المعهد العربي الامريكي وذكرى الكاتب جبران خليل جبران

شبكة النبأ: احتشد نحو 800 مواطن أميركي بينهم عدد كبير من أصول عربية في قاعة الاحتفالات في أحد فنادق واشنطن على مقربة من البيت الأبيض مؤخرا، احتفالا بالمناسبة السنوية العاشرة لتوزيع جوائز روح جبران خليل جبران الإنسانية.

وهذا الاحتفال هو العاشر الذي تنظمه جمعية عربية أميركية رئيسية تكريما لذكرى جبران واعترافا بما قدم خلال حياته، التي كتب لها أن تنتهي في مثل هذا الشهر قبل 77 عاما، وذلك في مدينة نيويورك.  

وتمنح الجوائز التي أنشئت في العام 1999 للأفراد والمنظمات اعترافا بالأعمال التي تتسم "بتعزيز الشمولية والتوافق الثقافي والتعاون بين الجماعات العرقية والطائفية والدينية المختلفة." وجاء إنشاء الجوائز بمبادرة من مؤسسة المعهد العربي الأميركي التي تتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقرا لها، وتقدم الدعم للبرامج التي تعزز انتشار "وعي أكبر بالعرب الأميركيين والأبحاث الديمغرافية السكانية والتواصل الدولي."

وحسب موقع المؤسسة العربية الأميركية على شبكة الإنترنت فمن بين الذين فازوا بتكريم هذه الجوائز هذه السنة هما منظمتا "اللاجئون الدولية" و"صحفيون بلا حدود"، فضلا عن عضو الكونغرس النائب راي لحود، وهو عربي أميركي، ومؤسسة بارنبويم – سعيد.

وقد حضر الاحتفال هذه السنة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تصادف وجوده في واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وألقى كلمة بالمناسبة.

وقد فاز النائب راي لحود (وهو نائب جمهوري عن ولاية إلينوي) بجائزة نجيب حلبي للخدمة العامة، وقدم الجائزة له السناتور جون سنونو، من ولاية نيوهامشاير، وهو العضو الوحيد من أصل عربي في مجلس الشيوخ. ومن الجدير بالذكر أن الجائزة تمنح كل سنة لمواطن أميركي من أصل عربي "يتميز في الخدمة العامة" ويبرهن على اعتزازه بتراثه العرقي. والمعروف أن نجيب حلبي، والد ملكة الأردن السابقة نور، كان قد تولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة "بان أميركان" للطيران في الستينات، كما ترأس إدارة الطيران الفدرالية خلال فترة حكم الرئيس جون كنيدي.

وينتمي النائب لحود في أصله إلى مهاجرين لبنانيين جاءوا إلى الولايات المتحدة في العام 1895 ودخلوها عبر جزيرة إيليس، التي كانت مركزا لعبور المهاجرين بنيويورك، ثم واستقروا في مدينة بيوريا في ولاية إلينوي. وقد ولد راي في بيوريا في العام 1945 واستهل حياته المهنية كمدرس بعد تخرجه من الجامعة في العام 1971. ثم انتقل إلى مجلس نواب ولاية إلينوي في العام 1982 وفاز في نهاية المطاف في انتخابات عام 1982 بمقعد في مجلس النواب الأميركي. بحسب تقرير موقع يو اس انفو.

وتحدث النائب لحود عن أجداده وطريقة حياتهم فوصفهم بأنهم "سلكوا ذات السبيل الذي سلكه معظم المهاجرين في جعل أميركا بلدا عظيما. فتعلموا اللغة الإنجليزية وعملوا بجد والتزموا بالقواعد والقانون."

وفي إعرابه عن مشاعره عند تلقيه الجائزة قال لحود إن حقيقة "أن تتاح لحفيد مهاجرين لبنانيين" فرصة الخدمة في الكونغرس الأميركي "إنما هي دليل على عظمة أميركا." وأضاف قائلا "إن الخدمة العامة واجب نبيل، وبغض النظر عن خلفية المرء وأصله، فهو قادر على إحداث تغيير."

ومما تجدر الإشارة إليه أن من بين العرب الأميركيين الذين فازوا بمناصب انتخابية أو عينوا لمناصب رسمية في الماضي ونالوا الجائزة، رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض السابق وحاكم ولاية نيو هامشاير السابق جون هـ. سنونو والد السناتور جون سنونو، والنائب نك رحال، ووزير الطاقة الأسبق سبنسر أبراهام وغيرهم.

الرئيس الفلسطيني عباس تحدث إلى الحضور في بداية الاحتفال، وجدد في كلمته التزامه بخريطة الطريق للسلام التي تبنتها اللجنة الرباعية. وقال إنه عاكف على إجراء محادثات شخصية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت. لكنه أقر بأنه ما زالت هناك خلافات كبيرة حول المسائل والقضايا الأساسية، مضيفا أن "أهم عقبة في طريق عملية السلام والمفاوضات هي استمرار النشاط الاستيطاني" الإسرائيلي. ومع ذلك، أعرب عباس عن التزامه "الذي لا يتردد نحو التوصل إلى حل لتلك القضايا."

وتسلمت السيدة مريم سعيد، أرملة المفكر الشهير والأستاذ الجامعي العربي الأميركي الدكتور إدوارد سعيد، جائزة خاصة لمؤسسة بارنبويم – سعيد تقديرا لبرامجها التي تعمل على الجمع بين الموسيقيين الشبان من الشرق الأوسط من أجل السلام. وكان المفكر الراحل إدوارد سعيد ودانيل بارنبويم قد سعيا في سبيل التقريب بين العرب والإسرائيليين عن طريق الموسيقى. ولذا، فإن هدف المؤسسة التي تحمل اسميهما، طبقا لموقعها على شبكة الإنترنت، هو "تعزيز روح السلام والحوار والمصالحة من خلال الموسيقى في الدرجة الأولى، ثم إعداد المشاريع الإعلامية والتعاونية وتنفيذها ونشرها في الأراضي الفلسطينية وبقية بلدان الشرق الأوسط."

أما منظمة "صحفيون بلا حدود" فقد جرى تكريمها بمنحها الجائزة اعترافا بدفاعها عن الصحفيين وتأييدها حرية الصحافة في أنحاء العالم. وقد تسلم جائزة الامتياز المؤسسي نيابة عن المنظمة أمينها العام روبرت مينارد. وذكّر الحاضرين عند تلقيه الجائزة بأن "أكثر من 200 مهني من ممثلي وسائل الإعلام" قد قتلوا في العراق منذ آذار/مارس 1983.

والمعروف أن منظمة "صحفيون بلا حدود" تتخذ مقرا لها في باريس وتعمل في سبيل "رفع مستوى سلامة الصحفيين" والدفاع عن الصحفيين الذين يتعرضون "للسجن أو الاضطهاد" علاوة على توفير المساعدة المالية لهم ولأسرهم.

أما جائزة الالتزام الدولي فقد منحت لمنظمة "اللاجئون الدولية" تقديرا لمساهماتها في المجال الإنساني على مدى 25 عاما "ولتصديها لأزمة اللاجئين العالمية بأسلوب مزدوج من القول والفعل." وقام بتسليم الجائزة الممثل عضو مجلس منظمة اللاجئين الدولية سام ووترستن إلى رئيس المنظمة فاروق كوثري.

ووصف سام ووترستن منظمة "اللاجئون الدولية" بأنها تسعى إلى تركيز الاهتمام والمناداة بالحلول لنحو "50 مليون نازح ومشرد بلا وطن" رغم أن عدد موظفيها لا يتجاوز 26 موظفا. واستطرد قائلا إن تقرير المنظمة لعام 2006 يشير إلى أن اللاجئين العراقيين يشكلون "أسرع أزمة لاجئين نموا في العالم" مما استدعي عملا عاجلا من مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، ومن وزارة الخارجية الأميركية والكونغرس.

يذكر أن جوائز روح جبران خليل جبران الإنسانية قد سميت باسم المفكر اللبناني المولد الأميركي الجنسية الشهير جبران، صاحب كتاب "النبي" الذي تجلت رسالته في "تحمّل الإنسان وانتصاره في حياته وأعماله." كذلك تجسد الجائزة "اعتزاز جبران بتراثه العربي واحترامه للحرية التي وجدها في الولايات المتحدة، وحبه الشامل للإنسانية."

ويجمع حدث توزيع الجوائز السنوي بين حضوره والمشاركين فيه أعضاء من الكونغرس وحكام الولايات والسفراء والأدباء والفنانين وغيرهم من الأميركيين المتحدرين من أصول عربية ومن كل مسارب الحياة. وتقول هيلين سمحان، المديرة التنفيذية لمؤسسة المعهد العربي الأميركي "إن هناك نحو 4 ملايين أميركي من أصل عربي" في الولايات المتحدة اليوم.   

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1 أيار/2008 - 24/ربيع الثاني/1429