مقدساتنا الدينية في ظل الدستور الدائم

أحمد جويد/ مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

 ما إن دعى رجال الدولة وساستها للخروج والتصويت على الدستور الذي يحفظ كافة الحقوق والحريات، خرجت غالبية أبناء الشعب العراقي وبجميع طوائفه نهاية العام 2005م للتصويت لصالح الدستور العراقي الدائم، والذي أراد العراقيون من خلاله أن يعيشوا في ظل دولة المؤسسات المحمية بالنصوص الدستورية والقوانين المنبثقتة عنه.

 كما أرادوا أيضاً أن يصوتوا لصالح دستور يكفل حماية المقدسات الدينية بما تشتمل عليه من أماكن للعبادة وممارسات حرة للشعائر الدينية، وهو ما جاء في المثال الذي ضربه الدستور في الباب الثاني (فصل الحريات) في الفقرة (ب) من المادة 41/أولاً من إن (أتباع كل دين أو مذهب أحرار في.....ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية)، وجاءت الفقرة ثانياً من نفس المادة لتنص على(تكفل الدولة حرية العبادة و((حماية أماكنها))).

    فالمشرع العراقي أوجب على الدولة احترام حرية العبادة وأماكنها، لذا فإن توفير مستلزمات الحماية لهذه الاماكن هو من واجبات الدولة وبكافة أجهزتها، وحيث إن العراق يشتمل على أطهر المقدسات - بعد ضريح النبي(ص) وهي أضرحة أئمة أهل البيت(عليهم السلام) - فإنه يجب على الدولة وأجهزتها الامنية توفير الحماية اللازمة لجميع الاضرحة المقدسة، لأن في استهدافها، استهداف امة بأكملها، نتيجة للإفرازات السلبية الكثيرة، وذلك ليس على من يقدسها فقط بإعتبارها أماكن للعبادة، بل لإن حضارة أمة بكاملها تستهدف من خلال تخلي الدولة عن واجباتها تجاهها.

   وهذا ما حصل في سامراء حينما تهاونت أجهزة الدولة الامنية في حماية المراقد المقدسة هناك، وما ترتب من نتائج كبيرة وخطيرة ليست في العراق وحده بل في كافة البلدان الإسلامية، بعد ما قام التكفيريون وبتخطيط من الاجنبي الذي يرتبطون به بتفجير الضريح المقدس.

  فما هي مسؤولية الدولة التي أوجبها الدستور الدائم تجاه الأضرحة المقدسة في العراق؟

وللإجابة على هذا السؤال يجب معرفة غرض المشرع العراقي من تضمين النصوص المذكورة في الدستور، فإذا كان غرض المشرع من إدراج تلك النصوص هو لأجل تمرير الدستور والتصويت عليه مستغلاً حب أبناء الشعب العراقي لمقدساتهم الدينية، فعليه أن يعلم أن طوال ثلاث عقود من الزمن وأكثر لم تستطع أعتى الدكتاتوريات في العالم طمس معالم هذه المراقد، وحتى في زمن دولة بني أمية وبني العباس، فليس بمقدور الوهابية وأنصارها أن تصل الى مبتغاها لأن تلك الأضرحة تكبر في القلوب والنفوس قبل العمران كلما تعرضت للظلم، وعلى المشرع أن يعلم أيضاً بأن الشعب هو مصدر السلطة وقد ولى زمن (القائد الأوحد).

  أما إذا كان المشرع يعني ما يقول بأن الدولة هي المسؤولة عن حماية تلك الاضرحة، فإننا وبعيدا عن الجوانب الاخلاقية التي لم يتمتع بها من قام بهذا الفعل الشائن، والذي لم يرع من خلاله أية حرمة لله ولرسوله(ص) في أهل بيته(ع)، فإننا نحمل الدولة مسؤولية التقصير في أداء الواجب تجاه ضريح الامامين العسكريين، وبذلك يكون اللجوء الى القضاء لتحديد المسؤولية القانونية لإصلاح الضرر الذي حل بالضريح المقدس والتعهد بتوفير الحماية اللازمة من قبل أجهزة الدولة الأمنية لجميع الأضرحة المقدسة وفقاً لأحكام القانون والنصوص الدستورية، في حال عدم الشروع بإعادة إعمار الضريح المقدس بأسرع وقت ممكن، وبذلك نختبر حقيقة أمر الدولة إذا كانت جادة وصادقة في الإلتزام بما جاء في الدستور من مواد تحفظ للافراد جميع حققوقهم وحرياتهم.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

http://shrsc.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21 شباط/2008 - 13/صفر/1429