استهداف مسيحيي العراق امتداد لعنف الدكتاتورية البائدة العنصري

 تحقيق/عصام حاكم

شبكة النبأ: لم تعد آفة التجديد في العنف تتبنى قراءات او أنماط سلوكية محددة،  بل ربما ذهبت الى أبعد من ذلك لتصل عند باب الجهاد لتبتدع الوان جديدة من أدوات التحريم، كتحريم تقارب الخيار مع الطماطة في محال البقالة، وإلباس الماعز ثياب العفة والشرف لتغطية عورتها، وتحريم الثلج لأنه بدعة!! لم تكن في عهد رسول لله (ص)، وترهات اخرى ما نزال الله بها من سلطان، لسنا هنا بصدد التعرض اليها.

وبقدر ما يتعلق الامر بذلك المراس الجديد الذي رست على شواطئه سفينة التحريم للمتطرفين الوهابية المحسوبين على الاسلام عنوة لتصل الى حد استهداف الاماكن العبادية من المساجد ودور العبادة والكنائس المسيحية لينتهي بها المطاف على اعتاب خليفة الله في الارض الا وهو الانسان، حيث أقدمت عصابات القاعدة الوهابية على بقر بطون النساء وقطع رؤوس الرجال والتمثيل بالاطفال واخرها تفخيخ المعاقين عقليا، ليس هذا فحسب بل أفتى أئمة "المجاهدين الجدد"  في الاونة الاخيرة وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها ثورة الجهاد على ارض وادي الرافدين ان يقطعوا الطريق على كل من يروم زيارة العتبات المقدسة او الاولياء الصالحين او الكنائس على غرار ما يحصل اليوم في مدينة الموصل وكركوك حيث قدموا على قتل الزائرين عند عودتهم  من كربلاء.

 وها هم اليوم يقدمون على خطف وقتل رجال الدين المسيحي واخرهم البطريرك الكلداني بولس فرج رحو، بعد ان قتلوا ثلاثة رجال ممن كانوا معه، مطالبين ذويه بفدية قوامها مليون دولار امريكي، بحسب متابعين في مدينة الموصل، وكل ذلك من اجل ايقاد جذوة الجهاد حسب وجهة نظرهم!!.

(شبكة النبأ المعلوماتية) ومن منطلق حرصها ووفائها بعرض هموم ومعاناة واقع  المجتمع العراقي  ككل لا يتجزأ. أخذت على عاتقها نشر ردود افعال المواطنين على هذا الموضوع، وكانت الحصيلة:

اول من التقينا به (حيدر شهيد) وهو استاذ في اللغة الانكليزية، وسألناه عن موقفه من هذه المسالة، أجابنا مشكورا: يقينا بان مساحة "الجهاد المشوِّه للإسلام والمسلمين" لا تقتصر على منظومة الطيف العراقي، والعراق بمجمله وبكافة صنوفه الحياتية والانسانية أصبح اليوم مستهدفا من قبل تلك الزمر الارهابية التي لا نعرف مصلحتها ولا أهدافها ولا حتى هويتها، فبالتاكيد يتبادر الى الذهن بان هؤلاء يريدون بالعراق عدم الاستقرار والطمأنينة،  وليس هناك مسوغ اخر يدعوهم الى ارتكاب تلك الجرائم وخصوصا عندما يستهدفون بعملياتهم الاجرامية  المكون المجتمعي المسيحي الاصيل في العراق، الا انهم يبغون من وراء ذلك زرع الرعب والخوف في قلوب العراقين ليس الا.

سلوك وهّابي منحرف يلتقي مع نهج الدكتاتورية البائدة

وجهنا سؤالا اخر الى الصحفي (سلام البناي) وهو، باعتقادك ان هؤلاء فعلا مجاهدين؟ أجابنا قائلا: نحن العراقين بطبيعتنا نمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال من خلال ما عانيناه في عهد النظام الدكتاتوري السابق، فهذا الامر لزاما منحنا مؤهلات عالية في الاحساس والتصورات، وفي أغلب الاحيان يأتي هذا السلوك المنحرف منسجما مع الافكار البعثية والتطرف الوهابي وهو ليس من الدين والجهاد بشىء، حيث عانت الاغلبية الشيعية في العراق وكذلك الاكراد الوان الضيم والهوان على يد ازلام الدكتاتورية السابقة، الذين تنحدر منهم الان قطعان الذئاب الحالية في العراق تحت اسم القاعدة المقيتة.

ويضيف البناي، ليس هناك من دين سماوي يجيز لتلك الزمر استباحة الدم العراقي وتحت اقسى المسميات او اقسى الظروف الا انهم  يحاولون تصيير تلك الممارسات اللاخلاقية واللاانسانية  تحت رمز او ثقافة الدين او الجهاد وذلك من اجل كسب نوع من التاييد او التضامن من اولئك الناس البسطاء او السذج وربما يصل الامر الى حد استغلال البعض منهم للقيام بتلك الافعال التي لا يجيزها عرف او ناموس من نواميس الارض والسماء.

الشيعة والمسيحيين في خط استهداف واحد

المواطن المسيحي (رودي)، مدرس في اعدادية التجارة في مدينة الموصل، قال لـ شبكة النبأ عبر الهاتف: اني في حيرة من امري اليوم وانا اشاهد تلك الصور المؤلمة فالشيعة مستهدفين والمسيحيين هم ايضا مستهدفين من قبل تلك الجهات التكفيرية، وانا على سبيل المثال مواطن عراقي حيث ولدت هنا وترعرت وانا أدين بالديانة المسيحية وتجمعني مع المسلمين روح التفاهم والانسجام، ونحن اخوة وعراقيين وابناء بلد واحد وليس من مسوغ يدعوا هؤلاء الى الاقدام على قتل تلك الجموع البشرية، وما نطقت به الساحة الاعلامية  حول استشهاد الاستاذ شهاب التميمي نقيب الصحفيين العراقين لهو دليل واضح لا يقبل اللبس او التشكيك فهذا الرجل الكبير في السن لم يكن من قوات الاحتلال او من السياسيين او ضمن الاجهزة الامنية بل هو صحفي فحسب، فما هو ذنبه حتى يردى قتيلا تحت وابل الرصاص ناهيك عن ذلك البطريرك الكلداني بولس فرج رحو حيث اقتيد الى جهة مجهولة وقد قتلوا ثلاثة من مرافقيه في مدينة الموصل قبل ايام، اهو من جلب الامريكان الى العراق.

ويضيف رودي، اليوم الخاطفين يطالبون بفدية قيمتها مليون دولار، من اجل اطلاق سلاح البطريرك، وانا بصراحة شديدة ينازعني الشعور في الرحيل من بلدي العراق، كوني لا اطيق حالة الرعب والخوف والاستهداف من قبل تلك المجاميع الضالة التي ترتدي لباس الدين الاسلامي عنوانا يؤطر فعلها الشنيع تجاه ابناء العراق عموما والمسيحين على وجه الخصوص.

الدكتورة (مها بنانة) وهي مختصة في علم النفس، فتقول: ما لا استطيع الاصغاء اليه ان ياتي هؤلاء المجرمين ويصنفون الناس على هواهم، هذا كافر وهذا فاسق وهذا مجرم وهذا متعاون مع الامريكان، ونعوت اخرى ما انزل الله بها من سلطان، فأني أتسائل من اذِنَ لهم بتصنيف الناس ومن اعطاهم حق الشروع بمحاسبة المقصر اذا كان هناك فعلا تقصير.

 بالاضافة الى ذلك فلنذعن بان هناك من العراقيين من هو مقصر تجاه بلده، فما ذنب النساء والاطفال والشيوخ العجزة حين يتعرضون الى القتل عبر وسائل التفخيخ او عمليات الذبح والقتل في ديالى والموصل وفي مناطق متفرقة من العراق، علما باني قد قرأت القرآن ولم اجد فيه نص يرمز من بعيد او قريب الى استباحة القتل بل على العكس فاني لمست من خلال النصوص القرانية ما يشير الى حالات التسامح والتسامي عن الاضغان والاحقاد وزرع روح المحبة والاخوة بين بني البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني، فالاسلام دين سلام ومحبة وما جاء به هؤلاء التكفيرين بالتاكيد لا يقارب وحي القران او الرسالة المحمدية من قريب او بعيد. 

وتضيف الدكتورة بنانة لـ شبكة النبأ، ما يتعرض اليه المسيحيين في العراق ما هو الا حلقة من حلقات الإجهاز على الروح العراقية بكافة مكوناتها الدينية او العرقية، اذن نحن اليوم أمام  ثقافة الظلم بأشد الوانه والاقصاء والتشويه، والتي هي بالتاكيد تاتي منسجمة مع الصفة الدكتاتورية للنظام السابق.

مسؤولية الحكومة في تفعيل دور القانون

الاستاذ (محمد مجهول) قال: نحن نطالب الحكومة بوضع حل جذري لهذه المهزلة التي تستهدف ابناء هذا البلد، وخصوصا ما يتعرض له ابناء الديانة المسيحية في العراق لذا يجب ان يفعّل دور القانون وذلك من خلال الاقتصاص من اولئك المجرمين عبر وسائل رادعة شديدة ومنها على سبيل المثال تفعيل قانون حكم الاعدام، وعدم جعل هذا القانون مشلول او مغيب ازاء من يقدم على قتل المواطن العراقي، فنحن منذ خمسة اعوام لم نجد من طاله هذا الحُكم إلا النزق اليسير من المجرمين، وهذا الامر عامل مشجع وحافز قوي لكل  القتلة في ،ان يمارسوا هذا الفعل كون القضاء العراقي ينساب خلف شعار الشفافية المطلقة تجاه من قدم ويقدم على اراقة الدم العراقي بلا هوادة او رحمة، وهذه المسؤولية ملقاة على عاتق المؤسسة القضائية والحكومية على حد واحد،  كي تاخذ دورها الاخلاقي والانساني والوطني والديني تجاه مكونات الطيف العراقي بدون استثناء.

ومن خلال تلك الاراء نستشف بان ما ذهب اليه "المجاهدين الجدد" ما هو الا استراتيجية مخطط لها من قبل الدوائر الصهيونية والوهابية من اجل اجهاض المشروع العراقي تحت راية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او تحت راية الجهاد او المقاومة او عناوين اخرى، وما تلك المبررات والاسباب  والحجج الا ذرائع تهدف الى سفك دم ابناء هذا الشعب ليس الا،

وختاما اريد ان اقول للحكومة، ما ذنب هؤلاء الابرياء حيث يتعرضون الى الوان القتل والتهجير والخطف؟ فاين انتم من هذا كله؟ اذن انتم في غفلة من أمركم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8 آذار/2008 - 29/صفر/1429