الصومال..أسوأ أزمة في تاريخ افريقيا القاتم

شبكة النبأ: منذ الإطاحة بنظام الدكتاتور محمد سياد عام 1991 وصعود الإسلاميين المتشددين إلى سدة الحكم والهدوء النسبي الحاصل في العام 2006 حتى ظهور حركات وتوجهات المعارضة وتصعيد الموقف السياسي، من ثم التدخل من قبل الحلفاء ومساعدة مباشرة من الحكومة الأثيوبية للحكومة الصومالية.

الصومال اليوم تعيش أسوء موجة عنف وفوضى ومرض وتردي اقتصادي وإنتهاك لحقوق الإنسان والأعراف الدولية، إنها الأسوء في التاريخ البشري. والأسوء من ذلك ان رسالة مبعوث الأمم المتحدة لم تلق اهتماما واضحا من قبل أعضاء المجلس، حيث عد البعض منهم بأن الصومال دولة فاشلة ولانريد تكرار الفاجعة التي منيت بها قوات حفظ السلام هناك.

(شبكة النبأ) تسلط الضوء في سياق هذا التقرير لتضعكم في الحدث، ذلك بمتابعة اخبار الصومال، ومن خلال التوغل إلى أخطر مدينة في العالم مقديشو:

مبعوث الأمم المتحدة يوجه رسالة إلى العالم

قال مبعوث خاص للأمم المتحدة انه يتعين على المجتمع الدولي أن يتغلب على تردده في المشاركة في الصومال وأن يساعد في وضع حد للانتهاكات هناك.

وأبلغ أحمد ولد عبد الله مجلس الأمن الدولي أثناء جلسة لمناقشة هل يرسل المجلس قوات للأمم المتحدة لحفظ السلام الي البلد الواقع في القرن الافريقي.

وقال: لا أطلب من الدول الخارجية أن تصبح نشيطة لأسباب أخلاقية أو إيثارية. من الواضح ان لديها مسؤولية مكلفة بها لأن تشارك في بلد تقع فيه انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الانسان والقوانين الانسانية.

وفي الشهر الماضي وافق مجلس الأمن على تمديد دعم الأمم المتحدة لبعثة الاتحاد الافريقي الى الصومال ستة أشهر أخرى. وتضم البعثة كتيبتين أوغنديتين يبلغ اجمالي عدد أفرادهما 1600 الى جانب وحدة من 192 جنديا بورونديا. بحسب رويترز.

وحدد ادموند موليت نائب قائد عمليات حفظ السلام بالامم المتحدة أربع سيناريوهات أخرى لنشر قوات حفظ سلام دولية يتضمن أحدها نشر زهاء 27 ألف جندي من الأمم المتحدة.

ووصف جون سويرز سفير بريطانيا لدى الامم المتحدة الصومال بأنه "دولة فاشلة" وقال انه ينبغي تحقيق المزيد من التقدم السياسي قبل أن يدرس المجلس نشر قوات للأمم المتحدة هناك.

وقال: الى أن يتحقق مزيد من التقدم على الصعيد السياسي فمن الصعب تصور وجود قوة حفظ سلام متكاملة.

وذكر المندوب الفرنسي جان موريس ريبير أن المجلس يحتاج لان يتأكد من أن الصوماليين يريدون قوات حفظ سلام دولية. وأضاف قائلا: في الوقت الحالي هناك جنود أفارقة. هذه بداية.

الطلبة اللاجئون في الصومال يفتقرون الى التعليم

وتقول رحمو حسين البالغة من العمر ثمانية عشر عاما وهي تلوي يديها المتشابكتين الموشومتين بالحناء ان القتال سلبها شيئا ثمينا باحدى أكثر المدن فوضى في العالم.

وقالت في مخيم الاشا للاجئين: افتقد مدرستي ورفقاء الصف. والداي قالا انه يتعين علينا العيش في هذا المأوى البسيط المصنوع من العصي والملابس الممزقة حتى يخبو العنف.

ومنذ شهرين كانت رحمو تعيش في العاصمة مقديشو الواقعة على الساحل. ولكن مع تضرر المناطق السكنية من قذائف الهاون والقتال توجهت هي وعائلتها الى مخيم يبعد 12 كيلومترا الى الجنوب لينضموا لنحو 600 ألف شخص فروا من المدينة العام الماضي.

ورغم أن كثيرا من الاطفال يبقون بلا تعليم في ظل غياب حكومة مركزية فعالة فان هناك من يستطيع أن يرسل أولاده الى مدارس خاصة. أما الفقراء فيرسلون أولادهم الى المدارس الاسلامية التي توفر التعليم بالمجان أو لقاء رسوم زهيدة.

وقالت الامم المتحدة العام الماضي ان القيد في المدارس انخفض بنسبة 50 في المئة في مقديشو. وتصف المنظمة الدولية الصومال بأنها تواجه أكبر أزمة انسانية ملحة في العالم.

أحمد حسن في الرابعة عشر من عمره ينتظر بجوار والدته مع مئات اخرين يحملون الجراكن وصول عربات صهريج تنقل الماء.

وقال أحمد وهو في الصف الثامن ان قذائف الهاون ضربت مدرسته فأصابت ستة طلاب.

وأضاف: منذ ذلك الحين والمدرسة أغلقت واضطررنا للفرار الى هنا. أريد أن يتوقف القتال وأود أن أعود وأستكمل تعليمي.

وتغوص الصومال في العنف منذ الاطاحة بالديكتاتور محمد سياد بري عام 1991. وتوقف العنف لفترة وجيزة اثر تولي اسلاميي الصومال السلطة في منتصف 2006.

والان تقاتل الحكومة الصومالية الانتقالية وحلفاؤها الاثيوبيون تمردا يشنه منذ عام مقاتلون يقودهم الاسلاميون. وقتلت الاشتباكات في مقديشو وحدها 6500 شخص العام الماضي.

ويجلس فرحان علي موسى على حصير بال يتلو آيات القرآن لتلاميذه الصغار.

وتفصل ستارة متسخة معلقة على عصي بين الاولاد والبنات في مدرسة تحفيظ القرآن التي يقول موسى انه أنشأها. بحسب رويترز.

ويقول المدرس البالغ من العمر 30 عاما: أغلق القتال المتكرر مدرستي وأجبرني وعائلتي على الفرار. فتحت مدرسة تحفيظ القرآن هذه قبل شهرين عندما وصلت الى هنا ويعطيني آباء التلاميذ رسوما زهيدة.

اسوأ ازمة في تاريخ الانسانية في الصومال

وقال ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في الصومال إن المستويات المرتفعة لسوء التغذية والمصاعب التي تعترض توصيل المعونات تجعل من الوضع في الصومال أسوأ ازمة انسانية ملحة في العالم.

وقال جييرمو بيتوتشي ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة خلال زيارة للندن: لم أر شيئا على الاطلاق من قبل مثل ما يحدث في الصومال. بحسب رويترز.

وقال للصحفيين: الوضع بالغ القسوة. انه اسوأ ازمة انسانية ملحة في العالم اليوم حتى انه اسوأ من دارفور. مشيرا الى الحرب في غرب السودان التي ارغمت 2.5 مليون شخص على ترك منازلهم.

حياة اطفال الشوارع في مقديشو محفوفة بالمخاطر

ويعيش احمد وهو لا يتجاوز الحادية عشر من العمر وحيدا يعتاش من جمع اكياس البلاستيك او مسح الاحذية في شوارع مقديشو التي ينتشر فيها خمسة آلاف من اطفال الشوارع الذين يعملون جاهدين للبقاء على قيد الحياة وسط اعمال العنف والمخاطر الدائمة للحرب الدائرة في العاصمة الصومالية.

يقول احمد مختار: اعيش في الشوارع منذ ان هرب اهلي من العاصمة بسبب الوضع الامني. وبقيت هنا اعتاش من بيع الاكياس البلاستيكية المستعملة التي اجدها في الشارع ومسح الاحذية. بحسب فرانس برس.

ويدر عليه عمله ما بين ستة الاف وعشرة الاف شيلينغ صومالي (حوالى نصف دولار او 0,3 يورو) في اليوم اي ما يكفي فقط لشراء صحن من الارز وموزة.

ويعيش اطفال الشوارع هؤلاء وسط مخاطر جمة معرضين خصوصا لرصاص طائش وعنف جنسي وفقر مدقع في مقديشو العاصمة المدمرة لبلد يشهد حربا اهلية منذ العام 1991 وحيث تسبب النزاع الى حد كبير بتفكيك الاواصر العائلية وتفتيت البنى الاجتماعية.

وتشكل المدينة مسرحا للهجمات الدامية بصورة مستمرة منذ الهزيمة التي لحقت قبل اكثر من عام بالمحاكم الاسلامية اثر تدخل القوات الاثيوبية لمساندة الحكومة الصومالية.

ويمضي عبدي يومه في جمع الزجاجات البلاستيكية والاكياس المستعملة التي كانت تحتوي على نبات القات المخدر والمستهلك بكثرة في منطقة القرن الافريقي. بحسب (ا ف ب).

ويقوم بعد ذلك مع رفاقه بغسل الاكياس وبيعها. لكن القليل من المال الذي يجمعه كل يوم يسرقه احيانا احد اولاد الشوارع الاكبر سنا. وهناك ايضا من يسيئون معاملة الاصغر سنا ويعتدون عليهم، كما يقول عبدي. ويضيف عبدي الذي يرتدي قميص تي-شيرت احمر فضفاض على جسده النحيل فيما يحجب الوسخ ملامح وجهه الصغير: لا يمكنني الاغتسال سوى يوم الجمعة.

وتؤكد منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمات غير حكومية محلية ان خمسة الاف طفل على الاقل يعيشون في شوارع مقديشو التي تعد من المدن الاكثر خطرا في العالم. واوضحت امينة محمد المتخصصة في مجال العمل الانساني لحماية الاطفال لوكالة فرانس برس: ان ثلاثة الاف طفل يمضون الليل لدى اقارب او لدى جيران والالفان الباقان يفترشون الشارع في معظم الاحيان.

وفي حي بكارا المدمر الذي يضم اكبر اسواق العاصمة الصومالية يقوم اطفال لا تتجاوز اعمارهم الثماني سنوات ويرتدون ثيابا رثة بتنشق الصمغ. وهذا السوق خال عمليا بعد ان هجره التجار بسبب المعارك الشرسة التي تدور فيه. ويروي الاطفال الليالي التي امضوها محرومين من النوم بسبب دوي قذائف الهاون.

وبعض هؤلاء الاطفال الذين يعيشون في الشوارع ما زال ذووهم موجودين في مقديشو لكن هؤلاء الاهل يستخدمونهم علهم يحصلون على مورد عيش اضافي للعائلة.

وروى علي شيخ محمد البالغ 12 عاما من العمر: توقظني امي كل صباح لاتناول الفطور ثم تتلو صلاة لكي امضي يومي في امان في بكارا. واضاف، اعطي معظم المال الذي اكسبه الى امي لكي تتمكن من توفير الطعام لشقيقتي الاثنتين واخي.

دخول المعارضة الصومالية إلى قوائم الإرهاب الأمريكية

قال مسلحون اسلاميون في الصومال ان وضعهم ضمن قائمة الارهاب الأمريكية سيساعدهم على إعادة تجنيد أعضاء ويحفزهم على تعزيز العلاقات مع المنظمات الاخرى التي وضعتها واشنطن في قوائم الارهاب.

وقال قائد المتمردين مختار علي روبو لرويترز بالتليفون من موقع مجهول: نحن لسنا ارهابيين.

واضاف في المحادثة التي جرت في ساعة متأخرة انهم الان وقد تم تصنيفهم على انهم ارهابيون فانهم مضطرون الى السعي للوحدة مع أي مسلمين في القائمة ضد الولايات المتحدة.

ويقول مسؤولون امريكيون ان منظمة الشباب التي يتزعمها روبو وهي الجناح المتشدد للمحاكم الاسلامية التي حكمت معظم جنوب الصومال في النصف الثاني من عام 2006 لها صلة قوية بتنظيم القاعدة. بحسب رويترز.

وقد صنفتها الحكومة الامريكية على انها منظمة ارهابية لتنضم الى منظمات اخرى مثل نمور التاميل في سريلانكا وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الاراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان.

وواجهت الحكومة المؤقتة المدعومة من الغرب في الصومال والقوات الاثيوبية الحليفة تمردا مماثلا لما يحدث في العراق من اغتيالات وهجمات قنابل وتفجيرات منذ طرد المحاكم الاسلامية من العاصمة في ديسمبر كانون الاول عام 2006 .

ويتفق اعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15 عضوا على ان الأمور صعبة هناك لكن معظمهم يعزف عن ارسال جنود في اطار الامم المتحدة الى مكان ذكريات مريرة لمعركة عام 1993 التي دمرت بعثة سلام من الولايات المتحدة والامم المتحدة.

وفيما يؤكد على المخاطر قتل ثلاثة جنود محليين وطبيب وفتاة عمرها 11 عاما في اعمال عنف في مقديشو.

وقال سكان ان طفلا قتل برصاصة طائشة بينما قتل طبيب التخدير الرئيسي بمستشفى الاطفال عندما اطلق جنود حكوميون النار على سيارته.

واستولى مسلحون متمردون لفترة وجيزة على نقطة تفتيش حكومية بعد معركة قرب سوق البكارة بالعاصمة.

وقال شاهد العيان عمر اسماعيل ان عددا كبيرا من الاشخاص الذين يؤيدون المسلحين خرجوا الى الشوارع وهو يهتفون "الله أكبر" ويحطمون الاكشاك الصغيرة للجنود المقامة على جانب الطريق.

وتقول واشنطن ان المحاكم الاسلامية استضافت اعضاء مطلوبين من تنظيم القاعدة يشتبه في ضلوعهم في تفجير السفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا في عام 1998 وتقول ان اعضاء جناح الشباب تدربوا وحاربوا مع التنظيم الذي يتزعمه اسامة بن لادن في افغانستان.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 27 آذار/2008 - 19/ربيع الاول/1429