غزة تحتضر بين حصار اسرائيل وتعنت حماس وتخوفات مصر 

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: ما بين تعنت حماس وغطرسة اسرائيل وضعف السلطة الفلسطينية تقف مصر عاجزة عن المساعدة بحل توافقي يرضي الجميع، فمصر من جهة لا تستطيع منع سكان غزة من دخول اراضيها خوفا من ان تُتهم بمساعدة اسرائيل في الحصار الجائر الذي تضربه على القطاع، ومن جهة اخرى تخشى الحكومة المصرية من شبح استيطان فلسطيني في شمال سيناء كان قد اقتُرِح قديما، بينما تبقى السلطة الفلسطينية في موقفها الرافض من الاتفاق مع حماس لإعتبارها قوة انقلابية ولا تتمتع بصفة شرعية.

وقال شهود عيان إن مسلحين مصريين من البدو أطلقوا النار في الهواء لإبعاد فلسطينيين فيما يسلط الضوء على تزايد الغضب بسبب نقص المواد الغذائية وارتفاع الاسعار نتيجة اقتحام الفلسطينيين للجدار الحدودي مع غزة.

وقعت المواجهة في بلدة الجورة فيما قال سكان على الجانب المصري من الحدود ان السلع نفدت من المتاجر منذ تدفق مئات الالاف من الفلسطينيين على مصر بعدما فجر نشطاء فلسطينيون الجدار الاسبوع الماضي.

وقال يوسف علي وهو بدوي ببلدة رفح التي تقسمها الحدود، المتاجر خاوية والمتاح باهظ الثمن ... البدو فقراء. لا يتجاوز دخل عدد كبير من البدو 30 دولارا في الشهر.

وقام نشطاء فلسطينيون بفتح ثغرات في الجدار حتى يتمكن سكان القطاع البالغ عددهم نحو 1.5 مليون شخص من تخزين الغذاء الشحيح بسبب الحصار الاسرائيلي. وشددت اسرائيل الحصار ردا على الهجمات الصاروخية عبر الحدود.

غير أن نفاد السلع من المتاجر ومنع القاهرة وصول المزيد من الامدادات دفع الاف الفلسطينيين الى العودة منذ يوم الاحد حيث يقول البعض ان التسوق في غزة الان بات أيسر منه في مصر. وقال محمود منصور (52 عاما) وهو من مدينة غزة، المتاجر مغلقة أو خاوية. أعود خالي الوفاض.

وقال سكان واصحاب متاجر في رفح ان سعر الشاي وبعض السلع الاخرى ارتفع الى ثلاثة أمثاله. وارتفع سعر علبة لفافات التبغ الى خمسة جنيهات مصرية (90 سنتا) من 1.5 جنيه.

ويقول كثير من المصريين انهم يعانون منذ بدأت القاهرة منع وصول امدادات الغذاء والوقود والدواء الى شبه جزيرة سيناء لاثناء الفلسطينيين عن العبور الى مصر.

ولا تريد مصر أن ينظر اليها على أنها تساند الحصار الاسرائيلي لكنها أيضا تخشى من انتشار تأثير الاسلاميين واستضافة هذا العدد الكبير من الفلسطينيين دون بطاقات هوية.

وقالت وزارة الخارجية المصرية يوم الاثنين ان القاهرة تريد أن تسيطر السلطة الفلسطينية برئاسة عباس على المعابر الحدودية.

وأغلقت أعداد كبيرة من المتاجر في رفح أبوابها بسبب نقص الامدادات وكانت الارفف شبه خالية بتلك التي فتحت أبوابها.

وقال محمد سليمان محمود الذي يمتلك متجرا صغيرا انه طلب جبنا وحليبا وفاكهة وخضر بقيمة 20 ألف جنيه مصري غير أن السلطات المصرية لا تزال تحتجز الشحنة عند جسر يربط شبه جزيرة سيناء ببقية الاراضي المصرية.

وشاهد مراسل من رويترز مئات الشاحنات تحمل امدادات من السكر والارز والدواء والماشية والسجاد عند الجسر يوم الاثنين.

وقال محمد صابر من لجنة الاغاثة الانسانية التابعة لنقابة الاطباء المصرية ان 13 شاحنة محملة بالاغذية والاغطية والادوية محتجزة عند الجسر.

المعبر الحيوي بين غزة والعالم

 تمثل مدينة رفح المقسومة الى شطرين على الحدود بين قطاع غزة ومصر المعبر الحيوي لـ 1,4 مليون فلسطيني الى باقي انحاء العالم.

غير انه ومنذ الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة في ايلول/سبتمبر 2005 وخصوصا منذ سيطرة حركة حماس على القطاع في حزيران/يونيو 2007 اصبح معبر رفح مغلقا تماما تقريبا.

وتدفق عشرات آلاف الفلسطينيين الاربعاء بعد تدمير اجزاء من الحاجز الحدودي بالمتفجرات والجرافات الى الجانب المصري من المدينة كما حصل غداة الانسحاب الاسرائيلي من غزة صيف 2005.

واندفع هؤلاء لقضاء شؤونهم مع تحول رفح المصرية الى سوق هائل ومركز للتهريب من خلال انفاق وتمركز عشرات المحلات المتلاصقة على امتداد شارع صلاح الدين في الاراضي المصرية.

واقيم المعبر المخصص لعبور الاشخاص بعيدا عن وسط المدينة التي يبلغ عدد سكانها مئة الف نسمة يقيم نصفهم في مخيمات للاجئين على جانبي الحدود. بحسب رويترز.

والحدود التي تجسدها كتل من الاسمنت المسلح او الجدران التي تعلوها اسلاك شائكة او الجدران المعدنية تمتد على طول 14 كلم على طول الخط الذي يطلق عليه اسم "فيلاديلفيا" او "محور صلاح الدين" من البحر غربا الى اقصى جنوب قطاع غزة.

وبموجب اتفاق مع اسرائيل يقوم 750 من عناصر القوات شبه العسكرية المصرية بدوريات على طول الحدود مسلحين باسلحة خفيفة وعربات مدرعة اضافة الى عدد غير محدد من عناصر الشرطة غير المسلحين.

وقبل عامين من انسحابهم اقام الاسرائيليون جدارا من الاسمنت والمعدن بطول سبعة كلم وبعلو 8 امتار لعزل قسمي المدينة بعد تدمير عدد كبير من المساكن.

وكان عدد العابرين لهذا المعبر قبل الانسحاب الاسرائيلي نحو 700 شخص يوميا او 260 الف شخص سنويا بحسب مكتب الامم المتحدة للشؤون الانسانية.

وبعد الانسحاب الاسرائيلي اصبح عبور معبر رفح نادرا خصوصا اثر خطف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت في حزيران/يونيو 2006 على مشارف قطاع غزة ثم توقف تماما تقريبا مع استيلاء حركة حماس على قطاع غزة.

وتتم ادارة معبر رفح منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بموجب اتفاق فلسطيني اسرائيلي رعته الامم المتحدة. وينص على نشر نحو 90 مراقبا اوروبيا للمساعدة على مراقبة الحدود غير ان هؤلاء المراقبين غادروا في حزيران/يونيو.

كما ينص الاتفاق على ان المعبر لا يمكن تشغيله الا بالتعاون الوثيق بين اسرائيل التي نصبت فيه كاميرات مراقبة والسلطة الفلسطينية ومصر وهؤلاء المراقبين الاوروبيين.ولا يعترف اي من الموقعين على الاتفاق بحركة حماس ما جعل المراقبة القانونية للمعبر مستحيلة.

"الغزيون" أنعشوا الاقتصاد المصري بـ250 مليون دولار!!

بعيداً عن الجدل السياسي الدائر حالياً حول عبور ما يزيد على نصف مليون فلسطيني، من سكان قطاع غزة، إلى الجانب المصري من الحدود، فإن هذا الوضع الإنساني "المأساوي"، تواكبه أيضاً حركة تجارية نشطة، أسهمت في ضخ ما يزيد على 250 مليون دولار للاقتصاد المصري.

وبدت مدن "العريش" و"رفح" و"الشيخ زويد" المصرية، وكأنها مدن "غزاوية"، حيث انتشرت فيها سيارات تحمل اللوحات الفلسطينية، بينها عدد كبير من سيارات الأجرة ذات اللون الأصفر المميز، وعلى متنها العشرات، الذين جاءوا لشراء ما يلزمهم من احتياجاتهم المعيشية اليومية.

كما تدفقت مئات الشاحنات المصرية المحملة بالبضائع المختلفة، على تلك المدن الواقعة بمحافظة شمال سيناء، بل وتجاوز بعضها الحدود إلى داخل قطاع غزة، فيما تكثف قوات الأمن من وجودها في محيط مدينة العريش المطلة على البحر المتوسط، لمنع الفلسطينيين من تجاوزها باتجاه عمق الأراضي المصرية.

وفيما جاءت معظم تلك الشاحنات من محافظات شرق الدلتا، فقد جاءت شاحنات أخرى من محافظات الغرب، مثل الإسكندرية ومرسى مطروح، بل ومن صعيد مصر أيضاً، بعد أن أدرك الجميع بأن هناك "سوق تجارية"، أو "منطقة حرة مصرية- فلسطينية"، منتعشة على الحدود الشرقية.

واعتبر معظم التجار المصريين أن سوقاً بهذا الحجم، تضم أكثر من 500 ألف مستهلك فلسطيني، يمثل "فرصة لا تعوض"، في ظل حالة الركود التي تخيم على الشارع المصري نتيجة "موجة غلاء" حادة، تسببت في ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وعلى الجانب الفلسطيني، فقد كشفت دراسة لـ"مركز أبحاث المستقبل"، أن سكان قطاع غزة ضخوا حوالي ربع مليار دولار في مصر، خلال أول ثلاثة أيام بعد فتح الحدود بين قطاع غزة ومصر، إثر قيام ناشطين فلسطينيين بتفجير الجدار الحدودي، في وقت مبكر من صباح الأربعاء الماضي.

وأوضحت الدراسة، التي أجريت على عينة مكونة من ألف و121 مواطن من العائدين عبر الحدود المصرية إلى قطاع غزة ونشرتها وسائل الإعلام والصحف الفلسطينية السبت، أن متوسط الإنفاق للفرد الواحد في الأراضي المصرية وصل إلى 260 دولار أمريكي.

وذكرت الدراسة أن عدد المغادرين من القطاع إلى الأراضي المصرية، منذ اليوم الأول، بلغ حوالي 600 ألف مواطن، بحسب تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، الأمر الذي يعني أن حجم الإنفاق للمواطنين الفلسطينيين في مصر يتجاوز 155 مليون دولار.

كما أشارت الدراسة إلى أن هذه المبالغ يُضاف إليها قيمة تبادل تجاري ناتج عن صفقات معدة مسبقاً لتجار فلسطينيين مع نظرائهم في مصر، فضلاً عن الاتفاقات العاجلة التي تمت عبر حوالي خمس منافذ أخرى على الحدود.

وأوضح المركز الفلسطيني في دراسته، أن سبعة في المائة من حجم هذه المبالغ، أنفقها سكان القطاع على المواصلات والاتصالات أثناء مكوثهم في الأراضي المصرية، فيما تم إنفاق حوالي 39 في المائة على المواد الغذائية والأدوية والماشية، و19 في المائة على منتجات التبغ والوقود.

وجاء الأسمنت ومواد البناء في المرتبة الثالثة من حيث الإنفاق، بمعدل بلغ 14 في المائة، بحسب الدراسة، فيما احتلت السلع المعمرة مثل الأجهزة الكهربائية، المرتبة الرابعة بنسبة 7.5 في المائة، تلتها الملابس والأحذية بنفس النسبة، فيما احتلت السلع الأخرى ما نسبته ستة في المائة.

وأشارت الدراسة إلى أن 43 في المائة من "أفراد العينة"، قاموا بالاقتراض من أجل القدوم إلى الأراضي المصرية، فيما أشار حوالي 13 في المائة منهم، إلى أنهم قاموا ببيع بعض ممتلكاتهم الشخصية من أجل الحصول على السيولة النقدية اللازمة.

كما أفاد حوالي سبعة في المائة من الفلسطينيين، الذين خضعوا للدراسة، بأنهم استفادوا "بشكل ما" من قرار رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، بصرف راتب شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، قبل موعد استحقاقه.

هدم السياج الحدودي لغزة يكلف "المهرّبين" غاليا

حين حطم النشطاء السياج الحدودي لغزة الاسبوع الماضي ليفتحوا الحدود اندفع كثير من الناس من القطاع الذي تديره حماس في موجة شراء محمومة في مصر.. وهو نبأ سيء للرجال الذين حققوا ارباحا طائلة من تهريب سلع كانت نادرة بسبب الحصار الذي تقوده اسرائيل.

وتمر عشرات الانفاق تحت الارض اسفل خط الحدود بين قطاع غزة ومصر. ويحقق مشغلو الانفاق آلاف الدولارات كل ليلة بتهريب كل شيء من الادوية الى الاسلحة وحتى البشر.

وقال ابو ياسين الذي يمتلك احد الانفاق ان عميلا الغى مهمة قيمتها 150 الف دولار لتهريب 15 طنا من الادوية الى قطاع غزة في الليلة التي نسف فيها مسلحو حماس السياج الحدودي وتدفق المتسوقون الى مصر. ومنذ ذلك الحين توقفت اعمال المهربين. بحسب رويترز.

وقال ابو ياسين لرويترز في مدينة رفح الحدودية رافضا اعطاء اسمه بالكامل، اشترى الناس كل ما يحتاجونه بعبور الحدود في وضح النهار ومجانا. لم يكن لدينا عمل على مدى اسبوع.

وتضغط اسرائيل والولايات المتحدة على مصر لاغلاق الانفاق لمنع النشطاء وخاصة اسلاميي حركة حماس من تخزين اسلحة وصواريخ أطول مدى لاطلاقها على اسرائيل.

ورغم الضغط قال ابو ياسين ان المهربين حفروا المزيد من الانفاق منذ يونيو حزيران حين استولت حماس على قطاع غزة وشددت اسرائيل العقوبات ضد القطاع.

وقال ابو ياسين ان حوالي الف فلسطيني يعملون في صناعة التهريب وحفروا حوالي 200 نفق على امتداد الحدود.

واضاف الرجل البالغ من العمر 46 عاما، انت تحتاج 30 او 40 شخصا على الاقل للعمل معك. انها مهمة خطرة جدا وايضا مربحة جدا. وتابع، الاسلحة رخيصة ويسهل العثور عليها مثل الطماطم (البندورة) في غزة هذه الايام. وانهيار الانفاق او وقوع حوادث أمر معتاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2 شباط/2008 - 24/محرم/1429