ياابا حيدر.. متى يصبح (الذرف مناثب) ؟!

 نعمان التميمي

تكاد تتطابق الاراء بأن من ابرز مهام الاعلام والصحافة ( كسلطة رابعة) او (اولى) كما يسميها او يطمح اليها بعض الصحفيين، هو الدفاع عن الحقوق والحريات وفضح اي ممارسة تنحو الى تكريس الظلم والدكتاتورية، فضلا عن الدور الرقابي والنقدي الذي يجب ان تقوم به لتشخيص العلل والاخطاء والتجاوزات.. سواء على الصعيد السياسي وممارسة السلطة او تجاه مختلف العناوين ومفردات الحياة العامة، اقتصاديا، ثقافيا، اجتماعيا ... الخ، والفات النظر اليها لتتم معالجتها او الحد منها على اقل تقدير..

واذا كان هذا الدور مهمشا بل غائبا تماما في ظل سلطة الدكتاتورية البعثية المقيتة، فأن الابواب اشرعت امامه اليوم بشكل واسع، مما افرز ـ بنظر البعض ـ ممن "يتخوف"! او لاتستطيع عينيه ان تمارس " تحت اسعة الشمس" وظيفتها في " الابصار" والنظر الى الامور ومجريات الحياة، مايحسبه فوضى وتعدّ غير مسموح به!.

 وعادة ماتكون السلطة، وبعبارة ادق من يمارسها، سواء على المستوى السياسي او الاداري او اي جهة او فرد آخر له سلطة ما من النفوذ والقوة والجاه والسيطرة، هم من يتذمرون وتكون لديهم(حساسية) قد تكون (مفرطة) من اشاعة الحريات وبالذات حرية الراي والتعبير والصحافة والاعلام في ممارسة دورها النقدي والرقابي.

نعم، ليس المطلوب من ممارسة هذه الحرية استغلالها للمارسة اداء سلبي وسيىء بعيدا عن الموضوعية، كالتشهير اوالنقد المنطلق من دوافع شخصية بحتة، او من اجواء الخلافات والصراعات غير البريئة سواء على المستوى الفردي او الجماعي، فهكذا ممارسة لاشك تكون هدامة وليست ذات جدوى في عملية الاصلاح والبناء والتنوير وهو مايفترض انه الرسالة الحقيقية لحرية الكلمة والتعبير.

 ولكن، ليس من الصحيح ايضا ان تكون الصحافة والاعلام او اي منبر وممارسة اخرى لهذه الحرية سواء عبر القلم او اللسان او الصورة وغير ذلك من وسائل التعبير، كالنعامة التي تدس راسها في التراب دائما، فلا تنقد بحرية ولاتشير بقوة الى فساد هناك وخلل هناك ولاتدافع عن الحقوق والحريات ولاتفضح ظلما او تجاوزا او...

الكثير من الصحفيين والكتاب والمثقفين يعتقدون ان ماهو موجود على ارض الواقع هو" هامش" حرية وليس حرية حقيقية كاملة في حق النقد والتعبير.. فمن خوف من تهديد قد يأتيك من هذا الطرف او ذاك، الى مقولة ان الاوضاع والظروف لاتسمح، فالبلاد في تحديات كبيرة والساسة والمسؤولين والوزارات والدوائر في ظرف استثنائي ولابد ان تجد دعما وتاييدا و.. لاتهجما " نقدا " !. وقد يكون ذلك صحيحا ايضا!، ولكن بكل تأكيد في نطاق ضيق وكأستثناء، كأن تكون الرقابة والنقد تسهم في تقويض اسس بناء الدولة او حفظ الامن مثلا..وليس ان تصبح قاعدة يجب ان تُكرس وتؤصل كما قد يتمنى البعض..

اتذكر هنا الزميل " ابو حيدر الفاطمي" الذي كتب عن هذا الموضوع في عام ،1995 اي قبل (12) عاما، مقالا في "صحيفة بدر" اعتبر ـ حينها ـ عاصفا في بعض اوساط المعارضة العراقية المتواجدة في ايران، حيث اثار الزميل موضوع ضرورة الاصلاح والتقييم والنقد والمراجعة لممارسة ومسيرة بعض فصائل المعارضة، ومما اتذكر من مضمون مقاله الجريء ـ وقتها ـ ان بعضهم كان ((.. منذ السبعينات يقول على الدوام " لاتنتقدوا فالظرف غير مناسب" ومرت الاعوام خلف بعضها حتى اصبحنا اليوم وبعد 15 عاما مازلنا نسمع تلك العبارة.. ولعل الذي قالها اواخر السبعينات مازال مستعدا الان ليقولها بكل ثقة ومع فارق واحد فقط " الذرف غير مناثب" بالثاء لأن 15 سنة كفيلة بأسقاط اسنانه)).

واليوم وبعد(12) سنة من مقال الزميل ابو حيدر و(38) سنة من مقولة ( الظرف غير مناسب) هل هناك لدى البعض من مبرر حقيقي لأستمرار هذه المقولة او اعادة انتاجها؟!، وللاخ الفاطمي ـ الذي لااعلم اين اصبح الأن ـ اقول هل انك اليوم وجدت ضالتك في حرية التعبير والنقد والمطالبة بالتقييم والمراجعة والاصلاح ام ان (الذرف) لايزال " غير مناثب" ؟!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 20 شباط/2008 - 12/صفر/1429