
شبكة النبأ: ينظر اغلب المراقبين
السياسيين الى الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الامريكية على
انهم من مؤيدي افكار الرئيس الامريكي السابق رزوفلت ومناصرين تاريخيا
للحزب الديمقراطي. وبدا الانقسام واضحا في تلك الكتلة التصويتيه
المؤثرة كما ظهر في نتائج انتخابات يوم الثلاثاء الكبير.
فقد حققت هيلاري كلينتون المرشحة الديقراطية للفوز ببطاقة الحزب
لانتخابات الرئاسة فوزاً كبيراً بين الناخبين اليهود في ولايتي نيويورك
ونيوجيرسي، لكن الصورة كانت متضاربة في النتائج التي تحققت في الولايات
الأخرى التي شاركت في الانتخابات التمهيدية التي جرت.
ونشرت الصحف الأمريكية إحصاءات حول نتائج تصويت اليهود الأمريكيين
في الانتخابات التي أجريت في ولاية نيويورك، تبيّن من خلالها أن
كلينتون حصلت على أصوات 65% من اليهود فيما نال خصمها العنيد باراك
أوباما 33% من أصواتهم.
كما أشارت الصحف إلى أن كلينتون حصلت على 63% من أصوات اليهود في
ولاية نيوجيرسي متفوقة على أوباما الذي حصل على 37 %. بحسب تقرير
واشنطن.
أما في ولاية كاليفورنيا فجاءت الأرقام مختلفة قليلاً حيث حصلت سيدة
أمريكا الأولى سابقاً على 48 % من أصوات اليهود في مقابل 44% من
الأصوات لمنافسها السيناتور الأسود.
وعلى رغم من خسارته للانتخابات في ولاية ماساتشوستس فأن أوباما حصل
على أصوات 52 %من يهود الولاية مقارنة بـ 48 %لكلينتون التي فازت في
الانتخابات التمهيدية فيها. أما في كونيتيكت فحصل أوباما الفائز فيها
على أصوات 61 %من اليهود في مقابل 38 % لكلينتون.
وكانت نسب مشاركة الناخبين اليهود الديموقراطيين في الانتخابات
التمهيدية متفاوتة إذ سجلت في نيويورك 16 %وفي كونيتيكت 10 %وفي
نيوجيرسي 9 %وفي ماساتشوستس 6 % وفي كاليفورنيا 5 %.
وبعيدا عن النتائج فقد أظهر الاستطلاع السنوي لليهود الأمريكيين أن
70% من اليهود الديمقراطيين يدعمون كلينتون مقابل 54 لاوباما.
وبالرغم من هذه النتائج الا ان انتخابات الثلاثاء العظيم كشفت عن
تشكك في نظرة اليهود الديمقراطيين لكل من كلينتون واوباما ، بحسب صحيفة
نيويورك تايمز. ويقول رابي هيرستش، بأحد الجماعات اليهودية بولاية
منهاتن "هناك كم من الضغط على اليهود للاختيار بين المرشحين، لان
كلاهما لديه قبول كبير لدى المجتمع اليهودي". ويقول سيد دافيدوف Sid
Davidoff أحد أعضاء اللوبي اليهودي الذي شارك في حكومة نيويورك منذ
الستينيات، "اعتقد انه سيكون هناك انقسام بين الناخبين الاكبر سنا في
المجتمع اليهودي الذين يفضلون كلينتون وبين الناخبين الشباب واليهود
الاكثر تحررا الذين يرون أن اوباما عاملا للتغيير".
ومن وجهة النظر اليهودية، فان لدى كلينتون واوباما مصداقيات متساوية
في القوة. فلكل منهما صلات قائمة منذ زمن مع المجتمع اليهودي، كما أن
كلاهما أقام التزام قوي ناحية أمن اسرائيل وتحقيق نهاية عادلة ونهائية
للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
فوزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبريت تقف الى جانب
كلينتون، بينما يعمل دينس روس كأحد مستشاري اوباما المتخصصين في شؤون
الشرق الاوسط والذي ترأس فريق مفاوضات الشرق الاوسط في إدارة بوش الاب
وبيل كلينتون. ويشترك كل من كلينتون واوباما مع اليهود الامريكيين في
اعتناق نفس مبادئ العدالة الاجتماعية. واذا فازاي منهما بترشيح حزبه
فمن المؤكد أن يستعيد ذلك المرشح تأييد الناخبين اليهود له.
وبحسب جوليزالم بوست الإسرائيلية فإن الحقيقة هي أن كل من كلينتون
واوباما مؤهل بشكل كبير لان يصبح رئيسا. فامام الديمقراطيين خياران
جذابان ومقبولان. فاذا اختار الناخب اليهودي اوباما او كلينتون ، فعليه
الا يبني قراره على الدعاية السلبية التي تقوم على الهجوم والتدمير.
وتقول نيويورك تايمز إنه على الرغم من انه من المتوقع أن تفوز
كلينتون بدعم ناخبين اكثر بما فيهم اليهود في الولايات التي تمثلها،
الا ان تحول طفيف في دعم اليهود لها يعد أمرا مثيرا. فعلى سبيل المثال
فقد تحول سيمكا فيلدر اليهودي الارثوسوكسي من دعم كلينتون إلى دعم
اوباما.
وبحسب ملحق Jewish world لصحيفة يدعوت احرونوت الاسرائيلية، ان تفوق
اوباما الدراماتيكي في الانتخابات التمهيدية يبدو انه ليس له تاثير على
تصويت اليهود. فالشائعات التي روجت عن اوباما والتي قالت انه مسلم،
والاسئلة التي اثيرت عن موقفه من اسرائيل يبدو انها قد اثرت على دعم
اليهود له. وقد حاول اوباما الرد على هذه الشائعات وذلك خلال محادثة
تليفونية مع عدد من اليهود والاسرائيليين وأيضا عن طريق نشر اعلانات في
الصحف اليهودية لتشجيع اليهود على التصويت لصالحه. وقال اوباما في
مؤتمر صحفي مع صحفيين يهود واسرائيليين:" لم امارس الاسلام قط. لقد
تربيت مع ام علمانية وانا انتمي إلي الديانة المسيحية، فأنا مسيحي نشط".
وأضاف:" إن التزامي القوي والعميق وصلتي بالمجتمع اليهودي لا يجب ان
تكون محط التساؤلات". وعندما سؤل اوباما عما اذا كان رفضه لمدح الكنيسة
للويس فرخان Louis Farrakhan قائد جماعة "أمة الاسلام " The Islamic
umma الأمريكي كافيا بدلا من تقيد استقالته من هذه الكنيسة، كرر اوباما
إدانته لاراء فرخان التي اعتبرها معادية للسامية.
وأضاف:"ان كنيستي لم تطلق عبارات معادية للسامية، ولم اسمع أي راهب
يطلق مثل هذه العبارات... واذا سمعت ذلك، لكنت تركت الكنيسة".
ومن جانبهم فقد نشر قادة 9 جماعات يهودية خطابا مفتوحا يدين ما
اسموه ب"رسائل الكراهية" التي قالوا انهم ينشرون الاكاذيب عن معتقدات
اوباما ونواياه. وبحسب نيويورك تايمز، قال هؤلاء القادة "ان رسائل
الكراهية التي نشرت على البريد الاكتروني تستخدم الاكاذيب وتسعى لتشويه
سمعة اوباما كشخص وكذلك تشوية معتقداته الدينية." واضافوا ان هذه
الرسائل تحاول زرع القطيعة بين مجتمعنا والمرشح الرئاسي معتمدين في ذلك
على الهجوم الكاذب وتلميحات تعتمد على الدين". واوضحوا :"ان مثل هذه
المحاولة لتضليل الناخبين لا يجب ان تكون جزء من عملنا السياسي ويجب ان
ترفض من قبل كل الذين يؤمنون بديمقراطيتنا".
وتقول صحيفة جورزالم بوست عن القلقون من اسم اوباما الاوسط "حسين" ،
عليهم ان يتذكروا ان ملك الاردن الراحل الملك حسين كان يعتبر من اكثر
قادة الشرق الاوسط احتراما واعتدالا وتنويرا حتى قبل ان يوقع معاهدة
السلام مع اسرائيل في اكتوبر 1994.
كما تعرضت كلينتون لإنتقادات شرسة من قبل بعض القادة اليهود الذين
ذكروا بأنها عندما ذهبت الى رام الله بالضفة الغربية في عام 1999 لحضور
أحدى المناسبات لم ترد على اتهامات سها عرفات قرينة الرئيس الفلسطيني
الراجل ياسر عرفات لإسرائيل بتسميم النساء والاطفال الفلسطينيين
بالغازات السامة، وقد استمعت كلينتون الى ذلك وقد بدى عليها الضيق الا
انها قبلت سها وتركتها بهدوء.
والجمهوريون أيضا
وفي المعسكر الجهوري يحظي جون ماكين بقبول أغلب اليهود الجمهورييين
وخاصة بعد انسحاب رودي جولياني.
فماكين يحظى منذ سنوات عديدة بدعم بأصوات اليهود الجمهوريين ودعمهم،
غير أن اليهود الديمقراطيين يحشدون قواهم لوقفه.
ورغم أن ماكين أيد الحرب على العراق وهو ما أثار قلق بعض اليهود
الجمهوريون الذين يعارضون تلك الحرب إلا أنهم يؤيدونه بسبب تشدده من
إيران وعتبرونه الرجل الذي سيقف أمام إيران.
في المقابل يسود القلق في أوساط يهود الجمهوريين من المرشح مايك
هوكابي Mike Huckabee وهو قس إنجليكاني سابق حيث يدعو إلي "أمريكا
المسيحية" وهو ما أثار انتقادات في أوساط الدوائر اليهودية.
ورغم أن اليهود لا يشكلون سوى 2.4% من مجموع الناخبين الأمريكيين،
وهو ما يجعلهم كتلة انتخابية صغيرة نسبياً قياساً بالكتل الأخـرى مثل
الناخـبين من أصـل إسباني أو أيرلندي أو الناخبين السود، فإن ثمة عوامل
تجعل قوتهم الانتخابية وتأثيراتهم تفوق بكثير عددهم الفعلي عرض لها
دكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية:
1ـ فاليهود من أكثر الأقليات تركيزاً في المدن، فهم يوجدون بأعداد
كبيرة في بعض المدن، مثل نيويورك وشيكاغو وميامي (فلوريدا)، وهو ما
يجعل لهم ثقلاً غير عادي. وعلى سبيل المثال، يشكل اليهود 19% من كل
سـكان مانهاتن وبروكلين (وهمـا أهم قسمين إداريين في مدينة نيويورك).
وهم يشكلون 16% من كل سكان نيويورك و3% من كل سكانها البيض. وبالتالي،
فإن أي مرشح يتوجه للصوت الأبيض (مقابل الصوت الأسود والإسباني) عليه
أن يضع الصوت اليهودي في الاعتبار.
2 ـ يتركز اليهود في بعض الولايات التي تلعب دوراً حاسماً في
انتخابات الرئاسة، وهذا ما يجعل أهميتهم كجماعة ضغط تتزايد فهم يشكلون
10.6% من جملة الناخبين في ولاية نيويورك و5.9% في نيوجيرسي و4.8% في
واشنطن (العاصمة) و4.7% في ولاية فلوريدا ونسبة كبيرة في ولاية
كاليفورنيا. كما يوجدون بأعداد كبيرة في ولاية بنسلفانيا وإلينوي.
3ـ يُلاحَظ أن أعضاء الجماعة اليهودية يتمتعون بأعلى مستوى تعليمي
في الولايات المتحدة، وهو ما يؤثر على سلوكهم الانتخابي إذ أنهم يدلون
بأصواتهم بنسبة تفوق بمراحل النسبة القومية. وتبلغ هذه النسبة بين
اليهود 92% (وهي أعلى نسبة على الإطلاق بين أي أقلية في المجتمع
الأمريكي) مقابل 54% وهي النسبة بين الأمريكيين على وجه العموم، وهذا
يعني تزايد قوتهم الانتخابية. وعلى سبيل المثال، ذكرنا أن 10.6% من
جملة الناخبين البيض الذين لهم حق الانتخاب في ولاية نيويورك من
اليهود. ولكن، نظراً لحرص الناخبين اليهود على الإدلاء بأصواتهم، نجد
أن نسبتهم الفعلية، وهي النسبة التي يضعها المرشحون في اعتبارهم، تصل
إلى ما بين 16% و20%.
4ـ وتضاعف هذه النسبة فيما يتعلق بانتخابات مؤتمرات الولايات التي
يتم عن طريقها اختيار المرشحين لرئاسة الجمهورية. ففي انتخابات مؤتمر
الحزب الديمقراطي في نيويورك (انتخابات عام 1984)، بلغت نسبة عدد
اليهود نحو 30%. وكان 41% من الأصوات التي أعطيت لمونديل من أصوات
اليهود. أما في انتخابات عمدة نيويورك، فإن أصوات اليهود كانت تشكل 50%
من الأصوات التي حصل عليها.
(ومع هذا لوحظ مؤخراً انصراف الشباب اليهودي في الولايات المتحدة عن
الإدلاء بأصواتهم. وقد بينت إحدى الإحصائيات أن عدد الممتنعين عن
الاشتراك في الانتخابات قد وصل إلى ما يزيد على مليون عام 1991 وهو ما
يضعف قوة الصوت اليهودي، وخصوصاً مع زيادة عدد أعضاء الأقليات الأخرى
وتزايد إقبالهم على الانتخابات).
5 ـ وإلى جانب كل هذا، يُلاحَظ أن أعضاء الجماعة اليهودية نشطاء
سياسياً ويشتركون في معظم الحركات السياسية، وخصوصاً الليبرالية
واليسارية، ويؤثِّرون فيها بشكل يفوق عددهم.
6 ـ تضم الجماعة اليهودية عدداً كبيراً من كبار المثقفين والفنانين
ورجال السـياسة، الأمـر الذي يزيد من ثـقل وأهمية الصوت اليهودي.
7ـ تُعدُّ الجماعة اليهودية من أكثر الأقليات ثراء في العالم إن لم
تكن أكثرها ثراء بالفعل. ونظراَ لنشاطهم السياسي، فهم يتبرعون للحملات
الانتخابية بمبالغ كبيرة يحسب المرشحون حسابها. وربما كانت الجماعة
اليهودية، كجماعة ضغط، تنفرد بهذه الخاصية إذ أن أعضاء جماعات الضغط
الأخرى قد يفوقون اليهود عدداً ولكنهم لا يقتربون بأية حال من
إمكاناتهم المالية.
وفيما يلي جدول بأصوات اليهود في عدد من الانتخابات الرئاسية
الأمريكية السابقة:
العام |
المرشح |
نسبة تصويت اليهود % |
1980 |
|
|
|
Reagan (جمهوري) |
39 |
|
Carter (ديمقراطي) |
45 |
|
Anderson (I) |
14 |
|
|
|
1984 |
|
|
|
Reagan (جمهوري) |
31 |
|
Mondale (ديمقراطي) |
67 |
|
|
|
1988 |
|
|
|
Bush (جمهوري) |
35 |
|
Dukakis (ديمقراطي) |
64 |
|
|
|
1992 |
|
|
|
Bush (جمهوري) |
11 |
|
Clinton (ديمقراطي) |
80 |
|
Perot (I) |
9 |
|
|
|
1996 |
|
|
|
Dole (جمهوري) |
16 |
|
Clinton (ديمقراطي) |
78 |
|
Perot (I) |
3 |
|
|
|
2000 |
|
|
|
Bush (جمهوري) |
19 |
|
Gore (ديمقراطي) |
79 |
|
Nader (G) |
1 |
|
|
|
2004 |
|
|
|
Bush (جمهوري) |
24 |
|
Kerry (ديمقراطي) |
76 |
|
Nader (G) |
1 |
|