بوش ومهمة تجميل الصورة الأمريكية في الشرق الأوسط

شبكة النبأ: هل تنجح زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لمنطقة الشرق الأوسط؟ هل يمكن أن تتحسن صورة بوش وأمريكا عند شعوب الشرق الأوسط؟ أسئلة مهمة حاولت وسائل الإعلام الأمريكية الإجابة عليها  الأسبوع الماضي؟. وهي الزيارة التي تأتي مباشرة عقب مؤتمر أنابوليس للسلام الذي عقد في شهر نوفمبر الماضي.

موقع تقرير واشنطن رصد ردود افعال مختلف وسائل الإعلام الأمريكية لهذه الزيارة، في محاولة للتكهن بما قد تتمخض عنه من نتائج قد تؤثر على مستقبل عملية السلام فى الشرق الأوسط، وغيرها من الأوضاع المضطربة في المنطقة.

صورة بوش في المنطقة

جلين بيك Glenn Beck اعد تقريرا فى هذا الشأن انطلق فيه من أن الرئيس بوش Bush أراد من هذه الزيارة أن يحسن من صورته تماما كما أراد الرئيس السابق بيل كلينتون Bill Clinton قبل رحيله من البيت الأبيض.

وتساءل بيك Beck عن مدى إمكانية نجاح الرئيس بوش Bush فى تحقيق هذا الهدف ، ولكنه يرد بأنه لن ينجح والسبب فى ذلك راجع إلى أن الكثيرين فى المنطقة يعتبروه رجل حرب warmonger ، يريد فقط أن يوطد السيادة والهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.

النكوص الأمريكى

من جانبه اهتم برنامج Morning Edition – الذى يبث على إذاعة NPR- بالزيارة، وبث تقريرا فى هذا الخصوص ، أكد فيه مايكل كليمن Michele Kelemen أن الهدف من الزيارة ليس فقط إعطاء عملية السلام دفعة قوية قبل رحيله من منصبه كرئيس للولايات المتحدة ، ولكن ستشمل الزيارة الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة فى منطقة الخليج فى محاولة منه لمواجهة المعضلة الإيرانية ، والتهديدات التى تمثلها لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها فى المنطقة ، والحد من استفزازاتها المتكررة للولايات المتحدة ، والتى كان آخرها تحرش عدد من الزوارق العسكرية الإيرانية بسفينة حربية أمريكية فى مياه الخليج مؤخرا ، كما اظهر شريط فيديو كشفت عنه وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون الأسبوع الماضى.

وقد أكد التقرير انه بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية تحت رئاسة بوش Bush عن نيتها ورغتها فى إصلاح مجتمعات الشرق الأوسط وإدخال إصلاحات جذرية فى بنية هذه المجتمعات ، تراجعت عن هذا النهج واتبعت الطريقة التدرجية التى اتبعتها الإدارات الأمريكية السابقة ، وابرز مثال على هذا التراجع كما ينقل التقرير عن المحلل السياسى بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية Center for Strategic and International Studies جون الترمان Jon Altermanوالذى أشار إلى أنه بعد أن أعلن الرئيس الأمريكى ومساعديه انه يمكن أن يساعد الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى الوصول إلى رؤية مشتركة فيما يتعلق بالشكل الذى يمكن أن تكون عليه الدولة الفلسطينية فى المستقبل قبل رحيله من منصبه ، هبطوا بتوقعاتهم هذه ، وأصبح هدف الزيارة مجرد إبقاء الزخم الذى اكتسبته عملية السلام خصوصا بعد مؤتمر أنابوليس.

مواجهة إيران

ينبه التقرير إلى أن الجزء الاخر من الزيارة سوف يشمل بعض دول المنطقة – والذين يعتبروا حلفاء استراتيجيين للولايات المتحدة، وهذا الجزء من الزيارة سوف يكون محوره إيران وكيف يمكن أن تتعاون الولايات المتحدة مع حلفائها للتعامل مع ملفها النووى ، ونفوذها المتزايد فى المنطقة. ولفت التقرير الانتباه إلى التصريحات التى أدلى بها مستشار الأمن القومى الأمريكى ستفين هادلى Stephen Hadley من أن إيران سوف تكون لب المحادثات التى سوف يجريها الرئيس بوش مع قادة دول المنطقة.

وأكد كليمن Kelemenأن هناك العديد من الهواجس داخل الدول فى الإقليم المتعلقة بإيران فى هذه الدول ، و لكنه ليست كلها معلنة ، وان الرئيس أراد أن يتحدث مع حلفاء الولايات المتحدة وجها لوجه ويؤكد لهم أن الولايات المتحدة متفهمة تماما للتحديات التى تمثلها إيران للمنطقة ودولها ، والتأكيد على أنها ملتزمة بتعهداتها تجاه حلفائها وإنها لن تتخلى عنهم.

على الجانب الأخر اهتم التقرير بردود فعل قادة دول الخليج على هذه الزيارة والهدف منها خاصة فيما يتعلق بإيران ، حيث ذكر التقرير أن دول الخليج متشككة فى أن الرئيس الأمريكى يعى تمام ما يقوم به ، كما أن لديهم الكثير من التساؤلات حول قدرة الإستراتيجية فى التعامل مع الخطر الإيرانى ونجاحها فى احتوائه.

اللعب في الوقت الضائع

لم يغفل التقرير ردود الفعل الأكاديمية تجاه هذه الزيارة ، حيث أكد البروفيسور فالى نصر Vali Nasr الأستاذ فى جامعة تفتس University Tufts أن الرئيس بوش يذهب إلى المنطقة فى وقت سئ للغاية ، يصاحبه شعور أنه ذاهب لترويج نفس السياسة القديمة – سياسة الاحتواء - دون أن يأتى بجديد يستطيع التعامل مع التحديات الجديدة فى المنطقة ، وما تشهده من اضطرابات متزايدة ، هذه السياسة التى اتضح أن الكثير من الدول العربية بدأت فى التخلى عنها لأنها لم تعد مجدية ، الأمر إلى بدى جليا فى دعوة إلى اجتماعات مجلس التعاون الخليجى الأخيرة ، كما أن مصر قد استضافت مؤخرا مبعوثا إيرانيا.

سلام بوش وأولمرت

أما هيدى كولنز Heidi Collins فقد أعدت تقريرا لبرنامج CNN Newsroom الذى يذاع على شبكة CNN ، اهتمت فيه بالتصريحات التى أدلى بها الرئيس بوش والتى أكد فيها أن هناك رغبة حقيقة لإقامة سلام دائم فى الاراضى المقدسة، وانه يجب استغلالها جيدا . على الجانب الأخر أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت Ehud Olmert t أن هذه الزيارة جاءت فى الوقت المناسب لاستكمال مسيرة عملية السلام التى بدأتها الولايات المتحدة فى مؤتمر أنابوليس.

وقد ركز التقرير على مقتطفات من التصريحات التى أدلى بها أولمرتOlmert فى المؤتمر الصحفى الذى عقده مع الرئيس بوش عقب المحادثات التى جمعت بينهم ، والتى كان من أهمها التعبير عن امتنانه الشديد للالتزام الذى أبداه الرئيس بوش تجاه امن إسرائيل ، وزيادة المساعدات المقدمة إليها لتصل إلى حوالى 30 مليار دولار ، الأمر الذى اعتبره أولمرت حاسم وهام لمستقبل دولة إسرائيل. وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلى انه لن يتهاون فى التعامل مع الإرهابيين الذين يقصفون المدن الإسرائيلية ويقتلون المدنيين الأبرياء – على حد وصفه ، وان إسرائيل أعلنت للجميع أنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية امن إسرائيل ومواطنيها.

السلام تحدي يفوق قدرات بوش

أما شبكة CBS فقد اهتمت بالزيارة ولكنها ركزت على العقبات التى تواجه الأهداف التى يسعى الرئيس بوش Bush إلى تحقيقها ، خصوصا تلك المتعلقة بعملية السلام فى الاراضى الفلسطينية ، حيث أشار تقريرا بثته الشبكة فى هذا الصدد ، إلى أن هناك عقبتين دائمتين كانوا وما يزالوا يقفوا فى طريق أى تسوية لهذا الصراع ، أما الأولى فهى المستوطنات الإسرائيلية والثانية العنف.

ولفت لتقرير الانتباه إلى انه حتى قبل أن تبدأ المحادثات الرسمية بين الطرفين – كنتيجة لما اقره مؤتمر السلام فى أنابوليس – أعلنت إسرائيل عن خططها لبناء منازل جديدة على أراضى ملك للفلسطينيين ، فى حين قتل اثنين من الإسرائيليين على يد مسلح فلسطينى. فى الوقت الذى قامت قيه إسرائيل بقتل عشرات المسلحين فى قطاع غزة ردا على الهجمات الصاروخية على أراضيها من القطاع ، وحاصر الجنود الإسرائيليون عدد من المقاتلين الفلسطينيين فى مدينة نابلس بالضفة الغربية.

وركز التقرير أيضا على الخطاب الإذاعى الأسبوعى الذى ألقاه الرئيس بوش قبيل زيارته للمنطقة ، والذى أكد فيه انه سوف يشجع ويدفع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى إلى اتخاذ قرارات صعبة فيما يتعلق بالموضوعات الخلافية المعقدة بين الجانبين. بينما أشار مساعدى بوش إلى أنهم لا يتوقعون انجاز نجاحات كبيرة من هذه الزيارة.

وعلى صعيد مختلف رصد التقرير ردود فعل القادة الفلسطينيين على زيارة الرئيس الأمريكى ، حيث أكدوا أنهم سوف يضغطون على الرئيس الأمريكى من اجل تدعيم مطالبهم المشروعة لدى الجانب الإسرائيلى ، خاصة تلك المتعلقة بضرورة وقف جميع أعمال البناء الإسرائيلية فى شرق مدينة القدس والضفة الغربية ، هذه الاراضى التى يزعم – على حد وصف التقرير – الفلسطينيين أن إسرائيل قد احتلتها بعد حرب يونيو 1967.

بوش والمهمة المستحيلة

أما سايمون ماك جريجور Simon Mcgregor فقد اعد تقريرا لشبكة ABC اهتم فيه برصد الوضع الذى عليه الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى الوقت الحالى ، حيث أكد أن السنوات السبع الأخيرة قد شهدت الكثير من إحداث العنف بين الجانبين ، الأمر الذى انعكس فى أزمة ثقة محتدمة بينهم ، فلم تعد هناك لقاءات تجمع الجانبين إلا نادرا ، لذلك أكد سايمون Simon أن تحقيق نجاح ملحوظ وانجاز لافت للنظر سوف يكون مهمة صعبة للرئيس فى زيارته إلى المنطقة.

وأشار سايمون فى التقرير إلى أن الفلسطينيين ما يزالوا مستمرين فى إطلاق القذائف الصاروخية على الاراضى الإسرائيلية، على الجانب الأخر ما تزال التيارات الراديكالية فى إسرائيل مستمرة فى بناء مستوطنات غير شرعية على الاراضى التى من المفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية المزمع إنشائها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 15 كانون الثاني/2008 - 6/محرم/1429