رؤيتنا في الدولة الجديدة

كي لا نجد أنفسنا تائهين ثمانين عاماً أخرى

عدنان آل ردام العبيدي  

 أي استعراض لطبيعة الأنظمة التي توالت على حكم البلاد ستفرز العملية الاستعراضية هذه أنماطاً تتوزع بين ما هو ملكي لا ينتمي الى الانظمة الملكية كما هو عليه الحال في البلدان المجاورة كالسعودية والاردن وما هو ابعد كالمغرب وبعض البلدان الاوربية وبين ما هو جمهوري لكنه بعيدا عن هذا النمط الراقي في معظم بلدان العالم الا انه لا يعدو كونه نظاما دخل القصر الجمهوري من ساحة عرضات الفرقة او اللواء او الفوج كما عشنا ذلك كعراقيين في مفاصل زمنية عديدة كـ الـ58 و63 و66 و68 و79 وانماطا عديدة اخرى لم يكتب لها النجاح.

وبين ما هو سياسي لا ينتمي للايدلوجيا السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية المعروفة الامر الذي جرّد تلك الانظمة من اية هوية سياسية حقيقية بما فيها اليسارية او الاشتراكية او القومية وان كانت تدعي ذلك.

هذه الانماط عاصرتها اجيال عراقية امتدت منذ اربعينيات القرن الماضي حتى الالفية الثالثة ولعل في انكفاء هذه التجارب او انزياحها عن الخارطة السياسية العراقية هيّأ اجواء نفسية وسياسية وواقعية للبحث عن البديل السياسي الذي لا يتشابه مع الانماط تلك لضمان عدم العودة الى الدوائر او الحقب الفاشلة ولكي لا نجد انفسنا ضائعين تائهين لثمانين عاما اخرى في انفاق سياسية واقتصادية واجتماعية لا تنتمي الى المدارس المتخصصة في هذه الاتجاهات.

من هنا تبدو مسؤولية البحث عن النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتربوي البديل مسؤولية وطنية، استراتيجية، تأريخية، اخلاقية من الطراز الاول،وتشييداً على ذلك فان القوى السياسية العراقية عندما طرحت النظام الديمقراطي التعددي البديل بعد الشطب على حقبة صدام فانها لن ترتجل هذا القرار ارتجالاً انما ينتمي قرارها زمنياً الى حقبة تمتد الى عشرين عاماً كانت قد اخضعته خلالها الى الفحص والتمحيص والتجربة الصميمية مرة عبر الاطر السياسية التي شكلتها هذه القوى خلال حقبة ما قبل صدام ام عبر اتفاقها على تحديد الثوابت الوطنية وطبيعة صياغة خطابها السياسي وبناء منظومة علاقاتية حددت بدقة طبيعة آليات التعامل بين تلك القوى ورسمت بشكل ادق الخطوط البيانية لطبيعة النظام الذي كان مفترضاً انذاك والقائم بشكل حقيقي وواقعي حالياً.

من هنا يبدو التساؤل (أية دولة نريد) ليس سؤالاً استفهامياً بقدر ما هو استفهاماً مجازياً الغرض منه التذكير والتأكيد بـ وعلى ثوابتنا الوطنية ومتبنياتنا السياسية وهذا التذكير او التأكيد لا تُعنى به الاطراف التي كانت شريكة معنا بتلك الاطر السياسية التي شكلتها الاطياف العراقية في عقدي الثمانينيات والتسعينيات وحتى خلال الفترة القصيرة التي سبقت اسقاط نظام صدام، انما هو يعني كل الاطراف العراقية ذات الحضور والامتدادات العقائدية او المذهبية او العرقية والشريك الاساس لنا في العملية السياسية القائمة حالياً في العراق.

ان القاسم المشترك الذي نعتقده متوافراً لدى الجميع هو ان هذا الجميع انما يريد دولة القانون والتعددية والشراكة لا دولة المليشيات او المنظمة السرية او الحزب الحاكم ونؤكد اعتقادنا اننا فيما اذا تمسكنا بهذا الخيار فانما سنكون قد ودعنا الى غير رجعة كل الخيارات الفاشلة التي ابتلي بها شعبنا طيلة قرن من الزمن اعطينا فيها كل شيء ولم نأخذ منها أي شيء.

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9 شباط/2008 - 1/صفر/1429