العراق وعقدة الفصل السابع والعلاقات مع واشنطن

عدنان آل ردام العبيدي

لم يتعرض أي من بلدان المعمورة الى عقوبات دولية وقرارات ملزمة او ما يصطلح عليها خاضعة للبند السابع من ميثاق الامم المتحدة كما تعرض له العراق نتيجة السياسات الكارثية التي اضرّت كثيراً بالامن والسلم الدوليين والتي كان يمارسها النظام المقبور مع المنظومات الاقليمية والدولية.

ولا شك بان العراق سيبقى محكوماً الى عقدة نقص السيادة الى ما لا نهاية ما لم يصار الى رفع البند السابع عن كاهله والذي ورد باكثر من سبعين قراراً دولياً بدأت مع القرار 660 الذي طالب العراق في العام 1990 بالانسحاب غير المشروط من دولة الكويت التي احتلها في الثاني من آب من نفس العام وصولاً الى القرارات الاخيرة والتي لم يكن آخرها القرار 1654.

بالتأكيد ان مهمة تخليص العراق من هذا العبء الذي لم تتعرض له المانيا او اليابان بحروبهما الكونية الاولى والثانية لم يكن بمقدور احدٍ ان يرفعه عن بلدنا ما لم نسعى بجد ودراية ودراسة دقيقة لبناء منظومة علاقات دولية تأخذ بالحسبان مصالح العراق اولاً والبلدان ذات العلاقة ثانياً وتأتي في مقدمة هذه البلدان او الدول التي ينبغي للعراق ان يفتح ملفات علاقاتية معها الولايات المتحدة الامريكية وفقاً لما تمليه الواقعية السياسية باعتبار ان واشنطن باتت اليوم تمثل اللاعب الاساس في هذا الملف فهي التي اطاحت بالنظام المخلوع وهي التي تمتلك ما يقرب من المئة وخمسين الف عسكري في بلادنا فضلاً عن القواعد العسكرية الموزعة في طول البلاد وعرضها.

من هنا تبرز ضرورة رسم خارطة علاقاتية بين العراق والولايات المتحدة كي لا تستمر الاوضاع الغامضة بين البلدين الى سنوات اخرى كما ان من مصلحة البلدين ان يستندان في علاقاتهما الى قوانين واتفاقات واضحة تكفل المصالح المشتركة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين وبما يعزز الامن والسلم الدوليين.

ولقد قطع العراق شوطاً مهماً على هذا الطريق الذي نأمل من خلاله ان تمارس الولايات المتحدة ثقلها الدولي بتخليص العراق من البند السابع مثلما نأمل ان تتفهم واشنطن المطالب العراقية الاساسية والمتمثلة بعدم قبول الشعب العراقي انشاء قواعد عسكرية دائمية في بلادنا وعدم استعداد العراق لتقديم التسهيلات العسكرية للتدخل في شؤون دول الجوار مع رفع الحصانة عن المتجاوزين من افراد القوات الاجنبية والشركات الامنية التي تضر بسيادة البلاد ورفض الحكومة اعتقال أي عراقي من قبل القوات الاجنبيةاو أي من الشركات الامنية دون اذن او تنسيق مسبق معها.

ان بدء الجولة الاولى من المباحثات حول هذه المحاور تبدو نتائجها مشجعة فيما اذا اخضعناها لتصريحات المتحدثة باسم السفارة الامريكية في بغداد (مير مبي نانتو نغو) عندما قالت ان الاتفاقية بين البلدين ستكون شفافة وليست فيها اية بنود سرية وانها سيعلن عنها بعد الانتهاء من صياغتها لاقرارها من قبل مجلس النواب العراقي والكونغرس الامريكي وهذا ما نسعى لتحقيقه خدمة للبلدين والشعبين والمنطقة عموماً.

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 19 آذار/2008 - 11/ربيع الاول/1429