أطفال العراق: الضحايا الصامتون

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: بين الحيرة المرتسِمة على وجوههم لعدم قدرتهم على استيعاب ما يحدث من أهوال وبين الضعف الجسدي والنفسي، يرزح اطفال العراق تحت وطأة العنف والارهاب والفقر والتهجير ونقص الرعاية والتعليم وقلّة الخدمات...، قائمة طويلة من المخاطر والإهمال، يُتوقع ان تستمر تداعياتها النفسية والجسدية على ابنائنا لعقود اخرى. ما لم يُصار الى تبنّي سياسة حكومية ومجتمعية، تهتم بالطفولة اهتماما ملموسا وفق برنامج طويل الأمد يعمل على تشخيص حالات الخلل والنقص لمختلف الأعمار ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها على أمل عودة الإبتسامة الملائكية لوجوههم، ولو بعد حين...

فقد قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للامم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة السيدة راديكا كوماراسوامي، ان أطفال العراق هم الضحايا الصامتون للعنف الدائرفي البلاد وان 50% فقط من طلاّب المدارس الإبتدائية يرتادون المدارس.

ونقل بيان لمكتب الممثل الخاص للأمين العام لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة، عن السيدة راديكا كوماراسوامي قولها ، لدى اختتام زيارتها الجمعة للعراق والتي استمرت ستة أيام ، إن أطفال العراق هم الضحايا الصامتون للعنف الدائر.

واضافت كوماراسوامي ان " العديد من الأطفال العراقيين باتوا لا يرتادون المدارس وتم تجنيد العديد منهم في نشاطات تتسم بالعنف أو هم رهن الإعتقال، كما أنهم يفتقرون لمعظم الخدمات الأساسية وتظهر عليهم العديد من الأعراض النفسية جراء أعمال العنف التي يشهدونها يوميا."وأردفت قائلة إن " هذا الحال لا يمكن السكوت عليه."

وقال البيان ان السيدة راديكا كوماراسوامي ناشدت كافة الزعماء الدينيين والسياسيين والعسكرين وقادة المجتمعات إرسال رسالة واضحة لأطفال العراق مفادها " تجنبوا العنف وعودوا إلى مقاعد الدراسة."

وأشارت السيدة راديكا كوماراسوامي ، بحسب البيان ،  إلى أن " حوالي 50% فقط من طلاّب المدارس الإبتدائية يرتادون المدارس وهو عدد متدني مقارنة بالعام 2005 حيث كانت النسبة 80%، وأنّ حوالي 40% فقط يحصلون على مياه نظيفة للشرب ولا يزال الإحتمال قائم لتفشي مرض الكوليرا."

وتابعت قائلة انه " ومنذ عام 2004، تنامت أعداد الأطفال الذين يتم تجنيدهم في العديد من الميليشيات والجماعات المتمردة للقيام بعمليات منها شن الهجمات الإنتحارية، ويقبع زهاء 1,500 طفل في مرافق الإعتقال."بحسب تقرير وكالة اصوات العراق.

وقالت ان العديد من العقبات تعترض المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها للمجتمعات المحلية في أرجاء متباينة من البلاد لتحول دون حصول الأطفال على هذه المساعدات ، لافتة الى ان " أكثر من نصف النازحين داخلياً واللاجئين هم من الأطفال الذين يتعرضون لصعوبات جمة في الأماكن التي يعيشون فيها سواء داخل العراق أو في دول الجوار."

وأشارت الى انه "يتعين على المجتمع الدولي تقديم المساعدات للبلدان المضيفة لضمان حماية حقوق هؤلاء الأطفال وحصولهم على الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية."

وحثت السيدة راديكا كوماراسوامي " كافة أطراف النزاع في العراق على الإمتثال التام للمعايير الإنسانية الدولية من أجل حماية الأطفال وإطلاق السراح الفوري لكافة الأطفال دون سن الثامنة عشرة المنخرطين في قواتهم بأي طريقة كانت."

كما دعت" كافة الأطراف للإمتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان المعنية بأحكام عدالة الأحداث والتحول إلى تدابير بديلة للإعتقال بما فيها عمليتي العدالة الوقائية و الإصلاحية."

ودعت الممثلة الخاصة للأمين العام لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة ايضا " كافة الأطراف إلى منح عمّال الإغاثة وتقديم المساعدات حرية وإستقلالية للقيام بمهامهم.

كما دعت السيدة راديكا كوماراسوامي الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى " المشاركة في مبادرات سياسية ودبلوماسية لتأمين وصول آمن للمساعدات الإنسانية وذلك ليتسنّى لوكالات مثل اليونيسيف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمي الوصول للأطفال في كافة أرجاء العراق دون أن تعترضهم أي عقبات."

وذكر البيان ان السيدة كوماراسوامي حثّت كافة الوكالات الإنسانية على التواجد في العراق وممارسة نشاطاتهم، بحسب الأوضاع الأمنية.

وأكّدت مجدداً على دعوتها للزعماء الدينيين وقادة المجتمعات المحلية في العراق لإقناع مجتمعاتهم بإبقاء الأطفال خارج نطاق النزاع.

أطفال العراق يُجنَّدون في أعمال العنف

وقالت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون الأطفال إن الجماعات المسلحة والميليشيات في العراق جندت أطفالا لا تتعدى اعمارهم عشر سنوات احيانا لتنفيذ أعمال عنف في السنوات الأربع الماضية.

واضافت كوماراسوامي في حديث لبي بي سي، إن الجماعات المسلحة في العراق كانت تستغل فقر الأطفال وتدفع لبعضهم لزرع القنابل أو إطلاق قذائف هاون. وأوضحت أن عملية استغلال الأطفال مستمرة منذ عام 2004 وأن المشكلة تتفاقم منذ ذلك الحين.

كما أعربت المسؤولة الدولية عن قلقها من تراجع عدد الأطفال الذين يلتحقون بالمدراس الابتدائية من ثمانين إلى خمسين بالمئة في السنوات الثلاث الماضية.

وقالت كوماراسوامي" أغلبهم لايذهب إلى المدرسة حاليا وعدد كبير تم تجنيدهم لتنفيذ أعمال عنف أو تم احتجازهم حيث لاتتوافر لهم أغلب الخدمات الأساسية".

وأوضحت المسؤولة الأممية أن 40 % فقط من الأطفال تتوفر لهم مياه الشرب النقية، وحذرت من إمكانية تفشي وباء الكوليرا. وأكدت المسؤولة الأممية أيضا أن هناك 1500 طفل داخل مراكز الاحتجاز في العراق.

وناشدت كوماراسوامي رجال الدين والقادة السياسين والعسكريين توجيه رسالة واضحة لأطفلا العراق مفادها " ابتعدوا عن العنف وعودوا إلى المدرسة".

وكان الجيش الأمريكي كشف الشهر الماضي صورا قال إنها ضمن دعاية لتنظيم القاعدة تتضمن عمليات تدريب لأطفال. وتقول واشنطن إنه يتم تدريب الأطفال على استخدام السلاح وتنفيذ عمليات خطف و عمليات " إرهابية " أخرى.

لكنهم يحتفلون باليوم العالمي للطفل

وتجمع مؤخرا زهاء 750 طفلا عراقيا معظمهم أيتام أو فقدوا أحد والديهم في فندق ببغداد للاحتفال بطفولتهم بضع ساعات بعيدا عن أنباء القتل والتفجيرات التي أصبحت من ملامح الحياة اليومية في البلد الذي تمزقه الحرب.

وشمل الاحتفال الذي أقيم برعاية الهلال الاحمر العراقي عروضا مسرحية وموسيقية قدمها أطفال. واختتم باطلاق مئات البالونات الملونة وعشرات من طيور الحمام في الجو في ساحة الفندق.

وكانت مريم الريس من أعضاء البرلمان والمسؤولين الذين حضروا الاحتفال. وذكرت مريم ان الحفل لفتة صغيرة لمساندة أطفال العراق. بحسب رويترز.

وقالت ان هؤلاء هم أجيال المستقبل وبالتأكيد تحاول ان تقدم ولو مساندة قليلة أو دعم في هذا المهرجان. "يمكن الاطفال هذا اليوم عندهم يوم تاريخي بحيث انه ما ممكن ان ينسوه في أيامهم القادمة."

وذكرت الصحف العراقية ان مجموعة من النواب يعدون مشروع قانون يحظر اللعب المصنوعة على شكل أسلحة قائلين ان لها تأثيرا سلبيا على أطفال العراق.

ولاقى آلاف الاطفال في العراق حتفهم أو شوهوا أو يتموا أو أصيبوا بأمرض نفسية خلال خمسة أعوام من أعمال العنف في البلاد.

وتقول وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية ان هناك 4.5 مليون طفل في البلاد فقدوا والديهم أو أحدهما منهم 500 ألف تركوا ليعيشوا في الشوارع. ولا يقيم في دور الايتام الحكومية سوى 459 يتيما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30 نيسان/2008 - 23/ربيع الثاني/1429