
شبكة النبأ: بعد ان اضحى انسحابهم
واحدا تلو الاخر صفة من صفات الادارة الامريكية الحالية اصبح رجالات
بوش يتخلون عنه في اخر مراحل ولايته الممتدة منذ ثماني سنوات تقريبا،
حيث تكشف استقالة قائد العمليات العسكرية الاميركية في الشرق الاوسط
وآسيا الوسطى، المفاجِئة، عن انقسامات داخلية حادة في ادارة الرئيس
جورج بوش وكذلك في صفوف القوات المسلحة الاميركية بشأن العراق وايران.
فقد قدم الاميرال وليام فالون الذي اشرف منذ 2007 على الحربين
الاميركيتين في العراق وافغانستان استقالته الثلاثاء بعدما وصف في مقال
صحافي على انه معارض بشدة لسياسة الرئيس جورج بوش حيال ايران.
وذكر المقال بان فالون هو "الرجل الذي يقف بين السلام والحرب" مع
ايران التي تتهمها واشنطن بالتدخل في الشؤون العراقية وبالسعي لامتلاك
السلاح النووي.
وكان فالون صرح لقناة الجزيرة القطرية في الخريف ان "طبول الحرب
المتواصلة لا تساعد وليست ضرورية. انني اعول على واقع ان اي حرب لن
تندلع وهذا ما علينا العمل من اجله".
واعتبر كاتب المقالة في مجلس اسكواير انه لن يفاجأ اذا ما اقيل
الاميرال فالون من مهامه وانه في حال جرى ذلك "فمن المحتمل ان يعني ان
الرئيس ونائب الرئيس يعتزمان التحرك عسكريا ضد ايران قبل نهاية السنة
وانهما لا يريدان ان يعترض قائد عسكري طريقهما".
ونفى البيت الابيض ان يكون اي كان في الادارة الاميركية يسعى الى
الحرب مع ايران وان يكون فالون تنحى بسبب معارضته لاي مشروع حربي مزعوم.
وقالت الناطقة باسم البيت الابيض دانا بيرينو "لا احد في الادارة يشير
الى اي شيء اخر غير المقاربة الدبلوماسية حول ايران".
ولم يكن المقال الصحافي او تصريحات فالون الاخرى بشأن ايران لفتت
الانتباه او اثارت اي جدل يذكر في الولايات المتحدة الى ان يعلن
الاميرال استقالته.
واوضح مسؤول عسكري طلب عدم كشف اسمه "لا اقول ان مقال مجلة اسكواير
لم يساهم في الخلاف لكن الامر اقرب الى تراكمات تزايدت خلال الاشهر
الماضية وقادته الى الاستنتاج بانه غير فاعل كثيرا على صعيد المهمة
الموكلة اليه".
وتابع ان "المسالة ليست انه فقد نفوذه بل انه يعتقد سواء عن حق او
عن باطل ان هذه المقالات وان الخلافات التي يعتقد انها قائمة بينه وبين
البيت الابيض بدأت تعيق فاعليته وتؤثر عليها سلبا". وقال "ثمة ثقافة في
البحرية مفادها ان من يعتقد ان قدرته القيادية تراجعت او تعطلت او انه
غير مقتنع بانه قادر على الاستمرار في القيادة بشكل فاعل يترتب عليه
عندها واجب معنوي بالتنحي".
وبعدما رفض وزير الدفاع روبرت غيتس التعليق على مقال اسكواير ما
يشير الى استيائه من القضية صرح ان الاميرال فالون اتخذ قرار التنحي
"من تلقاء نفسه" مضيفا ان ذلك كان ما ينبغي القيام به.
وقال غيتس للصحافيين انه لا يعتقد ان ثمة اختلافا يذكر في وجهات
النظر بين فالون والبيت الابيض بل "سوء فهم" بينهما.
والى وجهات نظره المعارضة لموقف ادارة بوش حيال ايران فان الاميرال
فالون غالبا ما كان بحسب الصحافة على خلاف بشأن العراق مع الجنرال
ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق الذي ينعم على ما يعتقد
بثقة بوش الكاملة.
وكان الاميرال يخشى من انعكاسات الحرب في العراق على عملية تحديث
الجيش الاميركي وتعزيز قدرته على التفاعل مع الاحداث وقد عبر منذ خريف
2007 عن معارضته لاستراتيجية "هجوم" بعيد المدى في هذا البلد خشية ان
يحول الاهتمام عن افغانستان حيث عاد النزاع الى الصدارة مع تصاعد
العنف.
وكان يدعو ايضا الى سحب ثلاثة ارباع القوات الاميركية من العراق
بحلول 2010 فيما يتوقع ان يدعو الجنرال بترايوس مطلع نيسان/ابريل الى
تجميد سحب القوات في موقف اعلن بوش منذ الان تاييده له.
وقال مسؤول اميركي في الادارة الاميركي في ايلول/سبتمبر 2007 ردا
على سؤال لصحيفة واشنطن بوست حول وضع العلاقات بين القائدين "علاقات
سيئة؟ هذا اكبر تلطيف كلامي سمعته حتى الان".
بترايوس من جهته علق على استقالة فالون في بيان تضمن اشادة به وجاء
فيه انهما عملا معا في تعاون وثيق و"طورا اخيرا رؤية مشتركة للتوصيات
الواجبة من اجل المستقبل" في العراق.
فالون: تصورات وجود خلاف مع الإدارة
هي المؤثر
وشدد الاميرال فالون رئيس القيادة المركزية الامريكية المسؤولة عن
الشرق الاوسط على أنه لا يختلف مع حكومة بوش بشأن ايران ولكن التصورات
عن وجود خلاف تجعل من الصعب عليه اداء مهام وظيفته.
وتقول حكومة بوش ان سياستها هي استخدام الدبلوماسية لحل الخلافات
بينها وبين ايران ولاسيما بشأن البرنامج النووي لطهران لكنها لا تستبعد
امكانية اتخاذ عمل عسكري.
وتقول واشنطن والقوى الغربية الاخرى ان ايران تحاول اكتساب القدرة
على صنع اسلحة نووية. وتقول ايران ان برنامجها للاغراض السلمية لتوليد
الطاقة.
ويشرف مقر قيادة فالون في تامبا بولاية فلوريدا على العمليات
الامريكية في 27 دولة منها العراق وافغانستان.
وفالون هو أول ضابط من مشاة البحرية يصبح رئيسا للقيادة المركزية
وهو يشغل هذا المنصب منذ اقل قليلا من عام. وسيترك منصبه ويتقاعد في
نهاية الشهر. بحسب رويترز.
وقد اشتهر فالون بانه يفضل الحوار. وتابع السعي من اجل تحسين
العلاقات مع الصين حينما رأس القيادة العسكرية الامريكية في المحيط
الهادي.
وقال فالون في بيان "التقارير الصحفية الحديثة التي تشير الى عدم
ترابط بين ارائي واهداف سياسة الرئيس اصبحت تحول الانتباه في وقت حرج
وتعرقل الجهود في منطقة القيادة المركزية."
واضاف "ومع انني لا أعتقد انه كانت هناك على الاطلاق اي خلافات بين
اهداف سياستنا في مجال مسؤولية القيادة المركزية فان التصور البسيط
لوجود خلافات يجعل من الصعب علي ان اخدم مصالح امريكا هناك بشكل فعال."
وسيحل الجنرال مارتن ديمبسي نائب قائد العمليات العسكرية في الشرق
الاوسط محل الاميرال فالون على رأس القيادة الاميركية الوسطى اعتبارا
من 31 آذار/مارس الجاري.
وفور اعلانها اثارت استقالة فالون ردود فعل عدة خصوصا من جانب
الديموقراطيين في الكونغرس الذين اشاروا الى انه دفع ثمن صراحته.
الديمقراطيون يشيدون بـ فالون
من جانبهم اشاد الديموقراطيون بالاميرال فالون لكنهم حملوا بعنف على
ادارة بوش.
واكدت هيلاري كلينتون في بيان ان "الاميرال فالون كان يمثل صوت
العقل في ادارة تستخدم خطابا استفزازيا حيال ايران". وعبرت عن املها في
ان يتبنى خليفته وجهة نظر الاميرال الذي يصر على "سياسة متوازنة حيال
ايران".
وقالت المرشحة الديموقراطية للسباق الرئاسي الاميركي "اطلب من لجنة
القوات المسلحة في مجلس الشيوخ تنظيم جلسة استماع لمعرفة ظروف رحيله".
وهيلاري كلينتون عضو في هذه اللجنة.
من جهته رأى زعيم الاغلبية الديموقراطية في المجلس هاري ريد ان رحيل
فالون يشكل "مثالا جديدا على ان هذه الادارة لا تشعر بالارتياح لستقلال
الخبراء وتعبيرهم بصراحة وانفتاح عن آرائهم".
اما رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي فقد رأت ان
استقالة الاميرال فالون تسبب "خيبة امل لكثيرين منا كانوا يرون ان
صراحته المعروفة تشكل مكسبا اساسيا".
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس نفى غيتس امكانية ان تعرقل استقالة
الاميرال فالون عملية تقييم الوضع في العراق.
صعود إيران يرجع الفضل فيه لحربي
بوش في أفغانستان والعراق
بعد خمس سنوات يحق لإيران أن تشكر الولايات المتحدة على دعمها بغير
قصد مسعاها لمد نفوذها الاقليمي عن طريق الإطاحة بحكم الدكتاتور صدام،
أحد ألد أعداء طهران.
وهزم الجيش الأمريكي بالفعل حركة طالبان الأفغانية بعد هجمات 11
سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة عام 2001 وكانت النتيجة غير
المتعمدة لذلك هي الإطاحة بعدو اخر لإيران وترجيح كفة طهران في ميزان
القوى الاقليمي.
وقال والى نصر من مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن "ازاحة هذين
النظامين دون خليفة قوي افاد إيران بدرجة كبيرة... واتاح الفرصة لها
لمد نفوذها."بحسب رويترز.
ولا يمكن لإيران أن تستبعد تماما احتمال قيام الولايات المتحدة بعمل
عسكري لتدمير مواقعها النووية وقد يتضح ان اقتصادها المعتمد على النفط
معرض للخطر بعد بضع سنوات لكنه الآن في صعود قوى.
وترك انهيار الجيش العراقي السريع في عام 2003 إيران الشيعية دون
منافس عسكري قريب منها وأضعف العالم العربي وحكوماته وأغلبها سنية.
وعززت ايرادات استثنائية بسبب ارتفاع أسعار النفط من احساس
الجمهورية الإسلامية بقوتها تحت قيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي
تحدى الجهود التي يقودها الغرب لاحتواء طموحات طهران النووية عن طريق
عقوبات تفرضها الامم المتحدة.
وقال الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاظ "نحن نكسب 270 مليون دولار كل
24 ساعة... بالعملة الصعبة انه مبلغ ضخم... إيران يمكنها توجيه
ايراداتها النفطية لشراء الولاءات بالداخل وشركاء استراتيجيين
بالخارج."
وفي الأعوام الخمسة الماضية أصبحت إيران لاعبا مهما في العراق فعززت
علاقاتها بالشيعة وطوائف أخرى. واكتسبت نفوذا في أجزاء أخرى من العالم
العربي عبر تحالفاتها مع سوريا وجماعة حزب الله اللبنانية وحركة
المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية.
ويشعر حلفاء الولايات المتحدة العرب مثل السعودية ومصر والاردن
بالقلق مع صعود نفوذ طهران لكن بعد الفوضى التي اسفرت عنها حرب العراق
فانهم يخشون أن يؤدي أي هجوم أمريكي على إيران إلى إشاعة اضطرابات
جديدة تكلفهم الكثير. ويبدو من الناحية النفسية أن إيران هي صاحبة اليد
العليا.
وقال نصر "لا يهم ما اذا كان ما نقوله صحيحا سياسيا لكن العالم
العربي أظهر خوفا شديدا وقلقا بسبب إيران لم تبد إيران مثله."
وتراجعت احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد إيران بدرجة كبيرة
بعد صدور تقييم للمخابرات الأمريكية في ديسمبر كانون الأول الماضي أكد
بشكل مفاجيء أن طهران أوقفت مسعاها لإنتاج سلاح نووي في عام 2003 ولم
تستأنفه على الارجح منذ ذلك الحين.
وحولت هذه النتيجة الانتباه بعض الشيء عن سعي إيران الدؤوب لتخصيب
اليورانيوم وتطوير الصواريخ ذاتية الدفع التي يراها بعض المحللين
الغربيين أكثر أهمية من أي محاولة وشيكة لإنتاج قنبلة ذرية.
وقال دبلوماسي أوروبي يرى أن الوثيقة الأمريكية زادت من صعوبة حشد
القوى العالمية وراء تشديد عقوبات الامم المتحدة على إيران "لم نغير
تقييمنا للتهديد لكن تقرير المخابرات الأمريكية سحب البساط من تحت
أقدامنا."
وفي الاشهر القليلة الماضية زار العديد من الزعماء العرب طهران في
حين قام احمدي نجاد بجولة مهمة شملت العراق والسعودية والإمارات وقطر
تهدف جزئيا إلى تهدئة مخاوف العرب من نفوذ إيران الاقليمي الجديد.
وقال الدبلوماسي "هذا يظهر انه ايا كان رأي العرب في زعماء إيران
فانه يتعين عليهم أن يأخذوا في الاعتبار أنه بعد سقوط صدام فان إيران
تصعد كقوة اقليمية كبيرة في المنطقة." |