
شبكة النبأ: بينما ابتلعت سوريا على مضض واستحياء مرارة الهجمة
الاسرائيلية الاخيرة على مفاعلها المثير للجدل قال مسؤولون
اسرائيليون إن اسرائيل مستعدة للمشاركة في اجتماع رفيع المستوى مع
سوريين برعاية تركيا لاستطلاع فرص استئناف مفاوضات السلام.
وأضافوا أن اجتماعا تمهيديا كهذا بين ممثلين اسرائيليين وسوريين
سيكون الخطوة التالية في جهود الوساطة التي يبذلها رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان الذي أجرى محادثات في مطلع الاسبوع مع
الرئيس السوري بشار الاسد.
وقال مسؤولون اسرائيليون إن ذلك الاجتماع قد يضع الاساس لاجراء
محادثات ذات طابع رسمي أكبر في المستقبل رغم أن اردوغان قد يواجه
مهمة شاقة في دفع الطرفين لاجراء مفاوضات رسمية قبل أن يترك الرئيس
الامريكي جورج بوش منصبه في يناير كانون الثاني القادم.
وقال المسؤولون الاسرائيليون ان ادارة بوش أبدت فتورا ازاء
السعى لاستئناف المفاوضات الاسرائيلية السورية التي انهارت عام
2000 دون حسم لمصير مرتفعات الجولان.
وقال مسؤول اسرائيلي كبير طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية
الموضوع "لا يمكنني أن أرى سببا يدعو اسرائيل لعدم الحضور اذا جاءت
دعوة كهذه من تركيا." وقال مسؤول اخر ان مكتب رئيس الوزراء
الاسرائيلي ايهود أولمرت " سيقبل". بحسب رويترز.
وتقول سوريا ان تركيا ابلغتها بان اسرائيل مستعدة لاعادة
مرتفعات الجولان المحتلة بالكامل مقابل السلام مع سوريا. واحتلت
اسرائيل مرتفعات الجولان في عام 1967 وضمتها في عام 1981 في تحرك
رفضه مجلس الامن الدولي.
وقال مسؤولون سوريون ان دمشق ستتعاون مع تركيا في جهود الوساطة
التي تبذلها لكن على الدولة اليهودية أن تبذل هي الاخرى محاولة
للتوصل الى اتفاق.
ولم يؤكد أولمرت ولم ينف نقل عرض كهذا لدمشق وامتنع المتحدث
مارك ريجيف عن التعليق على ما اذا كان رئيس الوزراء سيوافق على
ارسال مبعوث لاجتماع رفيع المستوى مع السوريين.
وقال ريحيف "اسرائيل ترغب في السلام مع سوريا. كما تعرفون أرسلت
رسائل والسوريون على علم بتوقعات اسرائيل من المحادثات ونحن على
علم بتوقعات السوريين من العملية."
وفيما سعى الاسد لمعرفة موقف أولمرت فيما يتعلق بمرتفعات
الجولان قال مسؤولون اسرائيليون ان رئيس الوزراء يسعى للحصول على
ضمانات بأن محادثات السلام ستفضي الى قيام سوريا بقطع العلاقات مع
ايران والجماعات المعادية لاسرائيل مثل جماعة حزب الله في لبنان
وحركة المقاومة الاسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
وقال مسؤول اسرائيلي كبير انه لم يتضح ان كان أولمرت حصل على أي
تأكيدات من الاسد في هذا الخصوص. وأضاف المسؤول "مسألة الثمن
المستعدون لدفعه لا تزال مسألة مفتوحة."
ويسعى أولمرت الذي لم تظهر محادثات السلام التي يجريها مع
الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتدعمها الولايات المتحدة سوى علامة
ضئيلة على احراز تقدم محدود الى تحسين شعبيته لدى الاسرائيليين
والتي تضررت جراء حرب اسرائيل غير الحاسمة مع حزب الله في لبنان في
عام 2006.
إردوغان يؤكد الوساطة
من جهته أكّد رئيس الحكومة التركية رجب طيب إردوغان، أن بلاده
بصدد لعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل بهدف التوصل إلى سلام في
المنطقة.
ونقلت أسوشيتد برس عن إردوغان قوله إنّ بلاده ستحاول إعادة
إطلاق المفاوضات على مستوى منخفض على أمل أن يتمّ جمع قادة
الدولتين لاحقا.
وجاءت تصريحات رئيس الوزراء التركي في أنقرة، بعد قليل من عودته
من دمشق أين عقد محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وأوضح أنّ سوريا وإسرائيل طلبتا من تركيا "بذل هذا النوع من
الجهد" مؤكدا أنّ أنقرة "ستبذل كلّ ما في وسعها بهذا الشأن."وقالت
مصادر في العاصمة السورية دمشق إنّ اجتماع إردوغان والأسد استغرق
نحو الساعتين. ولم يصدر بيان رسمي فوري حول فحوى المحادثات.
إلا أنّ مصادر استبقت الزيارة بالتأكيد على أنّ من أبرز محاورها
مناقشة تفاصيل عرض إسرائيلي للتخلي عن الجولان، مقابل السلام مع
سوريا.
وجاءت الزيارة بعد يومين من كشف الرئيس السوري عن تلقيه عرض
إسرائيلي للسلام، عبر رئيس الوزراء التركي، وهو ما أكده أردوغان
أيضاً قبيل توجهه إلى دمشق.
ففي تصريحاته للصحفيين بمطار اسطنبول، قال رئيس الوزراء التركي،
إن بلاده تقوم حالياً بجهود وساطة في محادثات السلام بالشرق الأوسط،
إلا أنه لم يتطرق إلى العرض الإسرائيلي للسلام مع سوريا.
وقال أردوغان: "الثقة التي تتمتع بها تركيا تلزمها بالقيام بدور
وساطة"، مضيفاً قوله: "أعتقد أن دبلوماسية السلام، التي نقوم بها
ستكون لها مشاركة ايجابية، سواء في العراق، أو بين سوريا وإسرائيل،
أو بين الإسرائيليين والفلسطينيين."
ايران ستتواجد في هضبة الجولان في حال
اعيدت الى سوريا
واعتبر نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شاوول موفاز ان اعادة هضبة
الجولان الى سوريا سيفتح المجال امام وجود ايراني فيها. وتعتبر
اسرائيل ايران عدوها الاول في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وصرح موفاز لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان "اي انسحاب اسرائيلي من
الجولان سيترجم بوجود ايراني على هضبة الجولان". بحسب رويترز.
وكان موفاز يتحدث من واشنطن حيث يقوم بزيارة في اطار الحوار
الاستراتيجي الاميركي-الاسرائيلي الذي ينظمه البلدان مرتين في
السنة لبحث المشاكل الامنية.
وقال موفاز الذي كان وزيرا للدفاع ورئيسا سابقا للاركان ان "سوريا
ضمن جبهة المتطرفين مما يعني انه سيكون لايران اثر نقل الجولان
اليها وجود على هذه الهضبة التي تعد منطقة استراتيجية".
واضاف موفاز ان "مثل هذا الوجود يعني ان ايران ستكون حاضرة ليس
فقط في الجولان بل ايضا في لبنان من خلال حزب الله وفي قطاع غزة".
وادلى موفاز بهذه التصريحات في حين تؤكد تركيا انها قامت بوساطة
بين اسرائيل وسوريا. ويعارض موفاز التنازلات التي يريد رئيس
الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت تقديمها.
السلام مع سورية يحمل معه سلاماً
إقليمياً شاملاً
ونشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية مقالا يعبر عن وجهة نظرها في
موضوع المفاوضات مع سوريا، جاء فيه: عاد السلام مرة اخرى ليدق على
بابنا بل ويبدو انه يواجه استقبالا اقل برودة في اسرائيل كما هو
واضح. لماذا؟ لأن الوقت برأي المحللين السياسيين بات ناضجا للتفاوض
مع سورية، لا سيما ان الرئيس الامريكي جورج بوش يلملم الآن اغراضه
ويحزم حقائبه استعدادا للرحيل بعد اشهر قليلة في وقت يُجمع فيه كل
مرشحي الرئاسة الامريكية، سواء كانوا من الجمهوريين أو
الديموقراطيين، على استعدادهم للتفاوض مع الرئيس بشار الاس د بدلا
من مقاطعته.
اذ يرى كل من جون ماكين، هيلاري كلينتون وبارك اوباما ان التوصل
لاتفاق سلام بين سورية واسرائيل هو الوسيلة الافضل لتخليص المنطقة
من الاحتقان والتوتر. ذلك ان إبعاد سورية عن »محور الشر« يمكن
برأيهم ان يعيد خلط الاوراق في الشرق الاوسط بما يكفي لفك
التحالفات وخلق مصالح جديدة مما يمكّن اسرائيل من الحصول على قدر
اكبر من الامن في توافر مثل هذا النوع من الاوضاع.
ويضيف مقال هآرتس، لكن، يبدو ان هنالك حاجة لتكرار مرة اخرى
الحقيقة الاساسية الواضحة وهي ان لا شيء يُسهم بتوفير الامن
لاسرائيل اكثر من التوصل لاتفاقية سلام.
لذا، قبل بدء مسيرات التضامن مع مستوطني مرتفعات الجولان، يتعين
التأكيد على ان الانسحاب من هذه المرتفعات مقابل السلام يحظى
بتأييد ليس فقط دعاة السلام بل وايضا بمساندة شخصيات مميزة وبارزة
في مجال الامن.
بالطبع، هناك الكثيرون ممن يطالبون بالاحتفاظ بمرتفعات الجولان،
وهم في هذا يتماثلون مع مستوطني الضفة الغربية الذين يرون في أي
انسحاب مجرد كارثة وطنية، وهم يتماثلون ايضا مع تلك الاحزاب التي
تستمد قوتها من زرع بذور الخوف المرتبط بالامن في صدور الناس مثل
حزب »اسرائيل بيتنا« ومثل اولئك الذين لهم مصالح اقتصادية في
المنطقة كالمتجولين في المناطق الريفية بحثا عن الطيور، وكأولئك
الذين يزرعون الكروم من اجل صنع الخمور، وجميع هؤلاء اناس من
الماضي ممن يعتقدون بان وجود مرصد للمراقبة على قمة جبل حرمون في
مرتفعات الجولان يشكل »عيونا مهمة لاسرائيل« على الرغم من ان مثل
هذه العيون لم تُثبت جدارتها كأداة للتحذير في حرب عام 1973.
فاليوم لم تعد هناك جدوى من التحذير المسبق، ولا من الردع
المعتمد على وحدة النخبة المدربة على القتال في الثلوج في الجيش
الاسرائيلي. فمن الواضح ان الصواريخ لا تتأثر بتحصينات الحدود وما
اذا كانت مرتفعة أو منبسطة.
ولعل من المفيد هنا الاشارة الى ان كلا من اسحاق رابين، ايهود
باراك وبنجامين نتانياهو ايدوا جميعا الانسحاب من مرتفعات الجولان
مقابل السلام وبعض الاجراءات الامنية. كما عملوا جميعا من اجل
التوصل لمثل هذا الاتفاق.
لذا، يبقى ما اذا كان بمقدور الحكومة الراهنة القيام بمثل هذه
الخطوة التاريخية التي تتطلب تنازلات عن الارض مسألة تتعلق بقدرة
القيادة السياسية. ان السلام ليس سلعة مطلوبة من اجل ان تبقى
الحدود هادئة فقط، فالسلام مع سورية يمكن ان يحمل معه سلاما
اقليميا شاملا من خلال تغيير توازن المصالح في المنطقة كلها.
وتختم صحيفة هآرتس مقالها بالاستنتاج، اذا ما تبين ان التقارير
التي تحدثت حول قيام رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت بتوجيه
رسالة عبر رئيس الحكومة التركية الى الاسد يعرب بها عن استعداده
للانسحاب من كل مرتفعات الجولان مقابل السلام كانت صحيحة ـ وهي
كذلك على ما يبدو ـ يكون معنى هذا ان المفاوضات لن تتناول في هذه
المرحلة الانسحاب نفسه بل الاجراءات الامنية الواجب اتخاذها. |