من الدوائر المغلقة... الى الخطوط المستقيمة

برير السادة

 تضيئ في راسي علامة التعجب من التجمعات الكثيرة والمتعددة التي تمتلىء بها احياء وشوارع وديوانيات بلادي, مع انها شكل طبيعي, تدعو له القواسم المشتركة عند الافراد, وتجذبه التقاطعات الثقافية والاهتمامات الحياتية بشتى صنوفها وابعادها. فنجد جماعة يجمعها الكتاب, واخرى المال والعقار, واخرى نوع من انواع التبغ والدراجات النارية....فتكون هذه الجماعات ليس شيئا مستغربا, لانها رشحات طبيعية لمدنية الانسان, فرضها تكوينه واستعداده الفطري.

فتعجبي تكون من الصورة المتنافرة, والمتباعدة التي ترسمها هذه التجماعات والجماعات على مجمل الخريطة الهندسية, فلكل  منها شانه الخاص, وعالمه المغاير, لا تربطها ببعضها البعض اي خطوط وان كانت وهمية. وهو ما يجعل من حالة التواصل والتلاقي والتعارف والتعاون ضعيفة, تظهر نتائجها في النظرات السلبية والتراشقات الخفية, وسوء الظن القائم على الخيالات والافتراضات الكاذبة.

فالتواصل بين الجماعات المختلفة والدوائر المتبانية من شانة ان يعزز اواصر التعاون, ويؤسس لحالة من الحب والاحترام, كما انه يفتح باب العلاقات الانسانية على مصراعية.  لان القطيعة مفتاح العنف والكراهية وسوء الظن.

وما يهمنا من هذه الدوائر في هذا المقال دائرتين فقط, الاولى دائرة التجماعات الشبابية, والثانية دائرة التجماعت الدينية,  فهاتان الدائرتان تسيران بشكل متوازي في كثير من الاحيان وقلما يلتقيان, فمع ان التجماعات الشبابية تحتاج لاهتمام بالغ في غرس القيم الاخلاقية والانسانية في عقولها ونفوسها, الامر الذي يصبغ سلوكها بالعقلانية والرشد.  نراها تنغمس في ذاتيتها وخصوصيتها بشكل الذي يشبه المنظمات السرية, فلا خيوط الشمش الرفيعة تتسلل لكهفها في وضح النهار, ولا ضياء القمر الناعم.

  اما الجماعات الدينية التي حملت على كتفها مشعل الهداية, صارت تدور في الشوارع القديمة, دون ان تتحرك نحو التجماعات الشبابية التي اصبحت تبني لها مقرات بعيدة عن اضواء المجتمع, وحراكه, فهي ليست معنية بمجتمع لا يتفهم رغباتها وحوائجها.

فالمطلوب من التجماعات الدينية العمل على الانفتاح على جميع التجماعات وخصوصا الفئات الشبابية, لكونها تملك زخما كبيرا, ورصيدا وافيا, ومعرفة كبيرة بالقيم الاخلاقية والانسانية, على ان يكون هذا الانفتاح بشكل معقول لا يؤدي الى الانجرار في مزالق الهوى, والتخبط في طرق الشيطان. فهذا الانفتاح من شانه ان يحافظ على الحياء في القلوب والصدورو كما انه قد يغير من القناعات المترسخة في عقول ونفوس الشباب, بل قد يبني ثقافة اكثر نضجا وعمقا تعمل على بلورة وبناء ابناء المجتمع. فكلنا يعلم ما للكلمة من سحر في تغيير القناعات, وارشاد العقول والنفوس.

من هنا فالمطلوب من التجماعات الدينية ان تنقل مراكز عملها الى الاماكن التي تجذب الشباب, مثل الاستراحات, ومناطق الترفية, والرحلات, والملاعب الرياضية... مما يتيح فرصة اكبر للتلاقي والتعاطي مع الشباب. فمعرفة الزمان والمكان والاسلوب في التعاطي يمثل مرتكزا مهما نحو التغيير والاصلاح. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 شباط/2008 - 17/صفر/1429