
شبكة النبأ: رغم سياستها ونهجها الإعلامي بدعوتها الدائمة إلى
شعاراتها البراقة في إرساء قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة
عالميا، فتميزت في كلماتها هذه عن كل دول العالم بإعتبارها السباقة في
هذا المضمار، لكن الواضح للعيان ان كل هذه الأمور من شأنها أن تكون
صبغة خارجية لسياسة مبطنة تختلف في القول والمضمون عما تريده هي،
فالولايات المتحدة الامريكية يعيش في كنفها وبين مضامين سياستها
ويترعرع هناك أكبر حالات التطرف العنصري في العالم، مابين السود
الأفارقة واصحاب البشرة البيضاء. رغم الاصلاحات التي جرت خلال الخمسين
سنة الماضية على مستوى الحقوق المدنية.
(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض عليكم إحياء امريكي رسمي
وشعبي في ذكرى رحيل القس الاسود مارتن لوثر كنج داعية اللاعنف الذي ذهب
ضحية مطالبته بحقوق السود في الولايات المتحدة، إذ أغتيل في العام
1968، لكنما البعض يراه بأنه مازال حاضرا وأن دعواه مازالت سارية
المفعول، بل ان حلمه يكاد يتحقق بالمواطَنة الكاملة والمتميزة، من خلال
امكانية فوز المرشح الديمقراطي الاسود اوباما في منصب الرئاسة في
الانتخابات الامريكية القادمة:
ما زال حياً بعد مرور 40 عاماً على وفاته
في الرابع من نيسان/إبريل، 1968، أودت رصاصة قاتل بحياة مارتن لوثر
كنغ، مهندس حركة الحقوق المدنية السلمية الرئيسي وزعيمها في الولايات
المتحدة. وكان له من العمر يومها 39 عاماً. ولكن الأطباء الذين فحصوا
الجثة قالوا إن قلبه الذي أرهقه حمل هم ذلك العدد الكبير من الناس
لفترة طويلة، كان قلب رجل في الستين. وقد بلغ عدد الذين لم تتسع لهم
الكنيسة فوقفوا يتابعون مراسم جنازته من خارجها، حوالى مئة ألف نسمة.
وكان كنغ قد تزعم في اليوم السابق، ضمن "حملة الفقراء" التي نظمها،
نشاطاً لصالح عمال جمع القمامة الذين كانوا أساساً من السود. وقد استمد
الكثير من خطابه الأخير من العهد القديم، وهو الذي أمضى الجزء الأكبر
من حياته في دراسة العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس.
وقد صدق ما جاء فيه وكأنه كان يعلم ما ينتظره، إذ قال: لا أعرف ما
الذي سيحدث الآن؛ فأمامنا أيام صعبة. ولكن الأمر لم يعد يشغلني الآن،
لأنني وصلت قمة الجبل. والأمر سيان لدي. وأنا كالجميع، أود العيش حياة
طويلة، وللعمر الطويل مكانه. ولكن ذلك لم يعد يشغلني الآن. وكل ما
أريده هو أن أنفذ مشيئة الله. وقد أتاح لي الوصول إلى قمة الجبل. وقد
أجلت بصري، وشاهدت أرض الميعاد. وقد لا أصل إلى هناك معكم. ولكنني أريد
أن تدركوا الليلة أننا، كشعب، سندخل أرض الميعاد. ولذا فأنا سعيد
الليلة؛ ولا أشعر بالقلق حول أي شيء؛ ولا أشعر بالخوف من أي شخص. لقد
شاهدت عيناي مجد مجيء الرب.
وكان العام 1968 عام الأحداث الجسيمة والجيشان السياسي في جميع
أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة، وبالتحديد في 5 حزيران/يونيو،
اغتال قاتل آخر السناتور روبرت كندي، الذي أمن الدعم في الوقت المناسب
للناشطين في حركة الحقوق المدنية إذ كان وزيراً للعدل.
اغتيال كنغ يؤدي إلى ازدياد العنف
وأدى اغتيال مارتن لوثر كنغ إلى أعمال شغب في واشنطن العاصمة وفي
أكثر من مئة مدينة أميركية أخرى، مهدداً بتحويل نضال الأميركيين
الأفارقة السلمي إلى مجابهة عرقية عنيفة. وقد بدت الحركة، حتى قبل
الحادث الأليم، وكأنها تمر بتحول كان الكثير من أقرب أعوان مارتن لوثر
كنغ إليه يتابعونه بتوجس.
فبحلول شهر أيار/مايو من العام 1966، كان ستوكلي كارمايكل، الذي
شارك في العديد من حملات تسجيل الناخبين، قد رسخ نفسه رئيساً جديداً
للجنة تنسيق الطلبة اللاعنفية، وهي منظمة الطلبة الرئيسية في حركة
الحقوق المدنية، وكانت قيادتها تشعر بنفاد صبر متزايد من استراتيجية
مارتن لوثر كنغ وأعوانه التدريجية.
وقد نادى كارمايكل، في كلمة ألقاها في غرينوود، بولاية مسيسيبي،
بإطلاق "القوة السوداء". وفي حين كان أمثال ثيرغود مارشال ومارتن لوثر
كنغ قد سعوا إلى الدمج العنصري، سعى كارمايكل بدلاً من ذلك إلى
الانفصال. وقال إن الدمج هو: حيلة غادرة للمحافظة على سيادة البيض.
وفي هذه الأثناء، قام حزب الفهود السود (الذي تعيد بعض الروايات أصل
اسمه إلى شعار مصور للناخبين الأميين كان يستخدم في حملة تسجيل
الناخبين في ألاباما)، الذي كان قد أسسه الناشطان هيوي نيوتن وبوبي سيل
في أوكلاند، بكاليفورنيا، في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 1966،
باستخدام أعضاء مسلحين، فهود، لتعقب رجال الشرطة الذين كان الحزب يعتقد
أنهم يستهدفون السود بشكل جائر.
تكريم ذكرى الدكتور مارتن لوثر كنغ، مهندس حركة الحقوق المدنية
السلمية الرئيسي وزعيمها في الولايات المتحدة، فوق جسر خط سريع في
أطلنطا بولاية جورجيا، يوم 8 نيسان/إبريل 1968.
تكريم ذكرى الدكتور مارتن لوثر كنغ في أطلنطا بولاية جورجيا، يوم 8
نيسان/إبريل 1968. وفي حين أن الحزب حظي بقدر من الشعبية لفترة قصيرة،
وخاصة من خلال برامجه الموفرة للخدمات الاجتماعية، إلا أن الاشتباكات
المسلحة مع الشرطة أدت إلى مقتل أو سجن أعضاء الحزب البارزين ونفّرت
الكثير من الأميركيين من أساليبهم المستخدمة للعنف، وأدت إلى تجزئة
حركة الفهود السود. وهكذا تلاشت الحركة تدريجاً في متاهة من الشقاق
الحزبي والاتهامات المتبادلة.
ومع ذلك، خشي الكثيرون أن يؤدي اغتيال كنغ إلى ازدياد نفوذ العناصر
المؤيدة لاستخدام العنف داخل الحركة. وقد أثار البعض في ذلك الوقت
تساؤلات حول الرسالة التي كرس لها كنغ حياته بكاملها. ولكن "أرض
الميعاد" التي وصفها كنغ كانت، من نواح كثيرة، أقرب مما بدت خلال أعمال
الشغب التي شهدها شهر نيسان/إبريل في العام 1968.
صراع العنصرية الأمريكية لن ينتهي
ستبقى التجربة الأميركية الإفريقية التاريخية فريدة دوما. ولكن
تطبيق السلطات الفدرالية بشكل فعال لحق التصويت زوّد الأميركيين السود
بالأدوات التي طالما استخدمها المهاجرون وغيرهم من الأقليات للسعي إلى،
وتحقيق، الحلم الأميركي. ففي الولايات المتحدة، يتمتع الذين يصوتون في
الانتخابات بسلطة سياسية حقيقية. وبوجود الحق في التصويت، ومع مرور
الوقت، أثمرت المساواة السياسية والقانونية مكاسب للأميركيين الأفارقة
من جميع شرائح المجتمع تقريبا.
فعلى سبيل المثال، كان جون لويس، أحد "ركاب الحرية" الذين سالت
دماؤهم نتيجة الضرب الذي تعرضوا له على يد الغوغاء في مونتغمري، بولاية
ألاباما، في العام 1961. وهو يمثل اليوم الدائرة الانتخابية الخامسة في
جورجيا نائباً في الكونغرس الأميركي. وحوالى 50 نائباً تقريباً من
زملائه في الكونغرس هم من الأميركيين الأفارقة، ويتمتع عدد منهم بنفوذ
سياسي كبير كرؤساء لجان مهمة في الكونغرس.
أما دنيس مكنير فقد كانت في العام 1963 إحدى الصبايا اللاتي قُتلن
عندما فجرت مجموعة من الناشطين المتعصبين البيض القنابل في كنيسة
الشارع السادس عشر المعمدانية في برمنغهام. وفي العام 2005، وتولت
صديقتها كوندوليزا رايس منصبها وزيرة للخارجية.
وقد أصبحت معدلات تخرج السود من المدارس الثانوية ثلاثة أضعاف ما
كانت عليه في العام 1966 تقريبا، كما تقلص معدل الفقر إلى النصف تقريباً
خلال نفس الفترة. ويشكل ازدياد حجم الطبقة الوسطى السوداء تطوراً
اجتماعياً يلفت الانتباه على نطاق واسع، مثله في ذلك مثل الكثير من
مشاريع الأعمال الناجحة والعلماء والبحاثة والأدباء والفنانين السود
الكثيرين المتألقين.
ورغم أن الأميركيين ما زالوا يصارعون القضايا العرقية، إلا أن هذه
القضايا تختلف بشكل أساسي عن تلك التي كان يواجهها ثيرغود مارشال
ومارتن لوثر كنغ وجيل حركة الحقوق المدنية.
ولا ريب في أن حركة الحقوق المدنية أجبرت أبناء الشعب الأميركي على
مجابهة التناقض بين مثلهم العليا وواقع الفصل العنصري وعدم المساواة
بشكل مباشر ودون مواربة. وقد دفعت البلد، من خلال ذلك، إلى قطع شوط
بعيد على الطريق إلى المساواة العرقية التامة، وهو طريق ما زال يسير
فيه.
ولعل أهم مقياس للتقدم هو ظهور توافق عريض وعميق، على الأقل بين
الأميركيين الأصغر سناً الذين سيشيدون مستقبل البلد، على أنه يجب تحويل
تاريخ العبودية والفصل العنصري والتمييز المخجل إلى ذلك بالضبط: إلى
تاريخ.
احياء ذكرى مارتن لوثر في الكونجرس الأمريكي
وعقد الكونجرس الامريكي جلسة خاصة في الذكرى الاربعين لاغتيال
المدافع عن حقوق الافارقة في الولايات المتحدة مارتن لوثر كينج.
كما يلقي نجل لوثر كينج كلمة بهذه المناسبة في حفل يقام في موقع
اغتيال كينج في ولاية ميمفيس في الرابع من ابريل/نيسان 1968.
ومن المتوقع ان يحضر الاحتفال كل من المرشح الجمهوري جون ماكين
والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بينما يغيب السناتور باراك اوباما
عن الاحتفال.
في الجلسة التي عقدها الكونجرس بهذه المناسبة بحضور نجل كينج القى
عدد من اعضاء الكونجرس كلمات اشادوا فيها بمارتن لوثر كينج.
وقال السناتور جون لويس الذي عمل الى جانب لوثر كينج في حملة الدفاع
عن حقوق السود في كلمته بهذه المناسبة: ان قيادة هذا الرجل انتشلتنا من
الخوف وجعلتنا نمتلك الارادة ة للانتقال الى الجبهة الامامية في هذه
المعركة.
اما زعيم الاغلبية الديمقراطية هاري ريد فقال: ان جثمان لوثر لم يسج
في مقر الكونجرس في مبنى الكابيتول بعد اغتياله لكن رغم ذلك ولان بلدنا
امتلك الجرأة لاحتضان حلم لوثر كينج فقد اقيم تمثال له امام مبنى
الكابيتول.
وبهده المناسبة نشرت هيلاري كلينتون على موقعها على شبكة الانترنت
شريطا مصورا عن كينج دعت فيه الامريكيين الى استذكار ارث كينج.
وقالت في الشريط: ان افكار وحياة كينج كانت مصدر الهام للامريكيين
وللناس حول العالم للعمل من اجل النضال لتحقيق الكثير من المكاسب وفي
الذكرى الاربعين لاغتياله يجدر بنا الوقوف لاستذكار الارث الذي تركه
لنا كينج.
ممفيس تبكي مارتن لوثر
وفي مسيرة وسهرة شموع احيى الالاف في مدينة ممفيس (جنوب) الاميركية
تحت مياه الامطار الذكرى الاربعين لاغتيال القس الاسود مارتن لوثر كينغ
بطل النضال من اجل الحقوق المدنية للسود.
واستمع الحشد الغفير في هذه المدينة في تينيسي الى الكلمات التي
القيت في ذكرى بطل المساواة العرقية الذي اغتيل وهو في عامه ال39 فيما
وضع اولاده اكاليل الزهور على ضريحه وضريح زوجته كوريتا في مقبرة
اتلانتا (جنوب) بالرغم من الامطار الغزيرة.
من جانبها المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون فتذكرت التأثير
الهائل الذي تركه مارتن لوثر كينغ عليها عندما كانت تستمع الى خطاب له
في شيكاغو وصافحها من بعده. كانت في الرابعة عشرة من العمر.
واغرورقت عيناها بالدموع عندما تطرقت الى اليأس الذي انتابها عند
معرفة نبأ اغتياله. وقالت: خلت ان كل شيء تحطم واننا سنعجز عن لملمة
شتاتنا، معترفة بان اليوم حتى لو تحققت انجازات كثيرة نعلم ان الطريق
ما زالت طويلة. بحسب (ا ف ب).
كما وجه المرشح الديموقراطي باراك اوباما وهو اول اسود يتمتع بفرصة
جدية لدخول البيت الابيض تحية لنضال كينغ في كلمة القاها في انديانا (شمال).
وذكر المرشح الديموقراطي بعد دقيقة صمت بان الخطبة التي القاها
الدكتور كينغ في ممفيس دعما لاضراب عمال النظافة "ما زالت صالحة حتى
اليوم".
وقال اوباما في كلمة القاها في اطار حملته في انديانا: د. كينغ ادرك
ان الكفاح من اجل العدالة الاقتصادية والمساواة العرقية ليسا سوى امر
واحد وان كل فرد جزء من نضال اشمل من اجل الحرية والكرامة والانسانية.
وذكر اوباما في كلمته ان انديانابوليس كانت احدى المدن القليلة التي
حافظت على الهدوء بعد اغتيال كينغ فيما شهدت حوالى خمسين مدينة اعمال
شغب.
كما وصل الى ممفيس ناشطون مشهورون من اجل الحقوق المدنية كالقس ال
شاربتون وجيسي جاكسون الذي كان الى جانب كينغ عند اغتيال الاخير.
واعرب شاربتون عبر تلفزيون "سي ان ان" عن المرارة من المرشحين
الوافدين الى ممفيس. وقال: السؤال هو معرفة من سينجز ما كافح كينغ من
اجله لا من سيمر بصورة وجيزة، معتبرا ان اوباما هو الاقرب لما شغل كينغ
في حياته.
وذكر جاكسون عبر محطة سي ان ان بعدم المساواة التي ما زال السود
الاميركيون يعانون منها اليوم. وقال: يشهد مجتمعنا الاسود المزيد من
البطالة فيما يقبع 2,5 ملايين شخص منا في السجن. لدينا دافع معنوي
للاستثمار في اصلاح عدم المساواة البنيوي هذا. |