الأصولية ثقافة في جميع المجتمعات البشرية

شبكة النبأ: تعكس الاحداث والمتغيرات التي يعيشها العالم اليوم ان قضايا الهوية، بمعنى اللغة والتراث الثقافي والدين، ستلعب دورا مركزيا في السياسة داخل كل دولة، وعلى المستوى العالمي، وكذلك ان السلطة ستكون اللاعب المركزي في السياسة العالمية، هذا ما يراه صاحب نظرية( صراع الحضارات ) صموئيل هنتنغتون، مستنتجا ان اسس التواصل بين الدول قد تغيرت عبر الزمن.

وقال هنتنغتون في حوار معه نشرته( تريبيون ميديا سرفيس )ان الهويات الثقافية والانتماءات لن تلعب دورا فقط، بل سيكون هذا الدور محوريا بين الدول في المستقبل، موضحا ان الثقافات تمثل الخلفية العميقة للصراعات التي يعيشها العالم اليوم، وانه لا شيء اكثر من نزعات الهوية بمقدوره ان يشحن المشاعر في الزمن الراهن.

الاسلام و الغرب..التجانس والاختلاف الداخلي

ونفى الكاتب الاميركي ان يكون قد اعتبر الغرب او الاسلام كله شيئا واحدا، مبينا ان هناك مجموعات داخل الغرب وكذلك داخل الاسلام، وهناك طوائف مختلفة وجماعات مختلفة ودول مختلفة ايضا، معترفا بوجود خصائص مشتركة داخل كل من الغرب والاسلام .

وشدد هنتنغتون على ان من الخطأ تصور ان الطرفين : الغرب او الاسلام منسجمان داخليا في مواجهتهما احدهما الاخر وقال ان كل طرف منهما يعاني من انقساماته الداخلية، مضيفا ان المصالح المتباينة للدول ستدفعها الى صياغة ما يبدو في نظر البعض (اصدقاء و حلفاء) يتسمون بالغرابة، مستدركا ان السياسة الدولية تبقى امرا في غاية التعقيد.

ويؤشرالباحث الاميركي حدود لبدايات تغييرات اقتصادية واجتماعية في العالم الاسلامي، ستدفع الى تغييرات سياسية عميقة في الوقت المناسب في المستقبل، موضحا ان المجتمعات العربية اخذت تتحول الى مجتمعات حضرية على نحو متزايد و ان الكثير منها اصبح صناعيا مثلما هو حال المجتمعات الغربية.

واعتبرهنتنغتون امتلاك البلدان العربية و الاسلامية للنفط و الغاز سببا لضعف عوامل التغيير بدلا من ان يكون محركا له.

ومن وجهة نظره، فأن هناك في الافق ملامح متزايدة لحصول انسجام بين الحضارة الاسلامية والمتغيرات العالمية، مشككا في الوقت نفسه في امكانات حصول اي نوع من الانسجام الحقيقي داخل المجتمعات الاسلامية نفسها كنظام سياسي يدار بواسطة قادة منتخبين او غير منتخبين، مرجحا ان يتجه هؤلاء القادة الى التعاون حول القضايا المصيرية المشتركة، مثلما يحصل في المجتمعات الغربية، دون ان يستبعد احتمال انتقال هذا التعاون في المستقبل البعيد الى نوع من التنظيم اشبه بالاتحاد الاوروبي.

الاسلام والديمقراطية: حدود التفاعل

ويعزو هنتغتون اسباب فشل التجارب الديمقراطية في الدول العربية والبطء النسبي بهذا الاتجاه الى التراث الثقافي والايديولوجي اولا، والسيطرة الاستعمارية التي عاشتها و ما ولدته من تجربة مريرة وخبرة في المعركة ضد فرنسا وبريطانيا ثانيا، وقال ان الكثير من هذه البلدان كانت حتى فترة متأخرة مجتمعات ريفية تحكمها صفوة من ملاك الاراضي .

وينبه هنتنغتون الى ان الاصولية موجودة في كل المجتمعات و الحضارات، ففي الولايات المتحدة توجد حركات اصولية تتبني افكارا عدائية ضد المهاجرين، وقال ان المشكلة هي في انفلات مثل هذه الافكار وتحولها الى عامل يسيطر على فكر وحركة اي مجتمع، لان حصول مثل هذا الامر سيؤدي الى قمع الاقليات، بل و حتى الدخول في حروب مع مجتمعات مجاورة ذات ثقافات مختلفة، مما يستلزم لجمها في الوقت المناسب.

وفسر الكاتب اسباب اندماج المسلمين في المجتمع الامريكي، وانعدام ذلك في المجتمعات الاوروبية الى الفروق بين حالتي المسلمين في المكانين، اذ ان عدد المسلمين في امريكا اقل مقارنة بعددهم في اوروبا، وان هؤلاء اتوا الى الاراضي الاميركية من آلاف الاميال وعبر المحيطات، ولم يعبروا الحدود مشيا على الاقدام او عبر المتوسط في قوارب صغيرة، مشيرا الى ان الفرق الاساسي هو انه ليس لأمريكا حدودا مع الدول الإسلامية على العكس من اوروبا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 كانون الثاني/2008 - 9/محرم/1429