التشريعات السعودية المتشددة وغياب حقوق المرأة

شبكة النبأ: لم يمنع الدولة الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الاوسط والمنتِجة الأولى للنفط دوليا المملكة السعودية، من العمل وفق نظام إسلامي متطرف يحجب حق المرأة ويغيبها إلى درجة يصادر فيها اغلب حقوقها الأسرية منها والعملية. حتى بات الموقف السعودي حيال حقوق المرأة يقض مضاجع الحقوقيين والمهتمين بهذا الجانب من منظمات حقوق الإنسان والحقوق الأسرية. (شبكة النبأ) تعرض على القارئ الكريم في التقرير التالي مدى المعاناة التي تتلقاها المرأة داخل المنظومة السلطوية السعودية تحت الغطاء الديني.   

السلطة المطلقة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

أكّدت مصادر مطلعة أنّ ملف قضية المرأة السعودية التي أوقفت قبل أيام لجلوسها في أحد المقاهي مع زميلها في العمل من قبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه ليس من محارمها، قد أغلق تماما.

وبدأت القضية عندما شوهدت سعودية من جدة، تدعى يارا، متزوجة منذ 27 عاماً، ولديها عائلة من ثلاثة أطفال، تجلس في أحد مقاهي "ستاربكس"، الذي قصدته مع زميلها في العمل، وهو سوري الجنسية، إثر انقطاع التيار الكهربائي في مكاتب الشركة التي كانت تنوي افتتاحها في العاصمة السعودية أثناء عمليات الصيانة، وذلك بانتظار إصلاح العطل.

وجلست "يارا" مع زميلها في القسم المخصص للعائلات، وهو القسم الوحيد الذي يسمح فيه بالاختلاط في الأماكن العامة بالسعودية.

وقالت يارا إنّها أخذت إلى التوقيف في الرياض على أيدي عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذين طلبوا منها توضيح صلتها بزميلها، وما إذا كان أحد محارمها.

وعندما اتضح أن الزميل لا يرتبط بها بعلاقات قربى تم القبض عليها واقتيادها في عربة دفع رباعي مظللة الزجاج إلى قسم النساء في سجن "الملز"، حيث أُرغمت على خلع ملابسها والخضوع لتفتيش صارم، وطلب منها التوقيع على أنها كانت في وضع (خلوة مع أجنبي)، ومنعت لساعات من الاتصال بزوجها في جدة.

وبعد ذلك، أرغمت يارا على الاستماع لنصائح دينية من أحد الشيوخ، الذي حاولت، دون جدوى، التأكيد له بأن زوجها يعرف بوجودها في الرياض، وذلك قبل أن يُفرج عنها، بعد تدخل زوجها الذي عرف بالقضية من أحد الأصدقاء. بحسب (CNN).

وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر أن زميل يارا، والذي يشغل منصب خبير اقتصادي، أفرج عنه بدوره، بعد أيام قضاها في زنازين هيئة الأمر بالمعروف.

وبالمقابل، أبدى مصدر في منظمة دولية لحقوق الإنسان(HRW)، هيومان رايتس ووتش لموقع بالعربية استنكاره الشديد للحادث التي تعرضت له المرأة علناً، والتي تم تفتيشها لاحقاً، بعد إرغامها على خلع ملابسها، مشدداً على أن هيئة الأمر بالمعروف "خارجة عن القانون" لمخالفتها الأنظمة، ولعدم وجود مظلة ترعى عملها.

وقال كريستوف ويلكي، المختص بشؤون السعودية في منظمة هيومان رايتس ووتش: أنا مقتنع بأن هيئة الأمر بالمعروف غير قانونية لأنها لا تتقيد بأحكام القانون، ومنها عدة قرارات من وزارة الداخلية، ولا يوجد قانون يحدد لها عملها.

وكشف ويلكي أنه التقى خلال زيارته للسعودية بهدف إعداد تقارير عن حقوق الإنسان بالبلاد، يتوقع أن يصدر قريباً، برئيس هيئة الأمر بالمعروف، الشيخ إبراهيم الغيث، حيث أثار معه قضية التوقيفات التي تقوم بها الهيئة، طالباً تحديد السند القانوني الذي يتم بموجبه توقيف النساء.

ووصف ويلكي هيئة الأمر بالمعروف، التي يعرف عناصرها بـ"المطاوعة" بأنها "خارجة عن القانون"، وأنها تتصرف وكأنها "فوق أحكامه"، وقال إن الشعب السعودي خائف من طغيانها، على حد تعبيره.

وأكد ويلكي أنه يعمل على إعداد تقرير سيصدر قريباً يتناول فيه الهيئة من باب النظام القضائي والقانون المطبق في السعودية، والقواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تتحكم بعملها، والتي وصفها بأنها غامضة.

وذكر أن توصيات التقرير ستثير، ما اعتبره "عشوائية" في قانون العقوبات، والذي قال إنه "غامض" حيال قضايا، مثل العقوبة الواجب تطبيقها حيال عدم أداء الصلاة في وقتها مثلاً، إذ لا يتضح فيه ما إذا كانت العقوبة تقتصر على التحذير أم تمتد لتصل إلى السجن، معتبراً أن تصنيف العقوبات بين المخالفة والجنحة والجناية "غير واضح،" على حد تعبيره.

وأضاف قائلا: "طلبنا وضع قانون عقوبات مكتوب ينسجم مع المعايير الدولية لناحية تجريم الأفعال بوضوح، فهيئة الأمر بالمعروف تعاقب من ينطق ضدها مثلاً، وعندنا قلق شديد بما يتعلق بكونها سلطة مستقلة باتت لا تحترم قرارات وزارة الداخلية نفسها.

واستدل ويلكي، الذي كان يتحدث من مكاتب المنظمة في نيويورك، على صحة كلامه بقرار وزير الداخلية الذي صدر عام 1981، والذي يتضمن تعليمات حول نظام عمل الهيئة، ووجوب منع حالات السجن والاعتقال.

ويذكر أن تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية عن السعودية هو الأول، ويأتي بعد سجل حافل من خروقات حقوق الإنسان المختلفة، تدخّل في بعضها العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبد العزيز لإيجاد حلّ لها.

سن قوانين جديدة لحماية حقوق المرأة في السعودية

وقالت الأمم المتحدة انه يتعين على السعودية سن قوانين لحماية المرأة من العنف وأيضا للسماح لها بلعب دور أكبر في المجتمع وفي أماكن العمل.

وقالت ياكين ارتورك المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة بمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة: ان عدم وجود قوانين مكتوبة تحكم الحياة الخاصة يشكل عقبة كبيرة أمام حصول المرأة على العدالة.

وطالبت السعودية في بيان بوضع اطار قانوني يستند الى المعايير الدولية لحقوق الانسان بما في ذلك قانون يجرم العنف ضد المرأة.

وأصبحت معاملة المرأة مصدر حرج متزايد للسعودية وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة وأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. وتعرضت السعودية لانتقادات دولية بعد أن أصدر مجلس القضاء الاعلى السعودي حكما على فتاة عمرها 19 عاما يقضي بجلدها 200 جلدة وسجنها ستة أشهر لانها كانت مع رجل أجنبي عنها عندما تعرضت للخطف والاغتصاب على أيدي مجموعة من سبعة رجال في عام 2006.

وأصدر العاهل السعودي الملك عبد الله عفوا عن الفتاة التي تعرضت لاغتصاب جماعي في ديسمبر كانون الاول الماضي. بحسب رويترز.

وجاء التدخل الملكي في أعقاب ضغوط دولية واستقبلته الإدارة الأمريكية بدعوة السلطات القضائية السعودية الى الانتباه لهذه الرسالة لتجنب تكرار مثل تلك الحالات.

السعودية تجمع بين زوجين فرقتهما محكمة

وقالت مسؤولة بالأمم المتحدة ان السعودية وعدت بالسماح بالتئام شمل زوجين فرقت بينهما محكمة شرعية الامر الذي يضع حدا لقضية سببت حرجا للمملكة في الخارج.

وفرقت محكمة شرعية في عام 2006 بالطلاق بين فاطمة العزاز وزوجها منصور التيماني بعدما أقنع أشقاؤها القضاة بعدم كفاية نسب الزوج.

وجاءت هذه القضية ضمن سلسلة قضايا أثارت انتقادات دولية لحقوق الانسان في السعودية.

وقالت ياكين ارتورك المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة بمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة: التقيت مع فاطمة ومنصور وكلاهما في حالة يرثى لها كلاهما يعانيان.

وأضافت في تصريحات للصحفيين بعد زيارة استمرت عشرة أيام لتقصي الحقائق بالمملكة التي يسكنها 24 مليون نسمة: أكدت لي السلطات أن هذه المسألة سيتم معالجتها وسيلتئم شملهما ان شاء الله.

وتعيش فاطمة الان في دار حكومية لرعاية الايتام مع طفلها الصغير. وترفض العودة الى منزل اسرتها تنفيذا لحكم المحكمة الذي طلقها من زوجها. ويحتفظ الزوج بحضانة ابنتهما.

وقالت ارتورك وهي مسلمة من تركيا: هذا ليس له أساس في الإسلام.. هذا مؤكد.. لان كل الناس سواسية في الإسلام. بحسب رويترز.

وقالت ارتورك: ان الإصلاح القضائي ضروري لازالة مجموعة من العوائق أمام حقوق المرأة في السعودية.

وأضافت، نحتاج كأساس الى ارساء حكم القانون. هذا ليس كل شيء وانما هو شرط أساسي لحماية حقوق الانسان.

وقال الملك عبد الله في اكتوبر تشرين الاول انه يريد اصلاح القضاء الذي يهيمن عليه رجال دين يتبنون المذهب الوهابي. والخطط جارية لكتابة القوانين غير أن الاصلاح ربما يستغرق سنوات.

وواجه وفد سعودي رسمي استجوابا قاسيا الشهر الماضي من جانب لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة التابعة للامم المتحدة في جنيف التي قالت ان المرأة السعودية تفرض عليها قيود في جميع نواحي الحياة تقريبا.

وتسعى القوى الليبرالية في الحكومة جاهدة للدفع بالاصلاحات قدما لكن دبلوماسيين يقولون انها تلاقي معارضة شديدة من المؤسسة الدينية الوهابية التي يدعمها بعض الاعضاء ذوي النفوذ في الاسرة المالكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10 آذار/2008 - 2/ربيع الاول/1429