نظام الحكم في العراق  بين العلمانية والاصولية

عقيل عبدالله الازرقي

ليس غريبا ان يحدث هذا التفكك في قائمة واحد تؤمن بان العلمانية هي الحل كما تطرح بعض القوائم الاخرى الاسلام منهجا وفكرا. فالعلمانية ليست نوعا واحدا.

ورغم ان الاحزاب الاسلامية لاتصرح خوفا من ان تتهم بالسعي لقيام دولة اسلامية او الخوف من حمى العدوى بنظرية ولاية الفقيه حيث يوجد من هو داخل الحكومة وقبة البرلمان من يسعى لذلك. في حين كان اعضاء القائمة العراقية الذين يمثلون التيار الليبرالي  يجهرون بليبراليتهم  ويروجون لها اينما لاح لهم النقاش.

المشكلة ليس في العلمانية فكثير من يرون ان المخلص الوحيد الذي سوف يخلص العراق والعراقيين من هذا الكابوس هو الاحتكام الى نظام علماني يحاول فصل الدين عن السياسة. ولكن المزاج السياسي للعراقيين غير متقبل للاثنين معا. فرئيس الوزراء العراق الاسبق اياد علاوي هو رئيس اكبر تكتل علماني لحد انسحاب الحزب الشيوعي  في حين كان رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري يمثل الخط الاكثر اسلامية في الائتلاف  لانشاء دولة اسلامية رغم ان الاطراف الاخرى التي تحمل شعارات الاسلام واقامة دولة اسلامية هم اكثر اصولية.

 فقد جربوا العراقيين الاثنين وان لم يدم فترة حكمهما طويلا  الا ان بعض الامور السلبية قد طفت على السطح وكانت ذا اثر سلبي في نفوس العراقيين. فمثلا اياد علاوي كان اكثر قربا من الخط البعثي القومي منه الى العلمانية وترحمه على مشيل عفلق كانت القشة التي قصمت ظهر البعير حين كان يغازل البعثين.

الدكتور اياد علاوي هو وليد هذا الحزب الشمولي الذي كانت قيادة الهرم العائلي والشمولية هي الصفة الغالبة ولان اياد علاوي هو وليد ذلك الحزب الذي كانت عجرفته اوصلته الى ان ينزل الجحور على ان يرقى  ليمنح شعبه فرصة حياة اخير للشعب الذي قاتل معه في كل حروبه التي لم يفكر ولم يشك احد يوما انها عادلة او شريفة .

ومثلما تخيف العراقين شبح قيام دولة اسلامية وفق نظام ولاية الفقيه وبعض المأخذ على هذا النظام من تعسف وتركز السلطة في يد الولي الفقيه ومثال الجمهورية الاسلامية يتبادر الى الاذهان كلما لاحت كلمة دولة اسلامية في  الافق, فأن الحديث عن العلمانية يكرس ايضا تجربة مرة عاشتها بعض الدول الاسلامية التي اتخذت العلمانية منهجا او سياسة.

 التجربة التركية ومايعانون المسلمون المتدينون من مضايقات من قبل النظام من محاربة الحجاب واللحى والصلاة وطريقة معالجة مثل هذه الامور. فالعلمانية في تركيا وبعض الحالات في مصر  مثل طرد مذيعات لانهن ارتدن الحجاب سجلت نفور وتخوف من قيام نظام علماني يكون اكثر تطرفا من الاصولية. ولكن الحالة في العراق تختلف تماما, فبالرغم من ان التوجه هو اسلامي كثر مما هو علماني الا ان قيام النظام الاسلامي في الوقت الحاضر اشبه بالمستحيل. فالوضع الاقليمي في المنطقة والازمة الايرانية -العربية -الامريكية لاتريد قيام نظام يكون امتداد للنفوذ الايراني كذلك هو قيام دولة شيعية وان لم تكن تؤمن بنظام ولاية الفقيه يمكن ان يحدث مشاكل وخصوصا من الدول العربية التي لازالت لديها تخوف من سيطرة الفكر الشيعي على المنطقة.

كذلك الحال بالنسبة للعراقيين من سياسين وموطنين فالاحزاب وخصوصا السنية تعلم ان قيام نظام اسلامي سوف يكون مؤسس على مذهب اهل البيت مما يعني انصهار البقية في دولة لاتدين بمذهب الطرف الاخر.

فالقوائم الان والاحزاب العراقية بكلا الجناحين الاسلامي واللبرالي لا يصرون على افكارهم الخاص بالمنهج الذي يتخذونه فكم ترى العلماني يصنع مالايصنعه الاسلامي والعكس ايضا صحيح. بل يصح القول ان الاسلامي العراقي هو لبرالي واللبرالي هو اسلامي نوعا ما. فالحزب الشيوعي يعزي الامة الاسلامية بستشهاد الحسين(ع) ويهنىء العالم بمولد الرسول(ص) وحميد مجيد موسى يذهب الى اداء فريضة الحج  والجلبي يحضر مجلس العزاء الحسيني واياد علاوي يزور الامام علي كل هذه الامور تحدث للمغازلة يفعلها اللبراليون  الا بعد ارتطامهم بجدار الصد الاسلامي الذي ظهر فجاة بعد سقود تمثال بغداد. كذلك الحال هو بنسبة الى رجلات التيار الاسلامي للاحزاب الشيعية والسنية. فمن دخول معمين الى القائمة العراقية الى التغير الذي حدث في كثير من شخصيات الاحزاب الاسلامية وما تأييد  اية الله العظمى السيد السيستاني الى العملية السياسية والانتخابات الا نتيجة ميل السيد السيستاني الى علمنة النظام بطريقة تساوي اسلمته  وتحفظ للاثنين حقوقهما.

ونتيجة هذا الصراع الجدلي بين  الاثنين (النظام العلماني والاسلامي) تجعل المهمة مستحيلة الى قيام احدهما بطريقة سلمية. ولا يمكن ان يقام نظام اسلامي او علماني الا عندما يستولي احد هاذين التيارين بمنطق القوة. اما النظام الذي يمكن ان يحفظ للعراق وحدة ويقاوم رياح التقسيم هو نظام الدولة الاسلامية العصرية الذي يجب ان يكون نظام منفتح على كل الاطراف وغير منغلق بافكاره. فالمشكلة ان هنالك الكثير من الدول ذات النظام الاسلامي ولكنها وقعت بفخ الجمود والتحجر واقفة وقفت شك على كل ماهو جديد او تعذر الألة الاجتهادية لفقر المجتهد الى المعرفة وعدم الاحاطة بالنص وطرق المعالجة والتعصب. فالمشكلة ان الاجتهاد قد عطل بالكامل ان لم يكن في اغلب ميادين الحياة الاجتماعية ولان الناس لايتقبلون كل جديد. فمثلا يذكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين ان والده كان يستمع الى المذياع لسماع الاخبار سرا في بيته  لان هذا كان غير مسموح به دالخ الحوزة اما من كان يقرا جريدة او صحيفة فهذا مما لايمكن قبوله. كذلك عندما قام السيد محمد صادق الصدر بوضع لوحة اعلانات داخل الحوزة جوبهت المسألة بالسخرية واتهم بالثورة على قانون الحوزة. فالدولة العصرية التي تحمل الاسلام منهجا وفكرا لايوجد بها مايخالف العصر فالله سبحانه وتعالى يقول تعالى (مافرطنا في الكتاب من شيء) ولكن شريطة ان تلتزم الدولة في حفظ حقوق الاخرين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8 نيسان/2008 - 1/ربيع الثاني/1429