
شبكة النبأ: لن يمر حادث اغتيال
زعيمة حزب الشعب الباكستانى ورئيسة الوزراء السابقة بناظير بوتو
بسهولة، فالواقع يشير إلى انه يحمل الكثير فى طياته، الكثير الذى سوف
يؤثر حتما على مستقبل هذه الدولة النووية، والمليئة بالكثير من
التيارات المتباينة والمتشددة.
وقد ثارت الكثير من الأسئلة حول حادث الاغتيال من قبيل من يقف وراء
هذا الاغتيال، وما هى تأثيرات ذلك، ليس فقط على الداخل الباكستاني ولكن
أيضا الأطراف الخارجية للمعادلة السياسية فى باكستان. حتى ان معظم
وسائل الاعلام الرئيسة في امريكا قد تناولت بالاهمية القصوى الموضوع
وتداعياته المستمرة.
باكستان والمجهول
اهتم بيل أوريالى فى برنامجه "The Factor" الذى تبثه شبكة فوكس نيوز
بحادث اغتيال بناظير بوتو. واعدت لورا انجرهام تقريرا أكدت فيه أن
اغتيال بوتو سوف يخلف العديد من التداعيات الدولية السلبية، خصوصا وان
الإدارة الأمريكية تحت رئاسة الرئيس الأمريكى جورج بوش قد بذلت الكثير
من الجهود الدبلوماسية، فضلا عن الأموال الطائلة التى منحتها لباكستان
من اجل دعم الديمقراطية هناك، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة.
وأشار التقرير الذي نشره موقع تقرير واشنطن، إلى أن هذه الجهود التى
بذلتها الإدارة الأمريكية قد أسفرت عن أن الرئيس الباكستانى بيرفيز
مشرف قد تخلى عن قيادة الجيش، وقام برفع حالة الطوارئ التى كان قد
أعلنها فى وقت سابق من العام 2007. ونبه التقرير إلى انه بعد حادث
الاغتيال الذى تعرضت له بوتو Bhutto فان مصير الانتخابات البرلمانية
التى كان مقررا لها أن تعقد فى الثامن من يناير الجارى أصبح معلقا وغير
معلوم.
ولفتت لورا الانتباه إلى أن هناك حالة من التخبط وعدم اليقين متعلقة
بمعرفة من قام بهذه العملية، حيث يؤكد معظم الخبراء أن من يقف خلف هذا
الحادث هى الميلشيات الإسلامية المتشددة والتى لها علاقة بتنظيم
القاعدة.
ونبهت لورا إلى أن باكستان دولة نووية، ولذلك فان استقرار هذه
الدولة هو عامل هام ليس فقط للولايات المتحدة بل أيضا العالم اجمع.
أما أوريالى فقد تنبئ بمزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار التى سوف
ستشهدها باكستان فى الفترة القادمة. وأشار انه لكى نفهم جيدا ما يجري
الآن على الساحة السياسية فى باكستان يجب تفكيك الموضوع إلى عناصره
الأولية.
وفى هذا الإطار وصف بوتو بالمرأة الشجاعة، لأنها كانت تعلم جيدا
أنها هدفا للاغتيال – وقد تعرض لمحاولات اغتيال أكثر من مرة قبل ذلك –
ورغم ذلك عادت إلى باكستان، واستطرد قائلا أن ما حدث لبوتو هو نتيجة
طبيعية لانعدام الأمن فى باكستان، فالجيش والشرطة تم اختراقهما من قبل
الجهاديين المتطرفين. ولذلك يؤكد أوريالى أن لا يمكن الثقة فى
الباكستانيين، نظرا لحالة الفوضى والانقسام التى تعيشها البلاد.
هل مشرّف هو المسئول؟!
على الجانب الآخر أكد أوريالى أن مشرف كان سيلاقى نفس المصير الذى
لاقته بوتو لولا أنه ارتمى فى أحضان الولايات المتحدة وحلف الناتو ،
وحصل على مليارات الدولارات من إدارة الرئيس كلينتون والرئيس بوش ، ولم
يفعل شئ سوى انه مكن الجهاديين من التحرك بحرية فى بعض المناطق داخل
باكستان. فكان من نتيجة ذلك أن تقارير المخابرات التابعة لحلف الناتو
أكدت أن حركة طالبان تدير عملياتها التى تنفذها داخل أفغانستان من احد
المدن الباكستانية التى تدعى Quetta.
وأشار أوريالى إلى أن الرئيس الباكستانى بهذا السلوك يلعب لعبة
مزدوجة، وان عليه أن يختار إلى أى جانب سوف يقف ، إلى جانب حركة طالبان
والجهاديين المتشددين، أم انه سوف يسمح للمخابرات الأمريكية الـ CIA
وقوات الناتو بالتعاون مع القوات المسلحة الباكستانية من اجل القضاء
على هذه الحركات المتطرفة.
ومن ناحية آخر تمت إثارة مسألة شرعية الرئيس مشرف كرئيس لباكستان،
وان الكثيرين من أفراد الشعب الباكستانى تراه رئيس غير شرعى, ولفت
أوريالى الانتباه إلى انه ليس هناك شخص داخل باكستان يتمتع بشرعية حكم
البلاد فى هذا الوقت، ولذلك فهو يؤكد أن البلاد سوف تحكم بشرعية السلاح
على الأقل فى المستقبل المنظور.
هل انتصرت القاعدة مجدداً؟
هل يمكن أن يعتبر اغتيال بوتو هو نصر جديد للقاعدة على الولايات
المتحدة فى الحرب التى تقودها على المستوى الدولى ضد الإرهاب؟ فى حال
إذا كان فعلا التنظيم هو المسئول عن عملية الاغتيال كما يؤكد معظم
الخبراء، وبالتالى يكون هذا العمل رادع لأى شخصية إصلاحية تسعى إلى
تغيير الوضع القائم.
فى هذا الشأن أكد أوريالى انه إذا اعتبرنا أن هذا العمل نصرا لتنظيم
القاعدة فهو نصر فقط على المدى القريب، ويمكن أن يتحول إلى هزيمة ساحقة
له على المدى البعيد ، فى حالة إذا قام مشرف بعمل الصواب، واشترك بصورة
جدية فى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
اغتيال بوتو يهدد الأمن
والديمقراطية
من جانبه اعتبر برنامج CBS Evening News الذى يذاع على شبكة CBS أن
موت بوتو يهدد الديمقراطية والأمن فى باكستان، فقد اعتبرها وات اندروز
- فى التقرير الذى أعده للبرنامج عن حادث اغتيالها - من أهم الشخصيات
القيادية على مستوى العالم ، فقد كانت شخصية إصلاحية تطرح رؤية إصلاحية
للوضع فى باكستان، وكانت تطرح إستراتيجية لمكافحة الإرهاب، فضلا عن
أنها كانت اقرب إلى الولايات المتحدة.
واهتم التقرير بالوضع السياسى إلى ما كانت فيه بوتو قبل وفاتها، حيث
أشار اندروز إلى انه بالرغم من اتهامات الفساد التى كانت موجهة لها قبل
نفيها خارج البلاد، إلا أنها كانت ما تزال تتمتع بشعبية كبيرة خصوصا فى
المناطق الجنوبية ، حيث أشارت استطلاعات الرأى فى هذه المناطق أن بوتو
كانت تتمتع بنسبة تتراوح ما بين 35% إلى 40% من التأييد الشعبى. ولكن
العكس تماما فى مناطق أخرى، فبوتو على سبيل المثال لم تكن تتمتع بأى
ثقل سياسى أو شعبى فى المناطق الشمالية الشرقية المتاخمة للحدود مع
أفغانستان، وهى المناطق التى تحظى فيها حركة طالبان وتنظيم القاعدة
بثقل شعبى وتأييد من القبائل القاطنة فى هذه المناطق.
ومن المهم الإشارة إلى أن بوتو فى وقت سابق كانت قد وعدت الشعب
الباكستانى بأنها فى حال وصولها للسلطة سوف تقضى على تنظيم القاعدة
وجميع الحركات الإرهابية والمتشددة فى البلاد بطريقة لم يفعلها مشرف من
قبل ولم يكن قادرا على القيام بها أيضا.
وعرض التقرير لوجهة نظر السفير الأمريكى الأسبق فى باكستان ومدير
معهد الشرق الأوسط ويندى تشامبرلين ، الذى أكد أن حديث بوتو بشأن تعقب
تنظيم القاعدة والقضاء عليه كان جدى للغاية، بحيث انه لن تجد أى مرشح
قد تحدث عن هذا الأمر بمثل هذا الوضوح والجدية.
ومن ناحية أخرى أشار تشامبرلين إلى أن تنظيم القاعدة ليس المتهم
الوحيد بالوقوف خلف اغتيال بوتو ، فهناك جهات أخرى قد تكون ضالعة فى
هذا الاغتيال، فقد وجهت بوتو سهام انتقاداتها إلى العديد من الجهات
الرسمية العليا فى البلاد مثل جهاز المخابرات والجيش، كما تحدت هى
ومؤيديها حالة الطوارئ التى أعلنها الرئيس الباكستانى، لذلك يؤكد
مؤيديها أن قائمة المتهمين بالضلوع فى عملية اغتيالها غير محدودة.
السلاح النووى الباكستاني فى خطر
أما مستشار شبكة CBS فى أفغانستان Jere Van Dyk فقد أشار إلى حالة
الفوضى وعدم الاستقرار التى أصابت الشارع الباكستانى بعد وفاة بوتو ،
ولفت الانتباه إلى أن هذه الحالة تمثل خطرا مزدوجا على الولايات
المتحدة. فهى من ناحية أولى يمكن أن تقوض أى فرصة للتحول الديمقراطى فى
أفغانستان، وتقضى على أى فرصة لإعادة البلاد إلى الوضع التى كانت عليه
قبل استيلاء مشرف على السلطة هناك فى عام 1998 ، خصوصا فى ظل عدم تحديد
مصير الانتخابات البرلمانية التى من المقرر عقدها فى الثامن من يناير
الجارى. ومن الناحية الأخرى فان باكستان تمتلك ترسانة لا يستهان بها من
الأسلحة النووية تقدر ما بين 50 إلى 75 سلاح نووى، ما بين قنابل ورؤوس
صواريخ، وهذه الحالة من الاضطرابات السياسية العنيفة ، تجعل هذه
الترسانة ليست فى مأمن، خصوصا مع عدم توفير الحماية الكافية واللازمة
لمثل هذه الأسلحة الخطيرة، وبالتالى من الممكن أن تكون عرضة للوقوع فى
أيدى المتطرفين الذين تعج بهم الاراضى الباكستانية.
ويختتم اندروز بالتأكيد على أن باكستان كانت دائما خط دفاع أمامى فى
الحرب العالمية ضد الإرهاب، وساحة للصراع بين الديمقراطية العلمانية
والاتجاهات الدينية المتشددة، ولكن أشهر رموز الديمقراطية العلمانية –
فى إشارة إلى بناظير بوتو - الآن قد مات.
بوتو وتوقعات الاغتيال
أما شبكة CNN فقد اهتمت بحادث الاغتيال ولكن من جانب آخر، فقد ركز
برنامج American Morning - الذى يذاع على الشبكة – بالهواجس التى سيطرت
على بناظير بوتو عقب عودتها من المنفى فى أكتوبر الماضى وتعرضها
لمحاولة اغتيال ، والتى راح ضحيتها الكثير من المواطنين الباكستانيين
الأبرياء.
وأعدت كيران شيرتى مراسلة الشبكة تقريرا فى هذا الشأن، اهتمت فيه
بداية برصد حالة الشارع الباكستانى بعد صدمة اغتيال رئيسة الوزراء
السابقة. حيث أشارت إلى موجات العنف الذى اندلعت من جانب أنصار بوتو
ومقتل العديد من الأشخاص فى المصادمات التى وقعت بين الغاضبين من حادث
الاغتيال وأفراد قوات الشرطة الباكستانية.
وكشف التقرير النقاب عن رسالة بريد اليكترونى بعثت بها بوتو إلى
صديقها القديم ومتحدثها الرسمى فى الولايات المتحدة مارك سيجل ، عبرت
فيها عن خوفها الشديد على حياتها وتأكيدها على انه إذا حدث لها أى
مكروه فإنها تلقى باللائمة على الرئيس الباكستانى ، نظرا لقصور الحراسة
الأمنية المكلفة بحمايتها، وأنها طلبت من السلطات تشديد الحراسة عليها
وتوفير نوع من الحماية الخاصة لها - على الأقل لأنه كانت رئيسة وزراء
سابقة.
أما برنامج CNN Larry King Live فقد اهتم برصد رد فعل الأطراف
الداخلية فى الولايات على هذا الحادث، حيث اهتم بالدعوات التى أطلقتها
السيناتور الديمقراطى ومرشحة الرئاسة هيلارى كلينتون وطالبت فيها
بإجراء تحقيق دولى فى حادث الاغتيال للوقوف على ملابساته وتحديد
الأطراف الضالعة فيه. |