وماذا لو سمح الحكام بالتظاهرات؟

سيد يوسف

التظاهر من أجل التعبير عن الرأى وتقديم المساندة والتعاطف مع الشعب الفلسطينى حق مشروع طالما كان بآدابه، هو حق مشروع  قد كفله القانون والدستور والمادة (47) من الدستور المصرى تنص على :   حرية الرأى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى.

فلماذا تصادر الأجهزة الأمنية لا سيما فى مصر حق الناس فى التظاهر؟ وماذا لو سمحنا للمتظاهرين بالتظاهر؟ ماذا سينقص من شأن الحكام حين يتظاهر الناس للتعبير عن آرائهم؟ وكيف يعبر الناس عن آرائهم حين يتخاذل الحكام؟ أم أن الأنظمة الدكتاتورية لا تريد – حتى – للناس أن يعبروا عن آرائهم؟ أيحسبون أنهم باعتقال ما يزيد عن ألف شخص أنهم يظهرون للعالم أنهم متناغمون مع شعوبهم؟! أيحسبون أن العالم لا يرى ما بمصر من اعتقالات وفقر وفساد؟! أيحسبون أنهم باعتقال ألف شخص أو يزيد لا يلوثون أنفسهم أكثر مما هم ملوثون؟

إن السفهاء يضيرهم أن يقول الناس عنهم سفهاء أكثر مما يضيرهم أنهم بالفعل سفهاء!! وتلك من سيماء الحمقى لولا أن الدكتاتوريين والأغبياء لا يشعرون.

فوائد التظاهرات للأنظمة القمعية

لن أتحدث عن فوائد التظاهرات للأمة فحكامنا لا يعنيهم ذلك، ولن أتحدث عن فوائد التظاهرات للمتظاهرين فهم أولى الناس بمعرفة ذلك ويكفى أنهم بهذا يكسرون حاجز الخوف، وأنهم يقدمون بعض – وليس كل- المعذرة إلى الله وفوائد بين ذلك كثيرة لكنى سأتحدث عن فوائد التظاهرات للأنظمة الدكتاتورية عساها تفهم.

إن وجود تظاهرات تساند القضية الفلسطينية تحديدا يمكن أن يخدم الدكتاتوريين فى تخفيف الضغوط الغربية، ومن ناحية أخرى فى تحسين صورة هؤلاء الأغبياء فى أعين السذج من الناس، ولهؤلاء الحكام هتيفة يمكنها أن تسوق لرحمة هؤلاء الدكتاتوريين وعقلانيتهم وديمقراطيتهم حين يستجيبون لهذه التظاهرات.

والسؤال الذى يطرح نفسه بشدة : ألا يدرك الدكتاتوريون أنهم بمصادرتهم حق الناس فى التعبير عن آرائهم سوف يزيدون الاحتقان ( وهو أساسا لا يحتاج زيادة) والسخط فضلا عن تلويث سمعة بلادنا فى سجل حقوق الإنسان ( الذى هو أساسا لا يحتاج لتوثيق يبهظ همة برلمانات الاتحاد الأوروبي الذى أنتقد سجل حقوق الإنسان فى مصر)؟! ثم ألا يدركون أن فى التظاهرات فوائد لهم أم هو البطش الأعمى والذى مبعثه الغباء المفرط ؟!

تساؤل الدكتاتوريين

أتخيل هؤلاء الدكتاتوريين وهم يقولون إذا استجبنا مرة للتظاهرات سوف يكرر المتظاهرون فعاليتهم كل حين وحينئذ لن نسيطر على الناس...والحق أن هذا الفرض مبنى على قاعدة ضرورة وجود خصومة بين النظام الحاكم وبين الناس وكان أولى بهؤلاء أن يسألوا أنفسهم لماذا يخاصمون شعوبهم؟ ولماذا يستمدون من الغرب مساندة لا من شعوبهم؟

وعلى كل، وتساوقا مع هذا التساؤل أقول: إن ثمن القهر والاعتقالات ومنع التظاهرات أشد فدحا من السماح بها حتى وإن لم يستجب لها الدكتاتوريون ولو على المدى البعيد...وفى اعتقادى أن مصر حبلى بإضرابات واعتصامات أشد تأثيرا من مجرد تظاهرات مساندة لفلسطين وأكرر إن القضاة  والأطباء وأساتذة الجامعات والمدرسين الذين ينتظرون تطبيق المرحلة الثانية من الكادر الخاص بهم على موعد مع تلك الاعتصامات...فهل يعى الحكام ولو مرة واحدة؟!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2 شباط/2008 - 24/محرم/1429