العَمالة بين الاستحقاقات الانسانية وجشع الاستثمارات الدولية

شبكة النبأ: كان العمال يتألمون وهم يزيحون التراب عن بعض تماثيل الفراعنة، وتعاطفوا مع العاملون في تلك الحقب البعيدة، بكون اولئك العمال مظلومين، وعندما انتهى النهار كان العمال الجدد الحزانى لم  يحصلوا على اجورهم ايضا.

وهكذا هي الحال على مر العصور، وسوف تظل القوة والقسوة متلازمتان على عاتق الانسانية جمعاء، لكن يبدو ان الامر قد اختلف في الدول الخليجية، على الأقل بعد ضغوط دولية، اذ انها تحاول ان تكون شفافة في مجال حقوق العمال، حيث اجتمع مسؤولون من أكثر من 20 دولة مصدرة ومستوردة للعمالة في ابوظبي لمناقشة تنظيم سوق العمل للمهاجرين الاسيويين وسط دعوات متزايدة للحماية من سوء المعاملة.

ويشغل عمال اسيويون جميع الوظائف منخفضة الاجر مثل اعمال البناء والعمل في المنازل وفي متاجر التجزئة والصناعة والزراعة في الخليج ويتجاوز عددهم عدد المواطنين الاصليين.

وسلطت الاضواء على حقوق العمالة المهاجرة في الاشهر الاخيرة نظرا لان ضعف الدولار يعني تراجع القيمة الحقيقية لتحويلاتهم النقدية، وتسدد اجور معظمهم بالعملات الخليجية المرتبطة بالدولار وادى الامر لاضرابات واعمال شغب في دبي. بحسب رويترز.

وضم الاجتماع الذي استمر يومين ويجري تنظيمه بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية عشر دول اسيوية مصدرة للعمالة تجتمع في اطار ما يعرف بعملية كولومبو لمناقشة تعاقدات العمالة المهاجرة.

وهذه هي المرة الاولى التي تستضيف فيها دولة مستقبلة للعمالة الاجتماع الذي يجمع دول الخليج المستوردة للعمالة الى جانب اليمن وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية.

وحثت منظمة مراقبة حقوق الانسان المسؤولين في بيان على مناقشة الانتهاكات المنتشرة لحقوق العاملين مضيفة أن الانتهاكات تتضمن أجورا متأخرة ومصادرة جوازات السفر والخداع أثناء التعاقد مع عاملين وفي بعض الاحيان أعمال عنف جسدي.

وقالت نيشا فاريا الباحثة بقسم حقوق المرأة بمنظمة مراقبة حقوق الانسان، من المشجع ان يجلس ممثلون من الدول المصدرة والمستوردة للعمالة على نفس المائدة.

وتعتمد دول الخليج العربي ذات التعداد السكاني الضئيل منذ عقود من الزمان على العمالة المهاجرة المؤقتة لشغل وظائف اوجدها النمو السريع بفضل ثورة النفط.

وتعمل نساء من دول جنوب اسيا من بينها سريلانكا واندونيسيا والفلبين كخادمات او مربيات لأسر في الشرق الاوسط والدول الاسيوية الغنية.

وتمثل العمالة من جنوب اسيا وبصفة أساسية الهند وباكستان العمود الفقري لازدهار قطاع البناء في دبي حيث تشيد جزر على هيئة اشجار نخيل وأعلى ناطحة سحاب في العالم.

الإمارات: نكافح الإتجار بالبشر والترحيل عقوبة المشاغبين

ورفض وزير العمل الإماراتي، علي بن عبد الله الكعبي، بشكل مطلق السماح بإنشاء تجمعات عمالية في البلاد، وهدد بترحيل كل عامل يلجأ إلى الشغب كوسيلة للاحتجاج، وذلك بحجة ما وصفه بـالوضع الخاص للبلاد، باعتبار أن 90 في المائة من عناصر القوى العاملة من الأجانب.

ونفى الكعبي بالمقابل، في حديث لـCNN صحة ما يتردد عن منح حصانة لبعض الشركات التي تشغّل العمالة الأجنبية، وبالتالي ضمان حمايتها من الملاحقة، وأكد تطوير مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تحسين أوضاع العمالة الأجنبية، الأمر الذي كان موقع تشكيك من منظمات حقوقية دولية.

وشدد الكعبي على أنه يرفض بصورة قاطعة الانتقادات التي طاولت أسلوب تعاطي وزارته مع الأحداث العمالية في دبي لجهة تقييد حركة الإعلام، وقال إن وزارته تتقبل دائماً النقد البناء، وتتطلع إلى تحقيق شراكة مع الإعلام والمنظمات الدولية والمجتمعية.

وأضاف: أجل، نحن نقر بوجود أخطاء، ودائماً ما نسعى لتصحيحها، هناك بعض المشاكل، لكننا نقوم بوضع الحلول لها، فمشكلة التركيبة السكانية من الأمور التي تواجهنا دائماً، وكذلك القضايا العمالية ونحاول الوصول إلى حلول معينة بالتشاور والتناوب مع المنظمات الدولية والهيئات المحلية في الدولة.

من جهتها قالت سارة لي واطسون، مديرة الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش: "لا أعتقد أن في الأمر خيار، لأن الإمارات وافقت على الالتزام بمعايير منظمة العمل الدولية والخضوع لها، وكذلك متطلبات القانون الدولي الذي يسمح للعمال صراحة بتشكيل اتحادات والقيام بإضرابات، وليس لوزير العمل الإماراتي أن يغيّر ذلك."

يُذكر أنّ هيومان رايتس واتش تصر على أنها وضعت تقريراً حول ثغرات مسودة قانون العمل الإماراتي الجديد بطلب من الحكومة، التي عادت وقررت السير بالمسودة دون الأخذ بملاحظاتها.

وحول ملابسات هذه القضية قال الكعبي: لدينا في دولة الإمارات وضع فريد من نوعه، فنحن فريدون بتركيبتنا السكانية حتى عن سائر دول الخليج، فعندما تكون هنالك ملاحظات، فهنالك أمور كثيرة، ولكننا نعالجها عبر نظام معين ونقاط معينة، وليس من الممكن أن نتعرض لجميع النقاط وجميع الحلول بيوم وليلة.

ورفض الوزير الإماراتي ما جاء في ملاحظات المنظمة لجهة الحث على السماح بإنشاء اتحادات عمالية، معيداً ذلك إلى أن العمالة الوافدة "تشكل 80 بالمائة من التركيبة السكانية في الدولة، و90 بالمائة من القوى العاملة"، وأنه من غير الممكن وضع حلول "لإنشاء جمعيات عمالية بغير إدخال العنصر المواطن كأساسي أولاً، ومن ثم العنصر العامل الوافد كمساعد"، دون أن يشرح موانع إنشاء اتحادات للمواطنين أصلاً.

وأضاف: عندما تقول منظمة من المنظمات إن الدولة تغض الطرف عن المشاكل الموجودة، فهذا كلام لا نقبله على أنفسنا وعلى دولة الإمارات العربية المتحدة، نعم هناك مشاكل، نعم هناك بعض الأخطاء، ولكننا نتعامل معها بجدية وحسم.

غير أن موقف الوزير حيال هذه النقطة لم يرق لواطسون التي ردت بالقول: ليس هناك رابط بين كون العمال أجانب وبين حصولهم على حقوقهم في حد أدنى للأجور وتشكيل نقابات، أما بالنسبة للقضاء، فما تزال الحكومة قاصرة عن تقديم أي إحصائيات حول القضايا العمالية وللوزير أن يقول ما يشاء لكنه سيعجز عن تأكيده.

تحسين ظروف العمال الأجانب.. بات ضرورة لدول الخليج

وأكد المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية الهندية، غي غوروشاران، أن بلاده تعمل على تطوير اتفاقيات ثنائية منظمة للعمالة مع دول الخليج، تضمن حقوق العمال وأرباب العمل على حد سواء، مشدداً على أن ظروف عمل العمال الهنود في المنطقة "جيدة"، وأن نسبة من يتعرضون للإساءة أو يستخدمون العنف "محدودة."

غير أن المسؤول الهندي، أشار في حديث لموقع CNN بالعربية إلى أن دول الخليج باتت مقتنعة بضرورة العمل لتحسين شروط العمل لديها، مؤكداً أن بلاده طورت مبادرة جديدة تهدف إلى تحويل عمالها الحاليين إلى رجال أعمال مستقبليين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26 كانون الثاني/2008 - 17/محرم/1429