
شبكة النبأ: يرى دبلوماسيون في كل من روسيا وجورجيا أن تلويح
موسكو بالحرب بسبب النزاع على اقليمين متنازع عليهما في جورجيا
انما يحركه متشددون في الكرملين يريدون دفع الرئيس الروسي الجديد
الى موقف معاد للغرب.
فقد تصاعد التوتر بشدة في منطقة جنوب القوقاز الملتهبة منذ أن
قامت روسيا بتقوية علاقاتها بحكومتي اقليمي أبخازيا وأوسيتيا
الجنوبية الانفصاليتين وارسال مزيد من قوات حفظ السلام الى أبخازيا
والتهديد باستخدام القوة اذا شنت جورجيا هجوما.
ويشير دبلوماسيون في كل من موسكو وتفليس الى أن المشاحنات
الاحدث جاءت أثناء فترة سكون سياسية في روسيا قبل تنصيب ديمتري
ميدفيديف رئيسا للبلاد الاسبوع القادم.
ويرون أن من المحتمل أن يكون ميدفيديف وهو محام ليست له أي صلات
بأجهزة الامن زعيما أكثر انفتاحا على الغرب من سلفه فلاديمير بوتين
ولكنهم يقولون انه قد يواجه مقاومة شديدة اذا حاول احداث تغييرات
في السياسة.
ولم يعط ميدفيديف بعد أي اشارات واضحة بشأن الخط الذي سينتهجه
بشأن جورجيا لكن يجري بالفعل فرض حقائق على الأرض قبل أن يتولى
السلطة في السابع من مايو آيار.
وقال دبلوماسي تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه "يعتقد كثير من
المحللين المستقلين أن الجيش وجهاز المخابرات الداخلي يديران
السياسة الروسية في القوقاز في الوقت الحالي."بحسب رويترز.
وينحاز الغرب بقوة لجانب جورجيا في هذا النزاع مبديا قلقه من
لجوء موسكو لحشد القوات ومنتقدا قرارها بتقوية العلاقات مع
الانفصاليين.
وهذا يناسب المتشددين في موسكو الذين لا يثقون في الغرب.
ويريدون رؤية روسيا قوية تعيد تأكيد نفسها وتنال الاحترام من خلال
القوة كما كان الحال في العهد السوفيتي.
وبدأت روسيا نشر 1200 جندي اضافي في أبخازيا وهو اقليم ساحلي
يعاني من الفقر كان من قبل ساحة ترفيه للنخبة السوفيتية.
وتقول روسيا ان من حقها أن تضيف الى قوات حفظ السلام في الاقليم
وتقول انها مضطرة لذلك لان جورجيا تحشد القوات وتخطط لغزو.
ويقول دبلوماسيون ان قوة مراقبة تابعة للامم المتحدة متمركزة في
المنطقة لم ترصد أي حشد للقوات من جانب جورجيا. ويقولون كذلك ان
موسكو تبدل شاحناتها العسكرية في أبخازيا بناقلات جند مدرعة.
وتنفي جورجيا وجود أي خطط لغزو أبخازيا وتتهم القوات الروسية
بأنها أصبحت طرفا في الصراع بدلا من أن تكون قوة محايدة.
وتصعد تفليس أيضا حدة خطابها وتتهم روسيا بالتخطيط لضم أبخازيا
وبأنها تنتهك سيادة الاراضي الجورجية من خلال ارسال قوات اضافية
دون موافقة جورجيا.
ويقول بوتين الذي من المتوقع أن يحتفظ بقدر كبير من النفوذ من
خلال منصبه كرئيس للوزراء تحت رئاسة ميدفيديف ان روسيا ملتزمة
بحماية سكان الاقليمين الساعيين للانفصال لان غالبيتهم يحملون
جوازات سفر روسية. وتساءل أيضا لماذا لا يكون من حق سكان أبخازيا
وأوسيتيا الجنوبية الاستقلال مثل شعب كوسوفو.
وصقور الكرملين غاضبون لقرار الغرب تجاهل اعتراضات روسيا القوية
على الاعتراف باستقلال كوسوفو. ويشعرون كذلك بالتهديد من خطط حلف
شمال الاطلسي طويلة الاجل لقبول عضوية جمهوريتي أوكرانيا وجورجيا
وهما من الجمهوريات السوفيتية السابقة ولا يريدون أن يروا أن
ميدفيديف ينتهج نهجا مهادنا بمجرد توليه السلطة.
وقال دبلوماسي اخر "هناك مجموعة معينة من الناس في موسكو غاضبة
من الطريقة التي تدار بها الامور ويجدون أن من المناسب العثور على
طرق للتصدي للغرب."
ولا يعتقد المراقبون أن روسيا لديها أي رغبة حقيقية في الحرب في
أبخازيا أو أوسيتيا الجنوبية أو أي رغبة حقيقية في منح اعتراف
بحكومتيهما الانفصاليتين.
وكلا الامرين سيسببان لموسكو مشكلات تفوق كثيرا أي مزايا لاسيما
أنها تواجه مجموعة من التحديات الانفصالية داخل حدودها.
ويقول دبلوماسيون ان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي يعرف رغم
اصداره بيانات تلوح بالحرب من حين لاخر أن أي محاولة لاستعادة
الاقليمين بالقوة ستبدد اماله في الانضمام لحلف الاطلسي وتوثيق
علاقاته مع الغرب.
ولكن في منطقة غير مستقرة يحكمها زعماء يتسمون بحدة المزاج ولها
تاريخ حديث من الحروب ورأي عام متقلب فان الاستفزازات من قبل موسكو
أو تفليس كاللعب بالنار بالقرب من مستودع للذخيرة.
روسيا ترسل قوات إضافية
وقالت وسائل إعلام روسية إن قوات روسية إضافية بدأت تصل إلى
إقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا. بينما ووصف زعماء جورجيا المؤيدون
للغرب هذه التعزيزات بأنها تصرف غير مسؤول وغير مشروع. وقالت وزارة
الدفاع الروسية ان قوة حفظ السلام ستظل في اطار حد الثلاثة الاف
المسموح به في اتفاق وقف اطلاق نار توسطت فيه الامم المتحدة عام
1994.
وقالت الوزارة في بيان نشرته الوكالة الروسية للاعلام "القوة
تستكمل تركيز الوحدات في مواقع انتشارها."قوات حفظ السلام الروسية
بدأت تعد مخازن الاسلحة ومواقف المركبات وأماكن الطهي في الميدان.
العملية جارية لحراسة نقاط الانتشار وتحديد مناطق القيادة ونظم
الاتصالات."
وبث التلفزيون الرسمي الروسي لقطات لطابور من الشاحنات
والمركبات المدرعة التابعة للجيش الروسي وهي تسير عبر مدينة سوخومي
أكبر المدن في اقليم أبخازيا.
وكان اقليم أبخازيا وهو قطاع شبه مداري من الارض يطل على البحر
الاسود ساحة للنخبة السوفيتية. ونال منه الدمار بسبب القتال بين
قوات انفصالية وقوات جورجيا خلال التسعينيات. ولايزال الاقليم
معترفا به دوليا كجزء من جورجيا لكنه يدير شؤونه بدعم من روسيا منذ
انتهاء القتال.
وتقول جورجيا التي أثارت غضب موسكو بسبب سعيها لنيل عضوية حلف
شمال الاطلسي والتي تعد مسارا مهما لصادرات الطاقة ان قوات حفظ
السلام الروسية منحازة للانفصاليين وتسعى لحشد تأييد من أجل
ابدالها بقوات متعددة الجنسيات. ونفت أي خطط لها لمهاجمة أبخازيا.
وجاء نشر القوات بعد اعلان موسكو انها ستوطد العلاقات مع
الانفصاليين وبعد مزاعم من تفليس بأن موسكو أسقطت طائرة تجسس
جورجية بدون طيار الامر الذي نفته موسكو.
الناتو يحذر روسيا
من جهة ثانية انتقد حلف الناتو خطط روسيا لزيادة قوات حفظ
السلام التابعة لها في اقليمي ابخازيا وجنوب اوسيتيا المنشقين عن
جورجيا، والذين يعيش بهما اغلبية من السكان الروس.
وقال المتحدث باسم حلف الناتو جيمس اباثوراي ان زيادة القوات
الروسية تقوض سيطرة جورجيا على الاقاليم التابعة لها، وانها تزيد
من التوتر في المنطقة. واوضح ان الحلف يتابع بقلق هذه التطورات. كما
عبر المتحدث باسم البيت الابيض عن قلق واشنطن لارسال المزيد من
القوات الروسية الى الاقليمين.
ومن جانبها قالت روسيا انها لا تستعد للحرب، لكنها ستقوم بالرد
اذا قامت جورجيا باستخدام القوة العسكرية ضد الاقليمين. ووصف وزير
خارجية جورجيا ديفيد بكرادز التحرك الروسي بانه بداية "عدوان عسكري
شامل".
واتهمت موسكو سلطات تبيليسي بالاستعداد لاجتياح أبخازيا، وقالت
إنها تعزز من وجودها العسكري قريبا من هذه المقاطعة، وكذلك عند
مقاطعة أوسيتيا الجنوبية. بحسب بي بي سي.
وقالت روسيا إن جورجيا تحشد 1500 جندي وشرطي بوادي كودوري
الأعلى، المنطقة الوحيدة التي لا زالت خاضعة لسيطرة جورجيا
بأبخازيا. وأضافت قائلة إنها زادت من عدد قوات حفظ السلام
بالمنطقتين الجورجيتين.
ودعا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا -بعد
لقاء جمعه مع وزير الخارجية الروسي- موسكو إلى ضبط النفس. وقال إن
الزيادة في عدد قوات حفظ السلام الروسية في الوقت الراهن قرار "يفتقر
إلى الحكمة".
وتقول محررة الشؤون الأوروبية بالبي بي سي وانا لونجيسكو إن
تصريحات سولانا تعكس قلقا متعاظما بعدما تعهد حلف شمال الأطلسي
بمنح العضوية لجورجيا على الرغم من المعارضة الروسية.
يذكر ان كثيرا من مواطني ابخازيا وجنوب اوسيتيا يطالبون
بالاستقلال عن جورجيا، ويتطلعون الى تكرار تجربة اقليم كوسوفو الذي
اعلن انفصاله عن صربيا في فبراير/شباط 2008.
ابخازيا في حالة تأهب لمواجهة تدخل عسكري
جورجي محتمل
من جهة اخرى صرح ميراب كيشماريا "وزير" الدفاع في جمهورية
ابخازيا الانفصالية الجورجية ان القوات الابخازية مستعدة لمواجهة
تدخل عسكري جورجي محتمل.
وقال كيشماريا في تصريحات بثتها وكالة الانباء الروسية انترفاكس
"نحن على علم بخطط الجانب الجورجي القيام بتدخل عسكري في ابخازيا
ومستعدون لمواجهة هذا العداون" مؤكدا ان "قواتنا في حالة تأهب".
واضاف "احذر السلطات الجورجية من اننا لا نحتاج لاكثر من بضع
ايام لدخول كوتايسي (مدينة كبيرة في غرب جورجيا) ردا على العدوان
الجورجي".
ونقلت وكالات الانباء الروسية عن مصدر عسكري روسي قوله السبت ان
تبيليسي اعدت بالتعاون مع خبراء اجانب خطة لعملية عسكرية ضد
ابخازيا يمكن ان تنفذ خلال ايام. ونفت جورجيا هذه المعلومات معتبرة
انها "استفزاز".
ونقلت وكالة الانباء الروسية ايتار تاس عن مسؤول في وزارة
الخارجية الجورجية قوله ان "تأكيدات كهذه لا اساس لها وترتدي طابعا
استفزازيا". واضاف ان الهدف من هذه المعلومات هو "زعزعة الجانب
الجورجية وتضليل الاسرة الدولية".
وكانت روسيا التي تتهم جورجيا بالاعداد "لعملية عسكرية" ضد
ابخازيا نشرت الخميس قوات اضافية في الجمهورية الانفصالية رغم
اعتراضات جورجيا والغرب.
وتوترت العلاقات بين روسيا ومجددا منذ اعلان موسكو في 16
نيسان/ابريل تعزيز علاقاتها مع ابخازيا واوسيتيا الجنوبية المنطقة
الانفصالية الثانية في جورجيا.
ورأت تبيليسي في اعلان روسيا ردا على الوعد الذي قطعه حلف شمال
الاطلسي بقبول انضمام جورجيا الجمهورية السوفياتية السابقة في
المستقبل. |