796 صاروخ فقط

مهند حبيب السماوي

لم يكن _  بكل تأكيد _ الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين حينما قال:

Truth is more of a stranger than fiction 

أي الحقيقة اكثر غرابة من الخيال , لم يكن يعرف العراق  لكن مقولته هذه  تنطبق بكل تأكيد على هذا البلد الذي يرزح شعب المسكين تحت وقر المليشيات والارهاب وقوى الظلام .

فقد " أعلن مصدر عسكري أميركي  أن 796 قذيفة هاون وصاروخاً سقطت على مدينة بغداد خلال ثلاثين يوماً، منها 411 سقطت داخل محيط المنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأميركية ومقر الحكومة العراقية وسط العاصمة " .

أنها فعلاً حقيقة أغرب من الخيالات , وصدق مارك توين في مقولته هذا الذي يبدو ان الكثير من القيادات الامنية العراقية مازالت بعيدة عن الحقيقة ومتفائلة " أكثر من اللازم " بخصوص الوضع الأمني في العراق وحقيقته التي تفوق الخيال وأضغاث الأحلام .

عندما كنا طلاباً في المدارس الأبتدائية كان مدرس الجغرافيا يشرح لنا دورة المياه في الطبيعة وكيف يتحول الماء وينتقل من حالة الى أخرى , وكان من احدى مراحل هذه الدورة هو سقوط " 796 قذيفة هاون وصاروخاً على مدينة بغداد خلال ثلاثين يوماً ".....عفواً قصدي سقوط المطر من الغيوم على الارض .

أذن كنا نعرف أن المطر يسقط من الغيوم على مدينة بغداد في تلك المراحل الصغيرة من العمر....ولما كنا نعرف ذلك ونحن صغار لذلك يبدو من السهل أن نعرف ونحن كبار كيف يمكن ان تسقط الصواريخ على نفس مدينة بغداد في هذا الزمن الجميل ...

لكن يبدو ان بعض من قادة الأجهزة الأمنية العراقية لم يحضروا درس دورة المياه في الطبيعة في الصغر فنراهم لم يقتنعوا بأمكانية ان تسقط غير قطرات المطر على بغداد ولهذا لم يتوقعوا ان يحدث هذا وكانوا متفائلين الى حد السذاجة بخصوص الوضع الامني في العراق على الرغم من ان القوات الامريكية وكبار قادتها كانوا يوكدون على ان الوضع الامني هش أو كما يقولون fragile  ويمكن ان تندلع اعمال عنف في اي لحظة من قبل الكثير من الخلايا النائمة وينتهي الاستقرار ويصبح في خبر كان.

تصوروا كيف يمكن الحديث عن استقرار بغداد ووضع أمني جيد  والاخيرة تسقط فيها  796 قذيفة هاون وصاروخاً خلال شهر واحد؟

كيف يمكن لمواطني بغداد أن يقتنعوا بوجود أستقرار أو أمن في اللحظة التي يسقط فيها هذا العدد المهول من الصواريخ؟

لماذا لانتعلم من الأمريكيين الصراحة _ في هذه القضية على الأقل _ ونقول أن وضعنا الأمني مازال لحد الان غير مستقر؟

لماذا نخدع الشعب العراقي ونقول بأن الوضع الأمني تحت السيطرة وان قواتنا الأمنية تبسط سيطرتها على بغداد؟

لماذا مازال يمارس بعض الساسة وقادة الأجهزة الامنية الدور عينه الذي كان يمارسه وزير الأعلام الأسبق محمد سعدي الصحاف وان بنحو مختلف؟

هل ياترى جاءت هذه الصواريخ من الخارج لتلك الايدي الأثمة التي اطلقتها؟

أم انها كانت موجودة في بيوت عناصر مارقة ميليشياوية؟

أكيد انها كانت موجودة في العراق وان الطفل في العراق يعلم ذلك ... لهذا من الغريب ان يصرح البعض بان الوضع الأمني جيد مع العلم انه يدري بوجود كل هذه الأسلحة الثقيلة في ايدي تلك العناصر المارقة سواء التي اندست في ميليشيات جيش المهدي أو غيره من الفصائل المسلحة ...

أخوتي الكرام....قادة الأجهزة الأمنية.....

أنني أعرف جيداً حجم التضحيات التي تقدموها للعراق أنتم وكل عنصر أمني في العراق...

كما أني لا أجهل أيضاً حجم التحديات التي تواجهكم وأنتم تصارعون قوى مختلفة ذات أوجه مُقنعة...

كما أني أعرف أن الكثير منكم من المهنيين المحترفين الذين لانشك قيد انملة بوفائها واخلاصهم لوطنهم ...

أعرف كل ذلك ولا أبخسكم حقكم ..

لكن اطالبكم بالحقيقة...ومصارحة الشعب بالحقيقة...الحقيقة وحدها ...

أين وصلنا بعد خمس سنوات من البداية الجديدة؟

هل يقدر الجيش العراقي لوحده مواجهة أرهاب المليشيات والقاعدة بدون مساعدة الجيش الامريكي؟

وهل تستطيع القوى الأمنية العراقية أن تتحمل مسؤولية الأمن في العراق من غير أن يمد السيد الامريكي يده للمساعدة؟

كيف يمكن للحكومة العراقية والأدارة الأمريكية زعم حماية الشعب وهما لايستطيعان صد الهجمات على المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الحكومة العراقية والسفارة الامريكية؟

ماهي حقيقة وضعنا الأمني والمستوى الذي وصلنا اليه بعيداً عن التفاول الساذج والتشاؤم المتطرف؟

هذا الذي نبتغي معرفته ..

يا اخوتي الكرام...

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30 نيسان/2008 - 23/ربيع الثاني/1429