المكتبات العامة في كربلاء: نقص المصادر يثقل كاهل الطلبة والمثقفين

مرتضى توفيق/ كربلاء

شبكة النبأ: مرّت المكتبات العراقية بشكل عام، والكربلائية خاصة بعصور مظلمة، فقدت من جراء ذلك نورها الذي يشع على البشرية وأُحرقت او صودِرت الكتب النفيسة، وتغيرت سيرة العراق وتاريخه في العصور الحديثة في أيام ما قبل سقوط النظام، وكانت بعض الكتب تَكتبُ سيرة منمّقة للعصور المظلمة وتسجل بطولات كان وجهها الحقيقي الخراب والتخلف والتسلط، وصودرت الأفكار الخلاقة وأختفت الكتب المضيئة لكثير من الشخصيات الفكرية والدينية والعلمية، حتى بات بعض أصحاب المكتبات يخاف من ظلّهُ ويومه الذي يحسب له ألف حساب.

 وأن أكثر ما يؤلمنا ويؤلم الآخرين أن تُشاهد الكثير من أمهات الكتب ومعاجم اللغة والمصادر العلمية والادبية، وهي تفترش ارصفة الشوارع وليس لها مكان يليق بها، وربما لا يسعفنا الحظ كثيراً أن نعرف عدد المكتبات التي أختفت ولكن البعض منها معروفعلى نطاق ذوي الاختصاص.. 

   بعد جولتنا هذه التي نتذكر من خلالها ان الكتاب هو احسن الأصدقاء كما يقول الشاعر، وخير جليس في الزمان كتاب. كانت لـ شبكة النبأ المعلوماتية، هذه الوقفة مع عدد من مرتادي المكتبات العامة وطلبة الدراسات العليا لمعرفة آرائهم ومقترحاتهم وشكاواهم حول ما هو متوفر من الكتب والمصادر التي  تخدمهم في مسيرتهم العلمية.

يقول أوس رزاق هادي، طالب ماجستير جامعة بابل-كلية التربية، إن المكتبات عموما فقيرة بالمصادر الحديثة وحتى وان توفر عدد منها إلا انه لا يصل إلى مستوى الطموح، مقارنة مع ما يتطلبه البحث العلمي من مصادر تسهم في إنضاجه بالشكل الامثل.. مضفيا، إن عملية شراء المصادر من المكتبات الأهلية تتطلب مبالغ كثيرة  وتثقل كاهل طالب الدراسات العليا..

وتابع اوس، يجب ان تعتني الحكومة بالمكتبات العامة والعلمية، وان تكون عملية تهيئة المصادر التي تنقصها خاضعة لمتابعة من لجان متخصصة وليست بصورة انتقائية.. مشيرا الى إن المكتبات تزود بالمصادر بشكل عشوائي وهذا لا يصب في خدمة التطور الفكري والبحث العلمي بل يضع عثرات وعراقيل تشتت الانتباه والتركيز.

اما طالبة الماجستير وصال مؤيد فهي الأخرى تشارك زميلها بما طرحه حول قضية المكتبات ومحتواها قائلة لـ شبكة النبأ، ان جودة البحث العلمي من حيث دقة النتائج وأهميتها تعتمد على المصادر التي يصعب الحصول عليها في المكتبات العامة في وقتنا الحاضر.. مشيرة إلى إن واقع المكتبات بحاجة الى التفاتة مهمة وعاجلة من الدولة وكذلك من الجهات الثقافية ذات العلاقة، موضحة بان المكتبة لا تقل أهمية عن جوانب الحياة الأخرى..

تضيف وصال، ان التطور العلمي  شمل الإصدارات العلمية بشكل مكثف الا ان العراق لم يشهد مواكبة هذا الجانب.. منوهة إلى ان هناك مكتبات أصبحت تبيع الكتب عن طريق الانترنت، ولكن هذه القضية تتطلب إيجاد بطاقات خاصة يتم من خلالها أجراء عملية الشراء.. وهذه البطاقات غير متوفرة بشكل واسع وحتى وان توفرت فهي بالسوق السوداء وتكلف كثيرا.. وكان من المفترض على الدولة تزويد طلبة الدراسات العليا بها لغرض تسهيل مهمة بحثهم وبسعر مدعوم من الدولة.

من جانبها ذكرت الطالبة رؤى سعد.. ان قضية المكتبات العامة قضية مهمة وحساسة ولا تقل أهمية عن باقي القضايا الحياتية والعلمية الأخرى. فالمكتبة اذا ما كانت فقيرة بمصادرها سيهجرها روادها والعكس صحيح.. مضيفة، للمكتبة أهمية أخرى فهي واحدة من روافد بناء الثقافة في المجتمع.. وإن المجتمع الذي تكون مكتباته فقيرة للمصادر ينعكس ذلك على ثقافته..

واضافت رؤى.. ان البحث العلمي يشهد تطورا أشبه بمتتالية هندسية،  وإذا ما بقيت مكتباتنا مقطوعة الاتصال بالعالم العلمي الخارجي فأنا متأكدة بانه ستحصل فجوة علمية كبيرة تواجه البحث العلمي في العراق ، لذا يجب التركيز أكثر على المصادر العلمية وكذلك اجراء دراسة مسحية لجميع الاختصاصات لتحديد أولوية أنواع الكتب التي يتم تزويد المكتبات العامة الحكومية بها لتكون هناك عملية تكاملية تهدف الى سد النقص الحاصل في المكتبة بصورة عامة..

وتابعت رؤى.. يجب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ان تزود مكتبات الجامعات بالمجلات والدوريات العلمية التي من شانها ان تسهم في نقل نتائج البحوث الى العراق لغرض الفائدة العلمية, وكذلك نطالب بإيجاد مكاتب تنسيق علمي مع الجامعات العربية والأجنبية وللاختصاصات كافة، فهذا مهم جدا.

فيما قال السيد هاتف الموسوي معاون محافظ كربلاء للشؤون الإدارية ومسؤول المكتبات العامة في المحافظة، عن شراء كتب ومراجع حديثة للمكتبة المركزية العامة والمكتبات العامة بقيمة 7 ملايين و500 ألف دينار خلال الفترة المنصرمة.

وأضاف الموسوي لـ شبكة النبأ، ان عدد العناوين التي تم شرائها بلغ 123 عنوانا وبواقع 1117 كتابا مشيرا إلى إن الكتب شملت مراجعا حديثة قانونية وأدبية وتاريخية باللغة العربية ولغات أجنبية لرفد المكتبة المركزية والمكتبات العامة في قضائي الهندية وعين التمر.

واضاف، ان هذه المكتبات المرتبطة بالإدارة المحلية في المحافظة لم ترد إليها أية كتب او مصادر منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وان ما متوفر لديها من الكتب قديم ولا يغني روادها من المثقفين والباحثين والدارسين وطلبة الجامعات والمعاهد، مبينا انه تم وضع خطة للاستمرار في عملية الشراء وتزويد هذه المكتبات بما هو جديد من خلال ما يخصص من أموال في الموازنة السنوية لهذا الغرض.

 وأهاب الموسوي بالمثقفين والباحثين والكتاب والمؤلفين من أبناء محافظة كربلاء المقدسة وغيرهم ان يوجهوا أنظارهم صوب هذه المكتبات والتبرع بنسخ من نتاجاتهم الفكرية والعلمية، كي يتوافر فيها كل ما هو جديد ويساهم في تزويد روادها بالحديث والمفيد من الكتب والدراسات والدوريات.

 وخص بالذكر جامعة كربلاء ومراكز البحوث والدراسات في المحافظة ولاسيما نسخ المجلات والبحوث التي تصدر عنها ونسخ من الاطاريح والرسائل الجامعية من اجل توسيع مناهل العلم ومساحات الاستفادة من هذا الموفور العلمي وتهيئة ما هو مفيد لأبناء هذه المحافظة والوطن المعطاء.

واختتم الموسوي بالقول، نحن ألان نسعى لتحسين واقع المكتبات في المحافظة بإدخال التكنولوجية الحديثة للمكتبات مما يخفف من العناء والجهد على الطالب..

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 27 آذار/2008 - 19/ربيع الاول/1429