علم خمس نجوم

ميثم العتابي

 كل نظام جديد ولأي دولة في العالم يطمح لأن يأتي بحقيبة مليئة بالتغييرات، ذلك ما يميزه عما كان قبله، حتى وإن كان هذا التغيير غير ضروري أحيانا، لذا يبدو أنه يجيء من باب المشاكسة والمخالفة، إن لم يكن من باب المصلحة العامة التي تقتضيها الظروف المحيطة بهذا البلد أو ذلك.

وأساس التغيير متوقف على عامل مهم جدا لدى هذه الأنظمة الجديدة وشروط أساسية لا أقول متعارف عليها حتى لا أصنع منها عرفا دوليا، فالأعراف الدولية متقلبة أكثر من الأنواء الجوية ومتغيرة، أسس التغيير وعوامله هي أن يكون المغّير بطبيعة الحال مغّيرا داخلي لا خارجي لأنه كما في الأول نابع من بنية الحاجة الشعبية، متمثلا وممثلا لعدة اتجاهات وآراء، أما الثاني ـ الخارجي ـ فهو لا يمثل إلا نفسه ولا يتنفس إلا الهواء الذي يطلقه من زفيره وشهيقه، هذا وإن كان مع وجود علل وتبريرات داخلية منطقية أو غير منطقية لوجوده، وقد تكون منها بل من أسوءها التبرير القائل (بعض الشر أهون).

والتغيير الداخلي يتم إما عن طريق الانتخابات أو الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية والمدنية منها، أما النوع الثاني من التغيير المسمى بالخارجي فهو ذو بُعد واضح عن طريق الغزو والاحتلال تحت مسميات دولية كثيرة تضفي عليه صبغة شرعية كـ (التحرير ، الإنقاذ ، إرساء الديمقراطية .. الحرية ..) وغير هذه المسميات كثير تعج بها كتب المصنفات الحديثة لعلم اللغة الديمقراطية الأمريكية الحديثة.

وبالحديث عن التغيير العراقي الحاصل اليوم هو بطبيعة الحال من الطراز الثاني للأسف وليس الأول، وهذا ليس بسابقة ـ صحفية ـ وإنما كما هو واضح للعيان، كما شمل هذا التغيير تغييرا في جميع مفاصل الحياة ممتدا إلى أبسط أجزاء حياتنا، ومبتدأ بنا من ألف ياء (النطق ، الحركة ، السكون ، التعبئة ، الكلام ، عدم الكلام ، المشي ، الوقوف ، الجلوس ، قل، لا تقل .... الخ) ومن هذا الكثير، حتى بتنا نشك في ما سيتغير لا حقا من حياتنا وما سيثبت منها.

أما هل كان أو يكون هذا التغيير نحو الأفضل؟ هنا أفضل الاتجاهات الاستطلاعية وترك الإجابة إلى المواطن العراقي حتى لا أقع تحت رحمة ووطأة الفردنة الفكرية في رؤية وتحليل الأشياء. بيد إنه تغيير منطقي لما تمادى به النظام السابق من إحتكار وإختزال للسلطة وسلب رأي الشعب والإعتداء على حرياته الشخصية والعامة.

المهم من التغيير هو إيجاد أفضل مساحة من الازدهار والتقدم لهذا الشعب، مقارنة على الأقل بدول الجوار والتي هي أقل منه في الميزان العالمي الاقتصادي، ذلك لما يحتله العراق من مكانة نفطية بين الدول العالمية المصدرة والمنتجة منها للنفط المصدر الرئيس للطاقة. هذا المصدر الذي بات يقلق العالم.

وكما نعيش نحن العرب حالة من الاغتراب نحو المعلوماتية والتقدم التكنولوجي. بات الإنسان الآخر ـ الغربي ـ يعيش حيال رأس المال العربي حالة من الاغتراب الاقتصادي، خاصة وأن رؤوس الأموال العملاقة الخليجية تجتاح السوق وتستثمر هناك وتسيطر على كبريات الأسواق العالمية.

العراق اليوم وفي بداية مشواره على الانفتاح العالمي مرشحا لأن يأخذ دوره الحقيقي بين هذه الأسواق وهذه الأموال والتداولات، والتغيير في بنية المجتمع العراقي الذي اقتاتت على ثرواته دتكاتورية النظام السابق، مفاده إنتقال وقفزة نوعية إلى الواقع الديمقراطي العالمي فهو (حرية فكرية ، حرية استثمارية) رغم أن هذه الحريات في جو ضبابي مازالت تتنفس في رئة أحادية ما فتأت تتلفت إلى الوراء خوفا من الملاحقة والمسائلة.

لكن لاشك أن كل هذه الأشياء وقتية مرهونة بعنصر زمني ـ رغم التخوف من طول عمر هذا الزمني ـ .

إذاً فالتغيير الحاصل هو بطبيعة الحال تغيير إيجابي نحو التقدم، ولما كان هذا التقدم مبنيا ومرهونا على منطقيات إقتصادية منها وسياسية. كما كنا نتوقع أن حياتنا ستتحول وبدرجة 180 عما كانت عليه وأن نجومنا الثلاثة ستتحول إلى خمسة مقارنة بنجوم الخليج العربي، لا أن ترفع هذه النجوم من العلم، فهذا في حد ذاته نذير شؤوم.

السؤال الذي يطرح نفسه وبشكل ملح جدا ما هي الأهداف من وراء رفع النجوم؟ هل هي مناغمة لأقلية؟ أم عزف على سلم القومية المهترأ؟ أم هو طريق لجعل حياتنا الجديدة ذات خمس نجوم .... ولكن بعد حين!!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8 آذار/2008 - 29/صفر/1429