دُعاة إلغاء العبودية المعاصِرون.. رؤية عالمية ومشاريع طموحة

شبكة النبأ: بعد ان رسم المكَلفون بملء الوظائف صورة مشرقة لفرص الوظائف الأجنبية، توجّه مواطن بورمي وحوالى 800 مهاجر بورمي آخرين الى مرفق لتربية ومعالجة سمك القريدس، وأرغموا على العمل عنوة ليلا ونهارا. ولم تدفع أجورهم بتاتا كما منعوا من مغادرة مجمّعهم النائي الذي تحيط به أسلاك شائكة.

وحينما حاولت إحدى العاملات البورميات الفرار أوثقت الى عامود في باحة وضربت ضربا مبرحا وحرمت من الطعام والماء. وبعدئذ اطلقت سراحها الشرطة التايلاندية في 2006.

وتساءل مارك لاغون، مدير مكتب رصد ومكافحة تجارة البشر في وزارة الخارجية الأميركية في معرض تأملاته في محنة البورمية آي اي هذه: اليس ذلك مثالا على الرق؟

وبتقدير الحكومة الأميركية، فإن زهاء 800 الف شخص يتاجر بهم عبر الحدود الدولية في كل عام، فيما يجري التداول بملايين غيرهم داخل الحدود الوطنية لبلدانهم بالذات. وهم يكرهون على العمالة المستعبدة أو الملزمة، أو أنه يجري بيعهم وشراؤهم لأغراض الدعارة، أو الرق المحلّي أو العمل في المزارع أو يقبض عليهم للخدمة كجنود فتيان.

ويشار الى أن نسبة 80 في المئة من ضحايا هذه التجارة ما بين الدول هم من الإناث، كما ان نسبة تصل الى 50 في المئة منهم هم من القاصرين. وغالبية الإناث يتاجر بهن لأغراض الاستغلال الجنسي. بحسب موقع يو أس أنفو.

وجدير بالذكر أن مكتب رصد ومكافحة الاتجار بالبشر في الخارجية الأميركية الذي يضّم زهاء 30 موظفا، معترف به على نطاق واسع لا أقله بسبب التقرير السنوي الذي يصدره حول هذه التجارة. وهذه الدائرة التي استحدثت وباشرت مهامها فقط في العام 2001 هي واحدة من الدوائر الأكثر نجاعة للحكومة الأميركية، كما ذكر المعلّق نيكولاس كريستوف في يومية نيويورك تايمز.

ويركّز التقرير الذي يصدره هذا المكتب على ما يدعوه "الباءات الثلاثة" وهي الأحرف الأولى للكلمات الإنجليزية المرادفة لـ(1) الإدعاء على المتاجرين؛ و(2) حماية ومساعدة ضحاياهم؛ و(3) الحيلولة دون تكرار أو استمرار هذه التجارة.

ويرتب ويصنف التقرير السنوي 164 بلدا في العالم في واحدة من أربع فئات: الطبقة الأولى، الطبقة الثانية، الطبقة الثانية-قائمة المراقبة، والطبقة الثالثة—مستندا الى تقيّد هذه البلدان بمعايير دنيا لاستئصال آفة تجارة البشر. ويجري جمع الكثير من البيانات والمعطيات لهذا التقرير من خلال زيارات ميدانية يقوم بها ممثلون عن الدائرة ممن يتجاسرون بالتوجّه الى مناطق نائية للكشف عن طرق مستترة وتكتيكات هذه التجارة.

ونتيجة لصدور هذا التقرير السنوي، تم ما يلي:

- أغلقت كمبوديا منطقة للدعارة كانت فتيات من سن العاشرة يشترين ويبعن فيها في العلن وكان يعلن عن بائعات هوى رخيصة على شبكة الإنترنت.

- قلّصت اليابان عدد تأشيرات الترفيه التي تمنح لراقصات ومطربات وفنانات فيليبينيات يحملن تراخيص لأن المتاجرين بهن كانوا يرغمونهن على العمل بالدعارة.

- ألغت دولة الإمارات العربية المتحدة استغلال الصبية من جنوب آسيا كفرسان جمال ودفعت نفقات إعادة ما يزيد على 1000 فتى الى الوطن.

- تعهّدت جامايكا بتشديد الإدعاء والملاحقة القضائية في العام الحالي.

- أعلنت السعودية أنها تنوي الانتساب الى "بروتوكول تجارة البشر" الدولي.

- تعهدّت تايوان بتعزيز قوانينها الخاصة بمكافحة تجارة البشر.

ومنذ صدور التقرير في حزيران/يونيو وحتى شباط/فبراير التالي، يقوم ممثلون عن هذه الدائرة بالتباحث مع حكومات أجنبية حول أهداف مكافحة تجارة البشر ويجمعون بيانات جديدة. ومن البلدان التي يعار لها اهتمام خاص بلدان الطبقة الثالثة والطبقة الثانية-قائمة المراقبة، والطبقة الثانية التي هي في خطر أن تتدنى مراتبها الى فئات أدنى في السنوات التالية.

كما أن المكتب يدير شؤون منح مختلفة، تتراوح من 25 الف دولار الى أكثر من مليون دولار.  وقد قدمت واحدة من تلك المنح تمويلا جزئيا لدراسة أجرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية حول الصلة بين تجارة الجنس ووقوع حالات فيروس نقص المناعة المسبّب للإيدز. وتبينّت الدراسة ان وقوع حالات فيروس نقص المناعة بين النساء المتاجر بهن من نيبال ويرغمن على الدعارة في الهند هو أعلى بنسبة 38 في المئة ويزيد على نسبة 60 في المئة في اوساط الفتيات المومسات ما دون سن 15.

كما أن المكتب يرسم نماذج جديدة لإنقاذ الضحايا وإعادة تأهيلهم وإعادتهم الى الوطن. وقد عمل  في شراكة مع مؤسسة النقد الدولية في 2006 لتوفير إرشادات وتدريبات على العمل وتوفير فرص توظيف لضحايا تجارة البشر والنساء اللواتي هن في خطر في بلدان نائية.

كما يعمل المكتب مع منظمات غير حكومية في الولايات المتحدة مثل بعثة العدالة الدولية، ومنظمة: حرّروا العبيد، والرؤيا العالمية، ومشروع الحماية، والتحالف ضد التجارة بالنساء ومشروع بولاريس. كما أن تعاونا أخيرا بين المكتب ومشروع  بولاريس  افضى الى دراسة هجرة الديوثين والمتاجرين بالنساء من الشوارع الى مواقع الكترونية على الإنترنت وذلك بعد تضييق الشرطة الخناق عليهم.

وعلى صعيد دولي، يقيم المكتب شراكات مع جهات متلقية للهبات في الهند والمكسيك ومع حكومتي السويد وغانا وكيانات دولية مثل منظمة العمل الدولية.

وقد أجرى المكتب مشاورات حول الأفلام وبرامج التلفزة والكتب بما فيها برنامج تجارة البشر على شبكة لايفتايم التلفزيونية والذي عرض في أكثر من 80 سفارة أميركية في العالم قاطبة.

وقال لاغون في معرض حديثه عن هذه الآفة داخل الولايات المتحدة: إضافة الى تقديم المشورة والنصح الى حكومات أخرى حول سبل التمسّك بالمعايير الأساسية لبروتوكول الأمم المتحدة حول تجارة البشر فان ما نقوم به من جهود محلية لا يثمن لدبلوماسيتنا. فهذه التدابير تكشف لنا عن مشكلة واننا نحاول القيام بخطوات جبارة وان نحاسب أنفسنا ولدينا نماذج لتشاطرها مع شركائنا.

ومضى قائلا: هذه الحملة لزيادة التوعية حول تجارة البشر لغرض العثور على ضحاياها هو رد أميركي مثالي وهو مجهود يكتسي بأهمية استثنائية لأننا نقوم بمساعدة البشر الأكثر إذلالاً والأكثر استغلالاً وهم من أكثر من جردوا من صفتهم الإنسانية في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 30 كانون الثاني/2008 - 21/محرم/1429