المكاسب الامنيّة في العراق هشّة وفقدها سيسبب الطوفان

شبكة النبأ: تأتي تصريحات الرئيس بوش التحذيرية مؤخرا وسط اندلاع جديد لهجمات قاتلة تؤكد التحديات الشديدة التي لا تزال الولايات المتحدة تواجهها في حرب العراق التي لا تحظى بالشعبية رغم انخفاض العنف بشكل عام في البلد على مدى نهاية العام الماضي والحالي.

وحذر الرئيس الامريكي من ان المكاسب الامنية في العراق "هشة" و"يمكن فقدها" لدى مناشدته للامريكيين المتشككين الصبر بعد نحو خمس سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

وفي خطاب للاذاعات الدينية تخللته اشارات الى الايمان وقطعه احيانا رفع الحضور الصوت بقول "امين" قدم بوش تقييما متفائلا لزيادة القوات التي امر بها في مطلع 2007.

وقال بوش في مجمع اوبريلاند للموسيقى الريفية "اعتقد بشدة ان الزيادة (في القوات) تؤتي ثمارها وهكذا يعتقد العراقيون."بحسب رويترز.

لكنه خفف ايضا من كلماته فقال "المكاسب في العراق طفيفة ويمكن فقدها وهي هشة وثمة كثير من العمل يتعين فعله."

وهذا اول خطاب ضمن سلسلة من خطابات بوش يركز فيها على "المضي قدما" في العراق قبيل تقرير الحالة التالي الذي سيقدمه قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس والسفير الامريكي في بغداد ريان كروكر للكونجرس في ابريل نيسان المقبل.

وتحدث بوش قبل ما يزيد قليلا على اسبوع من الذكرى الخامسة لغزو العراق والتي تظهر استطلاعات الرأي ان معظم الامريكيين يعتبرونها خطأ.

وانخفض العنف في مختلف انحاء العراق بنسبة 60 في المئة منذ اكتمال نشر 30 الف جندي امريكي اضافي في يونيو حزيران ومنذ ان قرر زعماء العشائر السنية الانقلاب على بنى مذهبهم من عناصر القاعدة.

لكن موجة اخيرة من الهجمات اظهرت ان العراق لايزال بعيدا عن الامان. وقال مسؤولون امنيون ان 46 شخصا قتلوا في اعمال عنف عبر العراق في الثلاثاء الماضي.

وقتل ثلاثة جنود امريكيين ومترجم في انفجار قنبلة على احد الطرق شمال شرق بغداد لاحقا وهو نفس اليوم الذي قتل فيه مفجر انتحاري خمسة جنود امريكيين في العاصمة. وبذلك يقترب عدد القتلى من الجنود الامريكيين من اربعة الاف.

واعرب بوش لدى مخاطبته جمهورا محافظا يتسم بالود عن تفاؤله بشأن مكاسب امنية اضافية دون ان يشير الى الكيفية التي قد يؤثر بها ذلك على توقيت سحب مزيد من القوات في المستقبل.

ومع بقاء اقل من عام له في السلطة اعاد بوش التأكيد على ان اي قرار بسحب مزيد من القوات سيعتمد على توصيات القادة على الارض.

ويمضي الجيش الامريكي قدما في خططه لسحب نحو 20 الف جندي بحلول يوليو تموز تاركا 140 الفا في العراق كما امر بوش في سبتمبر ايلول.

وسيقدم بتريوس شهادة امام الكونجرس يومي الثامن والتاسع من ابريل نيسان عن الاوضاع في العراق وقال مسؤول كبير بالادارة الامريكية انه سيطالب على الارجح بمهلة تتراوح بين اربعة الى ستة اسابيع قبل اتخاذ قرار بشأن عودة مزيد من القوات.

ورغم ان شبح الركود تفوق على العراق كأبرز ما يقلق الامريكيين فان جهود بوش الاخيرة للدفاع عن سياسته للحرب قد تلمح الى قلق يساوره بأنه سيواجه ضغطا متناميا للقيام بمزيد من خفض القوات مع اشتداد سخونة حملة انتخابات الرئاسة الامريكية لعام 2008 .

وكان سناتور اريزونا جون مكين الذي حظي بتأييد بوش له الاسبوع الماضي بعد فوزه بانتخابات تمهيدية في عدد كاف من الولايات لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري مؤيدا قويا لزيادة القوات.

ويقول بعض المحللين ان ذلك قد يفقد مكين اصواتا مقابل حامل لواء الديمقراطيين سواء كانت هيلاري كلينتون او باراك اوباما. ويريد كلاهما وضع جدول زمني لانسحاب مبكر للقوات.

القاعدة تشكل تهديداً في شمالي العراق وإيران في جنوبه

وذكر تقرير أعدته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" حول الوضع في العراق أن المراقبين رصدوا تحسناً "محدودا ًلكن مهماً" على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية في العراق خلال الأشهر الثلاثة الماضية، غير أن التحسن على المستوى الأمني يبقى "هشاً" إلى حد بعيد. بحسب سي ان ان.

واعتبر التقرير أن تنظيم القاعدة ما يزال يشكل تحدياً أمنياً حقيقاً في شمالي البلاد، حيث تتركز المواجهات بينه وبينه القوى الأمنية، في حين أن الدور الإيراني في دعم المسلحين الشيعة في المناطق الجنوبية "يشكل تهديداً ملحوظاً للاستقرار."

ورأى التقرير أن إقرار قوانين مثل الموازنة، وتخفيف القيود على نشاط الأعضاء السابقين في حزب البعث الذي كان يتزعمه الدكتاتور السابق صدام حسين، ووضع الأنظمة المحددة لإجراء انتخابات المحافظات "يمثل خطوات أولية أساسية نحو المصالحة السياسية" في البلاد.

وأشار البنتاغون في التقرير الذي يصدره بشكل دوري لمراجعة الأوضاع في العراق، إلى أنه بالرغم من قيام مجلس الرئاسة العراقي بإعادة قانون انتخابات المحافظات إلى مجلس النواب مجدداً، إلا أن العملية برمتها "تشير إلى الدور المهم الذي يلعبه الدستور والديمقراطية في العملية السياسية.

ووفقاً للتقرير، فإن مستويات العنف في العراق قد عادت إلى ما كانت عليه منتصف عام 2005، وذلك بعد تراجع نشاط تنظيم القاعدة وانفضاض العشائر السنية من حوله ومواجهته عسكرياً، والتوصل إلى هدنة مع أكبر التنظيمات الشيعية المسلحة، جيش المهدي.

غير أن التقرير يستطرد بالقول: "لكن التقدم على المستوى الأمني ما يزال هشاً، وسيكون تحقيق التقدم على المستوى البعيد المدى منوطاً بقدرة العراق على معالجة مجموعة من القضايا المعقدة المتصلة بالوضعين السياسي والاقتصادي،" خاصة مع صعود أسعار النفط.

ولفت البنتاغون إلى تراجع الخسائر البشرية بين المدنيين في العراق بمعدل 70 إلى 72 في المائة منذ يوليو/تموز 2007، كما تراجعت الخسائر العسكرية في صفوف جنود الجيش العراقي والقوات الأمريكية بالنسبة عينها، مع تطوير القوات العراقية لقدراتها بشكل سمح لها بتنفيذ العمليات بشكل مستقل بنسبة 75 في المائة.

أما قوات الشرطة العراقية التي كانت قد تلقت الكثير من الانتقادات في الفترة الماضية فقد نجحت في رفع عدد عناصرها إلى ما يعادل تسعة ألوية مقابل ثلاثة في التقرير الماضي، ويشكل هذا الأمر عاملاً إيجابياً، وإن كان الهدف النهائي الوصول إلى 38 لواء.

الزيادة في الهجمات بالعراق ليس اتجاها عاما

من جهة ثانية قال الجيش الأمريكي ان الزيادة التي وقعت في الآونة الأخيرة في التفجيرات ليست بداية لتوجه أوسع في العراق حيث أن العنف تراجع بشكل عام.

وقال الرير أميرال جريج سميث المتحدث باسم الجيش الأمريكي انه لا يعتقد بأن المكاسب الأمنية التي تحققت في الآونة الأخيرة قد تلاشت.

وقال في مؤتمر صحفي "أنا لا أرى في الاسابيع القليلة الماضية زيادة أو توجها متصاعدا ولكن كانت هناك سلسلة متقطعة من الأحداث التي.. تمخضت عن فقد عدد كبير من الأرواح."بحسب رويترز.

وأشار سميث إلى أن موجة الهجمات الأخيرة بحاجة إلى مقارنتها بما كان يحدث في العام الماضي حينما كان آلاف المدنيين يموتون في أعمال عنف طائفية بين الأغلبية الشيعية والأقلية العربية السنية فيما كانت القوات الأمريكية تتكبد خسائر ثقيلة.

وقالت الشرطة العراقية ان 68 شخصا توفوا حينما انفجرت قنبلتان تفصل بينهما دقائق في منطقة تسوق شعبية في وسط بغداد مساء الخميس. وكان ذلك أكبر تفجير من حيث عدد الضحايا منذ يونيو حزيران.

وتراجعت المستويات العامة لأعمال العنف بصورة حادة منذ يونيو حزيران حينما جرى نشر 30 ألف جندي أمريكي اضافي.

وتزامن ذلك مع وقف لاطلاق النار أعلنته ميليشيا جيش المهدي التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر وقرار شيوخ القبائل العربية السنية الانقلاب على تنظيم القاعدة.

ولكن عدد الضحايا المدنيين ارتفع بصورة حادة في فبراير شباط وهي أول زيادة خلال ستة شهور بعد التفجيرات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 160 شخصا وحمل سميث القاعدة مسؤوليتها.

وربما يؤدي أي تصاعد لاعمال العنف في العراق إلى مشاكل بالنسبة لواشنطن بسبب خططها سحب بعض من أفراد القوات الأمريكية من العراق.

ومن المقرر سحب خمسة من 20 لواء مقاتلا من العراق بحلول 31 يوليو حزيران مما يقل اجمالي عدد القوات الأمريكية في العراق من نحو 160 ألفا إلى نحو 140 ألفا.

وقال الجيش الأمريكي يوم الخميس ان اللواء الثاني سيعود من بغداد فيما تتجه النية لسحب لواء اخر في المدينة.

وقال الجنرال ديفيد بتريوس القائد العسكري الأمريكي في العراق لمحطة سكاي نيوز "حدث تطور كبير.. مستويات العنف تراجعت بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة.. تراجعت نسبة وفيات المدنيين وكذلك هو الحال مع عدد من الفئات الاخرى التي نتابعها."

ويقول قادة عسكريون أمريكيون ان القاعدة هي أكبر تهديد لأمن العراق ولكنهم قلقون أيضا من الميليشيا الشيعية "المارقة" التي تتهم إيران بتمويلها وتدريبها وتسليحها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 16 آذار/2008 - 8/ربيع الاول/1429