
شبكة النبأ: القتال الكثيف في المدن
والمخاطر المستمرة من انفجار قنابل على الطريق والمهام المتكررة
والطويلة والمشكلات المعقدة المتعلقة بالتفريق بين العدو والحليف تترك
العديد من الجنود الامريكيين المحاربين في العراق وافغانستان في حالة
من التوتر الشديد وتؤدي بهم الى الاختلال العصبي مما رشحَّ حالات عديدة
من الانتحار بينهم.
وأفادت دراسة قادها باحثون من البنتاغون ان نحو تسعة بالمئة من
افراد القوات الامريكية الذين قاموا بمهام قتالية في العراق وافغانستان
عانوا من حالات الاختلال العصبي الذي يلي الصدمات.
وتوفر الدراسة التي نشرت في مجلة بريتيش ميديكال الطبية أحدث
تقديرات لهذا الخلل العقلي بين افراد القوات الامريكية العائدين من
هاتين الحربين.
ورصدت الدراسة المرض بين 50 ألف جندي أمريكي وحسبت معدلات الاصابة
بين الذين شهدوا قتالا والذين تم نشرهم للقيام بأدوار غير قتالية والذي
لم يتم نشرهم.
بعض الجنود اصيبوا بالمرض بعد صدمات تعرضوا لها في الحرب مثل اصابة
بجروح أو مشاهدة اصابة غيرهم. وعادة ما يظهر المرض بعد شهور أو سنوات
من التعرض للصدمة.
وكتب الباحثون يقولون "القتال الكثيف في المناطق الحضرية الذي لا
يمكن التنبؤ به والمخاطر المستمرة من انفجار قنابل على الطريق والمهام
المتكررة والطويلة والمشكلات المعقدة المتعلقة بالتفريق بين العدو
والحليف قد تترك العديد من الجنود في حالة من التوتر الشديد وربما
تتسبب في عواقب صحية تدوم طويلا.
وسئل الجنود الذين شملتهم الدراسة أولا عن حالتهم الصحية في الفترة
من 2001 الى 2003 قبل نشرهم ثم سئلوا بعد ذلك في الفترة من 2004 الى
2006.
ووجد الباحثون أن 8.7 بالمئة من الذين نشروا في مهام قتالية والذين
لم يعانوا من قبل من الاضطرابات العصبية التالية للصدمة رصدت لديهم
أعراض المرض أو شخصوا بانهم يعانون منه. وذلك بالمقارنة مع 2.1 بالمئة
من القوات التي تم نشرها لكنها لم تشهد قتالا وثلاثة بالمئة من الذين
لم يتم نشرهم. وقاد الدراسة تيلور سميث من ادارة مركز الدفاع لبحوث صحة
القوات في مركز ابحاث البحرية في سان دييجو.
ويقول الخبراء ان أعراض الاضطراب العصبي التالي للصدمة تشمل انزعاجا
أو نوبات غضب وصعوبات في النوم ومشكلات في التركيز وحذرا شديدا وردود
فعل مبالغا فيها.
تزايد"دراماتيكي"في نسب الانتحار
وأظهرت إحصائية أعدها الجيش الأمريكي أن أعداد جنوده الذين أقدموا
على الانتحار أو تسببوا لأنفسهم بإصابات بليغة قفزت بصورة قياسية منذ
العام 2003، سنة بدء واشنطن العمليات العسكرية في العراق، والتي أدت
حتى الآن إلى مقتل 3941 من جنودها.
وذكرت الأرقام الرسمية التي حصلت شبكة CNN على نسخة منها أن العام
2007 شهد قرابة 2100 حادث قام خلاله جنود من الجيش بالانتحار أو إيذاء
أنفسهم، وذلك مقارنة بالعام 2002 على سبيل المثال، والذي لم يشهد أكثر
من 350 حادثة مماثلة.
وقالت مصادر مطلعة في القوات المسلحة الأمريكية إن الدراسات الحالية
قد تشير إلى رقم قياسي غير مسبوق أيضاً على صعيد الانتحار للجنود في
الخدمة الفعلية، إذ يعتقد أن العدد للعام الجاري يقارب 89 حالة، فيما
لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة حقيقة 32 حالة أخرى. ولن تنتهي
التحقيقات بصورة رسمية قبل مارس/آذار المقبل.
وتأتي هذه الأرقام المرعبة، في وقت ما تزال فيه الأوساط العسكرية
الأمريكية تدرس تداعيات المعدلات المرتفعة لحالات الانتحار عام 2006،
والتي بلغت 102 جندياً، وذلك مقابل 87 جندياً عام 2005، أي 17.5 لكل
مائة ألف مقابل 12.8 لكل مائة ألف عام 2005. بينما سجل العام 2003،
والذي شهد انطلاقة الحرب، انتحار 79 جندياً، أي بمعدل 12.4 لكل مائة
ألف.
وبرز في التقرير الذي يعده الجيش الأمريكي أن قائمة الأسباب الدافعة
للانتحار بين الجنود تراوحت بين العلاقات العاطفية الفاشلة والمشاكل
القانونية والمالية، إلى جانب أمور تتعلق بـ"الوظيفة والعمليات."
إلا أن خبراء في الطب النفسي أشاروا إلى أن فترات الخدمة الطويلة
وهموم العودة إلى الوطن تقف خلف الكثير من مشاكل التي تقود إلى فشل
العلاقات وظهور المصاعب المالية والقانونية، معيدين الكرة من جديد إلى
ملعب العمليات العسكرية.
لكن جهات عسكرية مطلعة، قالت إن ارتفاع نسبة الانتحار قد لا تكون
فعلية، إنما تبدو كذلك بسبب الاهتمام الرسمي المستجد بها، وتطوير وسائل
توثيقها مما ساعد على اكتشاف حالات لم تكن مسجلة قبلا.
وقالت تلك الجهات، إنها تمكنت من وضع "نموذج نمطي،" يحدد صفات
الجنود الذين يقدمون على الانتحار، وقالت إنهم من بين وحدات المشاة
الذين توكل إليهم مهمات قتالية يستخدمون خلالها الأسلحة الرشاشة.
وبالنسبة المئوية، فقد ارتفعت معدلات الانتحار بين الجنود
الأمريكيين خلال العام 2006 بمعدل يصل إلى 15 في المائة، مقارنة بالعام
السابق 2005.
ويأتي هذا التقرير ضمن عملية سنوية تجريها وزارة الدفاع الأمريكية
لتقييم الوضع النفسي لأفراد الجيش الأمريكي سواء داخل الولايات المتحدة
أو خارجها، وجاء فيها أن معظم حالات الانتحار جرت بصورة قد تكون
"متماثلة"، حيث أقدم الجنود على الانتحار باستخدام أحد الأسلحة
النارية، التي غالباً ما تكون متاحة بحوزتهم.
زيادة في جرائم القتل التي يرتكبها
قدامى المحاربين
من جهة اخرى قالت صحيفة نيويورك تايمز ان مسحا اجرته للسجلات العامة
خلص الى ان 121 على الاقل من قدامي المحاربين الامريكيين في العراق
وافغانستان ارتكبوا جريمة قتل او وجهت لهم اتهامات بارتكاب جريمة قتل
بعد عودتهم الى الوطن.
واضافت الصحيفة ان هذه الاعداد تشير الى زيادة نسبتها 90 في المئة
في جرائم القتل التي يتورط فيها عسكريون مازالوا في الخدمة او انهوا
حديثا خدمة استمرت ست سنوات منذ غزو افغانستان في عام 2001. ولم تقتف
وزارتا الدفاع او العدل اثر مثل هذه الجرائم التي تنظر فيها محاكم
مدنية. وقال متحدث باسم الجيش ان هذا التقرير لا يقدم صورة كاملة.
ووجدت الصحيفة التي قالت ان من المرجح ان بحثها لم يكشف النقاب الا
عن الحد الادنى من مثل هذه القضايا ان ثلاثة ارباع قدامي المحاربين
الذين وجهت لهم اتهامات كانوا مازالوا في الخدمة العسكرية وقت وقوع
جرائم القتل تلك والتي استخدمت اسلحة نارية في اكثر من نصفها.
ويواجه نحو 25 من المتهمين اتهامات بالقتل او القتل الخطأ او القتل
بطريق الصدفة بسبب حوادث سيارات قاتلة نتيجة القيادة تحت تأثير الخمر
او بشكل طائش او بشكل انتحاري.
وقالت الصحيفة ان نحو ثلث الضحايا كانوا زوجات او صديقات او اطفال
او اقارب اخرين للجناة في حين كان نحو 25 في المئة من الضحايا من
الزملاء في الخدمة.
وقال بول بويس المتحدث باسم الجيش لرويترز في رسالة بالبريد
الاليكتروني، ان احصاءات الجيش لا تظهر شيئا يذكر او لا تظهر عدم زيادة
في تعاطي المخدرات وجرائم القيادة تحت تأثير شيء ما او العنف المنزلي
خلال السنوات الماضية بين اكثر من 300 الف جندي تم ارسالهم في هذه
الحرب.
وجاءت هذه النتائج من بحث تقارير الصحف المحلية وفحص سجلات الشرطة
والمحاكم والجيش ومقابلات مع المتهمين ومحاميهم وعائلاتهم بالاضافة الى
عائلات الضحايا ومسؤولي الجيش وانفاذ القانون.
وقالت نيويورك تايمز ان المقابلات التي جرت مع عائلات قدامي
المحاربين اجمعت على فكرة عامة هي انه عاد مختلفا من الحرب. مع اشارات
الى تعاطي المخدرات والاصابة بحالات عدم استقرار نفسي مثل جنون
الاضطهاد. |