في الذكرى الستّين للنكبة: الفلسطينيون يفقدون الثقة في حل الدولتين

شبكة النبأ: قبل ستين عاما رفض قادة عرب تقسيم فلسطين واقتراح من الأمم المتحدة بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. واليوم ورغم مرور عقدين من التوافق العالمي على حل يقضي بقيام دولتين يتابع الفلسطينيون في الاراضي التي تحتلها اسرائيل وفي المخيمات في الخارج احتفلات جيرانهم اليهود بالذكرى الستّين لتأسيس دولتهم فيما ينتابهم احساس بأن فرص قيام دولتهم آخذة في التلاشي.

فما يعرض عليهم أقل من 22 في المئة من اراضي فلسطين التي خضعت للانتداب البريطاني ونحو نصف ما عرضته عليهم الامم المتحدة قبل ستين عاما.

وقال مسؤول فلسطيني بارز لرويترز "اقصى ما تعرضه اسرائيل لا يلبي الحد الادنى لمطالبنا لذا نبحث خياراتنا في حالة فشل المحادثات."

وبعد نحو عقدين من تخلي الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عن امله في ان يحكم كل فلسطين يتساءل كثير من الفلسطينيين عما اذا كانوا سيحصلون في اي وقت في المستقبل على اتفاق مقبول بشأن قيام دولة فلسطينية حتى بعدما حث الرئيس الامريكي جورج بوش حليف اسرائيل الرئيسي الجانبين على استئناف المفاوضات قبل ستة أشهر.

وقال المحلل مهدي عبد الهادي "يدور نقاش الان. يقولون ان حل الدولتين مهمة مستحيلة. "ويشير عبد الهادي الباحث الفلسطيني البارز في الشؤون الوطنية الى ان أحد الخيارات التي تتردد الضغط من أجل حل "دولة واحدة" تستوعب اليهود والعرب وهو أمر تبدي قلة من الاسرائيليين استعدادها للقبول به.

وقال عن النقاش الدائر بين الفلسطينيين "يقولون.. دعونا نتحدث عن دولة علمانية واحدة تضم شعبين."ورغم انه لا يزال في نطاق الخطط الافتراضية فان المفاوض الفلطسيني احمد قريع لوح به في محادثات مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ونظيرتها الامريكية كوندوليزا رايس.

وقال قريع "قلت لليفني ورايس في يناير حين عرضتا علينا اراض اقل لاقامة دولة.. في هذه الحالة لن يجدي حل الدولتين. دعونا نقيم دولة واحدة."

ويطلق الفلسطينيون على قيام اسرائيل اسم النكبة حيث ارغمت هجمات يهودية والحرب بين اسرائيل والدول العربية 700 ألف فلسطيني على الفرار من ديارهم.

ورغم تفاؤل بوش المعلن فان الرئيس الفلسيطني محمود عباس غادر البيت الابيض الامريكي الشهر الماضي وهو لا يحمل أي اوهام.

وقال مسؤول فلسطيني اخر "يدور النقاش حول ما اذا كنا سنقبل بتقسيم الضفة الغربية مع اسرائيل او ندع الامر الواقع .. نظام عنصري تحت اسرائيل."

لاجئون فلسطينيون يزورون منازلهم المسلوبة في القدس

بكت بياتريس حبش (80 عاما) حين رأت منزل والدها في القدس وتذكرت كيف استولى عليه اليهود عام 1948.

صرخت فيما حاول مرافقوها الفلسطينيون منعها من العدو نحو المبنى "هذا بيتنا.هذا بيتي."

واستعاد حوالي 300 فلسطيني ذكرى مرور 60 عاما على قيام اسرائيل في مايو ايار عام 1948 بمسيرة احتجاج في الاحياء الراقية بالقدس الغربية التي كانت يوما وطنا لكثير من العرب وقد ارتدوا قمصانا قطنية سوداء طبع على ظهورها عبارة "هذا بيتي".

ويقول فلسطينيون ان اسرهم كانت تمتلك منازل في الطالبية والمستعمرة الالمانية واحياء اخرى إلى ان طردهم اليهود أو فروا جراء القتال العربي الاسرائيلي الذي صاحب قيام دولة اسرائيل.

وقالت حبش ان والدها التاجر كان يملك عقارا في الطالبية وكانت علاقته بجيرانه اليهود طيبة وكان يؤجر لهم جزءا من العقار. بحسب رويترز.

وأضافت ان احدى جاراتها كانت جولدا مئير رئيسة وزراء اسرائيل في السبعينات والتي رفضت الاعتراف بوجود الفلسطينيين.

وقالت حبش "كان عمري 19 عاما إبان حرب 1948. اتذكر حضور رجلين وامرأة لمنزلنا. طلبوا منا مغادرة المنزل وهددوا بتفجيره اذا لم نرحل."

ومثل كثير من 700 ألف فلسطيني او نحو ذلك فروا من ديارهم في عام 1948 اعتقدت اسرة حبش انها ستعود عقب انتهاء الحرب بين اسرائيل والعرب. ولكن هذا لم يحدث.

وأشار متظاهرون لمنازل يزين الكثير منها علم اسرائيل بمناسبة الذكرى الستين لقيامها وذكروا اسماء ملاكها السابقين من الفلسطينيين " هذا بيت الدجاني وهذا بيت النمري وهذا بيت الحلبي."

تابع معظم الاسرائيليين المسيرة من شرفاتهم في صمت إلا ان واحدا سار خلف المشاركين بها وهتف "اخرجوا ياعرب".

وقال تومر بيليتي معلم اسرائيلي بمدرسة في حي الطالبية "رد فعل معظم الاسرائيليين عدواني او دفاعي. انهم خائفون وتملا قلوبهم الكراهية لانهم يعتقدون ان الفلسطينيين يريدون طردنا من هنا."

كانت نهلة العسلي (70 عاما) في العاشرة من عمرها حين غادرت اسرتها منزلها في حي المستعمرة الالمانية "غادرنا منزلنا نتيجة حالة الفزع التي اصابتنا. يصاب الناس بالفزع اثناء الحروب."

وقالت العسلي ان اسرتها علمت بقتل مسلحين يهود لعشرات العرب في قرية دير ياسين القريبة من القدس في ابريل نيسان عام 1948. وتصاعد الخوف حين اقترب صوت اطلاق النار من المنزل وحان الوقت لمغادرته.

وتتذكر العسلي قائلة "اخترق الرصاص الابواب والنوافذ لذا اخذنا والدي إلى دمشق لفترة اعتقد انها لن تزيد عن اسبوعين. ولكن لم نعد قط."

وأضافت انها تشعر بمرارة تجاه الاحتفالات التي تصاحب مرور ستين عاما على قيام اسرائيل بما ذلك زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي يرعى مفاوضات للتوصل لاتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني بحلول نهاية العام.

نساء يصلن على دراجات الى اريحا في ذكرى النكبة

ووصلت الى اريحا الاحد 145 امرأة على متن دراجاتهن الهوائية من 30 دولة من اوروبا والولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلاندا لمشاركة الفلسطينيين في احياء الذكرى الستين للنكبة. ويحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة التي ادت الى قيام دولة اسرائيل في 15 ايار/مايو 1948.

ووصلت النساء اللواتي ينتمين لمؤسسة "اتبعوا المرأة" الدولية عبر معبر الكرامة الحدودي (جسر اللنبي) الذي يفصل الضفة الغربية المحتلة عن الاردن.

وصرحت البريطانية ديتا ريغن رئيسة الجمعية لوكالة فرانس برس "وصلنا الى هنا لمشاركة الفلسطينين احياءهم لذكرى النكبة". واضافت "وانا اقول لهم ستعودون لان هذا حقكم الشرعي (...) واقول للاسرائيليين يجب ان يعود الفلسطينيون الى ديارهم".

واضافت ريغن "نحن نمثل اكثر من 30 دولة والجمعية تضم 300 امراة وصلت منهن إلى اريحا 145 بسبب الاجراءات الاسرائيلية". واوضحت ان النساء اللواتي لم يتمكن من الحضور "من دول لا تسمح اسرائيل بدخول رعاياها الى مناطق السلطة الفلسطينية او الى اسرائيل كالايرانيات او السوريات وغير ذلك".

واوضحت " نحن نزور فلسطين للسنة الرابعة على التوالي حيث اخترنا هذا العام ان تكون زيارتنا في ذكرى احياء النكبة الفلسطينية".

وقالت ريغن ان "الفكرة نشأت لدي منذ اعوام (...) ومنذ ذلك الوقت ونحن نسعى من خلال الدراجة زيارة المدن الفلسطينية من اجل السلام". واضافت "انطلقنا هذا العام من مخيم صبرا وشاتيلا في بيروت (...) وسنزور مخيم عقبة جبر غدا من ثم مدينة رام الله ونابلس ومخيم جنين".

وقالت لوري موزر (60 عاما) من الولايات المتحدة "انا هنا لرؤية الواقع وما يحدث لارويه للاميركيين (...) واقول للفلسطينيين في ذكرى النكبة لا تستسلموا لان هناك من هو ورائكم (...) وسنفعل الكثير من اجل ان تغير حكوماتنا سياساتها من خلال الحديث مع السادة اعضاء الكونغرس والمواطنين".

فيلم كارتون بغزة يحيى ذكرى "النكبة" الفلسطينية

يصور فيلم كارتون اعدته نساء مقرهن في غزة في ذكرى مرور 60 عاما على انشاء اسرائيل وتشريد مئات الالاف من الفلسطينيين مقاتلين يهودا يطلقون النار على فلسطينيين ويفجرون قراهم .

ويصف فيلم"حكاية مفتاح" اليهود على انهم"اعداء الدين واعداء الوطن" ويهدف الى تسليط الضوء على ما يصفه معدوه بالحق "المقدس" للفلسطينيين المشردين بالعودة الى الارض التي اصبحت الان جزءا من اسرائيل.

وتقول النساء اللائي يقفن وراء هذا الفيلم واللائي يديرن شركة انتاج في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية/حماس/ انهن غير متحيزات سياسيا ولكنهن يريدن تعليم الاطفال والكبار الفلسطينيين الاحداث التي جعلتهم يتركون ديارهم. بحسب رويترز.

وقالت مؤمنة ابو حمادة مديرة شركة جحاتون في مدينة غزة ان الفيلم يروي المعاناة والقتل والتشريد. واضافت انه يظهر ان الشعب الفلسطيني لم يترك ارضه بمحض ارادته ولكنه اجبر على ذلك.

واثارت قناة الاقصى التلفزيونية التابعة لحماس انتقادات اسرائيلية ودولية العام الماضي لاستخدامها رسوما متحركة وعروضا للدمى تظهر شخصيات كارتونية شبيه بميكي ماوس والاسد الملك لتصوير معركة حماس ضد اسرائيل.

وتعتزم جحا تون تصوير الفيلم الذي يستغرق 32 دقيقة والذي تقول انه للكبار وللصغار ايضا في غزة هذا الشهر وتأمل بتسويقه في الدول العربية الاخرى وابعد من ذلك. وفر نحو 700 الف فلسطيني او طردوا من ديارهم في الحرب التي ادت الى قيام اسرائيل في عام 1948.

ويعيش الان نحو 4.5 مليون لاجيء واحفادهم في مخيمات مذرية في لبنان وسوريا والاردن وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. ومعظم سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة اما من اللاجئين او احفادهم ويعيشون في ثماني مخيمات مكتظة بالسكان واربع مدن.

ويتشبث اللاجئون "بحق العودة" ويعد مصيرهم احدى اصعب المسائل التي تواجه المفاوضون الذين يحاولون التوصل لاتفاق هذا العام لانشاء دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية.

وفي الوقت الذي تحتفل فيه اسرائيل بذكرى مرور 60 عاما على انشائه بالالعاب النارية والحفلات وعرض عسكري هذا الشهر نظم الفلسطينيون تجمعات حاشدة لاحياء ذكرى"النكبة" وتسليط الضوء على مشكلة اللاجئين.

وتصر ابو حمادة على ان فيلم"حكاية مفتاح" والذي يشير الى المفاتيح التي يحملها فلسطينيون كثيرون كرمز لديارهم المفقودة لا يهدف الى التحريض على اعمال عنف ضد الاسرائيليين ولكن لسرد روايات نقلت من الاجيال السابقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس 15 أيار/2008 - 8/جماد الاول/1429