هكذا يتعرض  السُنة للإبادة الجماعية

صالح النعامي

في معرض محاولته إقناع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بتخصيص موازنة لتمويل خطته لإسقاط حكومة حركة حماس في تشرين ثاني من العام 2006، قال إليوث أبرامز نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي" أنه يتوجب على الولايات المتحدة مساعدة القوى السنية المعتدلة لحسم المواجهة مع أنصار إيران في قطاع غزة ".

 فحسب منطق أبرامز، فأن قادة الأجهزة الأمنية في السلطة هم الذي يمثلون " القوة السنية المعتدلة " في فلسطين، في حين لم يرى المسؤول الأمريكي في حماس إلا مجرد جماعة من " أنصار إيران ". فقادة هذه الأجهزة الذين تآمروا مع إسرائيل وامريكا، واعتقلوا عشرات آلاف من المجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني وساموهم سوء العذاب إمتثالاً للرغبة الأمريكية الإسرائيلية بنسف المقاومة كخيار لتحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وبالتالي فهم " النسخة السنية المفضلة! " لكل من أمريكا وإسرائيل.

 وبالفعل أقنع ابرامز الكونغرس بدفع مبلغ 86 مليون دولار لمساعدة هذه الأجهزة على إسقاط حكومة حماس، إلى أن أنتهت الأمور الى نهايتها المعروفة. مع العلم أن كلاً من الإدارة الأمريكية وإسرائيل قبل الشروع في هذا المخطط نقلتا عبر وسطاء كثر لحماس رسالة مفادها أن بإمكانها أن تكون الشريك الفلسطيني المركزي لكل من تل أبيب وواشنطن بشرط الإعتراف بإسرائيل والتخلي عن المقاومة كخيار، والموافقة على تفكيك قوتها العسكرية.

وما حدث ويحدث في غزة تتم محاولة إستنساخه في لبنان مجدداً عبر استغلال النعرات الطائفية والمذهبية، وتصوير ما يجري على أساس أنه " تغول شيعي " لإستهداف السنة، وأن القضاء على قوة حزب الله هو خطوة ضرورية لوقف التغلغل الإيراني في المنطقة وتحديداً في لبنان. ومن السخرية أن أحد الذين يتصدرون المواجهة ضد حزب الله هو سمير جعجع، الذي لا خلاف على أنه المسؤول المباشر عن مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين " السنة "، ناهيك عن مسؤوليته المباشرة عن قتل الآلاف من المسلمين اللبنانيين من السنة والشيعة بغطاء من الماكنة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تحتل العاصمة اللبنانية.

 هكذا ببساطة وبدون أدنى احترام لوعي الجماهير العربية يتم تزييف الواقع، فيتحول المجرم جعجع وأمثاله هم المدافعون عن عروبة لبنان، في حين يتم عرض حسن نصر الله، على أنه مجرد أداة ! لإيران، تماماً كما يتم عرض الأمور على الساحة الفلسطينية. لكن الحقيقة التي لا خلاف عليها هي حقيقة أن بعض الأطراف في لبنان تعمل وفق بوصلة المصالح الأمريكية، فالمطلوب حالياً هو القضاء على قوة حزب الله وضربه لأنه يمثل مصدر قلق لإسرائيل، فهو الذي مرغ أنف جنرالات إسرائيل في التراب خلال الحرب الأخيرة.

 وفي اعتقادنا أن مطالبة حكومة السنيورة بتفكيك شبكة الإتصال الخاصة حزب الله تأتي في إطار مخطط معد سلفاً للقضاء على قوة حزب الله بوصفها تهديد للمصالح الإسرائيلية والأمريكية وليس لأنه مجرد قوة شيعية تعمل وفق التعليمات الإيرانية. واعتقد أنه على قادة فريق الرابع عشر من آذار في لبنان ومشايعيهم من العرب أن يشعروا بالخجل عندما يقول الجنرال عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الصهوينية بالحرف الواحد " حكومة السنيورة تسدي بشكل غير مباشر معروفاً عظيماً لإسرائيل بإصرارها على تفكيك بنية حزب الله العسكرية "، في حين يرى وزير البنى التحتية الصهيوني الجنرال بنيامين بن اليعازر أنه في حال نجحت حكومة السنيورة في إزالة شبكة الإتصال الخاصة بحزب الله، فأن قدرة إسرائيل على تسديد ضربات موجعة للحزب ستتضاعف.!

 أما الجنرال ايفي ايتام، رئيس حزب المفدال الديني المتطرف، وهو الذي قاد القوات الصهيونية في جنوب لبنان فيرى أن ما يجري في لبنان يمثل " فرصة ذهبية لن تتكرر في المستقبل على إسرائيل استغلالها، علينا أن نستغلها حتى النهاية من أجل التأكد أنها لن تنتهي إلا بهزيمة حزب الله وقصم ظهره "، على حد تعبيره. ويصل الأمر بإيتام الذي دعى في مرات عديدة الى إحراق غزة، إلى حد القول أن " إسرائيل مطالبة بالإتصال بالولايات المتحدة ودول أوروبا والدول العربية السنية المعتدلة لإقناعها بدعم خصوم حزب الله بحيث تنتهي هذه المعركة بتحطم حزب الله والقضاء على غرور نصر الله ".

وللأسف الشديد، فأن سلوك الأنظمة العربية حيال ما يجري في لبنان هو ذاته حيال ما يجري في غزة. فوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اصطف الى جماعة السلطة في لبنان، عندما انتقد ما اعتبره محاولة لفرض الأمر الواقع في لبنان، وهو ذاته أحمد أبو الغيط الذي توعد بأنه سيطلق النار على الجوعى والمرضى المحاصرين في قطاع غزة في حال توجهوا للحدود مع المصر طلباً للمساعدة.

 وسمير جعجع عندما حذر من مخاطر قوة حزب الله استخدم نفس الحجة التي استند اليها الرئيس مبارك في التحذير من حكم حماس. فالأخير قال أن إيران تتواجد على الحدود الشمالية لمصر، يقصد حكومة حماس، وجعجع قال أن سيطرة حزب الله تعني وصول إيران للبحر الابيض المتوسط.

بكل تأكيد حزب الله أرتكب أخطاء في مواجهته الحرب المفتوحة ضده، كما وقعت حركة حماس في مثل هذه الأخطاء، لكن كل ذلك يجب ألا  يصيبنا بالعمى وعدم القدرة على تمييز الأمور، فرأس حماس كما هو رأس حزب الله مطلوبان أمريكياً وإسرائيلياً لأنهما تمثلان جزءاً من حالة المقاومة ضد المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، وليس لأنهم مجرد " أدوات إيرانية ".

  وسؤال للذين يذرفون دموع التماسيح على السُنة في لبنان........ماذا بخصوص السُنة في غزة..........ألا تدرون أن هناك مليون نصف المليون مسلم سني يتهددهم خطر الإبادة الجماعية بالحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل.......ألا يستحق هؤلاء أن تهبوا لنجدتهم.........أم أن نحر هؤلاء السُنة جائز مادام الجزار أولمرت، ومشرف السلخانة بوش!!!!!!!!!

www.naamy.net

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 14 أيار/2008 - 7/جماد الاول/1429