من ينقذ كربلاء المقدسة لإعادة حصتها المسروقة من الكهرباء

مرتضى توفيق

شبكة النبأ: مشكلة الكهرباء في العراق باتت الشغل الشاغل والهم الاكبر للمواطنين بحيث اصبح كل شيئ مرتبطا بأوقات الحصة المقررة منها، والتي عادة ما تكون قليلة جدا وغير منتظمة جراء التجاوزات على الحصة او الاعطال في الشبكات ومحطات التوليد او...

في محافظة كربلاء صار المواطن يعدها من الأماني التي أصبح تحقيقها أشبه بحلم لايمكن الاقتراب منه في بلد هو الأكثر نفطا ودخلا ومواردا بين البلدان المجاورة له. فالكهرباء في كربلاء تعاني هذه الايام ازمة حقيقية وغير مسبوقة (ساعة كهرباء مقابل اربع او خمس ساعات قطع)، رغم الاوضاع المستتبة فيها، وعلى هذا الاساس قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بهذا التحقيق لمحاولة الوقوف على اسباب الازمة ومعرفة الاجراءات الحكومية للحد منها ونقل تساؤلات وشكاوى المواطنين بهذا الشأن، وارهاصات الحياة دون كهرباء..

المواطنون وتساؤلاتهم

تساءل عدد من المواطنين بتساؤلات مشروعة تبحث عن أجوبة من أصحاب ألقرار حيث قال المواطن قاسم محمد، ان ساعات انقطاع الكهرباء قد ازدادت بشكل كبير جدا  اذ تصل الى 8-9 ساعات مقابل ساعة متذبذبة،  وأضاف بان المواطن لا يستفيد منها أي شيء. ويتساءل مشككا، هل حقا ان الحكومة عاجزة عن توفير الكهرباء؟!

اما المواطن جعفر ياسين المهدل فقال.. كنا  في السابق نسمع بان النظام البائد كان يصدّر الطاقة الكهربائية الى دول الجوار وانا اتساءل أين ذهبت الطاقة الكهربائية التي كانت تعطى الى المنشآت العسكرية كمنشأتي القعقاع وحطين اللتين كانتا تستهلكان نسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية المنتجة؟ ويتابع جعفر.. نحن لانعرف أي الجهات نسألها عن الكهرباء الان؟

فيما قال  المواطن عادل الزاملي لـ شبكة النبأ.. اننا نعيش اليوم في حالة من الغموض اذ لا نعرف مالنا من حصة كهربائية، ومتى تأتي ومتى تنقطع، فالبرمجة التي من الواجب ان تعمل عليها محطات التوزيع ليس لها وجود وكأنّ الكهرباء قد ربطت على اشارة مرورية.. فبمجرد ان تأتي دقائق معدودات حتى تنقطع وبانتظار لا يقل عن ثلث ساعة او أكثر تعاد الكرّة مرة اخرى، وإذا ما أردنا ان نجمع الدقائق التي تأتي فيها الكهرباء فأنها لا تتعدى 45 دقيقة في أحسن الأحوال.

بحسرة وتأوه وألم كبير بدا واضحا على تقاسيم وجهه عبر المواطن ابو ميثاق عن رأيه بجملة  واحدة هي (لشوكت نبقى نحلم بحق من حقوقنا احنه العراقيين؟) ولم يزد عليها شيئا رغم ذلك فقد قرأنا تعابير وجهه الذي تحول الى شاحب عند سؤاله عن الكهرباء بأنها تعابير لا تنم عن أمل في المستقبل وإنما على يأس وحرقة قلب وألم الحسرة التي شعرنا بها من خلال أنفاسه...

الامتحانات وانقطاع الكهرباء

المواطن ابو رنا البصري  يقول ان هذه الأيام هي أيام امتحانات نهاية السنة والطلاب بأمس الحاجة إلى جو ملائم كي يستطيعوا مراجعة دروسهم. ويضيف انا بالنسبة لي اعتمد على المولدة الخاصة والمولدة الموجودة في المنطقة الى حد كبير، و نسيت ما يسمى بـ(الكهرباء الوطنية) ويتابع قائلا لـ شبكة النبأ، ليس الامر يسيرا على رب الأسرة وهو يرى أولاده وعياله يجوبون البيت ويبحثون عن قطعة الثلج في فصل الصيف ليطفئوا  حره اللاهب والذي يقترب يوما بعد أخر او يبحثون عن ضوء مناسب للقراءة للامتحان.

محطات توزيع الكهرباء والمحطة الجنوبية

مجيد كرم مسؤول في محطة توزيع جنوب كربلاء التي توزع الكهرباء الى مركز المدينة وعدد من الأحياء المتاخمة له، قال.. في بداية كل يوم يتصل بنا مسؤول التوزيع في السيطرة الوطنية الذي يرفض ان يعرفنا باسمه ويخبرنا ان حصة كربلاء لهذا اليوم من 80-90 ميكا واط، وبعد نصف ساعة يطلب منا النزول بالحمل الى الطوارئ أي إلى ما يقارب 20 ميكا واط.ونحن نعلم ان حصة كربلاء تتحول الى محافظة بغداد. مشيرا بان الحال عاد كما هو في عهد النظام البائد، خصوصا في عدالة التوزيع، فهناك محافظات تتمتع بحصص ممتازة في حين محافظات اخرى لا تحصل على شيء.

 ويتابع كرم حديثه قائلا لـ شبكة النبأ، إذا لم ننفذ الأمر فأننا سنعاقب، مشيرا الى ان هذه التصرفات تعود بالسلبية على المحافظة موضحا بان كربلاء هي الأقل حصة بين جميع المحافظات الأخرى!!!؟ وان الحصة التي تزود بها المحافظة لا تكفي لتزويد المواطن بساعة كهرباء واحدة مقابل 5 ساعات قطع!؟ وحتى هذه الساعة الواحدة فأنها لا تصل كاملة اذ يحصل فيها ما بقارب 5 انقطاعات، مدة كل واحد منها ثلث ساعة تقريبا، وإذا ما أردنا ان نحسب الكهرباء الحقيقية التي تعطى فأنها تصل الى أجزاء من الساعة.

 ويبين كرم ان مدير توزيع كهرباء كربلاء لا يقدم أي دعم الى كادر المحطة، حتى انه لم يزورنا منذ ان تسلم منصب المدير الى يومنا هذا!!! وحتى اذا أردنا المطالبة بحصة كهرباء كربلاء فانه يقف الى جانب مسؤول السيطرة الوطنية اضافة الى ان المسؤولين الآخرين في المحافظة لا يزوروننا أيضا!!؟.

 ويذكر كرم ان كربلاء لديها 4 خطوط تغذية رئيسية وقد أوقفت منها 3 خطوط منذ 6 اشهر وبقي الخط الأضعف من بينها وطاقته القصوى 40 ميكا واط، حتى انه لايمكن ان يستلم حصة كربلاء المقررة من هذه المحطة واضاف كرم، في النظام البائد كانت محافظة كربلاء تستثنى من القطع المبرمج في يومي الخميس والجمعة اضافة الى المناسبات الأخرى، وللأسف في الوقت الحاضر حرمت هذه المحافظة المقدسة حتى من هذا الاستثناء!!؟.

نقص الكهرباء المستمر

وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية ما تعانيه كربلاء من نقص في الطاقة الكهربائية يقول كرم، انا احمّل مدير توزيع كهرباء كربلاء المسؤولية بالدرجة الأولى، اذ ليس لديه متابعة مع السيطرة الوطنية، علما ان اهم شيء عنده تنفيذ أوامر السيطرة الوطنية، بغض النظر عن مصلحة كربلاء، اذ لا توجد هناك متابعة او اتصال مع مدير التوزيع.

ويتساءل كرم،  لماذا لا توجد هناك متابعة مع المسؤولين ونحن نلحظ في النجف ان التزويد بالكهرباء يبلغ  2مقابل 2 قطع وفي أصعب الأمر تصل الكهرباء لديهم 2 تزويد مقابل 4 قطع.

 وعن توقعاته لمستوى خدمات الكهرباء في فصل الصيف المقبل يقول كرم، أتوقع اننا سنعيش في ظلام، وأتوقع ان المواطن سيحصل على ساعة في النهار ومثلها في الليل!!!.

المحطة الرئيسية والتوزيع الغير عادل

يقول احد الموظفين العاملين في منظومة الكهرباء الذي التقت معه جريدة ( اعمار كربلاء) والذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب يحتفظ بها لنفسه.. ان محطة كهرباء المسيب تنتج 800 ميكا واط يتم توزيعها من خلال السيطرة  الوطنية في بغداد اذ تستلم العاصمة 380 ميكا واط فيما تستلم محافظة بابل 100 ميكا واط وتستلم ناحية اللطيفية 50 ميكا واط اما محافظة كربلاء فأنها تزود بـ 30 ميكا واط فقط!!؟ ومن ضمنها الطوارئ، وتجدر الإشارة إلى انه عند حصول أي خلل في السيطرة يتم إطفاء كربلاء بالكامل، ولا يفوتنا ان مسؤول السيطرة الوطنية من (سكنة محافظة بغداد). مشيرا الى انه لا يوجد صوت مطالب لمحافظة كربلاء إزاء هذا الظلم الذي يطالها..

موقف الحكومة المحلية

محافظ كربلاء الدكتور عقيل الخزعلي قال..ان هذه القضية نابعة من عدة أسباب، الأول ان كربلاء في مؤخرة شبكة التوزيع الوطنية التي تصل إليها الحصة الكهربائية، ومن ناحية اخرى انها من المحافظات القلائل التي تفتقر الى المحطات التوليدية مما يجعلها تابعة لباقي التوجهات والمزاجات للمحطات التوليدية التي تفتقر في كثير من الأحايين إلى عنصر الموضوعية والعدالة في التوزيع للحصص، بل وجدنا ان النزعة المناطقية هي المتحكمة لدى المشرفين على توزيع الطاقة الكهربائية مما سبب ظلم وحيف كبيرين وقعا على هذه المدينة المقدسة خاصة وان هناك نوعا من المكابرة لدى مسؤولي وزارة الكهرباء للتصدي لمثل هذه الحقائق التي باتت معروفة لدى القاصي والداني..

وعن موقف رئيس الوزارء من مكابرة مسؤولي وزارة الكهرباء عند عرض هذه الحقائق قال الخزعلي، في كل اجتماع مع السيد رئيس الوزراء يكون موضوع الطاقة (الكهربائية والوقود) على جدول أعمال التفاهم والتشاور، ولكن ومع شديد الأسف هذه الاجتماعات تفتقر الى الصفة الإلزامية للمحافظات المولِدة للطاقة والتي تمارس نفوذا وضغوطا على المحطات التوليدية من اجل قضم الحصة الأكبر دون مراعاة وضع المحافظات الأخرى.. وتأسيسا على ذلك تم تشكيل لجنة  برئاسة السيد رئيس الوزراء لمتابعة موضوع الكهرباء والمشتقات النفطية، وحسب علمنا تعقد هذه اللجنة اجتماعات أسبوعية وتتخذ عددا من القرارات الطموحة لكن يبقى الخلل في الآليات التطبيقية، اذ لم نلمس لحد هذه اللحظة ولاسيما في كربلاء نوع من التقدم الايجابي في هذا المضمار.

استعدادت الحكومة المحلية 

فيما يتعلق باستعدادات الحكومة المحلية لتحسين الكهرباء في فصل الصيف الذي دخلناه الان  يقول محافظ كربلاء.. المحرومية المتكررة التي تسبب في توليد حالة من الإحباط لدى المواطن دعت الحكومة المحلية إلى ضرورة أيجاد مجموعة من الإجراءات التي تأخذ على عاتقها التقنين والترشيد العادل للطاقة، لذا قمنا باتخاذ مجموعة من القرارات تصب في النهاية في رفع جزء من الحيف في الطاقة، من خلال قطع خطوط الطوارئ عن جميع الجهات غير المستحقة، سواء كان القطع المطلق او الجزئي واعادة دراسة استثناء خط الطوارئ للمواقع مثل المستشفيات ومحطات رفع المياه الثقيلة (المجاري) ومحطات الضخ (المبازل) للوصول الى التقليل من الاستهلاك قدر الممكن، اضافة الى تفعيل منظومة التوليد المحلي والمقصود بها تحفيز الدوائر والمواقع المهمة على شراء مولدات لتخفيض الضغط الحاصل على استهلاك الطاقة ووضع منظومة عمل تشترك فيها دوائر شؤون المواطنين والنفط والمجالس المحلية لتعزيز دور المولدات الأهلية في توليد الطاقة ضمن المواقع المخصصة.

 وقد نجحت هذه الفكرة الى حد ما اذ اننا نستوعب في محافظتنا أكثر من 854 مولدة ونعطيها حصة داعمة من الوقود (الكاز) من اجل توفير زمن تشغيل يقدر بـ 8 ساعات يوميا والمواطنون مدعوون الى المشاركة في عملية الرقابة، ومن الإجراءات الأخرى قمنا بدعم مشروع تزويد خطوط الطوارئ الى معامل الثلج للحيلولة دون احداث ارتفاع أسعار هذه المادة التي تحتاجها الطبقات الفقيرة والمعدمة، ولاسيما أننا نجحنا في السنتين الماضيتين بدليل إقبال المواطنين وتأييدهم لهذا الأجراء، وقد مسكنا في السنتين الماضيتين أيضا العشرات من حالات التهريب للثلج، وهذا يدل على ان الأسعار منافسة.

وزيادة على ما تقدم فاننا نمارس الضغوط السياسية والإعلامية من خلال تحفيز بعض المنابر الدينية والسياسية والإعلامية للوقوف الى جنب محافظة كربلاء ومطلبنا المشروع والعادل لتحقيق الانصاف في موضوع الطاقة الكهربائية لمحافظة كربلاء المقدسة.

وعن اسئلة المواطنين التي طرحت وما الذي حصلت عليه كربلاء من تلك العدالة ولاسيما في جانب الكهرباء؟ ان الجواب هو لاشيء سوى زيادة في عدد ساعات القطع الغير مبرمج الذي تسيطر عليه السيطرة الوطنية!!... ويبقى السؤال من ينقذ كربلاء من هذا الحيف الواقع عليها في التجاوز على حصتها المقررة؟ والى متى تبقى معضلة الكهرباء قائمة من دون حل؟

 وهل هناك من يسمع التساؤلات التي تطرح منذ عقود مضت؟ ويوضح ان الكهرباء في العراق وتحديدا في كربلاء التي تعد مدينة دينية سياحية عالمية ستبقى مشكلة المشاكل وهم الهموم، وليس لها حل إلا ان يكون هناك شعور بالمسؤولية من المسؤول نفسه ليقوم بعمل جدي في تحسين الطاقة الكهربائية.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 18 أيار/2008 - 11/جماد الاول/1429