هل يمكن لأمريكا السماح لطهران بدخول النادي النووي؟

شبكة النبأ: في حالة فشل الحلول الدبلوماسية وإدراك الولايات المتحدة واسرائيل صعوبة القيام بعمل عسكري ضد ايران لدرء خطرها المفترض، فلن يكن هناك من خيار سوى التعايش مع ايران النووية. ولكن هل يمكن وفق التصعيد الغربي الواضح ان تُكمل ايران مسيرتها نحو حيازة القوة النووية، وهل يستطيع الغرب وفق اتفاقات استراتيجية-على غرار الهند وباكستان- ان يسمح لطهران بدخول النادي النووي؟ هذه الاسئلة وغيرها يجيب عليها تقرير واشنطن من خلال الدراسة الصادرة عن "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" تحت عنوان: الحديث عن المحظورات: الحوار الأمريكي ـ الإسرائيلي حول البرنامج النووي الإيراني.

وقد أعد هذه الدراسة "تشك فريليتش" "chuck Freilich" وهو يعمل أستاذاً للعلوم السياسية بجامعتي هارفارد وتل أبيب، كما تقلد عدة مناصب هامة في الحكومة الإسرائيلية أبرزها نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ومستشار سياسي لمجلس الوزراء، فضلاً عن كونه أحد كبار المحللين في وزارة الدفاع، إلى موقف كل من أمريكا وإسرائيل من هذا الخيار، موضحة أن تل أبيب ستكون مترددة في مناقشة ذلك الخيار، ومبعث هذا التردد هو خوف إسرائيل من أن يكون موافقتها على مناقشته بمثابة إشارة ضمنية على استعدادها للتخلي عن العمل العسكري، واعترافها بالبرنامج النووي الإيراني.

وعلى الجانب الأخر فإن الولايات المتحدة ستتردد هي الأخرى ـ وإن كانت بدرجة أقل من إسرائيل ـ في إثارة خيار التعايش مع طهران في ظل امتلاكها السلاح النووي، حيث ستخشى أمريكا من تداعيات هذا التوجه الذي قد يدفع تل أبيب إلى شن هجوم عسكري منفرد على الجمهورية الإسلامية.

وبحسب الدراسة، فإنه في ظل خيار التعايش مع إيران النووية توجد سبعة بدائل، وهي:

البديل الأول: الردع الأمريكي الأحادي لإيران، في هذه الحالة ستتبنى الولايات المتحدة سياسة معلنة وصريحة تجاه إيران، تعلن فيها أنها ستدرس استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد أي دولة في المنطقة تمثل تهديداً لأمريكا، وستحشد كل قوتها لمنع ذلك التهديد. وترى الدراسة أن إسرائيل بقدرتها الإستراتيجية الهجومية والدفاعية إذا ما تم تعضيدها بقوة الردع الأمريكية فسيكون ذلك رداً فعالاً على التهديد الإيراني.

البديل الثاني: الضمانات الأمنية الأمريكية المباشرة لإسرائيل، فمن أهم الوسائل لزيادة الحماية الأمريكية لإسرائيل أن يتم صياغة تلك الحماية في صورة وثيقة مكتوبة (معاهدة دفاع مشترك، قرار الكونجرس، اتفاق تنفيذي) أو تصريح رئاسي. ويمكن أن تأخذ تلك الضمانات صيغة تعهد عام لأمن إسرائيل أو أن تكون أكثر تركيزاً على التهديدات النووية الخالصة.

وبافتراض تقديم الولايات المتحدة تعهد رسمي بحماية إسرائيل، ففي هذه الحالة ستصبح الأخيرة تحت حماية المظلة النووية الأمريكية، وستدرك إيران حينها أن أي تهديد لإسرائيل سيكون تهديداً لأمريكا وستواجه دماراً مؤكداً. إضافة إلى ذلك فإن الضمانات الأمنية تقدم فوائد مباشرة لتل أبيب مثل تمكينها من خفض حجم إنفاقها العسكري، والتركيز على القضايا الداخلية.

ورغم ذلك، توجد أربعة أسباب تجعل إسرائيل مترددة بعض الشيء في بناء أمنها القومي على علاقة أمنية من هذا النوع، وهي:

1- نظراً لأن شرط التعاقد (التحالف) يتضمن التشاور حول الوسائل الملائمة للتعامل مع التهديد، فإن إسرائيل تخشى أن يضعف ذلك من سلطاتها في اتخاذ القرار تجاه التهديدات المباشرة القادمة من إيران.

2ـ ربما تكون إسرائيل قلقة من أن تطالب الولايات المتحدة، في مقابل الضمانات الأمنية، أن تكشف تل أبيب عن قدراتها الإستراتيجية الخاصة إليها على الأقل، وربما تفكيكها.

3ـ رغم إدراك إسرائيل أن للولايات المتحدة سجل حافل في الوفاء بوعودها الأمنية، فقد ظهرت استثناءات على ذلك مثلما حدث مع حلفاء الناتو خلال الحرب الباردة. ومن ثم تخشى إسرائيل ألا تتمكن الولايات المتحدة من الالتزام بتعهداتها عند حدوث الأزمة، علاوة على ذلك فإن إمكانية تعرض إسرائيل للهجوم من قبل عملاء إيران كحزب الله مثلاً ربما يمنع واشنطن من الوفاء بتعهداتها.

4ـ خشية إسرائيل من أن تقع تحت الوصاية الأمريكية.

الثالث: ضمانات من أكثر من طرف، فلدى إسرائيل الكثير من الدوافع التي تجعلها راغبة في تطوير علاقاتها مع حلف الناتو، كما أن الولايات المتحدة كذلك ربما تعلق أهمية على تطوير هذه العلاقة. ومع ذلك، فإذا كانت إسرائيل تبدو مترددة تجاه وضع ثقتها الكاملة ومصيرها في اتفاق ثنائي مع أمريكا، فإنها ستكون كارهة لفعل ذلك مع تحالف من 26 دولة.  

تلك النتيجة لا تعني أن الناتو لن يكون له دور في مواجهة التهديد النووي، إلا أنه لا يبدو البديل الأمثل بالنسبة للولايات المتحدة.

الرابع: نظام أمن إقليمي، فهذا الخيار يقوم على تأسيس نظام أمن إقليمي تعطي من خلاله الولايات المتحدة ضمانات لدول المنطقة. ذلك الخيار يمكن أن يمنح أمريكا وإسرائيل عنصر استقرار في المنطقة ككل وتخفيف الغضب العربي من إعطاء إسرائيل وحدها تلك التعهدات.

ومن ناحية أخرى، فإن اتساع هذه الضمانات الأمنية يمكن أن يكون أحد أسباب فشل ذلك الخيار، وهنا تثير الدراسة تساؤل حول عدد الدول التي سترغب في التمتع بهذه الضمانات خاصة عندما تكون إسرائيل مشتركة فيها، فما لا شك فيه أن إيران وسوريا سترفضان ذلك حتى وإن تخلت أمريكا عن رغبتها في تغيير الأنظمة الحاكمة بهما وضمان أمنهما. وإلى جانب هاتين الدولتين فإن السعودية سترفض هي الأخرى دخول إطار عمل إقليمي مع إسرائيل الآن أو حتى في المستقبل القريب.

والحل الأمثل للولايات المتحدة في هذا الصدد هو أن تعلن عن التزام واضح أحادي بأمن الدول في المنطقة دون تخصيص إسرائيل بذلك، وأن تحدد ـ بصورة غير رسمية ـ الدول التي ستقوم بدعمها، وأن تعلن ـ رسمياً ـ أنها لن تساند الدول التي تستخدم أو تهدد باستخدام أسلحة الدمار الشامل. وسيكون من شأن هذا الخيار حل مشكلة أمريكا الدبلوماسية مع الدول العربية وربما يكون مقبولاً لإسرائيل أيضاً.

الخامس: إحداث تغيير على الغموض النووي الإسرائيلي، فالتغيير في سياسة الغموض النووي التي انتهجتها إسرائيل على مدار عقود، ربما يكون من الوسائل الممكنة للرد على قدرة إيران النووية. فمن المفترض أن إسرائيل دولة نووية وأن أمريكا تدرك ذلك لكنها لن تضغط على تل أبيب طالما أن الأخيرة ترفض الإفصاح عن قدراتها.

السادس: تغيير النظام الحاكم في إيران، لقد طُرحت هذه الفكرة منذ سنوات طوال، حيث يوجد اعتقاد بأن وقوع الإمكانيات النووية في أيدي نظام إيراني معتدل لن يشكل تهديداً كبيراً. وبرغم التركيز الذي وجه لمحاولة تغيير هذا النظام، إلا أن أحداً لم يستطيع تقديم إستراتيجية عملية لذلك. ومع أنها السياسة المفضلة لإدارة بوش، إلا أنه لا تبدو هناك أي بوادر للتغيير حتى الآن. وحتى مع افتراض القدرة على تغيير النظام في طهران، فلا توجد هنا أي ضمانات على أن النظام القادم سيكون أكثر اعتدالاً وتوجهاً نحو الولايات المتحدة وإسرائيل من نظيرة الحالي.

البديل السابع: دعم عملية السلام، ويتمثل هذا الخيار في تشجيع عملية السلام في الشرق الأوسط كوسيلة لوقف النفوذ الإيراني بالمنطقة، ومن ثم خفض مساحة الصراع بين إسرائيل وإيران واحتمالية التصعيد النووي. ومن الناحية النظرية، فإن التقدم في العملية السلمية من شأنه أن يقوض النفوذ الإيراني في إحداث ضرر غير مباشرة بإسرائيل عن طريق عملاء طهران (حماس وحزب الله وجماعة الجهاد الإسلامي)، كما أن التسوية السلمية مع الفلسطينيين والسوريين يمكن أن تنهي ارتباطاتهم العسكرية مع إيران.

وترجح الدراسة أن إيران لن ترضى عن ذلك التوجه في عملية السلام مما قد يدفعها إلى التدخل أكثر في المنطقة لهدم هذه العملية، أيضاً لا أمريكا ولا إسرائيل مستعدة لتعديل سياستها تجاه عملية السلام كوسيلة للتعامل مع الخطر الإيراني.

ضمانات بقاء الحوار الأمريكي – الإسرائيلي حول إيران

إذا كان التردد المشترك في مناقشة الخيارات العسكرية، يمثل العقبة الأساسية التي تحول دون قيام حوار ثنائي أمريكي ـ إسرائيل في هذا المجال، فإنه يمكن التغلب على ذلك عن طريق أربع خيارات:

1ـ "المناقشة البناءة"، ويتبني هذا الخيار مناقشة شاملة لموضوعات من قبيل القواعد الإيرانية المستهدفة التي يجب تدميرها، ورد الفعل الإيراني المنتظر، والعواقب الإقليمية والدولية.

2ـ "العيون الأربعة"، ويدعو ذلك الخيار إلى البدء بمباحثات بين القيادات، حيث يجتمع الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لعقد لقاءات وجهاً لوجه، وستدور تلك الاجتماعات حول القضايا الهامة وربما تنتهي بإبرام تعهد عام مثلما حدث في تفاهم (نيكسون ـ جولدا مائير) عام 1969.

3ـ "المبعوثون الخصوصيون"، وهنا يعين زعيم كل دولة مسئولاً رفيع المستوى يحظى بثقته، حيث سيعمل الموفدان على وضع أسس لحوار رسمي واسع أو التواصل إلى تفاهم مشترك في حوار سري.

4ـ "المحادثات غير الرسمية"، وستكون عبر مسئولين سابقين أو أكاديميين أو صحفيين.

وترى الدراسة أن هذه الحلول صالحة، كذلك، للتغلب على العقبات الخاصة بالحوار حول كيفية التعايش مع إيران النووية.

قنوات الاتصال الأمريكية ـ الإسرائيلية

تلفت الدراسة النظر إلى أن أمريكا وإسرائيل تديران حوارات ثنائية بشكل دائم ومستمر وعلى كل المستويات السياسية والاستخباراتية حول التهديد النووي الإيراني منذ مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم. فسياسياً فإنه منذ إسحق رابين وحتى إيهود أولمرت كان ولازال الملف النووي الإيراني على رأس أجندة أي رئيس وزراء إسرائيلي يزور العاصمة الأمريكية. كذلك كان هذا الملف حاضراً في اللقاءات التي كانت تعقد بين وزراء خارجية ودفاع الدولتين. 

وعلى المستوى الاستخباراتي، أصبح مدير الموساد الإسرائيلي زائر دائم لواشنطن بهدف الاجتماع مع نظرائه في وكالات الاستخبارات الأمريكية والمسؤولين بالبنتاجون ومجلس الأمن القومي الأمريكي.

كما تم مناقشة القضية الإيرانية في العديد من المحافل الأمريكية ـ الإسرائيلية المشتركة، ومن أبرزها الجماعة السياسية ـ العسكرية ( (JPMGالتي تضم ممثلين عن المؤسسات الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية في البلدين. وقد اتخذت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية مؤخراً قراراً بزيادة اجتماعات الجماعة لتصبح أربع مرات سنوياً بدلاً من اثنين فقط، وهو ما يعكس قلق الدولتين بالمتاعب التي تسببها إيران.

وهناك محفل أخر وهو ملتقى "الحوار الاستراتيجي" الذي ينعقد بشكل نصف سنوي بحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي ومسؤول الحوار في الحكومة الإسرائيلية.

وبالإضافة إلى ما ساهمت به هذه اللقاءات وتلك الاجتماعات المشتركة من تبادل للمعلومات بين تل أبيب وواشنطن، فإن هذين الحليفين اتخذا عدداً من الخطوات العملية الهادفة إلى حماية أمن إسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني، وفي هذا الصدد تم بيع أسلحة أمريكية للدولة العبرية، ناهيك عن الدعم المالي الأمريكي للنظام الإسرائيلي المضاد للصواريخ.

خيارات التعاطي مع الخطر النووي الإيراني

تحت هذا البند تشير الدراسة إلى ثلاثة خيارات رئيسية، هي:

1ـ الخيار الدبلوماسي والعقوبات: فقد فشلت الضغوط الدولية التي تزايدت حدتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في إحداث تغيير على السياسة الإيرانية، فالجمهورية الإسلامية مازالت تتحدى المجتمع الدولي في ظل رئاسة راديكالية بزعامة أحمدي نجاد الذي يبدو وكأنه مرحب بعلاقاته المتوترة مع الجماعة الدولية.

وتؤشر التطورات الراهنة على أن طهران غير عابئة بالضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي عليها، بيد أن الدراسة تبرز أهمية الخطوات المحدودة التي اتخذها مجلس الأمن بصدد إيران والتي أسهمت في إثارة جدل داخلها محوره ليس فقط مدى أهمية البرنامج النووي ذاته، ولكنه دار حول الثمن أو التكلفة التي سيدفعها نظام "نجاد" والتدابير القاسية التي تنتظره لسلوكه المتعارض مع المجتمع الدولي.

ويعطي هذا الجدل للولايات المتحدة وإسرائيل أملاً في أن يقود خيار العقوبات إلى التغيير المنشود في السياسة الإيرانية، ومن ثم تدعو الدراسة واشنطن وتل أبيب إلى ضرورة تحديد العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يكون لها تأثير فعال على طهران، وحشد الدعم الدولي لها سواء كان داخل مجلس الأمن أو خارجه.

وتستعرض الدراسة مواقف الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران) من الخيار الدبلوماسي، فبدءاً بواشنطن تشير الدراسة أن إدارة "بوش" يجب أن تبرهن للرأي العام الداخلي والعالمي أنها استنفذت كافة السبل الدبلوماسية في التعامل مع إيران قبل اللجوء إلى الحل العسكري.

أما عن إسرائيل، فإنها ـ على حد ذكر الدراسة ـ لا تأمل أن ترى نفسها مدفوعة نحو تبني إجراءات متهورة حيال إيران، ومع ذلك تخشى حكومة أولمرت من أن يؤدي عدم وضع نهاية للخطر النووي الإيراني إلى إعطاء نجاد الفرصة لتطوير قدرات بلاده النووية. ومن ثم فإن إسرائيل ـ بالتشابه مع موقف حليفتها ـ ستلجأ إلى خيار فرض العقوبات أولاً إلى أن تدرك أن الوقت قد حان لاتخاذ التدابير العسكرية ضد إيران.

2ـ الخيار شبه العسكري: وهنا تطرح الدراسة إمكانية فرض الحصار البحري على إيران سواء كان شاملاً أو جزئياً، ومن الممكن أيضاً أن يمتد هذا الحصار أرضاً وجواً. وتدعو الدراسة كذلك إلى ابتكار وسائل شبة عسكرية جديدة مثل استعراضات القوة.

3ـ الخيار العسكري: تعد هذه المرحلة هي الأكثر خطورة وتصل إليها الولايات المتحدة وإسرائيل عندما تدركا عدم فعالية الحلول الدبلوماسية وشبة العسكرية.

ويتضمن هذا الخيار شن عمليات عسكرية سواء من جانب الجيش الأمريكي وحده أو بالتعاون مع نظيره الإسرائيلي أو أن تتخذ هذه العمليات شكل العمل الجماعي من خلال حلف الناتو أو مجلس الأمن.

وفي كل هذه الحالات سيكون على الولايات المتحدة تحمل العبء الأكبر، بيد أنها ستتمتع من جانب أخر بمظلة دبلوماسية كبيرة وبعض المساعدات العسكرية.

ووفقاً لرؤية الدراسة، فإن مشاركة تل أبيب لواشنطن في أي ضربة عسكرية تستهدف طهران، سيكون له نتائج سلبية على علاقة الولايات المتحدة بالعالمين الإسلامي والعربي.

وتؤكد الدراسة على ضرورة أن يشمل الحوار الأمريكي ـ الإسرائيلي بشأن إيران تحديد الأهداف المراد تدميرها وعما إذا كانت العملية العسكرية ستقتصر على المنشآت النووية أم ستمتد لتشمل القدرات الحربية وموارد الطاقة لدى إيران.

وتشير الدراسة إلى الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة أو إسرائيل في مناقشة خيار شن عمل عسكري ضد إيران، حيث إذا كان لدى إسرائيل الرغبة في شن حرب بشكل منفرد عن الولايات المتحدة، فإن الدولة العبرية سيساورها القلق في هذه الحالة من إثارة تلك المسألة مع واشنطن تفادياً للرفض الأمريكي المتوقع. ومن ثم فإن تل أبيب ستعمل على تجنب هذا الفيتو مثلما فعلت عام 1981 عندما عقدت النية ودمرت مفاعل أوزراك العراقي دون أن تخبر أمريكا.

أما في حالة إذا لم يكن لدى إسرائيل نية الاعتماد على القوة العسكرية، فإنها ستمتنع عن إفشاء ذلك التوجه وستفضل لأسباب عديدة تتعلق بالإمكانات الأمريكية وقدرة الولايات المتحدة على تحمل ردود الفعل الإيرانية والعربية والدولية إزاء الهجوم العسكري ـ أن تشن واشنطن هذا الهجوم.

أيضًا إذا قررت الولايات المتحدة اللجوء إلى الخيار العسكري، فإنها ستتردد هي الأخرى في مناقشة هذا الخيار مع القيادة الإسرائيلية لعدة أسباب، أولها أن أمريكا قد تتراجع عن القيام بضربة عسكرية ضد إيران ولن تجد حينها مبرراً كافية تقدمه لإسرائيل على هذا التراجع. وثانيها أن الولايات المتحدة ستعمل بالتأكيد على الاحتفاظ بكافة الخيارات متاحة أمامها دون أن تربط نفسها بإسرائيل. وثالثها أن واشنطن تخشى أن يُفسر تداولها لفكرة الهجوم العسكري المشترك مع تل أبيب من جانب الأخيرة على أنه موافقة أمريكية على شن هذا الهجوم.

كذلك إذا لم ترغب الإدارة الأمريكية في استهداف إيران عسكرياً، فإنها في هذه الحالة لن تخبر إسرائيل بهذا التوجه خوفاً من أن تترجمه الأخيرة على أنه تفويض من واشنطن لشن عمل عسكري إسرائيلي منفرد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22 كانون الثاني/2008 - 13/محرم/1429