الغرب والمفاهيم الاسلامية

شبكة النبأ: تحرص الولايات المتحدة مؤخرا على تحسين صورتها امام أنظار العالم خاصة الإسلامي منه، والذي يعد القوة الأكبر التي تواجه أمريكا، خاصة بعد أحداث سبتمبر وما آلت إليه الأمور من تطرف واضح وماساعدت الولايات المتحدة من جانبها في تأجيج الموقف من خلال وصفها لأكثر من مرة بأن الإسلام متطرف أو تقول بتطرف المسلمين.

في حوار مع مبعوث الولايات المتحدة الامريكية وهو أول مبعوث خاص في تاريخ امريكا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، والذي أجرى الحوار كبير المحررين في القسم العربي في أمريكا دوت غوف، يوضح قمبر إمكانية التواصل مع العالم الإسلامي وولوج مفاهيمه، بدل التصادم معه. مع عرض لحياة "صدى قنبر" المهنية وتاريخه وتنقلاته بين باكستان والولايات المتحدة وخلفيته المتعددة الثقافات، في سياق التقرير التالي:

اول مبعوث امريكي لمنظمة المؤتمر الاسلامي

وصل صدى قمبر إلى الولايات المتحدة قادما من كراتشي، بباكستان، في عام 1978. وبعد ذلك بثلاثين عاماً بالضبط تقريباً تم تعيينه أول مبعوث أميركي خاص في التاريخ إلى منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 دولة عضوا.

ويأمل قمبر أن تساعده خلفيته المتعددة الثقافات في مهمته الجديدة، المتمثلة بالتواصل مع المسلمين في جميع أنحاء العالم، وفي التحدث إلى الأمة الإسلامية عن الحرية التي يتمتع بها المسلمون الأميركيون في ممارسة شعائر دينهم. وقال: إن مهمتي هي إطلاع المسلمين على الاحترام العميق الذي يكنه بلدي للإسلام، والتزامه الراسخ بالحرية الدينية.

وسوف يستعين قمبر في مهمته الجديدة بخبرته الواسعة في القطاع الخاص، فهو مؤسس 11 شركة تكنولوجيا وعضو في مجالس إدارة عدة منظمات تنمية اقتصادية. وهو يعتقد أن باستطاعة الولايات المتحدة تقديم الكثير لجهود التنمية الاقتصادية في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

وقد ذكر، في سياق تأكيده على أن الولايات المتحدة بلد: يأمل في العمل على نحو أوثق مع الدول الإسلامية في مجال خلق فهم وتفهم وتفاهم جديد، وأن الرئيس بوش ووزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، أبلغاه أنهما يعتبران تعيينه: فرصة لنقل علاقاتنا مع العالم الإسلامي إلى المستوى التالي.

وفي ما يلي نص مقابلة أجراها كبير المحررين في القسم العربي في موقع أميركا دوت غوف، مع قمبر حول مهمته الجديدة:

- هل لك أن توضح لنا المهمة التي كلفت القيام بها في منصبك الجديد كأول مبعوث أميركي خاص في التاريخ إلى منظمة المؤتمر الإسلامي؟

قمبر: إن المهمة التي كُلفت بها هي، ببساطة، التحدث إلى المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وإطلاعها على الاحترام العميق الذي يكنه بلدي للإسلام، وبالتزامه الراسخ بالحرية الدينية، وبتصميم الرئيس على العمل مع الزعماء المسلمين في سبيل دفع عجلة السلام والرخاء لجميع الشعوب.

وقد كان الرئيس بوش، لدى تعييني في هذا المنصب، يبعث بمؤشر حول الخطوة المهمة التالية في علاقاتنا مع العالم الإسلامي. ويجدر التذكير بأن الرئيس (دوايت) آيزنهاور وضع حجر الأساس للمركز الإسلامي في واشنطن قبل 50 عاما، وقد نضج الحوار مع الأميركيين المسلمين والمسلمين في جميع أنحاء العالم خلال هذه الفترة.

ومن الواضح أننا نريد مواصلة العمل مع الأمة الإسلامية، (نريد) توسعة اتصالاتنا وتعزيز علاقاتنا. وقد اتخذتُ خطوة مهمة في هذا المجال خلال الأسبوع الأول من توليّ مهمتي كمبعوث، عندما سافرت إلى مقر منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، بالمملكة العربية السعودية، واجتمعت مع أمين عام المنظمة وغيره من كبار المسؤولين فيها. وكان أحد الأمور التي لفتت انتباهي أنه يمكن للمرء أن يرى فوراً، لدى النظر إلى أهداف برنامج السنوات العشر لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أنها تجسد قيم الأمة الإسلامية وقيم الإسلام، وأنها منسجمة تماماً مع قيمنا في أميركا.

وقد قلتُ للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، عندما اجتمعت معه، إنني هنا لكي أعمل. ولدي عام واحد في هذا المنصب. وأنا مستعد للعمل معك.

- ما هو الإحساس الذي اعتراك لأول وهلة بالنسبة لهذا التعيين، نظراً لما يوصف بالفترة الصعبة التي تمر بها العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي، خاصة بعد 11 أيلول/سبتمبر، 2001؟ 

قمبر: إنني في الحقيقة لا أرى الفترة الصعبة التي يلمح إليها البعض. وعلينا نحن كأميركيين مسلمين، عندما يكون هناك سوء فهم أو تفاهم، أن نتواصل مع الأمة الإسلامية ونحدثها عن الحياة هنا في أميركا. فقد تمتعت أنا، كمسلم أميركي، وعائلتي بكل السعادة وبجميع الفرص التي توفرها أميركا لمواطنيها. وأنا أعتقد أن هذا ينطبق أيضاً على الخمسة إلى السبعة ملايين مسلم الذين يعيشون في أميركا اليوم.

وأنا أعتقد أن السؤال الذي ينبغي طرحه هو، كيف يمكننا إيصال الحقيقة إلى العالم الإسلامي، الحقيقة عن حريتنا في التعبير، وكيفية ممارستنا لشعائر ديننا بحرية، والطريقة التي نعيش فيها حياتنا، وننشئ فيها أولادنا؟

وقد تحدثت عن هذا مع أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي وقلت له إن التحدي داخل الأمة الإسلامية هو أن لدينا 1,5 مليار نسمة، ومع ذلك فإن الناتج القومي الإجمالي لجميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، ومجموعها 57 دولة، لا يمثل سوى 5 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي في العالم. فالتحدي الأكبر إذن هو كيف نقوم برعاية المسنين وكيف نغطي تكاليف التعليم وكيف ننمي اقتصاداتنا. ويمكن للولايات المتحدة أن تقدم الكثير في المباحثات المتعلقة بذلك.

- كيف تجيب سكان المنطقة الذين قد يتساءلون عما يدفع الولايات المتحدة إلى تعيين مبعوث خاص إلى منظمة المؤتمر الإسلامي في هذا الوقت بالذات؟ 

قمبر: لقد أبلغني الرئيس بوش ووزيرة الخارجية رايس أنهما ينظران إلى هذا التعيين على أنه فرصة للارتقاء بعلاقاتنا مع العالم الإسلامي إلى المستوى التالي. إننا نقوم فعلاً بالكثير جداً في مجالات تبادل الطلبة والتنمية الاقتصادية وتطوير التعليم، ولكننا نستطيع، وينبغي علينا، أن نهتم بتوسعة هذا التعاطي وأن نبحث عن فرص جديدة.

- وما الذي تأمل في أن تكون قد حققته لدى انتهاء فترة خدمتك في هذا المنصب، وهي الفترة التي أشرتَ إلى أنها عام واحد؟

قمبر: يسرني كونك طرحت هذا السؤال! يتعين علي، نظراً للفترة الزمنية المتاحة لي، أن أثابر على العمل بدأب وأبذل جهداً كبيراً- على الفور. وقد طلبت من زعماء منظمة المؤتمر الإسلامي العمل معي، (طلبت منهم) تحديد أقصى أولوياتهم التي يمكننا بدء العمل عليها الآن. وأبلغتهم أن الفترة المتوفرة لدي هي عام واحد، وأنني أؤمن بالإنجاز، أؤمن بوضع البرامج والجداول الزمنية. وأعتقد أنني سأعود بسرور إلى أوستن بولاية تكساس إن أنا تمكنت خلال عام من العمل مع منظمة المؤتمر الإسلامي على وضع بعض البرامج وإقامة بعض العلاقات الدائمة.

- هل أنت متفائل بأنك ستكون قد تمكنت لدى انتهاء العام من تحقيق أهم ثلاثة أو أربعة أهداف من الأهداف التي وضعتها لنفسك؟

قمبر: أنا متفائل بطبعي! هل سنضع أولويات؟ نعم. هل نعكف على وضعها بسرعة؟ نعم. وقد عرضت على منظمة المؤتمر الإسلامي أن أقوم بزيارة جدة بصورة شهرية للتأكد من أنه سيكون لي وجود هناك، وكي نتمكن من بدء العمل على تطبيق بعض الخطط.

- على ضوء الأهداف التي وضعتها لنفسك، وفي ضوء تحدثك عن التواصل مع 1,5 مليار مسلم على المستوى الشعبي، ما هي الرسائل الآنية التي تريد إيصالها إليهم كمبعوث أميركي مسلم؟

قمبر: إن الرسالة الآنية إلى العالم الإسلامي واضحة جدا: إن الولايات المتحدة بلد يصون القيم الإسلامية، ويشجع على احترام التقاليد الإسلامية، ويأمل في العمل بشكل أوثق مع البلدان الإسلامية في مجال إيجاد فهم وتفهم وتفاهم جديد وعلاقات جديدة.

ولكن الرسالة الأخرى هي أن ينظر العالم الإسلامي إلى أميركا ليشاهد القيم التي تمثلها أميركا، وليحقق توافق تلك القيم مع القيم الإسلامية. وأعتقد أننا سنفاجأ جميعاً وسنتأثر لكون تلك القيم هي ذاتها وفي نفس المستوى في معظم الحالات. 

- يعتقد البعض هنا أن هناك ثلاثة أهداف على الأقل ينبغي على الولايات المتحدة تحقيقها في العالم الإسلامي في ما يتعلق بالإسلام السياسي في هذه المرحلة: الحيلولة دون انتشار التطرف، وتجنب ترك انطباع خلال ذلك بأنها تحارب الإسلام لا التطرف، ومحاولة مساعدة العالم الإسلامي على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فما تعليقك على ذلك؟

قمبر: لقد أجريت حواراً مثيراً جداً للاهتمام حول هذه القضية، التي طرحت أمامي على أنها رُهاب الإسلام في جدة. وكان ردي على ذلك هو أنه إذا تمعن المرء في الإسلام أو أي دين آخر أو ثقافة أو تراث سيجد أنه كان هناك دوماً تعصب أعمى ضدها من قبل جهة ما. وعلينا أن نبقي اهتمامنا منصباً على سبل معالجة هذا التعصب الأعمى، حيثما ظهر.

- يعتقد الكثيرون أيضاً أن الخطاب الأميركي الإسلامي سقط في الأعوام الأخيرة في مستنقع من الاتهامات والاتهامات المضادة بين الطرفين. فهل تعتقد أن مهمتك يمكنها المساعدة في محاولة الخروج من دائرة هذا الخطاب السلبي وتحويله إلى خطاب في مسار أكثر تعاونا؟

قمبر: رأيي هو أننا نستطيع إما الانخراط في السجالات اللفظية دون التقدم إلى المستوى التالي، وإما فتح قنوات جديدة للحوار، وللتفاعل، وللفهم والتفهم والتفاهم.

وفي نفس الوقت، يتعين علينا حقاً أن ننخرط في الفرص المهمة لا في الحوار فقط.

- ما الذي يمكن للمسلمين الأميركيين القيام به، في ضوء هذا، كأفراد وكمجموعات ومنظمات مجتمعات مدني، لتضييق شقة الخلافات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي؟

قمبر: أنا معجب جداً بنشاطات الأميركيين المسلمين. وأنا أعتقد حقاً أنه يمكن للمسلمين الأميركيين تقديم نموذج عظيم لجاليات المسلمين والجاليات الدينية الأخرى حول العالم (كي تحتذيه). فعندما أتجول في البلد (أي في الولايات المتحدة) أشاهد حواراً عظيماً بين الجاليات، بين الأديان، أناساً يتحدثون مع بعضهم بعضا، ويتعلمون من بعضهم بعضاً، ويصبحون أكثر تقارباً  لا أكثر تباعداً.

ولكن بالنسبة لسؤالك، أنا أعتقد أن المسلمين في الولايات المتحدة ما فتئوا يقومون بعمل ممتاز منذ 11/9 في مجال إقامة صلات جديدة مع مجتمعاتهم المحلية، وشرح عقيدتهم الدينية، ومشاركة الأميركيين الآخرين في سبل التعبير الديني اليومية.

- هل تفكر بإطلاق مبادرات رئيسية لاستهلال نوع من التحرك نحو نوع الحوار الذي نتحدث عنه؟ الحوار الأكثر تعاوناً بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي؟

قمبر: إذا توفرت الفرصة لذلك، لم لا؟ ولكن التحدي هو ألا يقتصر الأمر على الأقوال بل يتعداها إلى الأفعال.

- سؤال أخير، كيف ستستفيد من خبرتك كرجل أعمال في مهمتك الجديدة؟ هل ستستخدم القطاع الخاص والمشاريع التجارية لتضييق شقة الخلافات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي؟

قمبر: بكل تأكيد. فخبرتي، كما أشرت، هي في حقل تعزيز وتنمية الأصول المالية. وعندما يعزز المرء الأصول وينميها، يولد ثروات وأعمالاً وفرصا. وهذه فرصة متاحة لنا لكي نفكر بشكل خلاق، ونبحث عن سبل جديدة وفرص جديدة. والولايات المتحدة ملتزمة بهذا الهدف، وأنا شخصياً ملتزم به، والرئيس أيضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7 نيسان/2008 - 30/ربيع الاول/1429