النكبة في عقدها السادس بين أمل الرجوع وإنتكاسة الضياع

شبكة النبأ: بين نقيضين متزامنين، بين مظاهر للاحتفال في تل أبيب، وأحزان ما يشبه المأتم لدى الشعب الفلسطيني دون تحديد لأرض معينة يقطنها، فهو مابين حصار غزة ومابين المخيمات التي توزعت على أرضه وأرض الدول المجاورة، مثل لبنان والأردن وسوريا.

في ذكرى متفاوته بطريقة التعامل معها، إنها الذكرى الستين للنكبة الفلسطينية، وهي ذات الذكرى لتأسيس الدولة العبرية لإسرائيل. النكبة في عقدها السادس هل تحقق آمال الشعب الفلسطيني بالعودة لما سلب منه؟ أم ان الحديث عن مشاكل الشرق الأوسط لن ترجع له ما ضاع منه.

(شبكة النبأ) تسلط الضوء في هذه الذكرى على ردود أفعال الشعب الفلسطيني، وماهي آماله وأحلامه في هذا اليوم، إلى جانب ذلك مايتصوره اليهودي عن ذكرى الاحتلال والتهجير:   

ما الذي يفصل بين آمال الفلسطينيين والاسرائيليين؟

مثل دولة اسرائيل.. يتم كل من أكرم الشمالي وموشي فيست عامه الستين هذا العام. لكن ربما قد لا يكون هناك شيء اخر يجمع بينهما.

بالنسبة لموشى فان ذكرى قيام اسرائيل فرصة للاحتفال والبهجة. أما بالنسبة لاكرم فان ذكرى النكبة التي نزح فيها 700 ألف فلسطيني من بينهم أفراد أسرته عن ديارهم خشية الهجمات الاسرائيلية لا تحيي سوى ذكريات أليمة.

لا يفصل بين الاثنين سوى 60 كيلومترا تقريبا اذ يعيش أكرم في قطاع غزة بينما يقيم موشى في رحوفوت باسرائيل. وتعكس رؤيتهما المختلفة للصراع الذي نشأ كل منهما فيه الهوة الواسعة التي تفصل بين أناس يعيشون جنبا الى جنب.

كان أكرم نائما بين ذراعي أمه في أبريل نيسان 1948 أثناء نزوح الاسرة عن منزلها في يافا التي هي الان جزء من مدينة تل أبيب الاسرائيلية بعد أن ظلت ميناء عربيا نشطا لقرون. والى الان لم تطأ قدمه دار أبويه لكنه يحلم باستعادته يوما ما.

وفي هذا الصدد يقول: لا أعرف كيف أو متى.. لكني سأعود يوما الى دارنا في يافا. أشعر بهذا في أعماقي. هذه كلمات تفوه بها أكرم أثناء لقاء أجرته رويترز في محله المضاء باضاءة خافتة في مدينة غزة. بحسب رويترز.

أما موشى فكان أبوه ألمانيا يعمل في مزرعة قبل أن يفر من ألمانيا النازية الى كيبوتز في فلسطين التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني. ولد موشى بعد بضعة أشهر من ميلاد أكرم وخروج دولة اسرائيل الى حيز الوجود.

يعتبر موشى أن يافا وبلدات أخرى هي الان جزء لا يتجزأ من وطنه ويرى أن الفلسطينيين تخلوا عن حقوقهم هناك منذ عقود.

وقال عن ذلك وهو في منزله في رحوفوت بالقرب من تل أبيب: لا يمكنك أن تأتي وتقول.. أمي كانت تعيش هنا منذ 50 عاما وهذا المكان يخصني الان.

وأضاف، العرب لم يرغبوا في العيش مع اليهود ولهذا غادروا المكان. لم يدفعهم أحد لهذا.

أما أكرم فلا يرى الامر من هذا المنظور. فعندما غادر أبواه يافا بأبنائهما الاربعة كانا يتوقعان العودة بعد أشهر عندما تخمد شرارة العنف بين اليهود والعرب. وهو ما لم يحدث قط.

ومع مقتل الالاف في أحداث عنف على الجانبين خلال الاشهر التي أعقبت قرار تقسيم فلسطين عام 1947 احتشدت أسرة أكرم وجيرانها في حافلة متجهة جنوبا الى غزة خارج المنطقة التي تقرر أن تخضع لسيطرة اليهود. وكانوا يمضون نهارهم في البحث عن مأوى قبل أن يناموا منهكين على الشاطيء.

وبعد أن انتظم في مدرسة خصصتها الامم المتحدة للاجئين تمكن أكرم من انشاء عمل خاص به في مجال اصلاح السيارات ويقول انه يحرص على تجنب السياسة والعنف الذي أفسد الكثير من الاعمال.

لكنه ناقم على الاسرائيليين "لسرقتهم" أرضه ويستشيط غضبا من قول موشى انه تخلى طواعية عن داره في يافا.

وقال: كيف يدفعنا الاسرائيليون للخروج من أرضنا وديارنا ثم يجلبوا الملايين من روسيا ليحلوا محلنا... ما من أحد يترك داره دون سبب.

ويكافح أكرم من أجل كسب قوت يومه في وقت تفرض فيه اسرائيل حصارا اقتصاديا وعسكريا على غزة بهدف عزل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي بسطت سيطرتها على القطاع في يونيو حزيران الماضي. كان محله خاويا هذا الاسبوع بسبب نقص الوقود الذي أرغم الكثير من أصحاب السيارات على عدم استخدامها.

وكان أكرم يتنقل يوما بين غزة وتل أبيب لجلب قطع غيار السيارات لكنه لم يغادر القطاع منذ شددت اسرائيل من القيود المفروضة عليه في يونيو الماضي.

من جانبه موشى يعمل أيضا في مجال اصلاح السيارات في رحوفوت. ونادرا ما كان على اتصال مع الفلسطينيين ولم يزر غزة الا أربع مرات طوال حياته ثلاث منها عندما كان في الخدمة العسكرية قبل فترة طويلة من سحب اسرائيل لقواتها من القطاع في 2005 .

ومثل كثير من الاسرائيليين يرى موشى أن الصراع مع الفلسطينيين قضية مهمة لكنها نادرا ما تمس حياته اليومية وبخاصة في الوقت الحالي الذي تراجعت فيه التفجيرات الانتحارية عن ذروتها التي بلغتها قبل ستة أعوام.

يتساءل مازحا وهو مسترخيا في سرواله القصير في غرفة معيشة تزينها الورود: هل تعلم كم شخص يصاب يوميا في حوادث الطرق. ويمضي قائلا: الارهاب مشكلة كبيرة لكن السائقين الاسرائيليين مشكلة أكبر بكثير.

يقول موشى انه لا يفكر كثيرا فيما يردده البعض عن التهديدات التي تكتنف بقاء دولة اسرائيل ويضحك عندما يسأله أحد هل ستبقى اسرائيل لستين سنة أخرى.

ويتابع: بالنسبة لنا نحن اليهود أفضل مكان نعيش فيه هو اسرائيل. تماما مثل الانجليز. أفضل مكان يمكنهم العيش فيه هو انجلترا. ما الذي يمكن أن يجعل اسرائيل تختفي في 60 سنة. لم لا تتحدثون عن بلدان أخرى ستختفي من الوجود.

أوجه التناقض بين نمط حياة أكرم وموشى جلية لكنهما يتفقان على أنه آن أوان التحدث بعد هذا الصراع الطويل. غير أن أيا منهما لا يعول كثيرا على مساعي السلام التي بدأها عباس وأولمرت العام الماضي برعاية الولايات المتحدة.

الاثنان يبديان استعدادا لقبول حل وسط ويقولان انهما سيقبلان بوجود دولة فلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة تعيش جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل.

ورغم أن هذا يعني أن حلم أكرم في العودة الى يافا سيتبدد لكنه يقول انه ثمن بسيط من أجل أحفاده الصغار الذين كانوا يتجولون في محله بينما كان يروى ذكرياته.

يقول وهو يربت على رأس أحدهم: قامت اسرائيل منذ 60 عاما.. وطوال هذه المدة لم ننعم نحن ولا هم بالنوم في راحة. كانت 60 عاما من العنف.. 60 عاما من الالم.

بعد ستة عقود الفلسطينيون يأملون بالعودة ويندبون الضياع

بينما تحتفل اسرائيل بمرور 60 عاما على قيامها يندب الفلسطينيون نكبة 1948 عندما فقدوا وطنهم. وهم يتمسكون بحق العودة، الذي يتم تجاهله غالبا في محادثات سلام الشرق الاوسط.

علية الشباطي كان عمرها 12 عاما عندما فرت من هجمات اليهود على قرية كابري التي تم الاستيلاء عليها بعد أيام من قيام اسرائيل.

واليوم بعد ان أصبحت امرأة وقورا في الثانية والسبعين فان ذكرياتها عن كابري التي تقع الان في شمال اسرائيل مازالت حية على عكس قريتها التي تم محوها من الخارطة.

وقالت علية التي كانت ترتدي فستانا أزرق وغطاء رأس أبيض وهي تجلس في غرفة المعيشة بمنزلها المتواضع في مخيم برج البراجنة في بيروت (كان لدينا منازل وأراض) وأضافت، وكان لدينا أشجار زيتون وعنب وكمثرى ونخيل. كان لدينا بساتين فاكهة وحقول. والآن ماذا لدينا.. لا شيء.

وقصة حياة علية تجسد مرارة السلب والاقامة في المنفى التي يشعر بها نحو 4.5 مليون لاجيء فلسطيني وأحفادهم الذين يعيشون في مخيمات بائسة في لبنان وسوريا والاردن والضفة الغربية المحتلة وغزة أو في الشتات.

وبالنسبة لعلية التي فقدت ثلاثة من اطفالها الاحد عشر فان قصتها فريدة وتقول: ما ذقته لم يذقه أحد قط. بحسب رويترز.

وقتلت القوات البريطانية والدها اثناء تمرد فلسطيني في عام 1936 بعد فترة قصيرة من ولادتها.

وبعد مرور 12 عاما فرت من قرية كابري مع امها وشقيقها وجدتها مع نساء واطفال اخرين بعد هجوم قوات الهاجاناه اليهودية. وكان عمها وعدة أقارب اخرين بقوا في القرية بين الذين قتلوا.

وتتذكر علية سيرها منهكة من قرية الى اخرى لا تجد الامان في أي مكان الى ان عبر الناجون من قرية كابري الحدود الى لبنان ونقلوا الى سوريا.

ومصير قرية كابري كان جزءا مما يقول الفلسطينيون وبعض الباحثين اليهود انه عملية تطهير عرقي منظمة أمر بها الزعماء الصهاينة لتمهيد الطريق امام قيام الدولة اليهودية.

وترفض اسرائيل ذلك وتقول ان مشكلة اللاجئين نتجت عن الحرب التي شنها الفلسطينيون الذين عارضوا خطة التقسيم التي أقرتها الامم المتحدة في 29 نوفمبر تشرين الثاني عام 1947 والدول العربية التي قامت بالغزو بعد انتهاء الانتداب البريطاني يوم 15 مايو ايار عام 1948 .

وقبل ان يندلع القتال في اواخر عام 1947 كان نحو مليون عربي و600 الف يهودي يعيشون فيما أصبح اسرائيل. وقامت اسرائيل على 78 في المئة من فلسطين ايام الانتداب. وكانت خطة الامم المتحدة التي رفضها العرب ستعطيها 56 في المئة من هذه الارض.

وفي سن الثانية عشرة ربما كانت علية لا تستوعب تماما الصراع بشأن وطنها لكنها سرعان ما شعرت بما يعنيه ان تصبح لاجئا.

ومن بين المصاعب والاهانات التي صادفتها وتتذكرها علية كيف ان بعض القرويين السوريين بدأوا ينتقون عرائس من المجموعة التي أصبحت ملابسها رثة بطريقة تهكمية الى ان وبخهم شرطي على اساءة معاملة ضيوفهم. وقالت: شعرنا وكأن سكاكين وجهت الينا.

وبعد سبع سنوات في مخيم لاجئين في سوريا تزوجت علية وجاءت الى برج البراجنة على مشارف بيروت حيث انشأت اسرة مع زوجها بائع اللبن (الزبادي).

وقتل ابنهما محمد (23 عاما) في معركة مع القوات الاسرائيلية التي غزت لبنان لطرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1982. وقتل شقيقه علي (24 عاما) في عام 1985 عندما هاجمت ميليشيا أمل الشيعية المخيمات الفلسطينية في بيروت.

وتحلم علية بالعودة الى كابري حتى لو اضطرت الى الاقامة في خيمة مرة اخرى. وقالت: سوف أمشي على قدمي أي مسافة في امكاني من اجل العودة، ساخرة من سؤال عما اذا كانت ستفكر في الانتقال الى دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية الامر.

ويلقى الفلسطينيون معاملة أسوأ في لبنان مقارنة مع الدول العربية الاخرى مثل الاردن حيث يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة وسوريا حيث يتمتعون بالحقوق المدنية وليس السياسية.

وقال يزيد صايغ وهو باحث فلسطيني بجامعة كيمبردج البريطانية: لديهم تاريخ خاص من التعرض للعنف والمذابح والتهميش والاستبعاد من جانب السلطات اللبنانية من خلال السبل القانونية والوسائل الاخرى.

وقال ادريس (35 عاما) ابن علية ان القوانين اللبنانية التي تحظر على الفلسطينيين ممارسة 70 مهنة سببت لهم مصاعب جمة بعد ان ادرك ان ابنه ليس في امكانه ان يأمل في ان يصبح محاميا أو طبيبا.

وتهدف القيود اللبنانية على اللاجئين التي خففتها قليلا الحكومة الحالية لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة الى ردع الفلسطينيين وغالبيتهم من السنة من الاستقرار بصفة دائمة والاخلال بالتوازن الطائفي في لبنان.

وتعارض اسرائيل بشدة السماح بعودة أي لاجئين الى ديارهم الاصلية بحجة ان هذا سيدمر الدولة اليهودية بتعريض الغالبية اليهودية للخطر.

وقبلت منظمة التحرير الفلسطينية صيغة خطة سلام اعدتها جامعة الدول العربية تدعو الى حل عادل ومتفق عليه، يتفق مع قرار الامم المتحدة الذي يقترح العودة أو التعويض للاجئين الراغبين في العيش في سلام مع جيرانهم.

وقال باسل عقل احد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية والمستشار السابق لياسر عرفات الزعيم الراحل لمنظمة التحرير: في نهاية اليوم كل شيء قابل للتفاوض.

ويسلم عقل الذي هربت عائلته من مدينة يافا الساحلية في عام 1948 بأن مصالح اللاجئين لم تؤخذ في الاعتبار تماما: ليس لاننا تخلينا طواعية عن حق العودة وانما لان توازن القوى ادى الى ان مسألة اللاجئين لم تعد لها أولوية في أي جدول أعمال.

وقال صايغ انه نادرا ما تم التشاور مع اللاجئين بشأن رغباتهم ولم يكن لهم قول يذكر في محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية خلال الاعوام الخمسة عشر الماضية التي تستهدف حلا قائما على أساس دولتين.

والان التوصل الى اتفاق سلام نهائي يبدو أمرا بعيدا لكن العديد من الفلسطينيين يأملون في اعتراف ما من جانب اسرائيل بالمسؤولية عما يرون انه ظلم تاريخي لحق بهم.

وفي السنوات الاخيرة تفاقمت الاحوال في المخيمات في كل مكان فيما أصبحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة (أونروا) التي تعاني من نقص في الاموال التي تساعد بها اللاجئين الفلسطينيين أقل قدرة على تقديم الرعاية الصحية والتعليم بدرجة كافية.

عودة الروح وقصة النكبة وآلام الشعب الفلسطيني

(عودة الروح) عمل فني ضخم يجسد الرواية الفردية والجماعية لنكبة الشعب الفلسطيني التي تصادف الذكرى الستين لها في 15 مايو ايار الجاري يفتتح في القدس احياء لهذه الذكرى.

ويضم هذا العمل ثلاثة الاف تمثال صغير من الشمع وشهادات حية من لاجئين حول النكبة اضافة الى فيديو ارت تتداخل فيه اصوات اولئك الذين يدلون بشهادتهم الحية حول النكبة من المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية والاردن ولبنان. وتعود فكرة هذا العمل الفني المركب الى الفنانة الاسكتلندية جين فرير.

وقالت فرير خلال عرضها لهذا العمل الفني في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية: هذه التماثيل ( عرضتها عبر الفيديو) هي نتاج ايد فلسطينية تعيش في المخيمات في لبنان والاردن والضفة الغربية كان لا بد ان تصنع بايد فلسطينية لتكون فيها روح الفلسطينيين الذين شردوا الاموات منهم والاحياء. بحسب رويترز.

واضافت، هذا العمل الفني موجه للغرب الذي لا يعرف الكثير عن هذه الفترة المظلمة لشعب شرد من ارضه تقول احصاءات اونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) انهم كانوا 750 الفا وربما يكونون اكثر من ذلك. لا بد ان يعرف الناس ماذا جرى في الماضي ليمكنهم معرفة ما يجري اليوم في غزة والضفة.

واوضحت فرير ان فكرة المشروع بدأت لديها قبل اربع سنوات ولكنها بدأت تطبيقها قبل عام تقريبا مقدمة في عرضها للمشروع الذي استلزمها من أجل تنفيذه البحث في التاريخ وزيارة المخيمات الفلسطينية التي زارت منها تلك التي في لبنان والاردن والضفة الغربية وهي تتطلع الى زيارة غزة وسوريا.

وفي السياق ذاته تقول فرير: الفكرة اتتني من فيلم فلسطيني في مهرجان لندن للافلام الفلسطينية كان يروي ان امراة تحلم باناس يبقون معلقين كما الملابس على حبل الغسيل وعندما تساءلت في حلمها لماذا.. جاءها الجواب لانهم فلسطينيون فهم لايستطيعون ان يصلوا ارضا ولا سماء.

وبدأت فرير عرضها للمشروع في قصة لما جرى مع اليهود في احدى محارق النازية في معسكر في بولندا الذي قالت: احرق فيه 200 ألف انسان. 40 في المئة منهم يهود. زرت ذلك المكان ثلاث مرات وتعرفت على القسوة التي عومل بها هؤلاء. وبعد زيارة لوفد يهودي لهذا المعسكر ووضع اعلام اسرائيلية في منطقة خضراء مجاورة قررت ان ابدأ البحث حول قيام دولة اسرائيل هذا البحث الذي قادني الى النكبة التي لم يكن لدي اية فكرة عن معنى هذه الكلمة وكثيرون في الغرب مثلي.

وقدمت فرير خلال العرض صورا مؤثرة للاجئين الفلسطينيين في لبنان وتحديدا في مخيم البدواي الذي نزح اليه سكان مخيم نهر البارد خلال المعارك بين الجيش البناني مع جماعة فتح الاسلام كانت تقارن فيها بين صور من الارشيف للاجئين عام 48 ونزوح سكان نهر البارد العام الماضي ومنها صورتان لفتاتين بدتا بنفس الملامح واحدة بالاسود والابيض عام 1948 واخرى ملونة التقطت العام الماضي.

وتسعى فرير الى عرض عمل فني مماثل كذلك الذي سيعرض في القدس للمشاركة في مهرجان ادنبره الذي ترى فيه واحدا من اهم المهرجانات في العالم ويحظى بتغطية اعلامية واسعة بامكان الفلسطينيين من خلال المشاركة فيه توصيل رسالتهم الى العالم.

وقالت: المعرض الذي سيفتتح في القدس سنبدأ الطواف به حول العالم ثم نعود به الى القدس ليشكل عودة رمزية للفلسطينيين وسنعرض عملا مماثلا انجزناه في لبنان بمهرجان ادنبره.

وتقوم فرير حاليا بمساعدة عدد من الشباب الفلسطينيين برسم صور مكبرة لهذه التماثيل على الجدار الذي تقيمه اسرائيل على الاراضي الفلسطينية قائلة: نحن نسابق الزمن لانجاز اكبر مجموعة من الرسوم على اكبر لوحة جدار.. الجدار الذي ستكون الرسوم عليه اكبر واجهة اعلان في العالم ادعوا من يريد يساعدنا ان يأتي لننجز اكبر عدد من الصور قبل الخامس عشر من مايو.

من جانبها قالت روان شرف مديرة حوش الفن الفلسطيني الذي يستضيف هذا المعرض وساهم في انجازه بدعم من مؤسسة التعاون الدولية: هذا المشروع له بعده الاقليمي وحسب علمي هو الاضخم حتى الان.. الذي يتحدث عن النكبة من خلال عمل فني رائع يهدف الى شرح قضية النكبة صنع بايدي فلسطينية ليكتسب هويتهم وتجربتهم وسنطوف به حول العالم لاننا نحن نعرف قصتنا ونريد للعالم ان يعرفها.

وفي تعقيبها على هذا العمل الفني قالت الفنانة التشكيلية الفلسطينية فيرا تماري: هذا من اكثر الاعمال الطموحة التي تقام من اجل فلسطين في اي مكان عبر ستين عاما وهو ليس معرضا تقليديا. ففيه صور تروي قصة النكبة تثير كثيرا من العواطف. والمعرض غني بالمعلومات يرتكز على شهادات لاناس عاشوا نكبة 48 وبقيت نكباتهم متتالية.

ام حمزة في فيلم وثائقي يترجم تمسك الشعب الفلسطيني بالعودة

 (ام حمزة) فليم وثائقي للمخرجة الفرنسية جاكلين جيستا تفرد فيه مساحة واسعة لنساء فلسطينيات عايشن النكبة للحديث عن لحظات التشرد والنزوح وذكريات الحياة في قرى لم تعد موجودة.

وقالت جيستا بعد العرض الاول لفيلمها في مسرح وسينماتيك القصبة في رام الله بالضفة الغربية: اخترت النساء للحديث في هذا الفيلم عن قصد لان هؤلاء النسوة هن مصدر الذكريات والمنبع لهذه الاحداث وهن افضل من يعبرن عنها.

واضافت، بدأت رحلة الاعداد لهذا الفيلم (ام حمزة) منذ خريف 2004 وزرت مجموعة كبيرة من العائلات وقمت باختيار ما شاهدتموه في الفيلم وكان التركيز على عائلة شرايعة التي تملك مجموعة كبيرة من الوثائق منذ عام 48 وما قبلها. بحسب رويترز.

ويبدأ الفيلم بحديث عجوز فلسطينية تجاوزت السبعين من العمر برواية لبداية احداث النكبة وهي تجلس في بيتها في مخيم بلاطة في نابلس بالضفة الغربية كان بيت واسع مبني من الحجارة 14 في الدار طلعنا كان معي الولد صغير على صدري كنت ارضعه مني ما كان في حليب او اشي يوكل كنا تحت الزيتونة بس حرام معنا.

وهذه المرأة من قرية كفرعانة التي دمرت بعد عام 1948 ولم يبق منها سوى آثار لمسجدها وبعض واجهات منازلها واقيمت مكانها منطقة سكنية اسرائيلية معظمها عمارات شاهقة. كانت تنظر بحسرة الى بعض صور للعائلة ومنزلها الذي هجرته عام 48.

وقالت جسيتا: لقد ذهبت الى المكان الذي تحدثت عنه (قرية المرأة الفلسطينية) وجدت بقايا المسجد القديم (تظهره في الفيلم) وبعض جدران المنازل.

وتقدم المخرجة الفيلم الناطق باللغتين الفرنسية والعربية على مدى 78 دقيقة في وقت قالت انها تعمل على ان تكون هناك ترجمة انجليزية واسبانية للفيلم لعرضه كنماذج لقصص انسانية مؤثرة يرويها اصحابها عن ترك بيوتهم لا يحملون معهم منها شيئا على امل العودة بعد ايام.

وتقول امراة في الفيلم توضح انه عند النكبة كان عمرها 18 عاما وكان لديها ولد وبنت: البنت حصبت وماتت الي شفناه ولا حدا في العالم شافه. عشنا في خيم اجا مطر كثير ثلج صارت الخيمة تطير وتترك اصحابها بلا غطى.

وتعرض امرأة اخرى كان لدى عائلتها بقالة في تلك الفترة دفترا يضم معظم اسماء اهل قريتها الذين كان يشترون بعض الاغراض من البقالة ويقومون بسدادها عند المحصول وتتحدث بحسرة عن بيارات البرتقال والبساتين في تلك المرحلة.

ومن بين الوثائق التي يقدمها الفيلم حصر ارث شرعي صادر عن قاضي محكمة يافا الشرعية عام 1943 اضافة الى شهادات ميلاد صادرة من حكومة فلسطين دائرة الصحة.

وبعد ستين عاما على نكبة الفلسطينيين فان حلمهم بالعودة ما يزال قائما وتقول عجوز: معتمدين على الله ان نعود الى ديارنا. بعد وطنه الواحد ما لشهوه ايشي لو عشت مهما عشت بقولوا عنك لاجئ. وتشير الى حفيدها: امك اجابتك وصرت زلمة وانا يا حبيبي مياتي على النار.

ويرى الجيل الثالث للنكبة ان لا مستقبل في فلسطين ويقول فتى بينما كان يحمل دفترا يتعلم الانجليزية متحدثا الى المخرجة: كل هذه الكلمات مات يموت الموت كلها كلمات موجودة في فلسطين سلام لا سلام في فلسطين مستقبل لا مستقبل في فلسطين.

وتنقل المخرجة المشاهدين في كثير من اللقطات بين صور من داخل المخيمات التي سكنها الفلسطينيون وتلك الارض التي تركوها هربا من المعارك او اجبروا على تركها ومنها قرية كفرعانة التي تشتت سكانها في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا.

ويحمل الفيلم اشارة تمسك الفلسطينيين بالعودة الى تلك القرى والبلدات التي هجروا منها من خلال شاب ولد في المخيم زار مسقط راس والده في قريته كفرعانة ويحاول من خلال الحديث مع والده على الهاتف ان يعرف مكان بيتهم من خلال بعده عن المسجد الذي مازالت اثاره قائمة الى اليوم.

ودافعت المخرجة عن عدم ظهور رواية الجانب الاسرائيلي في فيلمها وقالت: لم ادخل شهادة الطرف الاسرائيلي في هذا الفيلم لانني اردت اعطاء فرصة للطرف الفلسطيني الذي لم يعط الفرصة للحديث عن مشاعره وذكرياته ولهذا السبب لم اقاطع ايا من النساء خلال حديثنا عن ماجرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 10 أيار/2008 - 3/جماد الاول/1429