كربلاء تحتضن المهرجان الأول للشهداء

تحقيق: عصام حاكم

شبكة النبأ: من غير المعقول ان نستسلم للرأي القائل بان المصادفة هي العنوان الابرز والأبهى في ذاكرة القائمين على مؤسسة الشهداء والساعين الى اقامة هذا المهرجان، الا وهو مهرجان شهداء العراق الاول على ارض الشهادة والفداء ارض كربلاء الحسين وبالأخص في منطقة ما بين المرقدين الشريفين للإمام الحسين واخيه العباس(عليهما السلام) والتي تُدعى منطقة مابين الحرمين.

وقد جاء هذا المهرجان منسجما او ملبيا لذلك الإرث الانساني والتاريخي لتلك المدينة التي اصابها الشمم لعقود خلت، وهو يحمل شعار (كربلاء منبع الشهادة والفداء) وللفترة من 14/4 ولغاية16/4/2008 ميلادية.

ومن اجل الوقوف على ابعاد ومضامين ذلك المهرجان كانت لنا هذه الاطلالة مع عدد من ذوي الشهداء ومع القائمين على هذه المؤسسة الفتية فكانت الحصيلة ما يلي:

وقد كانت اطلالتنا الاولى مع الاستاذ(عدنان الاسدي) وهو النائب الاول في اللجنة التحضيرية للمهرجان والناطق الاعلامي باسم مؤسسة الشهداء فرع كربلاء، حيث قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: هذا المهرجان يعد تظاهرة شهادية تنطق بجزء يسير مما لاقاه ابناء الشعب العراقي على يد الدكتاتورية البائده المتمثلة بالنظام البعثي وهي اقرب ما تكون الى مسيرة رفض لكل انواع الظلم والاضطهاد الذي مورس تلك السنوات المظلمة.

ولم تات اقامة هذا المهرجان في مدينة كربلاء من وحي المصادفة بل جاء ليعبر عن الانطلاقه الاولى للشهادة على ارض الطفوف وهي تكاد ان تكون رسالة ذات ابعاد متعددة حيث يمتد المهرجان على طول ثلاثة ايام من 14/4 ولغاية 16/4.

وقد كان افتتاح المهرجان يختص ببعض الكلمات امثال الكلمة التي القاها الشيخ يوسف الكناني وهو الامين العام لذوي الشهداء، ومن ثم جاءت كلمة الدكتور خلف عبد الصمد خلف ثمة تلتها كلمة الاستاذ الدكتور عقيل الخزعلي محافظ كربلاء.

 وتضمنت ايضا الافتتاحية انشودة للنشاط المدرسي لتربية كربلاء وانشودة اخرى من فرقة احباب الحسين، وبعد ذلك توجه المؤتمرون الى افتتاح المعرض المقام في ظل هذا المهرجان وهو عبارة عن 15 جناح، بعدد المديريات التابعة للمؤسسة والمنتشرة على مستوى قطرنا العزيز، وهو يتضمن 3 الاف صورة للشهداء و100 لوحة زيتية تشكيلية و100 صورة كاركتيرية و100 لوحة ايضا للمقابر الجماعية ويضم  المعرض بين ثناياه متحف لعرض ملابس الشهداء التي وُجدوا وهم يرتدونها في المقابر الجماعية وزنزانات الموت للنظام البائد، فضلا عن ذلك تم عرض بعض الوثائق للاحكام الصادرة من قبل النظام السابق ومن بينها وثيقة صادرة بحق دولة رئيس الوزاء الاستاذ نوري جواد المالكي.

 وقد كانت هناك مسيرة يقودها الاستاذ محافظ كربلاء وذوي الشهداء، بالاضافة الى معرض للكتاب، هذا هو ما جاء به برنامج اليوم الاول.

اما اليوم الثاني فقد جاء منبثقا من وحي الشعر والشعراء الشعبيين امثال السيد سعيد الصافي والشاعر ناظم الحاشي حيث استذكر الشعراء من قصائدهم ما نطقت به الساحة العراقية من معاني التضحية والفداء من اجل رفض ادوات الظلم عبر ميادين استنزاف الارواح والانفس، وما ان انتهت فقرة الشعر حتى جاءت تلك الالتفاتة الكريمة من قبل الدولة من خلال توزيع الهدايا والمبالغ النقدية على ذوي الشهداء.

اما اليوم الثالث فقد كان قنبلة المهرجان وهو يحمل بين طياته ذلك العرض المسرحي المسمى( لن تمحو ذكرنا) حيث اختزل ذلك العرض الوجع العراقي من خلال تلك المشاهد المعبرة عن تلك الممارسات الوحشية، التي كان ينتهجها ازلام النظام البعثي المقبور ابان حكمهم.

مستجليا الوسائل الاجرامية كالتقطيع بالمناشير والتفخيخ واستخدم المواد الكيمياوية لإذابة البشر ناهيك عن الوسائل التقليدية بالنسبة للثقافة البعثية كالإعدام رميا بالرصاص، حيث غصت قاعة البيت الثقافي في كربلاء بعويل الارامل واليتامى وبكاء الامهات والثكالى.

وعند انتهاء ذلك العرض المسرحي جاء مسك ختام ذلك المهرجان بان تقدم هدية لذوي الشهداء قوامها خمسمائة الف دينار عراقي.

اما محطتنا التالية فكانت في اروقة الكتاب المعروض في ذلك المهرجان لنلتقي هناك بالسيد(علي الطلقاني) وهو مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة الرسول الاعظم(ص)، ليحدثنا قائلا: تخليدا للذكرى الميمونة واسهاما من مؤسسة الرسول الاعظم (ص) شرّفنا ان نشارك في مهرجان ومعرض الشهادة الذي تقيمه مؤسسة الشهداء في كربلاء المقدسة، وذلك للاهمية الموضوعية وما تحمله هذه المناسبة من تعظيم لذكرى الشهيد والشهادة، اذ تهوي افئدة الملايين من البشر على ارواح الشهداء وتذرف الدموع الساخنة عليهم كلما مرت مناسبة الشهداء.

من ثم اتجهنا صوب المهندس (يحيى حسن الياسري) رئيس مؤسسة الشهداء فرع كربلاء المقدسة، لنسائله عن ذلك العرس الشهادي الذي تحتضنه كربلاء فقال لـ شبكة النبأ: قطعا هذا المهرجان او هذا العرس الشهادي كما تقول جاء لينفض غبار الزمن عن ذلك التغييب المتعمد ازاء اولئك الذين سقطوا في ميادين الشهادة وهم يحملون شارة العداء السافر للنظام البعثي البائد، وربما يحمل هذا الكرنفال معاني تزخر بالكثير من الصور والمعاني المعبره عن عظم التواصل الحقيقي مع تلك الشريحة التي نالت قسطها الوافر من الابادة والتنكيل.

ويضيف رئيس المؤسسة، لذا تعد هذه التظاهرة رسالة سلام الى كل العالم لتوضيح مدى الاجرام الذي مورس ضد ابناء هذا الشعب ايام النظام البعثي الغاشم، ومن خلال ذلك يعتبر هذا المهرجان متنفس لتضميد جراح تلك العوائل عبر ايجاد وسائل ماديه ومعنويا قد لا تساوي قيد انمله في حساب حجم الخساره الا اننا مرهونين اليوم بمفهوم احقاق الحق ولو بعد حين، فقد تم توزيع مستحقات ماديه للحالة الخاصة لمن يمتلك عشرة شهداء وما دون وايضا هناك 50 عائلة من العوائل المتعففة من ذوي الشهداء شملة بالمستحقات، فضلا عن ذلك ربما يصار الى جعل المهرجان تقليدا سنويا يقام في نفس المكان، وهناك نيه في نقل المهرجان والمعروضات الى محافظات اخرى من عراقنا الحبيب مثل بغداد والنجف ومحافظات اخرى.

وفي اثناء العرض المسرحي التقينا هناك بإحدى الأمهات وهي تجهش بالبكاء على ما تضمنه العرض من مشاهد معبرة عن واقع المعتقلات العراقية وما تعرض له المعتقلين إبان حكم النظام البعثي الفاشي، حيث سألناها عن ولدها الشهيد، وما هو دور المؤسسة تجاه عوائل الشهداء، فاجابت، ان ولدي الشهيد له طفلان وقد اخذه البعثيين بعد الانتفاضة الشعبانية ولم يعود الينا ولم نعلم عنه شيئا لولا ان تكشفت مجزرة المقابر الجماعية حيث عثرنا على رفاته مع الشهداء، وكنا ايام النظام البعثي محط انظار الاجهزه القمعية والبعثية حيث يهددونا في كل مناسبة باننا من حزب الدعوه ونحن لا نستحق الحياة، الا اننا اليوم والحمد لله في ظل المبادرة الكريمة من قبل رئيس الوزراء اصبحنا تقريبا آمنين على معيشتنا ومعيشة ايتام شهداء العراق الأبرار.

كما كان لقاؤنا مع الاستاذ (خلف عبد الصمد خلف) مدير مؤسسة الشهداء، المقر العام، الذي قال لـ شبكة النبأ: لم يكن هذا المهرجان إلا اطلالة بسيطة نجسد من خلالها بشاعة واجرام الفعل البعثي هذا من جهه ومن جهه اخرى نحن نشد على ايادي عوائل الشهداء ونثمن دورهم كشريحة مهمة لها الدور الرائد في تحرير العراق من براثن تلك الزمرة الفاسدة، وهناك في النية اقامت متحف للشهداء ومقبره رمزية في كل محافظة من محافظات عراقنا الجريح لتكون شاهد حي على جرائم النظام البعثي، وهذا الامر بالتاكيد يتطلب منا تضافر جهود كل المؤسسات الحكومية على اختلاف توجهات مثل البلدية والمالية والدوائر الهندسية ودوائر اخرى.

ويضيف الاستاذ خلف، أحب ان اعرج على ملمح تاريخي فان الجزائريين يفتخرون بأنهم قدمو مليون شهيد الا ان العراقيين اليوم يفتخرون عليهم بأنهم لا يعرفون عدد شهدائهم لحد الان، ولدينا طموحات في ان ننقل هذا المهرجان الى دول العالم وربما سوف يحط رحال المهرجان في هولندا قريبا، لننقل للعالم مدى المظلومية التي كان يعاني منها شعبنا المجاهد.

وعند اختتام المهرجان كانت هناك ترنيمة تتردد على ألسنة ووجوه من التقيناهم في رحاب هذا المهرجان من عوائل الشهداء وهي تتسم بين الاستذكار لتلك الكوكبة من الأضاحي والقرابين الى وجه العراق المصطبغ بلون نحورهم التي سقت ثرى الرافدين وبين عنفوان الشموخ والزهو ازاء ما نطقت به مسيرة مؤسسة الشهداء في تمجيد وتخليد تلك الأسر ومحاولة تضميد جراحاتها والاشاره لها بعناوين الفخر والاعتزاز.

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 20 نيسان/2008 - 13/ربيع الثاني/1429