البطالة وضرورة الحل

برير السادة

للبطالة تأثير كبير على الوضع الاجتماعي والاسري, فهي تمثل حالة قلق للاسرة المتطلعة للمستقبل ابنائها, لان البطالة من شئنها ان تغير سلوك الابناء او تؤثر في طريقة تفكيرهم على الاقل. كما انها ثمثل هواجس نفسية في قلوب الشباب لارتباط الكثير من القضايا بها مثل الزواج, العمل الخيري, الفقر...فهي سبب رئيسي في ظهور او تعميق واستفحال العديد من الازمات الاسرية والاجتماعية.

ومع ان البطالة موضوع اقتصادي الا ان الكل يعلم التاثير المتبادل للمجالات المختلفة والمتعددة على بعضها الاخر. ونظرا لغياب الدور الحكومي او ضعفه في حل هذه المشكلة بسبب الفساد الاداري والمالي الذي تنعم به المؤسسات الحكومية. فالبرغم من احساس المؤسسات الحكومية بارتفاع معدل البطالة الا ان ادئها دون المستوى المطلوب. فاننا مطالبين ببلورة حلول على المستوى الاهلي والاجتماعي للتقليل من الظواهر الاجتماعية السلبية ذات العلاقة بالبطالة مثل العنوسة و السرقة...

ولعل خير ما يصف ويصور فكرة هذا المقال هو المثل المصري الشعبي "اليد البطاله نجسه", بل ان العديد من الدراسات الاجتماعية-الاقتصادية شكلت نظريات لدراسة ظاهرة البطالة واثرها على الوضع الاجتماعي منها على سبيل المثال النظريتين التاليتين :

نظرية الترابط الاجتماعي (Social bond theory): وهي تقوم على أساس رؤية العمل بوصفه سلوكاً مألوفاً يتواءم والعرف والقواعد السلوكية العامة المرعية في المجتمع، ووفقاً لهذه الرؤية فإن العمل يعزز أواصر الترابط والالتزام الاجتماعي بين أفراد المجتمع ويدعمها مما يحد أو يقلص الاستعداد والدافعية نحو السلوك المنحرف. لذا يبرز العمل هنا أداة للضبط ضمن عنصرين أساسيين من العناصر الأربعة للنظرية هما: عنصر الالتزام (Commitment)، الذي يشير إلى كيفية التزام الفرد مبادئ الحياة العامة للمجتمع وأهدافها. وعنصر الاستغراق والمشاركة (Involvement)، وينطلق افتراض هذا العنصر من أهمية استغراق وقت الفرد وجهده في الأعمال والمهن اليومية بما يتفق ويتماشى مع العرف والقواعد السلوكية العامة؛ إذ إن عدم تنظيم الوقت وتوظيفه في أعمال محددة قد يفضي إلى الجنوح والانحراف (Hirschi, 1969).

2 -  نظرية التوتر(Strain theory): وهي تركز على أن فشل الأفراد أو عدم قدرتهم على تحقيق أهداف الحياة العامة ومتطلباتها بسبب عدم توافر الفرص المشروعة للعمل أو تعذرها، يعزز الدافعية نحو ارتكاب الجريمة. ووفقاً لذلك تتنبأ نظرية التوتر بوجود علاقة اطرادية وموجبة بين البطالة وجرائم الاعتداء على الأملاك؛ إذ تفترض النظرية أنه في حالة توافر فرص العمل المشروع فإن ذلك يحد من حاجة الأفراد إلى اللجوء للعنف والأعمال غير المشروعة 

لهذا فاننا مطالبون بوعي المعاناة النفسية التي يعيشها الشباب العاطل على المستوى النفسي والذي يتمثل في الاشباع الاناي والمستقبلي  للرغبات وتحقيق الاهداف والوصول للغايات.

لهذا لبد من نشر ثقافة قيمة العمل واهميته للفرد والمجتمع, والعمل على دفع الابناء والافراد نحو العمل لتحقيق التقدير الذاتي والامن الاجتماعي, خصوص وان الثقافة الاسلامية تمتلك الكثير من المصادر التي تتحدث عن قيمة العمل وتحث عليه مثل قول الرسول (ص) "الكاد على عيالة كالمتشحط بدمه في سبيل الله" وغيره الكثير. كما انه من المهم تعويد الشباب وتريتهم على حب العمل وتنفيرهم من الكسل والخمول وحب الراحة ليبرز  كصورة شاذة في الوسط والمحيط الاجتماعي.

كما ننوه لضرورة نقل خبرات وتجارب الاباء للأبناء في طرق تعاملهم وصبرهم على تحمل المشاق والجهد من اجل التطوير المهني والحرفي, ومن اجل تامين مستلزمات العيش الكريم. بل من الضروري مراعاة الاباء لحاجات ابنائهم وتوفير متطلباتهم الاساسية التي قد تدفعهم نحو الجريمة في حال فقدانها, والعمل على متابعة تقديمهم والتحاقهم بالفرص الوظيفية المتاحة والتاكد من ملائمتها لطبيعتهم العلمية و ميولهم وطموحاتهم المستقبلية.

اما على الصعيد الاجتماعي فالمطلوب بناء المؤسسات الاهلية والخيرية المتخصصة في هذا الشأن و المطلعة على احتياج سوق العمل, والتاكيد على هذا الجانب بهدف بناء توجهه اقتصادي واجتماعي لستثارة روح الابداع والتحدي في نفوس ابناء المجتمع.

ونظرا لطبيعة المجتمع الدينية والمحافظة, فاننا نراى ضرورة الانظلاق من البعد الدين والعلمائي عبر التشاور والمشاركة مع المختصين في هذا المجال. وابراز اهتمام الاسلام وحرصه بالعمل والدفع نحوه بكل المقايسس النزيهة, وارتباطه بالعديد من القضايا على المستوى الروحي والاخلاقي..

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس 15 أيار/2008 - 8/جماد الاول/1429