أصبحوا منقسمين بشأن الولاء للزعماء المتخاصمين
الامر الذي تركهم مهمشين أثناء أحدث أزمة. وقال خبير العلوم
السياسية اللبناني اسعد أبو خليل ان هذه الطائفة الان لم يعد لها "دور
مهم" على الساحة السياسية اللبنانية.
ويقول السياسيون المسيحيون ان الرئاسة وهي منصب مخصص لهم وفقا
للنظام السياسي الطائفي في لبنان أصبحت شاغرة منذ نوفمبر تشرين
الثاني مما حرمهم من منبر لممارسة النفوذ.
ويأمل اعضاء الطائفة التي مازالت تهيمن على الاعمال والمال في
ان يؤدي ابتعادهم عن العنف أثناء أحدث أزمة الى المحافظة على
المسيحيين في لبنان في المدى البعيد.
وقال سليم مزنر الذي يمتلك متجرا للمجوهرات في حي الاشرفية ان
المسيحيين سينجحون من خلال تبني عدم العنف وان حزب الله كشف نفسه
كقوة مستعدة لقتل أقرانهم اللبنانيين. وتساءل لماذا لا ينتظر اعضاء
حزب الله الانتخابات اذا كانوا يريدون مزيدا من السلطة.
وقال عون الذي فقد 11 من افراد اسرته اثناء هجوم شنه مسلحون
فلسطينيون على بلدة الدامور جنوبي بيروت اثناء الحرب الاهلية التي
استمرت 15 عاما ان أحدث أعمال العنف ستدفع مزيدا من المسيحيين الى
مغادرة لبنان.
وقال عون الذي يمتلك مطعما في الاشرفية انه لو كان أصغر سنا
لهاجر وان حزب الله يتمتع بتفوق عددي بالاضافة الى ان المسيحيين
منقسمون بشدة. لكنه أضاف ان المسيحيين مازال بامكانهم التقدم من
خلال عدم معاداة الشيعة.
أحمدي نجاد: ايران لا تتدخل في شؤون لبنان
ورفض الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد اتهامات بأن بلاده تتدخل
في شؤون لبنان. وكانت السعودية قد حملت ايران في وقت سابق
المسؤولية في تمكن حزب الله من الحاق الهزيمة بالقوات الحكومية
المدعومة من الغرب في لبنان وقالت ان ذلك العنف سيؤثر على علاقات
ايران مع الدول العربية.
وقال أحمدي نجاد في مؤتمر صحفي "ان ايران هي الدولة الوحيدة
التي لا تتدخل في لبنان." |