التطرف.. المرونة؟.

عدنان عباس سلطان

شبكة النبأ: المكسب الذي تحقق من وراء العنف والتطرف والقسوة وسجل طويل من الحروب واسمائها ورجالاتها دمار مادي ودمار روحي ثقافي وارتكاس مهين في النسق الانساني بحيث ان العربي ظل بلا معرفة بالعالم وظل نسقه الثقافي اشبه بتمثال الشموع لم يعد يحتفظ باي قيمة عدى المعلقات المركونة في تاريخ يمضي مبتعدا بتسارع تحت هيمنة الواقع العجول والمعلوماتية والتقنيات الحديثة.

فلازال العربي يعيش البلاغة الجاهلية ويتشمم رائحة المواقد التي يخلفها الراحلون عن ديارهم، فهو في العصر الراهن سلبي لا يتفاعل مع المحيط العالمي الا بقدر مواصفاته القديمة واستثاراته الذهنية المحدودة فلا يشكل له الانترنيت او المستلزمات الحديثة والاجهزة والتكنلوجيا اي استعداد للتفاعل او الاندماج العملي فيها اذ انه يتقبلها من قبيل الموائمة والاستخدام  ولا يشارك في مشاكلها او علاجاتها وليس له مقترح فيها فاذا اصابها خلل ياخذ بصب اللعنات على مخترعيها كونهم برايه لم يتقنوها بشكل يداوم هو على استخدامها، ويعزو ذلك الخلل بانهم يحاربونه من موقع الكفار والمؤمنين.

ان العربي الاسلامي اليوم بحاجة الى ان يفكك شخصيته نقديا كما يفكك فعالياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وكل منظومته الثقافية بما يعزز مكانته في العالم، كذلك يعزز المكانة التفاعلية لاسلاميته وبحاجة الى تغيير الأطر والاستراتيجيات الايمانية والتفاعل في المجتمع العالمي وفق المعايير التي توصلت اليها الانسانية في الوقت الراهن من الشفافية والتواصل والديمقراطية والمصالح المشتركة، ومن منطلق ان الدين والايمان والاخلاق منظومة ربانية وحدود الاهية تعني جميع البشر وجميع البشر يحاولون ان لا يحرموا احدا منهم من هذه الرحمة والنور والهداية  عبر الحوار والاقتناع والمحبة وحرية الاختيار واحترام الرأي في جو الامان والاطمئنان.

يقول الإمام الشيرازي (قده) في كتابه  نظرية اللاعنف، ان السلوك الاسلامي الحق انما هو السلوك الرقيق مع الناس والمجتمعات وليس القسوة والعنف والغلضة، وهو العمل بالممكن والحوار، والاسلام يعني السلام وما كانت الحروب التي خاضها المسلمون الا ردا لاعتداء المباشر واحتواء التدميير ان لا يتسع.

وطالما كان الدين اقتناع وحوار وحرية اختيار فالنتيجة التي يتمخض عنها اي حوار ستدور في هالة الوسطية التي يذكرها الامام الشيرازي في اغلب مؤلفاته ان دين الاسلام هو الوسطية والاعتدال.

وهذا يعني فيما يعنيه ان ثمة مشاركة فكرية من الآخر المختلف الذي تمكن من خلال الحوار ان يزيح الخطاب من مكانه الى نقطة الوسطية التي تعد انجاز طرفين متعاكسين والحالة المعتدلة او الوسطية سببت عدم التعاكس واودت الى نقطة قوية يمكن من خلالها ان يحدث الاندماج او التفاعل الايجابي وهو الوجه المشرق في العلائق الانسانية.

والعربي الاسلامي عليه ان يعي البعد الاستراتيجي لكينونته الاسلامية بكونه عضوا عالميا فعالا لنشر الخطاب الاسلامي وبالطريقة التي يكون فيها الخطاب مستساغا من قبل الثقافات الأخرى..

التطوير الذاتي ومواكبة الركب العالمي في النواحي التكنلوجية والمستلزمات الحديثة في الاقتصاد والادارة والموارد البشرية.

ايجاد البدائل المناسبة للتقليل من الاعتماد على الاستيراد الاجنبي والتحول الى منتج في ماكنة العالم الانتاجية.

نبذ وادانة التطرف الاسلامي بكل اشكاله ومسمياته مهما كانت ادعاءاته او تماهيه في المنطقة العامل فيها.

العمل الاسلامي المنظم وفق الاعتدال وبما يمليه هذا الاعتدال في العمل الاسلامي المتفاعل مع المنظمات الانسانية والقوى الدينية مثل المسيحية، على الاقل للوقوف بوجه الارهاب واللادينية وتدعيم الاخلاق والمعاني العميقة والايمان الروحي.

اعادة النظر في الثقافة المتداولة بين الاجيال في التربية والتعليم والتدريب والتطوير.

اعادة النظر في التراث والتاريخ والفن واخراجها من مربع المقدس المختوم.

وقد يكون التغيير المقترح على العربي في انه يشمل حتى جزئيات ثقافته البطولية الشعبية منها او التي عدها في يوم ما رمزا حيويا من رموزه الوطنية كقواد المعارك المتسببين بموت كذا آلاف من البشر وإيتام الاطفال وترميل النساء والارتكاس بالاخلاق العامة للمجتمع الى نقطة بالغة العمق من التردي والانحطاط.

اليوم نقف ازاء آخرين اقوى منا بأضعاف مضاعفة ولا نملك الا ان نقلدهم حتى بكلمات الاعتذار وفي الأتكيت والمجاملات، تصوروا باننا على سعة لغتنا وسعة ديننا الحنيف وانسانيته لم نستطع ان نجد كلمات نعتذر بها لبعضنا، وهو امر كنا محكومين به الى ثقافة عتيدة صلبة لم نستطع ان نبدلها ابدا حتى بالدين الذي جاء على لسان اصدق الناس فالجاهلية لغة ليست للاعتذار وانما هي لغة الحرب والقتل ولغة داحس والغبراء والخيل والليل والغزو وقهر الآخرين.

فيكون من الطبيعي ان لا نكتشف كلمات الاعتذار وما كانت قصص الحب مشهورة بين العرب لولا انها كانت غريبة على المحيط العربي لذا فانها اشتهرت بين القبائل لطرافتها.

فليس بين العرب والرقة والتواصل والشفافية من صلة لان العرب قد ملئوا هذه الفراغات بالعداء والتحسب وترقب ضعف الآخرين والانقضاض والثار والعنف والتطرف.

ان النهضة الحقيقية يجب ان تواجه كل هذه الامور بعين الناقد للذات والمصحح والذي يتعض بتجارب الآخرين وان تكون له المرونة على احياء كل الاطروحات الحيوية الموجودة اصلا في النسق والكيفيات الدينية والواقع المعاش.

كذلك يكون الاستعداد للتخلي عن رمز القوة والشجاعة الوحشية.

....................................................................

المصادر/

1-  نظرية اللاعنف للإمام الشيرازي

2-  لكي لا تتنازعوا- للإمام الشيرازي

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31 كانون الثاني/2008 - 22/محرم/1429